بسم الله الرحمن الرحيم

مبارك .. فلان رزق بمولود !!


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نسمع بين الفينة والأخرى أنباء تفيد أن أحد الإخوة قد رزق بمولود .. فيتهافت الناس إلى تهنئة هذا الشخص وتقديم الهدايا .. وقل من ينصح بشحذ الهمة في تربية هذا المولود تربية إسلامية صحيحة .. ليجعله الله قرة عين لوالديه و حصناً لهما من النار ..

و بما أن الحديث الآن عن الأبناء والأولاد فلا مانع من ذكر بعض القصص التي ترفع من الهمة في السعي وراء تعليم و تثقيف الأبناء .. خاصة وأن ساعة الصيف قد دقت أجراسها والفراغ يكاد يقتل الأبناء ..

ذكر الذهبي رحمه الله في السير في ترجمة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : أن عبد العزيز – والد عمر – بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها ، و كتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده ، و كان يلزمه الصلوات ، فأبطأ يوماً عن الصلاة ، فقال : ما حبسك ؟ قال : كانت مُرجلتي تسكّن شعري ، فقال : بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة ، وكتب بذلك إلى والده ، فبعث عبد العزيز رسولاً إليه فما كلمه حتى حلق شعره .

و أثر عن سفيان الثوري رحمه الله كما ذكره الذهبي في السير في ترجمة سفيان أنه قال : ينبغي للرجل أن يُكره ولده على العلم ، فإنه مسؤول عنه .

ذكر الذهبي رحمه الله في كتابه النافع سير أعلام النبلاء في ترجمة الشيخ الإمام الزاهد أبي الوقت شيخ الإسلام ومسند الآفاق عبد الأول بن الشيخ المحدث المعمر أبي عبد الله عيسى السجزي ثم الهروي الماليني أن يوسف بن أحمد الشيرازي لما رحل إلى أبي الوقت قدر الله له الوصول إليه في آخر بلاد كرمان ، فسلم عليه و قبله و جلس بين يديه ، فقال له أبي الوقت : ما أقدمك هذه البلاد ؟ قال يوسف بن أحمد : كان قصدي إليك ومعولي بعد الله عليك ، وقد كتبت ما وقع لي من حديثك بقلمي ، و سعيت إليك بقدمي لأدرك بركة أنفاسك وأحظى بعلو إسنادك ، فقال : وفقك الله وإيانا لمرضاته ، و جعل سعينا له و قصدنا إليه ، لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي ، ولا جلست بين يدي ، ثم بكى بكاءً طويلاً وأبكى من حضره ، ثم قال : اللهم استرنا بسترك الجميل واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا ، يا ولدي تعلم أني رحلت أيضاً لسماع الصحيح ماشياً مع والدي من هَرَاة إلى الداوودي ببوشنج ولي دون عشر سنين ، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول : احملهما ، فكنت من خوفه أحفظهما بيدي وأمشي وهو يتأملني ، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجراً واحداً ، فألقي و يخف عني ، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي فيقول لي : هل عييت ؟ فأخافه ، وأقول : لا ، فيقول : لِمَ تقصّر المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة ، ثم أعجز فيأخذ الآخر فيلقيه ، فأمشي حتى أعطب ، فحينئذ كان يأخذني و يحملني ، و كنا نلتقي جماعة من الفلاحين وغيرهم فيقولون : يا شيخ عيسى ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج ، فيقول معاذ الله أننركب في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل نمشي ، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالاً لحديث رسول الله ورجاء ثوابه ، فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب و غيره ، و لم يبق من أقراني أحد سواي ، حتى صارت الوفود ترحل إلىّ من الأمصار .

والله أعلم ..

شكرتم الواهب و بورك لكم في الموهوب وبلغ أشده ورزقكم الله برهم ...

أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..