بسم الله الرحمن الرحيم

وا أقصاه .. لأجلك


( المقدمة )

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. ثم أما بعد :-
انهض فهاتيك الربى قد فوّحت **** بالعطر من عبق الجهاد الملهم
أمجاد تاريخ ووحي نبوة **** وجلال إسراء وعزة مسلم

فلو كتبت كتاباً بدمع العين .. ووجيف القلب .. وخفق الضلوع .. لما وفيت بيت المقدس حقه .. كيف لا وفلسطين أرض النبوات والبركات .. أرض الرباط والجهاد .. زهرة المدائن .. أرض الإسراء والمعراج ..

فإلى أمانة المسلمين ( المسجد القصى ) .. من تصحو المآذن لصوته .. وتتزلزل الأرض لندائه .. أفديك يا أقصاه بالدنيا وما ملكت يمين .. أفديك يا أنقى أسير لدى الطغاة الظالمين .. أفديك يا عبق التاريخ يا أرض الجدود الفاتحين .. أفديك يا أقصاه بمن خانوا ومن جبنوا على مر السنين ..

يا اقصاه .. يااااا جرح .. يا من عدّك العادون في عداد المقدسات !!! واليوم عن نداءاتك قد صمت الآذان .. ما هنْتَ ولن تهون .. فأنت نور عيوننا ونبض قلوبنا .. كل ذرة من ثراك .. كل شبر من رباك .. شهد مرور نبي عليه أو نزول ملك من الملائكة .. فأنت الأمانة العظيمة التي أودعت عندنا من عهد الطيبين الصالحين .. فمن فرّط فيك ، فهو خائن لله ورسوله .. تعرى من الحياء ولباس التقوى .. ولا بد من أن نعريه ونفضحه أمام أجيال الأمة ..

أما في هذه الدنيا أسود .. كما تحوي من البشر القرود ؟؟!!
قال تعالى { ولا تكن للخائنين خصيما }[النساء/105] .
وقال { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ، إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما }[النساء/107] .
ومن أصدق من الله قيلا .. ومن أصدق من الله حديثاً ..

وهذه صفحات سوداء .. سودتها أيادي وأعمال وأشكال وصور أقزام ضيعوا فلسطين والأقصى .. أقصّها عليكم يا من أعدكم من حملة الأمانة الشرفاء .. ليعتبر من يعتبر .. وحتى لا نسير على درب الخونة الدنس ، ولا نتبع خطاهم الملوثة .. وليتق الله صاحب كل قلم أن يخون عهد الله وأمانته .. قال تعالى { ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ، أم من يكون عليهم وكيلا }[النساء/109] ..

ألا هل أتى عبّاد الفلس والطين .. ما حل ببني دينهم في فلسطين ..

وقبل أن أبدأ الحكاية .. وأسرد الرواية .. وأزكم أنوفكم بفضائح الخونة .. وألوث أجواء مسامعكم بفضائع المجرمين السفلة .. أود أن أنبه إلى أن هذه الحلقات هي في الأصل كتاب قام بتأليفه شيخ جليل .. صاحب قلم سيّال .. وباع في الكتابة والتسطير .. وكتاباته تأخذ بالمسلم قلباً وقالباً إلى طريق الإيمان .. أنقل لكم منه بعضاً مما جاد به قلمه في أسلوب مختصر مفيد غير مخل إن شاء الله .. مع تعليق بسيط وترتيب لطيف .. وقبل أن أختم هذه المقدمة ، أذكر حكم الخيانة .. والله الموفق ..

عد الإمام الذهبي رحمه الله الخيانة من الكبائر بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : آية المنافق ثلاث ، وذكر : وإذا ائتمن خان . البخاري برقم ( 33 ) .

وقال : الخيانة قبيحة في كل شيء ، وبعضها شر من بعض ، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم . الكبائر ( ص 141 ، 150 ) .

وقبل أن يخون الأقزام القدس وفلسطين ، فقد خانوا الله ونقضوا عهدهم معه ومع رسوله صلى الله عليه وسلم .. خانوا أمانة الفطرة .. ولم يؤمنوا بربهم .. خانوا أمانة الشهادة لهذا الدين في أنفسهم ، فلم تكن أنفسهم ترجمة حية للإسلام في شعورهم وسلوكهم ، بل كانوا مستنقعاً آسناً وأنفساً أثيمة لئيمة .. خانوا أمانة المحافظة على حرمات الجماعة وأموالها ومقدساتها وثغراتها .. خانوا أنفسهم بتلويثها وتدنيسها بالمؤامرات والكذب والخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين .. فكادوا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، والله لا يهدي كيد الخائنين ..

فكانت عقوبتهم أكبر من كل عقوبة .. وهي كره الله لهم وبغضه إياهم .. قال تعالى { إن الله لا يحب كل خوان كفور }[الحج/38] . وقال { إن الله لا يحب الخائنين }[الأنفال/59] .

وهؤلاء الخونة الذين غدروا بأمتهم وخانوها وخانوا القدس .. ما أعظم خستهم ، وسيفضحون في الدينا ، ويوم القيامة على رؤوس الأشهاد يكشف سترهم ، وتتم فضيحتهم ، وتشيع على قبح فعلتهم وخيانتهم .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل غادر لواء يوم القيامة ، يرفع له بقدر غدره ، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة . البخاري مع الفتح ( 6 / 3188 ) .

لقد خان هؤلاء الأمة فمن يجادل عنهم .. خانوا وباعوا ملاعب الأمجاد .. خانوا وباعوا نفحة البراق .. خانوا باعوا تاريخ الأمة .. خانوا وباعوا الصخرة والقبة والمنابر والأقصى .. باعوا ابن زنكي وصلاح الدين وباعونا .. فمن يجادل عنهم بعد الدموع والآلام .. ومن يجال عنهم بعد اغتصاب الحرائر وذبح الشيوخ .. من يجادل عنهم بعد قتل الأطفال .. من يجادل عنهم بعد ضياع القدس والحرمات .. من يجادل وهذا تاريخ خيانتهم ونتائج عقولهم الآسنة المارقة .. وهذي صفحات من تاريخهم .. فمن ثمارهم تعرفهم ، فشجر الحنظل لا يثمر التفاح ..

معاشر الفاسدين المفسدين .. الظالمين المظلمين .. لو أن الله مسخ ملايينكم ذباباً لاستطاع أن يُخرج اليهود من فلسطين بطنينه .. لو أن الله مسخكم نملاً سرى في تل أبيب لاقتلعها ونغص عيش قردتها وخنازيرها .. فلِم النكوص والخيانة ؟!!

ملف فلسطين .. آآآآه يا فلسطين .. ملفك مملوء بمسلسل خيانات لا حصر لها ولا عد .. فضائح سافرة وأوطان شاغرة .. معارك خاسرة وهزائم غادرة .. وحوش كاسرة ووجوه باسرة .. صدور زافرة وبطون زاحرة .. نفوس ثائرة وهموم زاخرة .. همم فاترة و صحائف داعرة .. حناجر ناعرة وعقول خائرة .. أرواح حائرة وجروح غائرة .. مصائب غامرة وزواجر فاجرة .. حكومات مهذارة وأوطان مأزورة .. فضائل مهجورة وبلاد مشطورة .. آمال مكسورة وكلاب مسعورة .. رقاب منحورة وجراح مفغورة .. أحلام مقبورة وشعوب مقهورة .. آآآه ما أقسى الجدار .

من باع فلسطين سوى أعدائك ياوطني .. سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام .. وموائد الدول الكبرى .. منذ قرون دفنوا فلسطين ووأدوها ..

من مزق هويتنا الإسلامية وشوه عقولنا .. وأدمى مناكبنا .. من غربنا عن أوطاننا ؟؟ القدس عروس عروبتكم !! فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ؟؟!!

يابركاناً من الألم ينفجر .. ياطوفاناً من الذكريات يفيض .. قرارات الكبار صيغت في أوكار ملعونة من أوكار الشيطان الصليبي ..

نخّاسون باعوا ( ضمائرهم وأهليهم وعشيرتهم وقومهم وأوطانهم ودينهم وتاريخهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم و .. و.. و ) .. باعوا القدس بأجر زهيد .. آآآآآه ثم آآآه من الحلق مرة .. ومن القلب إلى أبد الآبدين ..

حكام رجوناهم دروعا **** فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهمو سهاماً صائبات **** فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صَفَتْ منا قلوب **** لقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي **** لقد صدقوا ولكن في فسادي

إنه ليس أقبح ممن يخون فلسطين باستمتاع ، و يفخرون بذلك أيضاً !! أيتها الرايات المنكسة المكدسة ، ماذا فعلتِ لفسطين ؟! لن يرحمكم التاريخ .. قد حولتم بلادكم من الصخرة العتيدة التي تحطمت عليها جحافل الغزاة ، إلى حصان طروادة التي ينفذ منها الغزاة إلى بلادنا الإسلامية ..

أيتها الأصنام المكدسة لا المقدسة بل المدنسة .. الهزائم هي بناتكن الشرعيات اللائي يغتصبهن كل مغتصب ، لا تصلحون لإنجاب سواها .. حِكمتكم غباوة .. بلاغتكم طراوة .. تحضركم عبودية .. تدينكم مضبوط على برامج النظام العالمي الجديد .. غاياتكم واضحة .. وخياناتكم فاضحة .. وآهاتنا طويلة .. طويلة طويلة .. طول تاريخ الخيانة .. آهاتنا عميقة .. عميقة عميقة .. عميقة عمق تاريخ الخيانة ..

خيانات لا تتوقف .. تجلب هزائم لم تتوقف .. والبلايا تتلوها الرزايا .. والرزايا تعقبها المنايا .. وطوفان المَذَلّة المنهمر لم يترك لنا أي فسحة من الوقت .. كلما سحقتنا داهية .. دهمتنا مصيبة أشد !! هل لأن عزائمنا خارت .. وقوانا بارت .. وكرامتنا هانت .. ونُخبنا خانت ؟؟!! ونحن لا نكف عن التقدم إلى الوراء !! إلى هذا الحد نجحوا في حصارنا .. في تقييدنا .. في تقطيع أيدينا .. في طمس بصائرنا وتيئيسنا ..

لماذا يرفع شأن الخونة واللصوص .. لماذا يرفع شأن القوّادين الكتبة الكذبة .. الذين ضيعوا القدس وخانوها ؟؟!!

وهاك سرداً للخيانة والخونة .. وسأكتفي بسرد الأخبار الحديثة .. فخيانات القدماء من عبيديين وأرمن ونصيرية ودروز ورافضة وغيرهم مشهورة معروفة .. لكن خيانات بعض المعاصرين ومن أدركناهم من نصيرية و دروز وناصرية وبعثية غير معروفة ولا مشهورة ..

خيانة الدروز في حرب 1948م ، وكيف وقفوا إلى جانب اليهود ضد المسلمين ، وخيانتهم في حرب 1967م ، وتخلي كمال جنبلاط ودروزه عن فلسطين عام 1976م ، وكيف تركوا الفلسطينيين لـ 30 ألف جندي من القوات النصيرية ، وماذا فعل النصيريون بالمسلمين في مخيم تل الزعتر ؟!!

وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م وضرب المسلمين من أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين بـ 180 ألف قذيفة براً وبرحاً وجواً ، أخذ الدروز والرافضة والعلمانيين يطالبون بخروج الفلسطينيين من لبنان ..

وحدث ولاحرج عن خيانة الدروز واشتراكهم في الجيش الإسرائيلي ، فهم يشكلون جزءاً مهماً في هذا الجيش .. وفي عام 1991م عين رئيس الوزراء الإسرائيلي ، أسد أسعد مستشار الشؤون الدرزية ليكون أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي الذي سيشارك في مفاوضات مدريد .

وأسعد أسعد هذا الشخصية غير اليهودية الوحيدة في الدولة العبرية التي ستشارك في مؤتمر السلام !! وهو من قرية بيت جن في منطقة حيفا بفلسطين .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة مع خيانات النصيرية وخيانة بائع الجولان والقنيطرة وسفّاح مخيم تل الزعتر وحماة وحلب ..


خيانة بائع الجولان والقنيطرة وسفّاح حماة وحلب ..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه الحلقات .. ومع خيانة بائع الجولان والقنيطرة وسفّاح حماة وحلب ..

حينما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع في يونية 1967م أبلغ القيادة المصرية العسكرية ، أن هناك حشوداً عسكرية يهودية على الحدود السورية ، وكان البلاغ كاذباً .

والتقطت القيادة السياسية المصرية الطعم واتخذت إجراءات كلها كانت في خدمة أهداف العدو ، قبل أن تتأكد من صحة الخبر الذي أشاعه النظام السوري ، وكانت نكسة يونيو 1967م .

أذاع حافظ الأسد بلاغ سقوط القنيطرة المدينة السورية عام 1967م في يد اليهود قبل أن تسقط ، وكان الجنود السوريون على مشارف طبرية ، وحينما اتصل وزير الصحة السوري عبدالرحمن الأكتع – وكان بالقرب من فيق – بحافظ الأسد ، وقال له : أنا قرب فيق والقنيطرة لم تسقط في يد اليهود ، رد عليه وزير الدفاع السوري بالشتائم الهابطة ، وعرف الناس أن بيان سقوط القنيطرة مدبّر ومخطط له . راجع : الطريق إلى بيت المقدس ، للدكتور جمال عبدالهادي ( 3 / 80 ) .

نشرت مجلة المجتمع الكويتية في العدد ( 304 ) لسنة 1396هـ ، أنه قد صدرت أوامر من وزير الدفاع السوري إلى قوات الجيش السوري بالانسحاب من الجولان قبل الهجوم اليهودي عليها ، بل إنها أخلتها من سكانها يوم 5 يونيو 1967م ، ولكن بعض العسكريين رفض ، وقاتل اليهود حتى قتل في موقعه .

والأنكى من ذلك أن مندوب سورية في الأمم المتحدة على المسلمين أُمِرَ بإعلان سقوط القنيطرة في يد اليهود قبل أن تسقط ، ولكن المندوب اليهودي كذّب ذلك ، وقال : إن شيئاً من ذلك لم يحصل !!

إذاً كيف سقطت القنيطرة درة الجولان ؟ ولماذا سقطت ؟!!

في كتاب سقوط الجولان للأستاذ خليل مصطفى – كان ضابط استخبارات في الجيش السوري ، وهو يعاني حالياً في أقبية النظام ألوان التعذيب منذ أحد عشر عاماً بعد أن تم خطفه من بيروت - .

يتحدى الأستاذ خليل مصطفى مستشهداً برأي رجال الجغرافيا وضباط الاستراتيجية العسكرية أن تقسط هضبة الجولان المنيعة بالحرب !! ويشير في القسم الثاني من الكتاب إلى أمور منها :-
1- هروب قائد الجبهة أحمد المير إلى دمشق يوم المعركة متنكراً على حمار ، متحاشياً الركوب في سيارته العسكرية لئلا يعرفه الجنود .

2- رفض رفعت الأسد وعزت جديد القيام بالهجوم المعاكس لصد العدو ، بينما ارتدا إلى القصور الآمنة في دمشق .

ويشير الكاتب إلى البيانات والتصريحات التي أطلقت قبل الحرب وخلالها .. فقبل الحرب بأسبوعين يعلن حافظ أسد وزير الدفاع : أن الوقت قد حان لخوض معركة فلسطين ، وأن القوات السورية أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان الإسرائيلي ، وإنما للمبادرة لعملية تحرير الذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي . جريدة الثورة السورية يوم ( 20 / 5 / 1967م ) .

وفي نفس الوقت الذي كان وزير الدفاع يدلي فيه بهذا التصريح الخطير .. كان قد أصدر أوامره إلى محافظ القنيطرة عبد الحليم خدام بترحيل أُسر النصيريين جميعاً مع أمتعتهم إلى دمشق .

3- ثم يشير الكاتب في مكان آخر من الكتاب إلى بعض الأمور الأساسية ليثبت من ثم بالبراهين القطعية الدقيقة أن المؤامرة كانت معدة ومتفقاً عليها مسبقاً ، ويسوق الدليل تلو الدليل .. بدءاً بسحب قوات الطوارئ .. وانتهاء بالبلاغ رقم ( 66 ) الذي أعلن فيه وزير الدفاع آنذاك سقوط القنيطرة قبل سقوطها بعشرين ساعة !! ودخول اليهود إليها دون قتال .

وفي نفس الوقت طلب وزير الدفاع من الجيش الإنسحاب من الجولان ، ومن ثم لاذ الضباط وأفراد من الجيش بالفرار ، ليعلن النظام - وعلى رأسه صلاح جديد – انتصاره على اليهود طالما أن اليهود أخفقوا في إسقاط النظام !! ولاعبرة لسقوط الجبهة في نظر النصيريين طالما أنهم على رأس الحكم .. ثم ماذا ؟!!

لقد كوفئ وزير الدفاع ليصبح رئيساً للجمهورية ، بعد أن جسدت آمال اليهود في الجولان وفي فلسطين بوجود حافظ الأسد .. حافظ الأسد ..

ألقاب مملكة في غير موضعها **** كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد

كيف سقطت القنيطرة ؟
بالرجوع إلى وثائق وزارة الدفاع السورية قبل حرب يونيو عام 1967م ، يقف المراقب على أمور أساسية ، هي عبارة عن إستراتيجية السقوط التي رسمها النظام الطائفي آنذاك ، منها :-
1- تسريح الضباط المسلمين الأكفاء من الجيش السوري .
2- تعيين العسكريين من صبيان الطائفية في مراكز القوى العسكرية وقيادة الجبهة المواجهة للعدو اليهودي ، مثل الدرزي سليم حاطوم ، والنصيري عزت جديد ورفعت الأسد .
3- تسليم وزارة الدفاع ومؤسساتها لغير المسلمين من أبناء الأقليات الطائفية .

حافظ الأسد .. هذا الخائن الذي قتل مروان حديد وإخوانه .. وهو الذي فتح السجون للرجال والنساء ، وفي سجن تدمر انتهكت أعراض النساء المسلمات وحملن سفاحاً من جند الأسد .. وهو الذي أصدر الأوامر بتسوية مدينة حماة بالأرض بعد تدميرها وقتل كل من فيها من المسلمين ، ومن الذي قتل بنان علي الطنطاوي وزوجها في ألمانيا ؟؟ وهو الذي فتح ذراعيه لهنري كيسنجر اليهودي الأمريكي لتوقيع اتفاقية الفصل الثانية ..

نقل صاحب كتاب سقوط الجولان قول كبير المراقبين لهيئة الأمم المتحدة على المسلمين : أن كل شبر من أرض الجولان يساوي منجماً من الذهب لكثرة ما يغل من حبوب .. وأما المراقبون العسكريون فهم يرون في جبهة الجولان المنيعة تسعة خطوط .. ومع ذلك سقطت بسبب الخائن ..

ولا ينسى الناس تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي .. لقد كان أول حزب يفاوض اليهود عام 1958م .. ومن بعد منعوا الفدائيين من المورر من حدودهم إلى فلسطين المحتلة .. انظر : أمل والمخيمات الفلسطينية ( وجاء دور المجوس الجزء الثاني ) لعبد الله محمد الغريب ( ص 249 ) .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع .. ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر ، وبخيانة النصير عام 1976م ..


ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر عام 1976م

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأنا من هذه الحلقات وهذه الخيانات .. ومع خيانات النصيري ( حافظ الأسد ) .. من ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر عام 1976م ..

لما بدأت الحرب الأهلية في لبنان في 13 / 4 / 1975م واستطاعت القوات الفلسطينية بالتعاون مع القوات الوطنية اللبنانية دحر الكتائبيين وحلفائهم من الموارنة ، وألحقوا بهم شر هزيمة ، وأطبقت القوات الفلسطينية وجيش لبنان العربي على معظم لبنان ، دخلت القوات السورية وقوامها 30 ألف جندي لبنان في 5/6/1976م وخاضت معارك طاحنة مع القوات المشتركة .

واقتحم البعث السوري لبنان ؛ لكي يبقي على امتيازات المارون التي حرمت مسلمي لبنان من حقوقهم المشروعة في قمة السلطة ، وفي مناصب الجيش والتمثيل النيابي وغير ذلك .

اقتحم البعث السوري لبنان لكي يضرب الوجود الفلسطيني ، ويؤدي المهمة التي عجر عنها فرنجيه والجميّل وشمعون واليهود .

وبعد تدخل النظام السوري بساعات أعلن رئيس وزراء العدو اليهودي إسحاق رابين عن ارتياحه العميق لخطوة النظام السوري ، وقال : إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع البعث السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم المساعدة للفلسطينيين ، ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين ، فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحقة بالنسبة لنا .

أعلن الاتحاد السوفيتي وفرنسا عن ترحيبهما بالتدخل السوري في لبنان ، كما أن الأنظمة العربية الحانقة أيدت التدخل السوري بسكوتها عن النظام السوري ، وهو يضرب مسلمي لبنان والمقاومة الفلسطينية .

وخاضت القوات السورية معارك طاحنة مع القوات المشتركة .. حتى بلغ عدد القتلى منذ بدء الحرب حتى يوليو 1976م خمسون ألف قتيل ..

وقد كان هناك تنسيق بين قوات الكتائب وحلفائها وبين الجيش النصيري والقوات الإسرائيلية ( بمباركة وزير الدفاع اليهودي بيريز ) ..

بدأ حصار القوات المارونية لتل الزعتر في أواخر حزيران ، وسقط المخيم في 14/8/1976م بعد حصار دام أكثر من شهر و نصف ، وبعد منع رجال المنظمة الصليب الأحمر من دخول المخيم .

انطلق الصليبيون الموارنة داخل المخيم كالوحوش الكاسرة ، وراحوا يذبحون الأطفال والشيوخ ، ويبقرون بطون الحوامل ، ويهتكون أعراض الحرائر ، وظهرت صروهم على شاشة التلقاز في معظم بلدان العالم ، وهم يشربون كؤوس الخمر احتفالاً بالنصر على الفلسطينيين المسلمين ، وكانوا يعلقون صلبانهم في أعناقهم .

وتحت عنوان ( أحداث لبنان ) نشرت جريدة المجتمع الكويتية في عددها ( 308 ) مقالاً يكشف حجم المؤامرة على الفلسطينيين المسلمين التي نفذها رجال الكتائب والنصيريين السوريين تحت سمع وبصر الحكام والشعوب العربية وجامعة الدول العربية : ( قام الكتائبيون وحلفاؤهم بخطف مائة طفل وامرأة من تل الزعتر وأعدموهم بطريقة بربرية ، إذ أطلقت عليهم نيران الرشاشات عشوائياً بعد تجميعهم قرب مناطق تل الزعتر .. وفي جسر الباشا هتكت علوج الروم أعراض المسلمات ، وفعلوا أشنع من ذلك في مذبحة الكرنتينا ، حيث هدموا البيوت وأبادوا الأطفال ، وسلبوا الأموال واعتدوا على حرائر المسلمات ، ووما نقله القادمون من بيروت أن الأوغاد كانوا إذا اعتدوا على كرامة الأبكار من الفتيات ، تركوهن يعدن إلى أهلهن عاريات كيوم ولدتهن أمهاتهن ) .

فماذا فعلت الأنظمة العربية بعد هذه المذبحة الرهيبة ؟!!

عقدت مؤتمر قمة عربية ، وتم الاتفاق على إيجاد ما يسمى بالردع العربي في لبنان ، وكان في حقيقتها غطاء للوجود النصيري ، فالقوات السورية الكبيرة استمرت في احتلال وقهر أهل السنة في لبنان ، وأضاف العرب إليها بضع مئات غير السوريين ، وقد تم انساحبهم من لبنان بعد وقت قصير ..

وثمة شيء أكثر غرابة من ذلك ، لقد تعهدت الأنظمة العربية بمساعدات ضخمة تقدمها لسورية النصيرية ، كما تعهدت الأنظمة العربية بتغطية نفقات القوات السورية العاملة في لبنان ..

أليست هذه مكافأة لنظام أسد على جرائمه التي ارتكبها ضد المسلمين ؟!!

حقاً إنها مأساة .. طلب الفلسطينيون المحاصرون في لبنان فتوى من علماء المسلمين تبيح لهم أكل جثث الموتى حتى لا يموتوا جوعاً ..

ولدي من زمنٍ يسكنني .. وأنا من زمن أسكنه .. والآن تكفنه عيني .. فدعوني آكل من إبني .. كي أنقذ عمري .. ماذا آكل من إبني ؟!! من أين سأبدأ ؟!

لن أقرب أبداً من عينيه .. عيناه الحد الفاصل .. بين زمان يعرفني .. وزمان آخر ينكرني ..

لن أقرب أبداً من قدميه .. قدماه نهاية ترحالي .. في وطن عشت أطارده .. وزمان عاش يطاردني ..

ماذا آكل من إبني ؟! يا زمن العار .. تبيع الأرض ، تبيع العرض .. وتسجد جهراً للدولار ..

لن آكل شيئاً من إبني يا زمن العار .. سأظل أقاوم هذا العفن .. لآخر نبض في عمري .. سأموت الآن .. لينبت مليون وليد .. وسط الأكفان على قبري .. وسأرسم في كل صباح .. وطناً مذبوحاً في صدري ..

أليس من المؤسف بعد هذا كله أن يقبل مؤيدوا منظمة التحرير رأي قيادتهم في إعادة التعاون مع النظام النصيري السوري ، بل عاد هؤلاء يغنون لأبي سليمان حافظ الأسد في أفراحهم ..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : النصيرية أكفر من اليهود والنصارى والمشركين ، وضرهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنجة ، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت ، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولابكتابه ، ولا بأمر ولا نهي ولا بثواب ولابعقاب ولاجنة ولانار .. والنصيرية ملاحدة لا دين لهم ، ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة ، وكتب مصنفة ، فإذا كانت لهم مُكنة سفكوا دماء المسلمين .. مجموع الفتاوى ( 35 / 149 ) .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومنظمة أمل الشيعية وشيعة لبنان ..


خيانة منظمة أمل الشيعة ..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه الحلقات ومع منظمة أمل الشيعية وشيعة لبنان ..

مؤسس هذه المنظمة هو موسى الصدر الإيراني ، تلميذ الخميني وتربطه أقوى الصلات به ، فابن الخميني أحمد متزوج من بنت أخت موسى الصدر ، وابن أخت الصدر مرتضى الطبطبائي متزوج من حفيدة الخميني ..

وأكثر الجهات التي كان الصدر يتعاون معها ، النظام النصيري في سورية ، ولقد استصدر مرسوماً حكومياً أصبح نصيريو الشمال اللبناني بموجبه شيعة ، وعين لهم مفتياً جعفرياً !! وعندما هلك والد حافظ الأسد استدعى الصدر ، ولقنه الكلمات التي تلقن لموتاهم وهم في حالة النزع ..

وبعد المجزرة التي ارتكبها الموارنة في الكرنتينا ، هب المسلمون في لبنان .. وتمكنت القوات الوطنية من احتلال شتورا وزحلة وزغرتا والدامور والسعديات ، وسقط معظم لبنان بأيديهم ، وحاصروا الصليبيين في عقر دارهم ، وبدأت مدافع جيش لبنان العربي تدك قصر بعبدا لولا تدخل منظمة الصاعقة النصيرية وفرار سليمان فرنجيه من قصره .. وبات مؤكداً أن لبنان ستحكم من قبل القوات الوطنية .

ولحظة دخول الجيش النصيري إلى لبنان استبدل موسى الصدر وجهه الوطني الإسلامي بوجه باطني استعماري ، وقام بالدور التالي :-

أمر الضابط إبراهيم شاهين فانشق عن الجيش العربي ، وأسس طلائع الجيش اللبناني الموالية لسورية ، كما انشق الرائد أحمد المعماري في شمال لبنان وانظم للجيش النصيري ، وكان جيش لبنان العربي أكبر قوة ترهب الموارنة ، فانهار لأنه ما كان يتوقع أن يأتيه الخطر من داخله ، من قاسم شاهين وغيره .. وأمر الصدر منظمة أمل فتخلت عن القوات الوطنية وانضم معظم عناصرها لجيش الغزاة .

وبدأ الصدر بمهاجمة منظمة التحرير ، بحجة اتهام المنظمة بالعمل على قلب النظم العربية الحاكمة وعلى رأسها النظام اللبناني ، ودعا الأنظمة إلى مواجهة الخطر الفلسطيني .. وكانت ضربة الصدر للفلسطينيين مؤلمة مما جعل ممثل المنظمة في القاهرة يصدر تصريحاً يندد فيه بؤامرة الصدر على الشعب الفلسطيني وتآمره مع الموارنة والنظام السوري .

وما من معركة خاضها جيش لبنان العربي والقوات اللنبانية الفلسطينية إلا ووجدوا ظهورهم مكشوفة أمام الشعية ، فمثلاً خاضوا معركة قرب بعلبك والهرمل فاتصل سليمان اليحفوفي المفتي الجعفري هناك بالجيش النصيري وسار أمامه حتى دخل بعلبك فاتحاً على أشلاء المسلمين .

وما اكتفى الصدر بهذا القدر من الأعمال بل أوعز إلى قيادة أمل بأن لا يقاوموا الموارنة في حي النبعة والشياح ، وهذا يعني أنه سلم مناطق الشيعة في بيروت للموارنة ، وتركهم يقتلون ويأسرون كيفما يشاؤون ، وهو الذي كان يقول : السلاح زينة الرجال ، وأنهم رجال التأثر ، وأن ثورتهم لم تمت في رمال كربلاء ..

وما اكتفى موسى الصدر وشيعته بالتعاون مع حكام سورية ، وإنما أخذوا يطالبون بوقف العمل الفدائي وإخراج الفلسطينيين من الجنوب ، ومن أجل ذلك وقعت مصادمات ونظم الشيعة إضراباً عاماً في صيدا وطالبوا بإخراج المنظمات المسلحة من الجنوب .

وفي شهر رمضان المبارك من عام 1405هـ أعلنت منظمة أمل الشيعية حرباً على سكان المخيمات الفلسطينية في بيروت .. واستخدموا في عدوانهم كافة الأسلحة .. واستمر عدوانهم شهراً كاملاً ، ولم يتوقف إلا بعد استجابة الفلسطينيين ورضوخهم لكل ما يريده الحاكم بأمره في دمشق – حافظ الأسد – ووكيل أعماله في بيروت نبيه بري .

كانت البداية أول ليلة في رمضان ليلة الاثنين 20/5/1985م اقتحمت ميلشيات أمل مخيمي صبرا وشاتيلا ، وقامت باعتقال جميع العاملين في مستشفى غزة ، وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكتب أمل في أرض جلول ، ومنعت القوات الشيعية الهلال والصليب الأحمر وسيارات الأجهزة الطبية من دخول المخيمات ، وقطعوا إمدادات المياه والكهرباء عن المستشفيات الفلسطينية .

وفي الساعة الخامسة من فجر الاثنين 20/5/1985م بدأ مخيم صبرا يتعرض للقصف المركز بمدافع الهاون والأسلحة المباشرة من عيار 106ملم ، وفي الساعة السابعة من اليوم نفسه تعرض مخيم برج البراجنة لقصف عنيف بقذائف الهاون ، وانطلقت حرب أمل المسعورة تحصد الرجال والنساء والأطفال ، وأصدر المجرم نبيه بري أوامره لقادة اللواء السادس في الجيش اللبناني لخوض المعركة وليشارك قوات أمل في ذبح المسلمين السنة في لبنان ، ولم تمض شاعات إلا واللواء السادس يشارك بكامل طاقاته في المعركة وقام بقصف مخيم برج البراجنة من عدة جهات .

ومن الجدير بالذكر أن أفراد اللواء السادس كلهم من الشيعة ، وشاركت القوات الكتائبية المخيمات الفلسطينية بالقذائف المدفعية والصاروخية ، وبادرت قيادة الجيش اللبناني ممثلة في ميشيل عون ولأول مرة منذ شهر شباط 1984م إلى إمداد اللواء السادس بالأسلحة والذخائر .

وفي 18/6/1985م خرج الفلسطينيون من حرب المخيمات التي شنتها أمل ، خرجوا من المخابئ بعد شهر كامل من الخوف والرعب والجوع ، والذي دفعهم لأكل القطط والكلاب ، خرجوا ليشهدوا أطلال بيوتهم التي تهدم 90% منها و 3100 بين قتيل وجريح و 15 ألف من المهجرين أي 40% من سكان المخيمات .

إن الفضائع التي ارتكبتها أمل بحق الفلسطينيين الآمنين في مخيماتهم يندى لها الجبين عاراً ، ويعجز القلم عن وصفها ، أما وقد آن أوان كشف الاسرار .. فإليك بعضها .. منها :-

1- قتل المعاقين الفلسطينيين كما ذكر مراسل صحيفة ريبوبليكا الإيطالية وقال : إنها الفضاعة بعينها .
2- قتل عدد من الفلسطينيين في مستشفيات بيروت ، وقال مراسل صحيفة صندي تلغراف في 27/5/1985م إن مجموعة من الجثث الفلسطينية ذبح أصحابها من الأعناق .
3- نسفوا أحد الملاجئ يوم 26/5/1985م وكان يوجد به مئات الشيوخ والأطفال والنساء في عملية بربرية دنيئة .
4- ذبحوا ممرضة فلسطينية في مستشفى غزة ؛ لأنها احتجت على قتل جريح أمامها .
5- وذكرت وكالة ( إسوشيتدبرس ) عن اثنين من الشهود أن ميلشيات أمل جمعت العشرات من الجرحى والمدنيين خلال ثمانية أيام من القتال في المخيمات الثلاثة وقتلتهم .
6- وقال الشاهدان أنهما رأيا أفراد أمل واللواء السادس يقتلون أكثر من 45 فلسطينياً بينهم جرحى في مستشفى غزة وحوله .
7- وتصيح سيدة فلسطينية وهي تتفحص صف الجثث الطويل ( اليهود أفضل منهم ) ، وأخرى تغطي بعضاً من وجهها وتبحث في قافلة القتلى عن شقيقها .. تستدير فجأة وتصرخ : إنه هو ولكن الديدان تنخر في جسده .. وجثث وجثث يرتع فيها الذباب .
8- وذكرت وكالات الأنباء الكويتية في 4/6/1985م والوطن في 3/6/1985م أن قوات أمل اقترفت جريمة بشعة ، حيث قامت باغتصاب 25 فتاة فلسطينية من أهالي مخيم صبرا و على مرأى من أهالي المخيم .
9- وردد مقاتلوا أمل في شوارع بيروت الغربية في مسيرات 2/6/1985م احتفالاً بيوم النصر ، بعد سقوط مخيم صبرا : لا إله إلا الله العرب أعداء الله . وقال مسلح من أمل : إنه على استعداد للاستمرار في القتال مهما طال الزمن حتى يتم سحق الفلسطينين في لبنان .

ولا تعليق ..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة و خيانة الشريف حسين والثورة العربية ، أكبر خنجر في ظهر الخلافة ..


خيانة الشريف حسين .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة الشريف حسين والثورة العربية ..

تعتبر ثورة الشريف حسين ( المخدوع ) وجيشه المكون من الأعراب ، أكبر خنجر في ظهر الخلافة العثمانية ، والتي أدت بدورها إلى سقوط القدس في يد اللنبي ..

ولكن كيف كانت المؤامرة ؟؟!! وكيف حدثت الخديعة ؟؟!!

كان الحسين بن علي قد بدأ اتصالاته بالحكومة البريطانية قبل إعلان الحرب العالمية الأولى من جانب تركيا بحوالي تسعة شهور .. وكان ابنه عبد الله ممثل مكة المكرمة في مجلس المبعوثان العثماني يعرّج إلى القاهرة للتآمرة مع المستشار الشرقي في دار المندوب السامي البريطاني قبل سفره إلى الآستانة .. وتبادل الشريف حسين مذكرات مع السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر منذ يوليو عام 1915م وأنشأت بريطانيا مكتباً في القاهرة لتنظيم جهود هذه الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية ..

وجاء لورنس عميل المخابرات البريطانية ليشارك في الثورة مع الشريف حسين !! وعندما استولى جمال باشا والي سوريا على وثائق القنصلية الفرنسية في الشام ، وعثر فيها على ملفات اتصال القوميين بالفرنسيين وعمالتهم للحلفاء .. هنا أبلغ جمال باشا الشريف حسين بفحوى هذه الوثائق ، لكن الشريف حسين كان يهمه الأموال التي سيقبضها من الإنجليز ومن ثم صنعه خليفة أن ملكاً على العرب بمباركة علم الصليب البريطاني وفي ظلاله !! فلم يهتم بالأمر ..

وفي يوم 10يونيو سنة 1916م أعلن الشريف حسين من مكة المكرمة ما سمي بالثورة العربية ، وأطلق رصاصة يتيمة من بندقيته الميزر من فوق سطح الإمارة ، وهاجم جِراء الثورة العربية جنود الحامية التركية وأخذوهم على غرة إلى أن تأتي الطائرات البريطانية وتضرب جدة بالقنابل !!

وهكذا أصبح الطابور الخامس والذي كان يقوده فيصل بن الحسين ورجل المخابرات البريطانية لورنس ميمنة للقوات البريطانية التي جاءت من مصر لاحتلال فلسطين !! وليس هذا فحسب ، بل قام هذا الطابور الخامس بشغل القوات العثمانية لتصفية الجو أمام قوات اللورد اللنبي من الجنوب ، وتمكن اللنبي من الاستيلاء على غزة والخليل ويافا ، ثم دخل القدس في يوم 9 ديسمبر 1917م ودخلت القوات البريطانية دمشق يرافقها الشريف ناصر .

وبعد يومين حضر كل من اللنبي وفيصل الذي دخل عاصمة الأمويين معلناً نهاية أربعة قرون من الحكم التركي العثماني .. هنا أطلع جمال باشا الشريف حسين وأبناءه وبطانته على الخطة الصليبية لتقسيم العالم الإسلامي ، وذكرهم أن واجبهم كمسلمين مخلصين هو بذل جهودهم بل أرواحهم في سبيل عزة الإسلام .. وأن الحلفاء قد غرروا بهم ، وأن الاستمرار في الإخلاص لهم لن يؤدي إلا إلى استعباد الشعوب العربية ، ولكن الشريف رفض التحدث إلى الأعداء الأتراك .. !! .

ونقول للشريف حسين : ألم يصك أذنيك وعد بلفور ؟!! وما قاله اللنبي غداة دخوله القدس بأن الحروب الصليبية قد انتهت اليوم !! لماذا لم تتحرك ثورتكم حتى للعتاب ؟؟!!

وهل يدور بخلد أي مسلم سوي ، أن دخول عرب الحويطات ورجال الثورة العربية ليسلموا فلسطين إلى بريطانيا أنها خيانة .. فإن لم تكن هذه هي الخيانة ، فليس على ظهر الأرض خيانة إذن ..

ولننظر إلى ما كتبته جريدة القبلة في مكة عن الشريف حسين .. ذكرت أن لسان حال الحسين بن علي سنة 1918م كان يدعو الناس في فلسطين أن يتذكروا أن كتبهم المقدسة وتقاليدهم توصيهم بواجبات الضيافة والتسامح ، ويحضهم على الترحيب باليهود حين قدومهم مهاجرين إليهم بوصفهم إخواناً لهم .. ولا تعليق ..

إلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع خيانة فيصل بن الحسين .. نبي الوطنية ..


خيانة فيصل بن حسين .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة فيصل بن الحسين نبي الوطنية ..

يذكر ألفريد لننتال في كتابه ( ما ثمن القدس ؟ ) أن الأمير فيصل ممثلاً عن مملكة الحجاز قد وقع اتفاقاً مع د . وايزمان ممثلاً عن المنظمة الصهيونية أقر فيه بأن العرب يقبلون وعد بلفور ويسمحون بتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين !!!!!!!!!!!!

هذه هي العروبية – إياها – نتانة المولد وعفونة النهاية ..

ماذا كان شعور فيصل حينما وجد ضباط انجلترا وفرنسا أمثال كاترو وغورو واللنبي وكوكس ولورنس يتبجحون بانتصاراتهم على العثمانيين ولا يتورعون عن الإساءة إلى مشاعر المسلمين ، كما فعل اللنبي في القدس وغورو عند ضريح صلاح الدين ، رغم أنهم كانوا بضعة ضباط يقودون العشائر العربية المؤتمرة بأمر الحسين بن علي .

ومثل أبيه تماماً لم يقبل نصح الشيخ محمد رشيد رضا له و محذراً له من الاعتماد على انجلترا وفرنسا ، والوقوع في حبائل وعودهما البراقة ، وأمانيهما الخداعة ، فعند انسحاب القوات البريطانية من سواحل الشام والسماح للقوات الفرنسية باحتلال المنطقة الغربية تنفيذاً لمؤتمر سايكس بيكو ، زاد الموقف في الشام توتراً ذهاب فيصل إلى فرنسا للتفاوض معها في مستقبل الشام ، وعاد دون أن يحصل على نتائج مشرفة ، وفي ذلك الوقت كان المؤتمر السوري الممثل لسكان الشام قد انعقد ، وأشار رشيد رضا على فيصل بالاستعداد للحرب ، لأن فرنسا سوف تلجأ إلى الغدر والقوة الغاشمة ، ولكن فيصلاً أهمل العمل بنصائح رشيد رضا ، واعتقد كما اعتقد أبوه من قبل أن في الإمكان الاعتماد على فرنسا ، ولذا قاطعه رشيد رضا ، ثم حدث ما توقعه ، إذ زحف الفرنسيون من منطقة الساحل على سائر الشام ، وطردوا فيصلاً من البلاد ، وعلق رشيد رضا في مذكراته على هذه الأحداث قائلاً : ولقد عاشرته – أي فيصل – زهاء نصف سنة كنت ألقاه في أكثر أياهما ولم أقف له على عقيدة راسخة في السياسة ، إلا استحالة إخراج فرنسا وانجلترا من البلاد العربية الآن ، ووجوب العمل مع إحداهما ، وخدمة البلاد بمساعدتها في ظل وصايتها . صحوة الرجل المريض ( ص 290 – 291 ) .

تقول الدكتورة خيرية قاسمية : مما زاد في توثيق العرى بين فيصل ولورنس ، اعتقاد الأول بأن مصيره كله ومصير عائلته بل مصير الأمة العربية يعتمد اعتماداً كاملاً وشاملاً على نتيجة الحرب ، ولذلك أصبح في مسيس الحاجة إلى انجلترا لتعاونه في مجهود العرب الحربي ضد تركيا ، وكان يؤمن بأن الانجليز بحاجة ماسة للعرب ، فاغتنم فرصة قدوم لورنس فوضع ثقته فيه ، واستغل لورنس الفرصة ليستفيد من فيصل ويؤثر فيه .

سيذكر التاريخ لفيصل وأبيه أن لورنس ملك العرب غير المتوج وصانع ملوكهم أسقط ميناء العقبة بألفي مقاتل من العجلية والحويطات ، مما كفل النصر للجيش البريطاني في معركة القناة ضد العثمانيين .

ونهدي فيصل ملك سوريا ، ثم العراق ، نهديه في قبره ما قاله سيده لورنس عن وعد بلفور : إن المشروع يعطي العرب أكثر مما كان هو يتمنى أن يحصل عليه . ونهديه قول لورنس أيضاً : لا آمل بقيام وحدة عربية لا في الحاضر ولا في المستقبل . صحوة الرجل المريض ( ص 295 ) .

وصدق من قال : رأت الدول الكبرى تبديل الأدوار .. فأقرت إعفاء !! واقترحت تعيين حمار .. ولدى توقيع الإقرار ، نهقت كل حمير الدنيا باستنكار : نحن حمير الدنيا لا نرفض أن نُتعب .. أو نُركب ، أو أن نضرب .. أو حتى نصلب .. ولكن نرفض في إصرار أن نغدو خدماً للإستعمار .. إن حموريتنا تأبى أن يلحقنا هذا العار . انظر : إني أرى الملك عارياً ( ص 626 ) .

كيف جهلتم يا نخب الأمة .. يا ملوك الأمة ما لحق بالأمة من عار ؟!!

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة مع الملك عبد الله بن الحسين الخائن الأكبر ..


 خيانة عبدالله بن الحسين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة الملك عبد الله بن الحسين الخائن الأكبر ..

هذا الملك كل كلمات الدنيا لاتصور مدى خيانته ، أنشأ الإنجليز إماراته ( إمارة شرق الأردن ) وعينه الإنجليز أميراً ثم ملكاً في مايو 1946م ، وعيّن هو بأمر من الإنجليز ( جلوب ) الإنجليزي رئيساً لأركان حرب جيش الإردن !!!

يا من عنده مسكة من عقل ، هل يتصور في عالم العقلاء أن القائد الأكبر للجيوش العربية لتحرير فلسطين هو الملك عبد الله الذي عين لقيادة جيشه جلوب الإنجليزي والإنجليز هم الذين أعطوا الوعد لليهود وأمدوهم بالسلاح وقاتلوا دونهم !!!!

كانت الأوامر العسكرية التي تصدر باسم القائد العام الملك عبد الله إنما يضعها وينفذها القائد البريطاني في الجيش العربي ، بل إن حوادث عديدة برهنت على أن جلوب القائد البريطاني للجيش العربي إنما كان يقود هذا الجيش ليقيم دولة يهودية ، ويكشف أجنحة الجيوش العربية الأخرى حتى تشفي غل بريطانيا الحاقدة ، وحتى اللد والرملة التي تضمنها قرار التقسيم ضمن الدولة العربية ، تخلى عنها جلوب وسحب منها جيشه العربي وتركهما ليتصارع فيها الشعب الفلسطيني الأعزل مع قوات اليهود المدربة المسلحة ، بل إن غالب قيادات الكتائب وألوية الجيش الأردني الزاحف على فلسطين كانت خاضعة لقيادة بريطانية صرفة ، حتى كأنها كتائب بريطانية ، ومن العجائب أن تدخل الجيوش العربية معركة مصيرية وجيش القيادة يقوده بريطانيون سعوا للتهويد وعملوا للتقسيم .

خيانة أخرى وفضيحة كبرى ..

كتب الجنرال جلوب في مذكراته ( جندي مع العرب ) ما يلي : أجرى توفيق أبو الهدى باشا رئيس وزراء الأردن محادثات سرية مع أرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا في فبراير 1948م ويقترح قبل دخول الجيوش العربية المعركة أن يدخل الجيش الأردني فلسطين غداة انتهاء الانتداب تحت شعار حماية فلسطين كلها ومحاربة اليهود ، ويحتل القسم العربي ويضمه إلى شرق الأردن دون أن يشتبك مع اليهود إطلاقاً ، وتعهد أبو الهدى بثلاثة أمور :-
1 - ألا يحتل الجيش الأردني غزة أو الخليل .
2- ألا يعتدي الجيش المذكور على اليهود بأي شكل .
3- ألا يحتل شبراً واحداً من القسم الذي صدر قرار الأمم المتحدة ( على المسلمين ) بإعطائه لليهود في 29نوفمبر 1947م .

وأضاف أن الأردن حسب معاهداته مع بريطانيا لن تتخذ أي خطوة إيجابية إلا بعد مشاورة الحكومة البريطانية ، فشكر بيفن أبا الهدى لوضوح موقف الأردن ، وأعلن موافقته على مشورع حكومته . انظر : جهاد شعب فلسطين ( ص 396 – 397 ) .

إن هذا الحديث الخطير الذي يعترف فيه أبو الهدى في حديثه السري مع بيفن بحدود التقسيم ، كان خيانة للمفهوم الوطني العام الذي قررته الدول العربية ووافق عليه أبو الهدى نفسه في اجتماع الجامعة العربية في لبنان ، حين قرروا بالإجماع تسليح الفلسطينيين ، وإعادة تجييش الجيوش لتكون على أهبة الاستعداد لتحرير فلسطين !!!

ويستمر مسلسل الفائح والخيانات ..

نشرت المطبعة السلفية بالقاهرة مجموعة من الوثائق والمقالات نقلاً عن جريدة أخبار اليوم وجريدة المصري ومجلة آخر ساعة وغيرها من الصحف ، تحت عناوين ( وثائق خطيرة عن اتصال ولي الأمر في شرق الأردن باليهود قبل حرب فلسطين ) و ( مؤامرات الأردن واليهود ضد جيش مصر والجيوش العربية ) تبعه ( فشل العرب وضياع فلسطين منهم وتشريد مليون من أهلها ) و ( حقائق عن تسليم مدن اللد والرملة ويافا وحيفا لليهود ) .

أ- بعض ما نشرته جريدة أخبار اليوم :-
نشرت الجريدة في العدد 280 الصادر بتاريخ 18 مارس سنة 1950م وثائق خطيرة ( خمس ) بخط الملك عبد الله ملك شرق الأردن ، وبخط كبار رجال حكومة إسرائيل المسؤولين ، تثبت أن الملك الهاشمي كان على اتصال باليهود طوال مدة حرب فلسطين وبعدها .

وقد علقت الجريدة على الوثيقة الأولى بكلام نقتطف منه :-
1- إن الملك عبد الله بدأ من نوفمبر سنة 1948م وهي أخطر فترة على الجيش المصري بفلسطين يتصل باليهود في باريس بواسطة سفيره في لندن .
2- إن الملك عبد الله اجتمع في 13 إبريل 1948م - أي قبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين بأكثر من شهر ، أي في نفس الوقت الذي كان جلالته فيه يطالب بالقيادة العليا لكل الجيوش العربية – باثنين من وزراء حكومة إسرائيل في غور المجامع واتفق معهما على قبول قرار التقسيم ، وفي اجتماع آخر اتفق الملك عبد الله مع جولدا مايرسون سفيرة إسرائيل في موسكو أن يقف الجيش الأردني والجيش العراقي عند الحدود العربية كما رسمها قرار التقسيم ، وهو الاتفاق الذي أيده بعد ذلك عملياً موقف الجيش الأردني والعراقي في عمليات فلسطين .

علقت الجريدة على الوثيقة الثانية بكلام : إنه لولا أن الكولونيل عبد الله التل القائد العربي للقدس خالف سراً تعليمات ملكه الصريحة ، وبذل كل محاولة لإحباط الاتفاق بين الملك واليهود ، ولقعت معاهدة الصلح بيهما في ذلك الوقت ..

وعن الوثيقة الثالثة قالت جريدة الأخبار : إن الملك الهاشمي يثق في حسن نيات اليهود ؛ وأنه يخبر اليهود بحركات جيوشه في فلسطين .

وعلى الوثيقة الرابعة علقت الجريدة بكلمات منها : أما موسى شاريت وزير خارجية اليهود يعرب عن تقديره للملك الهاشمي ، ويطمئنه بأن قوات اليهود لن تتعدى حدود شرق الأردن .

وفي نهاية التعليقات ذكرت الجريدة : إن هذا الاتفاق السري بين اليهود والملك الهاشمي من قبل أن يجلو الإنجليز عن فلسطين ، ومن قبل أن تدخل الجيوش العربية إليها ، هو المسئول عن الكوارث التي وقعت في فلسطين .

إن هذه الوثائق تدل على أن الملك الذي كان قائداً أعلى للجيوش العربية اعترف بإسرائيل ، واعترف بحكومتها ، واعترف بوزير خارجيتها وأرسل الوفود للاجتماع سراً برجالها في الوقت الذي كان يموت فيه ألوف المصريين برصاص اليهود ، وفي الوقت الذي قاطعت فيه مصر إسرائيل ورفضت أن يدخل مندوب إسرائيل الإسكندرية للاجتماع في المؤسسة الإقليمية للصحة .

وواصلت جريدة أخبار اليوم نشر الوثائق في عددها رقم ( 281 ) الصادر بتاريخ 25 مارس 1950م تحت عنوان ( وثائق جديدة خطيرة بتوقيع الملك عبد الله ) ..

الملك عبد الله يعتذر لليهود عن حرب فلسطين ، وعلقت الجريدة على الوثائق بقولها : لقد كان جلالته القائد الأعلى للجيوش العربية ومع ذلك فاوض اليهود من وراء ظهر الدول العربية ، وسلم لليهود بأنه لا حق للعرب في النقب ، في الوقت الذي كان الجيش المصري فيه يروي صحراء النقب بدماء المصريين .

إن الملك عبد الله قابل بعض المسئولين اليهود : وإن المفاوضين اليهوديين أبديا خوفهما من أن لا يلتزم الجيش العراقي بالهدنة التي يلتزم بها الملك عبد الله ، وأن صاحب الجلالة الهاشمية تعهد بأن يأخذ الجيش العراقي على مسئوليته ، وكتب في اليوم الثاني إلى شرتوك يقول : إنه عزم على تسلم الجبهة العراقية رغبة في التسوية المأمولة .

إن الغور والشونة شهدتا مفاوضات عديدة بين الملك ورجال حكومتها ومن بينها هذه المفاوضات التي تم على أثرها تسليم منطقة المثلث وسكة حديد جنوب القدس لليهود .

إن صاحب الجلالة لم يكتف بإرسال تحيته إلى عزيزه المستر شرتوك ، بل شفعها بتحية إلى عزيزة بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل .

كما علقت الجريدة على إحدى هذه الوثائق ، وهي عبارة عن خطاب من صاحب الجلالة الهاشمية إلى اللورد صموئيل أو مندوب بريطاني في فلسطين ، وإليه يرجع الفضل في توطيد دعائم الصهيونية في فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى .

والخطاب عبارة عن دعوة لهذا اليهودي المتطرف بزيارة عمّان كيف شاء ووقتما شاء ، كما أنه يلقي اللوم على الشعب العربي كله أمام اليهود ويتهمه بأنه المسؤول عما حدث ، وأنه لم يطع الملك ، وكل ما فعلته الشعوب العربية هو أنها دخلت الحرب ضد اليهود ، كما أنه يعتمد على اليهودي اللورد صموئيل ونصائحه ، وأنه يحصل على مزايا السلام .

وفي نهاية المقال طالبت الجريدة جامعة الدول العربية بالتحقيق مع صاحب الجلالة الهاشمية عبد الله بن الحسين عزيز شرتوك .. وبن غوريون واللورد صموئيل .

ب- بعض ما نشرته جريدة المصري :
نشرت جريدة المصري بعدهها الصادر في ( 27 مارس 1950م ) مقالاً للأستاذ محمود أبو الفتح تحت عنوان : إلى مجلس الجامعة العربية : عبد الله ابن إسرائيل وبريطانيا ، هل في الجامعة العربية حياة أو دب فيها الفناء ؟

ويدور مقال الكاتب رحمه الله حول تصرفات الملك عبد الله التي ذكرت جريدة أخبار اليوم طرفاً منها ووصل إلى النتائج التالية :-

ثم عاد هذا القائد العام وفي أذنيه دوي هتاف الشعوب العربية التي عقدت عليه الآمال .. وما كاد يصل إلى مقر قيادته العامة حتى قهرت أصوات المدافع وخبت نيرانها وجلت جنوده عن مواقع رئيسية في فلسطين ، وسلمتها عن طيب خاطر للصهيونيين ، وتخلت لهم عن أراضي وقرى ومدن خضبتها دماء عرب فلسطين دفاعاً .

لقد مد يده للصهيونية يفاوضهم ويساومهم على حساب العرب المشتتين المشردين ، على حساب مئات الألوف الذي طردوا من ديارهم بعد أن رأوها تنهب وتخرب وتدمر ، على حساب انتهاك أعراض النساء العربيات .

ووصف الكاتب الملك عبد الله بالخيانة التي لا يكفي في وصفها كلمة عظمى ، خيانة لجيش مصر الذي اجترأت قوات اليهود على مهاجمته ؛ لأنها أمنت جانب عبد الله وجيشه ، بل وحصلت منه على أسرار عسكرية مكنتها من الانتصارات الدامية التي أحرزتها .

خيانة لمصر وشعبها الذي استقبله استقبالاً منقطع النظير وائتمنوه على قيادة جيوشهم ، فكانت النتيجة أن تآمر عليها مع أعدائها وأن ضحى بمئات ومئات من خيرة جنودها .

وخيانة للدول العربية التي وثقت به واطمأنت إليه ، ووضعته في موضع الزعامة وسلمته قيادها العسكري .

خيانة لمليون عربي وعربية .. فكانت النتيجة أن ساوم الصهيونيين عليهم وباعهم بيع السلع ، وتركهم فريسة رخيصة للطغاة المدمرين الفتاكين .

كان الناس يتوقعون من مجلس الجامعة فصل شرق الأردن ولكنه تردد والناس يعزون ذلك إلى ضغط بريطانيا على الدول العربية ، فقد أصدرت حكومة لندن تعليماتها إلى سفاراتها ومفوضيها في تلك الدول أن تبذل كل جهد لمنعها من التعرض للملك عبد الله وعدم اتخاذ قرار بفصله من الجامعة العربية .

وبتاريخ ( 19 مارس 1950 م ) نشرت جريدة المصري تحت هذا العنوان : ( ابتروا هذا الجزء الفاسد من جسد الأمة العربية ) وورد فيها :

وهل كان أفجع للاتحاد العربي من أن يسلم الملك عبد الله مدينتي اللد والرملة إلى اليهود ، والحرب دائرة بين الجيش المصري واليهود ؟ وليت الأمر وقف عن ذلك الحد .

لقد حان الوقت بعد ظهور تلك الحقيقة الموجعة عن اتصالات الملك عبد الله باليهود ؛ لأن تعمل الجامعة العربية والدول العربية على قطع صلاتها بشرق الأردن ، البلد الذي خان الإسلام ، بعد أن خان الحلف العربي وقضية فلسطين .

لقد حان الوقت لأن نبتر ذلك الجزء الفاسد من جسم الأمة العربية وبذلك وحده نريح ونستريح ؛ لأن الأخوة التي تطعننا من الخلف أبشع وأخطر من العداوة التي تشهر في وجوهنا الرماح .

ج – مجلة آخر ساعة :
نشرت مجلة آخر ساعة مقالات بعددها ( 802 ) الصادر بتاريخ 8 / 3 / 1950م للأستاذ محمد التابعي تحت عنوان ( هذه هي الجامعة العربية ) منتقداً قانون العقوبات المصري الذي ينص على عقوبة ما يسميه جريمة العيب في رؤساء الدول وذوات الملوك .. وتحدث عن الموقف السلبي لجامعة الدول العربية من الملك عبد الله الذي يفاوض إسرائيل في عقد صلح مع جامعة الدول العربية التي نادت وما تزال تنادي بالعداء حتى الموت لحكومة إسرائيل .

وتحدث الكاتب عن العصر الذي تباع فيه قناطير المبادئ من أجل درهم مصلحة شخصية ، أو دراهم تدخل الجيب .. ولما بيتت المؤامرة بليل وركزت إسرائيل هجومها ضد قوات مصر بعد أن اطمأنت إلى سكون أوسكوت جيش العراق وشرق الأردن ، وتساءل الكاتب : لماذا لا تأخذ هذه الخيانة مكانها في جدول الأعمال ؟!

وفي عدد ( 804 ) بتاريخ 22/ 3 / 1950م نشرت نفس المجلة مقالاً لنفس الكاتب وصل في نهايتها بعد حديث عن الوثائق التي نشرتها جريدة أخبار اليوم أنها تُثبت :-
1- أن الملك الأردني اعترف بحكومة إسرائيل .
2- أنه اشترك في حرب فلسطين وليس في نيته ولا في نية الجيش الهاشمي أن يزحفا على تل أبيب .
3- أن الملك عبد الله دخل وجيشه فلسطين لا لينقذوا فلسطين ، وإنما لينفذوا عملياً قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود .
4- إن قضية الملك عبد الله هي نفس قضية إسرائيل .
5- في الوقت الذي كانت صحافة العرب تكتب عن فضائع الصهيونية ، وكيف أنهم كانوا يحرقون القرى العربية ويشتتون ويطاردون عرب فلسطين .. ويذبحون الشيوخ والأطفال ويبقرون بطون الحبالى من نساء العرب ، كان الملك عبد الله يكتب إلى عزيزه مستر شرتوك ليبلغه اطمئنان جلالته إلى حسن نوايا إسرائيل .

والآن وضح الخفاء وعرف العالم العربي لماذا خسرنا فلسطين ؟!!؟؟!!

خسرنا فلسطين لا لأننا بخلنا بالجهد أو بالروح أو بالمال !! وإنما خسرنا ؛ لأن نفراً منا خان قضية العرب .. وراح يتآمر مع الصهيونية أعداء الإسلام .. إن سبة اليوم أن حكومة عربية .. قد باعت شعباً كريماً لليهود .

حان الوقت أن ننسحب من هذه المهزلة التي نسميها جامعة الدول العربية ما دام فيها : من لا يتورع عن مفاوضة أعداء رب البيت وأعداء العرب وأعداء الإسلام .. اللهم إلا إذا رأى أهل الرأي أن تنكمش الجامعة العربية على مصر وسوريا التي لم يستقر أهلها على رأي بعد .. ولبنان الذي لم يدخل الجامعة إلا تورطاً ، أو على الأقل دخلها على كره من طائفة كبيرة من أهليه !! واليمن التي لم ترسل جندياً واحداً إلى حرب فلسطين بحجة عدم استقرار الأحوال .. والمملكة السعودية التي لم تقتصد في الكلام عن حبها للعروبة وفلسطين .. ولكنها عندما جد الجد رفضت بل واستنكرت أن تهدد أمريكا بإلغاء إمتيازات البترول حتى ولو كان في هذا التهديد إنقاذ فلسطين .. إذا رأت مصر هذا الرأي فليكن لها ما تريد ! ولكن الفصل الثاني من المهزلة أن لا ريب فيه !.

وفي العدد ( 805 ) من مجلة آخر ساعة الصادر بتاريخ 29 / 3 / 1950م كتب الأستاذ التابعي مقالاً يلوم فيه جامعة الدول العربية والحكومات على موقفها من تصرفات الملك عبد الله .. ومنها :

إغماض العين عن الخيانة !! والسكوت على الغدر وكتم الدم على القيح ، هكذا قال ونادى الزعماء والساسة في القاهرة وفي دمشق وفي بيروت وطبعاً في بغداد !!

وليبق العضو الفاسد ! .. وليحضر اجتماعات مجلس الجامعة .. جامعة العروبة وافرحي يا إسرائيل .. لا عقاب ولا ملامة .. بل ولا كلمة تأنيب !! سيبقى شرق الأردن عضواً في جسم العروبة .. ولا بأس من أن يرتبط بعهود جديدة ومواثيق جديدة ، لكي ينكث بها غداً .. أو لكي يفشي غداً سرها إلى إسرائيل والعزيز موسى شرتوك والمحترك بن غوريون .

وكما نشرت هذه الصحف بعض المقالات تتصل بموقف بعض الأنظمة العربية وموقف الدول الأوربية من القضية الفلسطينية ، وكلها تؤكد أن تهويد فلسطين كان يجري تحت سمع وبصر الأنظمة العربية والأوربية بل وبمعاونتها .. وهذا ما سنتطرق إليه في الحلقة القادمة من حديث القائد المسلم عبد الله التل رحمه الله .. وإن كان ثمة وقت أطول تطرقنا إلى خيانة الحفيد القزم الحسين بن طلال ..


 حديث القائد عبدالله التل .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع حديث للقائد العربي المسلم عبد الله التل .. وبه تقام الحجة على الأمة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، ويؤكد جملة أمور :

أن ما جرى على أرض فلسطين قبل وأثناء وبعد حرب 1948م كان بتخطيط من الإنجليز واليهود ، وكان يهدف إلى تدمير القوة العربية العسكرية ، والتمكين لليهود على أرض فلسطين ، فالإنجليز عبر عميلهم جلوب ومساعديه في الجيش العربي ، منعوا المجاهدين من مهاجمة القدس أو الجامعة العربية ، وعبر عميلهم منع الجيش العربي من نجدة إخوانه من أبناء الجيش المصري في النقب ، بل وإخوانه المجاهدين الفلسطينيين ..

إن الإنجليز حينما اجتذوا جزءاً من بلاد الشام وأقاموا عليه إمارة شرق الأردن ، وجعلوها قاعدة عسكرية لقوتهم ، وعينوا لها ملكاً ربطوه برباط التبعية ، وجعلوا لها جيشاً جعلوا زمام أمره بيد ضباطهم اليهود أو الموالين لهم ، وجعلوا الأنظمة العربية الأخرى تلقي زمام جيوشها إلى القيادة العامة ممثلة في شخص ملك الأردن ، بهدف منع أية مساعدة للانتفاضة الفلسطينية عبر الجبهة الشرقية لفلسطين ، أي إحكام الحصار حول فلسطين أثناء تنفيذ خطة تهويدها ؛ وهكذا أقام الإنجليز جيشاً عربياً زمامه بيد الإنجليز اليهود أو الموالين لهم ، لتحقيق مخططهم ..

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد العرض لكل ما سبق ، لماذا اتخذت الأنظمة الحاكمة موقف الشيطان الأخرس حيال ما حدث ؟!! هل لأن حاكم شرق الأردن كان ينفذ مخططاً متفقاً عليه ؟ أم أن الأوامر من السيد الإنجليز صدرت بعدم التعرض لحاكم شرق الأردن ؟ وكل هذا محتمل وخاصة أن كل الأنظمة قد اتخذت موقف الصمت ، إذا استثنينا بعض الأقلام التي كانت تتناول المسألة بالصحف .

إن السياسة الإنجليزية المرسومة في فلسطين كانت حرمان المجاهدين من مهاجمة اليهود في القدس ، ومن مهاجمة الجامعة العربية ، كما أنها كانت تقضي بانسحاب الجيش العربي من اللد والرملة وتسليمها ويافا وحيفا إلى اليهود ، بل كانت حريصة على تجريد الفلسطينيين من السلاح الموجود بأيديهم .

إن الإنجليز هم الذين منعوا الجيش العربي من إطلاق رصاصة واحدة في مواقعه على خليج العقبة ، بل وهم الذين أمروا قيادته بسحب القوات من النقب الجنوبي الذي كان يصل الأردن بمصر ، وهم الذين فرضوا عليه عدم مساعدة الجيش المصري في النقب أثناء قتاله اليهود .

إن المساعدات المالية والعسكرية الإنجليزية للأردن كانت في مقابل القواعد العسكرية التي تسيطر عليها ، وثمناً للسيطرة على قيادة الجيش وتوجيهه الوجهة التي تخدم مخطط الاستعمار واليهود .

إن اليهود ماضون في بناء القلاع العسكرية واتخاذها قاعدة للتوسع في المستقبل في الأرض المحتلة ، وهذه كلها قرائن تؤكد أن الذي رمى العالم العربي باليهود هم الإنجليز ، وأن دعم اليهود في اغتصاب فلسطين وغيرها من ديار العالم الإسلامي خط ثابت في سياسة الإنجليز والدول الإستعمارية .

انظر إلى خيانة جلوب : حينما أتيحت له فرصة أن يضع خطة لإنقاذ قوات الجيش المصري المحاصرة في الفالوجا ، وضع خطة تكفي لإبادتهم إبادة تامة لو قدر لها ونفذت ، ومن الخطة أن يخرج الضباط والجنود بملابس النساء لولا يقظة اللواء أحمد فؤاد صادق قائد القوات المصرية والذي أبرق إلى قائد الفالوجا الأميرالاي السيد طه يقول : ارفض هذه الخطة .. واطرد ذلك السكير ( لوكيت ) من مواقعك .. أي مجد عسكري في مثل هذا العمل .. إنها كارثة محققة .. دافعوا عن مواقعكم لآخر طلقة ، ولآخر رجل فهكذا يجب أن يكون جنود مصر .

وهذا هو السبب لتنحية اللواء أحمد فؤاد صادق عن موقعه ، وهذا دليل على أن النظام الحاكم في مصر كان خائناً ويعمل أيضاً لخدمة مخطط اليهود .

من هو ( لوكيت ) ؟ هوأحد ضباط الجيش العربي ؟! وكيف تحقق له ذلك ؟ ولكيت هو أحد ضباط المخابرات الإنجليزية ، خدم فترة في فلسطين ، وكان معاوناً للجنرال وهو الذي أشرف على تدريب جيش الهاجانا اليهودي ، ثم نقل إلى بورما .. وحينما وقعت الأحداث على أرض فلسطين ، استطاع أن يحصل على وظيفة عبر جامعة الدول العربية لتدريب المتطوعين في حرب فلسطين !!!!!!!!! وفجأ أصبح ضابطاً عاملاً في صفوف الجيش العربي وأصبح موضع سر جلوب ؟!!

هل أدركنا الآن لماذا نزلت المصائب والهزائم بأمتنا عام 1948م ، 1956م ، 1967م .. هل عرفنا أن السبب يكمن في استخدام الخبراء والضباط الأجانب لتدريب وتطوير قواتنا .. هل عرفنا أن السبب يكمن في دائرة المعلومات الضخمة التي يحصل عليها الأعداء اليهود عبر الأمريكان والروس والإنجليز والفرنسيين وغيرهم بحجة حل مشاكل قواتنا .. هل عرفنا السبب في أننا نسمح لأبنائنا أن يتتلمذوا على أيدي أعدائنا .. هل أدركنا الآن لماذا حرص العدو على تجريدنا من أسلحة العصر الفعالة ، وعلى تقليص دور قواتنا ، وعلى عدم السماح بتواجد عسكري في سيناء .. السبب : حتى يسهل عليه التهامها ويصبح الطريق مفتوحاً إلى مصر والجزيرة العربية ..

سيذكر التاريخ ما نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 15 مارس 1950م عن الاتفاق الذي حضره وزير إنجلترا في عمّان كيركبريد ، ووزير الولايات المتحدة جيرالدر ، ووقعه المك عبد الله وبن غوريون رئيس الوزراء اليهودي على ظهر المدمرة البريطانية ماك فاي في خليج العقبة وكان معهم وزير البلاط العماني سمير رفاعي .

تعليق : إن العالم العربي لا يخلو من رجال يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ومن هؤلاء القائد عبد الله التل ..

إن هذا العمل – أي التفاوض مع اليهود – كان يعتبره الناس خيانة لله ولرسوله واللمؤمنين ، ومضى الزمن وتتابعت الأحداث وانقلب المعايير وأصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أصبح في ضوء المعايير التفاوض بين العرب واليهود بطولة ، وعملاً من أعمال التمدن والتحضر ، وأصبح العمل على تطبيع العلاقت بين العرب واليهود الذي اغتصبوا ديارهم وأبادوا وشردوا شعبهم وإخوانهم ، عملاً من أعمال البطولة والشهامة والمروءة .. فإلى الله المشتكى وهو المستعان ..

لقد سلم البريجادير جلوب البريطاني قائد جيش الأردن اللد والرملة للعدو اليهودي بعد أن كانت بيد جيش الجهاد المقدس بقيادة الشيخ حسن سلامة ( قائد المنطقة الوسطى ) الذي كان يسيطر عليها بقوات المجاهدين ، وأيضاً على مطار اللد الدولي الكبير وعلى جميع المراكز الهامة الواقعة إلى الشمال حتى معسكر العين على مسافة 13 كيلو متراً من مطار اللد ، وهكذا ترتب على خيانة جلوب كشف ميمنة الجيش المصري الأساسي الزاحف من جنوب فلسطين ، وضاعت منطقة اللد والرملة حتى باب الواد غرباً ( على طريق القدس ) بل إن الخائن جلوب قد ارسل برقية إلى القائد اليهودي يهنئة فيها على احتلال اليهود لمنطقة اللد والرملة .

إن الخائن جلوب باشا قد نزع سلاح المجاهدين بعد الهدنة الأولى ، ورفض إعادته إليهم ، بل إنه هو الذي وقف في وجه تنفيذ خطة الجيوش العربية باستعادة الفالوجا وإنقاذ قوات الجيش المصري المحاصرة فيها ، وعلى هذا النهج سارت بقية الأنظمة فيما بعد .

يقول الملك الخائن عبد الله بن الحسين عن المندوب السامي البرطاني اليهودي هربرت صموئيل الذي مكن لليهود في فلسطين : أما السير هربرت صموئيل فلابد لي هنا من ذكر دماثة أخلاقه وجم أدبه وكماله ، فهو سياسي محترم كامل . انظر صحوة الرجل المريض ( ص 289 ) .

في عام 1948م دعا الملك عبد الله شيخاً ضريراً كي يعظ الجيش الأردني المتأهب لتحرير فلسطين تحت قيادة جلوب !! ووقف الشيخ الضرير بجوار الملك لا يرى شيئاً ، وكلنه يحس بكل شيء ، صمت لحظات وأنظار الكل وآذانهم معلقة به ، ثم صاح منادياً : أيها الجيش ليتك لنا !!!!!. انظر : إني أرى الملك عارياً ( ص 596 ) .

يا مذل أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يا من خنت القدس ، وقد كنت قائد أهلها .. إذا الأهل أنتم سأبكي طويلاً .. وإن خدعتني عيوني وكنت سواكم .. وكنتم بعيدين عن كل هذا .. تعالوا !!

واقتص المسلمون من الخائن وقتلوه على عتبات المسجد الأقصى الذي ضيعه في يوم عيد المسلمين يوم الجمعة ليصبح العيد عيدين ..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة مع خيانة الحفيد القزم .. خيانة الحسين بن طلال ..


خيانة القزم الحسين بن طلال .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة الحسين الحفيد والذي سار على خطى جده القزم ..

الحسين بن طلال .. صاحب مذابح أيلول ( سبتمبر ) الأسود عام 1970م في جرش .. وقد تم في عهده وفي فترة حكمه الجائرة تصفية فصائل المقاتلين الفلسطينيين بعد محاصرتها في مدن الأردن ، ولوحقت من بيت إلى بيت ، ومن جبل إلى جبل ، في عمّان وغيرها من المدن ، وقد حدث فيها ما يشيب لهوله الولدان ، ومن ذلك أنه قد تم تجميع الفلسطينيين في أحراش ( جرش ) بناء على معاهدات بين وصفي التل رئيس وزراء الأردن وبين زعاء المنظمات ، ليتم في النهاية سحق القوات الفلسطينية نهائياً في هذه الأحراش تحت جنازير دبابات الجيش الأردني ..

وأسفرت هذه المعارك عن قتل أعداد كبيرة من الجانبين ، تجاوزت عدد الذين قتلوا في حرب 1967م .

وتبين أن الصنم الأكبر عبد الناصر – طاغية بني مر - هو الذي أعطى الضوء الأخضر للملك حسين بعد مظاهرات عمان ضده التي نظمتها المنظمات اليسارية .

وفي معاهدة لا تقل في حجمها عن معاهدة ( كامب ديفيد ) وفي الساعة الواحدة وخمس وأربعين دقيقة بتوقيت الأردن من يوم الأربعاء 21جمادى الأول 1415هـ الموافق 26 أكتوبر 1994م .. وفي الموعد المحدد لذلك وفي المكان المعد لذلك ( بوادي عربة ) بين إيلات والعقبة وبحضور كل من الراعي الأمريكي بل كلينتون والعاهل الأردني الملك حسين وإسحاق رابين ، وفوق المنصة الرئيسية في حماية 26 ألف جندي جرى توقيع المعاهدة الأردنية الإسرائيلية بالأحرف الأولى لتصبح المعاهدة رقم ( 2 ) ضمن سلسلة المعاهدات المشبوهة في عالم السلام الخادع ..

وقبلها زار الملك حسين الكيان الإسرائيلي عدة مرات سراً أجرى خلالها المحادثات السرية التي مهدت لمفاوضات مدريد ، ثم كانت الزيارة التاريخية بعد المعاهدة ، وفيها حضر الحسين افتتاح معبر الشيخ حسن الذي يربط بين إسرائيل والأردن بجنوب بحيرة طبرية في إسرائيل .

ونسي الملك مذبحة ( قبية ) يوم 14 أكتوبر 1953م ، حيث نسف الإسرائيليون واحداً وأربعين منزلاً ومدرسة على من فيها وقتلوا 96 شخصاً ..

في الأرض التي مات فيها أمين الأمة أبو عبيدة ، وطهرها من الروم .. وخمد صوت القسيسين والرهبان علا صوت الخيانة ، وقال الملك عن التطبيع مع إسرائيل : ( لا أهرول بل أركض ركضاً ) وسالت دموع الحسين في وداع رابين ومثلها سالت دموع اليهود بعد موت الحسين .. الملك الهاشمي ..

قريشيون لكنا بغير الله نعتصم **** ونستدني كلاب الأرض في المحراب تنتظم
قريشيون لكنا بنا نسب يدنسنا **** مسيلمة جرى فينا ومن سبأ أتى صنم
تبعثرنا على الأيام لا ندري لنا شرفاً **** تلاصقنا بوحل الأرض لا يعلو لنا قدم
خرجنا من فجاج الأرض في حمأ به نتن **** ودين الله في الأنحاء لا تسمو به رمم
وعدنا من غثاء السيل يأبى الكل قصعتنا **** فليس جفاننا المملوء بالأقذار يلتهم

قال الملك حسين في خطاب أذاعه إلى الشعب الأردني : ( أنه كملك للأردن يؤكد قبوله لقراري مجلس الأمن رقم ( 242 ) و ( 338 ) وأنه بذلك ضمناً يعترف بإسرائيل ، وقال لوزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز : ( أنا سائر في محاولتي إلى النهاية ) .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة مع خيانة الملك فاروق السكّير لقضية فلسطين ..


 خيانة الملك فاروق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع الملك فاروق السكّير العربيد ، وخيانته للجيش ولقضية فلسطين ..

فاروق .. ملك تربى على أيدي الإنجليز وفي مدارسهم .. ملك عاث في الأرض فساداً واتُخِذَ مطية لتحقيق مخططات اليهود والإنجليز .. ملك يسحب تشكيلات المجاهدين من الإخوان المسلمين من فلسطين ، ويودعهم المعتقلات في الجبهة ، وهم حائط الصد المنيع ضد اليهود ، ويلقي رئيس وزرائه النقراشي القبض على الشيخ محمد الفرغلي الذي عاد من فلسطين ليعود بالمتطوعين من المجاهدين إلى فلسطين ..

ملك يزود جيشه بالأسلحة الفاسدة ، ويسحب قائد جيشه اللواء المواوي من الميدان وتعيين اللواء أركان حرب فؤاد صادق بدلاً منه في 11 نوفمبر 1948م ، ومن رحمة الله بالجيش المصري أن هذا اللواء الجديد كان من الصادقين المخلصين ..

ملك يحرم الجيش المصري من تبني المنهج الإسلامي في العسكرية الإسلامية في التدريب ، وفي السلوكيات والأخلاق وتحرير الولاء لله ورسوله ، بل وفي العلاقات الإجتماعية ..

لقد حرم الجيش المصري في تربيته من البناء العقدي ، وكانت الأوامر الصادرة إلى الجيش لدخول فلسطين إنما كانت لتخدير مشاعر الجماهير التي كانت تطالب بتحرير فلسطين ..

ملك بلغ أحط أوصاف الفساد .. ذكر اللورد كيلرن في كتابه دبابات حول القصر ( 133 ) : إن ولي عهد اليونان وزوجته كانا من شلة فاروق ( الملك ) وأن فاروق كان يسهر عند أسرة مصرية من أصل يهودي ، وهي أسرة موصيري وأخرى هي أسرة قطاوي ، وأن هيلين موصيري الزوجة تحتفظ بتليفون خاص في غرفة نومها وهذا التليفون لا يعرف رقمه السري ولا يستخدمه سوى شخص واحد فقط هو الملك فاروق .. وعندما يحلو لفاروق أن يلعب القمار في الواحدة صباحاً مثلاً ، فإنه يدق التليفون لهيلين موصيري ويطلب منها أن تجهز له البرتيتة .

وذكر أيضاً أن فاروق ( الملك ) قد اقتحم منزلها ذات ليلة من الباب الخلفي بعد أن تسلق سور الحديقة وصعد إلى الطابق الثاني ..

والذي كان يأخذه فاروق من هيلين موصيري أوقطاوي أو الممثلة كاميليا واسمها الحقيقي ليليان كوهين أو أي اسم آخر ، هو النزوة والمتعة .. الخ ، وما الذي كان يأخذه اليهود ؟ طبعاً كل شيء .

هل يتصور أحد أن هذه الغانية اليهودية كاميليا استولت على قلب هذا الفاسق لدرجة أنه عزم على الزواج منها ..

ومن العجيب أن بعض الاتجاهات الإسلامية في ذلك الوقت مع علمها بفجور الملك وفسقه وحكمه البلد بدستور علماني وقانوني وضعي ، قد هادنته بل ومالأته ونادت له بالخلافة !!!

موقف عجيب وغريب !!!

وهذا ما يؤخذ على جماعة الإخوان المسلمين من علاقتها بالملك !! ينادون له بالخلافة بعد كل هذا !! وتتصدر صورة هذا الماجن الفاسق – وهو ملتح – مجلة الإخوان المسلمون ويكتب تحتها ( القدوة الصالحة ) ومرة أخرى ( إلى صاحب الجلالة الملك المحبوب أيده الله ) . انظر : الإخوان المسلمون عدد 29 أغسطس سنة 1942م و عدد 12 سبتمبر 1942م ، وعدد 23 يناير 1943م ، وعدد 20 مارس 1943م .

وقبيل انقلاب يوليو بحوالي شهرين تظهر صورة فاروق على الصفحة الأولى وبجانبها كتبت المجلة ( عيد الجلوس الملكي ) وتحتها ( نرفع إلى مقام صاحب الجلالة الملك وإلى الأسرة الكريمة أجل تهانينا ) . انظر مجلة الدعوة العدد 64 السنة الثانية 12 شعبان 1371هـ ، 6 / 5 / 1952م ( ص 1 ) .

ولايقبل بحال من الأحوال من جريدة إسلامية وهي جريدة الإخوان المسلمون العدد 10- 19 ربيع الأول 1355هـ ، 16/6/1936م أن تكتب : ( جلالة الملك فاروق المثل الأعلى لأمته ) . !!!

وأن يكتب ( البنا ) وهو من هو عن فاروق : ( ملك يدعو وشعب يجيب إلى جلالة الملك الصالح فاروق الأول ) . مجلة النذير عدد2 محرم 1358هـ 1939م ( ص 3 ) .

وتكتب أيضاً مجلة النذير عدد 30 في 4ذي القعدة 1357هـ 1939م ( ص 6 ) : ( الفاروق يحيي سنة الخلفاء الراشدين ) !!!!!!!!!

هل يتصور فيمن كانوا يسمونه في بعض الأحايين أمير المؤمنين أن حكومته طوال مدة الحرب العالمية الثانية لم تمانع أن يكون في مصر مركز لتدريب فيلق يهودي ليشترك مع الحلفاء في معارك الصحراء الغربية في أواخر 1942م وطوال 1943م ، وكان هذا الفيلق اليهودي هو النواة الرئيسية للجيش اليهودي فيما بعد .

تحت سمع وبصر هذا الملك الإمعة أتاح المغتصب الإنجليزي لليهود التغلغل في العالم العربي ومصر ، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، أتاح للصهيونية فرصاً لنشاطها على أرض مصر ، حتى أنهم - أي اليهود – كانوا في أعقاب الحرب العالمية الثانية يجمعون السلاح من مخلفات معارك صحراء مصر الغربية لتسيح اليهود في فلسطين ، بل إنهم قاموا باغتيال لورد موين مندوب الأمم المتحدة في نوفمبر 1944م ، وحين حكمت المحكمة بإعدام قاتليه تعرضت وزارة أحمد ماهر لضغوط كبيرة لعدم تنفيذ الحكم .

وهل ينسى الناس المظاهرات اليهودية التي طافت بشوارع الإسكندرية تهتف باسم بريطانيا العظمة التي أصدرت وعد بلفور ، ولا ننسى أيضاً أن يهود مصر كانوا يجمعون التبرعات ليهود الأرض المحتلة .

ولنا مع حكومة الملك فاروق وموقفه من الإنجليز في المجال الإجتماعي وقفة تأمل .. لنرى من خلالها مدى البعد عن شرع الله وعن القضية الفلسطينية ..

حرص المحتل المغتصب الإنجليزي على إشاعة أنماط من الحياة الغريبة في المجتمع ، وحض وخطط لإشاعة الاختلاط بين الرجال والنساء ، وعلى خروج المرأة سافرة بدون حجاب ، وفرض عليها أنواعاً من التعليم لا تتناسب وطبيعتها ووظيفتها التي خلقها الله من أجلها ، وفتح أمامها أبواب التوظيف والعمل لإخراجها من بيتها وحرمانها من حسن التبعل لزوجها وتربيتها لأولادها ..

واقترن ذلك بإشاعة الفاحشة وفتح بيوت البغاء وإعطاء التصاريح اللازمة ، كما اقترن ذلك بإقامة مصانع الخمر والخمارات التي كان يملكها ويديرها اليهود ، أي : أن المستعمر عمل على إشاعة الفاحشة والموبقات والرذائل في المجتمع ، لتدمير بنية الأخلاق ، وحرص المستعمر كذلك على تأسيس أجهزة إعلام مقروءة تتمثل في الصحف والمجلات التي أسسها ( الماسوني ) الحاقد ( جورجي زيدان ) وأميل وبشارة تقلا وشاهين مكاريوس ، والتي تهدف إلى صبغ المجتمع بالصبغة غير الإسلامية ، ومساندة الأنظمة الحاكمة العميلة .

ودخل المسرح والسينما والغناء والرقص إلى ديار الإسلام لتدمير البنية العقدية للأمة باسم الترويح عن النفس ، وقد نجحت في ذلك أيما نجاح ، والدليل على ذلك إطلالة نلقيها على حياة الأمة ليلة زحف الجيوش العربية على فلسطين لتحريرها من اليهود الذين غلبوا عليها ..

كانت القاهرة ترقص مع بديعة مصابني .. وغيرها من السهرات ، وإذا رجعنا إلى الصحف نجد أن الأمة في واد وما يجري على أرض فلسطين في واد آخر ..

برامج السينما والمسرح .. غداً .. غداً .. سراج منير وهاجر حمدي في البوسطجي ؛ تمتعوا بسهرة لطيفة بكازينوا الجمل ، حديقة غنّاء ، مشروبات شهية ، سينما الشرق بالسيدة زينب ، عروسة البحر ، سينما كايرو .. أسرار دون جواب ..

أما ملاهي الرقص حيث النساء والخمور ، فلم تكن أقل نشاطاً من دور السينما : صفية حلمي .. استعراض فن الرقص .. بديعة مصابني وفرقتها الكبرى .. الجائزة الأولى .

أما الإذاعة فإذا استثنينا البلاغات الرسمية وبعض الكلمات المناسبة إلى جانب أغينة عبدالوهاب المعبرة !! من شعر علي محمود طه ( أخي جاوز الظالمون المدى ) إذا استثنينا ذلك ، فقد كانت برامجها سلمية لا علاقة لها بالحرب ولا بهيئة تهيّئ الشعب للإعداد والاستعداد ومعرفة خطورة الموقف وتقدير جوانبه بجميع مستلزماته .

في الساعة ( 3.45 دقيقة ) من يوم ( 17 مايو آذار 1948م ) بينما كان أبناء مصر وفلسطين والبلدان العربية من الجنود البواسل والمتطوعين يقاتلون اليهود ويخوضون ميدان الدم ، كانت الإذاعة المصرية تذيع وصفاً لمباراة كرة القدم بين فريق مصر والفريق المجري على أرض ثكنات مصطفى باشا بالإسكندرية ، وفي الساعة ( 5.45 دقيقة ) كانت تذيع عدداً من أغاني الحب والغرام في برنامج ما يطلبه المستمعون .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع خيانة النقراشي باشا رئيس وزراء مصر .. كما سنعرج على خيانة سعد زغلول وسكرتيره اليهودي ليون كاسترو ..


 خيانة النقراشي باشا وسعد زغلول

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة النقراشي باشا وسعد زغلول للجيش ولقضية فلسطين ..

كان النقراشي وهو رئيس وزراء مصر من القادة الذين أسلموا القيادة العامة للجيوش العربية المسلحة إلى الإنجليزي الصهيوني جلوب باشا ، وتلك هي ذروة الخيانة ..

سمح بتوغل الجيش المصري في فلسطين دون أن يضع خطة عملية لفض الجيوب اليهودية الخطيرة التي توزعت في صحراء النقب ، حتى يحاصر هذا الجيش من الجنوب بقوات مستعمرات النقب ، ومن الشمال بالقوات اليهودية في المستعمرات الصهيونية ، فتحقق بذلك هزيمته وإعلان إسرائيل ..

قَبِل الهدنة الأولى والثانية ، وبذا أعطى اليهود فرصة نادرة لاستجلاب أحدث أنواع الطائرات والدبابات وغيرها ، وحبس واعتقل البررة من المجاهدين المتطوعين لإنقاذ فلسطين ..

هل يتصور أن قائداً يأمر باعتقال المجاهدين وهم في جبهة القتال ينزلون أفدح الخسائر باليهود .. والله إن هذه الخيانة في أقذر صورها ..

كلاب للأعاجم هم ولكن **** على أبناء جلدتهم أسود

غيّر دون سبب معقول هدف الجيش المصري في احتلال تل أبيب وهو يتقدم إلى الشمال دون مقاومة ، مخافة أن ينهار العدو باحتلال عاصمته ، وقبل تل أبيب بعشرين ميلاً عددوا له الأهداف ليضطرب صفه وينكمش جمعه ويقترب من الهزيمة ، وييأس من المقاومة والاستبسال .

سلّح الجيش - بالتآمر مع ملكه فاروق – بأسلحة فاسدة - وجدت في الصحراء الغربية وهي من بقايا الحرب العالمية الثانية - ترتد إلى جنوده لقتلهم ، ولا تندفع إلى الأمام لتنصرهم ، اللهم إلا القليل من الأسلحة الخفيفة التي لم يستطيعوا سحبها واحلالها بما فسد ، لثقتهم أنها لن تحسم المعركة .. وضاعت فلسطين ..

يقول محمود الصباغ أحد قيادات الإخوان المسلمين : ظهرت خيانة النقراشي باشا صارخة في فلسطين ، بأن أسهم في تسليمها لليهود ، ثم أعلن الحرب على الطائفة المسلمة الواحيدة التي تنزل ضربات موجعة لليهود ..

ثم بعد هذا نستغرب من ( البنا ) رحمه الله وهو من هو حين يقول عن النقراشي في بيان للناس : أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقده علماً من أعلام نهضتها وقائداً من قادة حركتها ومثلاً طيباً للنزاهة والوطنية ، والعفة !!! من أفضل أبنائها ، ولسنا أقل من غيرنا أسفاً من أجله وتقديراً لجهاده وخلقه !!!! .

ولا تعليق على كلمة ( وتقديراً لجهاده ) !!!!!!! وملايين التعجب إلى يوم القيامة !!!!!!!!!!!

سعد زغلول زعيم ثورة 1919م وسكرتيره اليهودي ليون كاسترو ..

سعد زغلول الذي حاكم محمد فريد ، ورفض وهو وزير المعارف تعريب التعليم ، سعد زغلول الذي يلعب الميسر حتى آخر حياته وبسببه خسر كل ثروته . انظر : رجال اختلف فيهم الرأي ، للأستاذ أنور الجندي .

سعد الذي قال عن كرومر لما سمع إقالة كرومر : كنت كمن تقع ضربة شديدة على رأسه أو كمن وخز بآلة حادة فلم يشعر بألمها لشدة هولها .

نتحدى أي منصف أن يذكر لنا دور سعد زغلول وكلامه عن قضية فلسطين .. بل إن اليهود استفادوا من دعوة سعد للوحدة الوطنية وعدم التفريق بين المصريين على أساس من الدين لدرجة أن بعض الصهيونيين استطاعوا التغلغل في صفوف الوفد ..

حتى أن ليون كاسترو مؤسس المنظمة الصهيونية في مصر أصبح السكرتير الخاص لسعد زغلول وصحبه في مفاوضاته في أوربا ، وقد سمح هذا الوضع بلاشك لكاستروا أن يفيد الحركة الصهيونية ، فهو كيهودي استطاع أن يكسب ثقة وصداقة زعيم الأمة !! مما يعطي انطباعاً بعدم تعارض النشاط الصهيوني مع النضال المصري ؛ لأن كليهما موجه ضد بريطانيا وبالتالي يكفل للصهيونيين حرية الحركة .

قوم إذا صفع النعال وجوههم **** شكت النعال لأي ذنب تُصفع

وكم ذا بمصر من المضحكات !!

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة والأنظمة العربية وجامعتها العربية عام 1948م وما قبلها وما بعدها ..


خيانة الأنظمة والجامعة العربية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع الأنظمة العربية وجامعتها العربية عام 1948م وما قبلها وما بعدها ..

هذه الجامعة .. جامعة الدول العربية .. من كان وراء إنشائها إلا بريطانيا .. ماذا فعلت لفلسطين ؟! ألف تساؤل يتردد عن موقف هذه الجامعة ؟؟!!

هذه الجامعة العربية التي قامت من أجل تحرير فلسطين ، لم تكلف نفسها تشكيل حكومة فلسطينية تدعمها مادياً ومعنوياً مثلما فعلت أمريكا وإنجلترا باليهود .. بل إن في حضورها الْتُهِمَ الجزء الأكبر من فلسطين ، وفي ظلها أعلنت الدولة اليهودية على أرض فلسطين ، وفي ظلها هوجمت الدول العربية في عام ( 1956م ، 1967م ) وهزمت هزيمة عسكرية فاضحة .. وفي ظلها وقّعت كامب ديفيد ، وفي ظلها وقع أجزاء من العالم العربي في قبضة الاحتلال الأمريكي والإنجليزي والفرنسي ، إذن ماهي القيمة الحقيقية لجامعة الدول العربية ؟؟

لماذا لم تمد الجامعة العربية المجاهدين المتطوعين بالمال والسلاح ؟؟ كيف عاونت الأنظمة العربية في اغتصاب اليهود لأرض فلسطين عام 1948م .. ومقارنة بين ما اغتصبه اليهود والإنجليز قبل دخول الجيوش العربية المعركة وبعدها تؤكد هذه الحقيقة !!

ولكي ندرك حجم المأساة : في منتصف يونيو 1948م لم يكن بيد العصابات اليهودية سوى جزء ساحلي ممتد من غرب يافا إلى شرق حيفا وجزء آخر يحاذي بحيرة طبرية عند حدود سوريا ، في حين كانت بقية فلسطين مصونة بيد الشعب العربي ويتولى الدفاع عنها .. حتى إذا تسلمت الحكومات العربية مسؤولية الدفاع عن فلسطين استولى اليهود على أكثر من ( 17 مليون دونم ) ضمّوها إلى ما في حوزتهم ، وذلك يعني أنه لم يبق بأيدي الفلسطينيين سوى الضفة الغربية من مملكة الأردن وما يسمى بقطاع غزة في الجنوب ..

هل عرفنا الآن لماذا كانت القيادات الإنجليزية ( جلوب وضباطه ) للجيش العربي تركز قواها لسحب السلاح من القوات الفلسطينية وإبعاد أفراده من جو المعركة ، بل إن إبعاد الفلسطينيين وحل فرقهم الجهادية كان الشغل الشاغل لقيادات جلوب ، بل إن الجيوش العربية المنقذة !! لم تكد تدخل فلسطين حتى بادرت بحل المنظمات العسكرية الفلسطينية ونزعت السلاح تدريجياً من الفلسطينيين ..

إن دور الخيانة في ضياع فلسطين كان واضحاً في أمور كثيرة منها : انسحاب الجيش الأردني فجأة من اللد بناء على أمر الجنرال جلوب ، والذي مكن لليهود من احتلالهما ، وزاد الربكة نتيجة هجرة أهل البلاد وكشف بذلك ميمنة الجيش المصري ،واحتل اليهود مطار اللد العالمي ، والذي لايبعد عن تل أبيب أكثر من أربعة عشر ميلاً ..

إن الجيش العراقي الذي كان يرابط في المثلث ( جنين – نابلس – طولكرم ) لم تمكنه القيادة المنحرفة من احتلال نثانيا على البحر المتوسط فيشطر خطوط اليهود نصفين ، ولم تعطه فرصة لإثبات وجوده بالمعنى الصحيح .. وحينما صدرت الأوامر إليه بالانسحاب فجأة ، وقف الفلسطينيون مشدوهين متسائلين ، ماالذي حدث ؟! بل إن هذا الجيش لم يحاول معاونة جيش الإنقاذ الذي كان يقوده فوزي القاوقجي في منطقة الجليل حين هاجمه اليهود بقوات كثيرة واستولوا على الناصرة في ( 16/يونيو 1949م ) ..

وحينما اطمأن اليهود إلى عدم تحرك الجيش الأردني والعراقي ضدهم ، وجهوا جهودهم لجبهة الجيش المصري في النقب ، وتحركت القوات اليهودية المدعومة أوربياً لفرض الأمر الواقع ، فسحب جلوب 800 جندي عربي مدرب من طريقهم ، وزحف اليهود في قوة لا تزيد عن 300 جندي ، واحتلوا منطقة النقب التي كانت تحميها القوات الأردنية بما في ذلك ميناء أم الرشراس ( إيلات ) على الخليج في ( 10 مارس 1949م ) ..

وهنا نتساءل : كيف سمحت الأنظمة العربية الحاكمة أن تجلس في مجلس الخوف .. مجلس اللصوص سفاكي الدماء ، الذي تسمى بمجلس الأمن ؟؟ إنه من العار الذي سيظل يذكره التاريخ ، أن تظل الأمة في هذا المجلس الذي تعتبر الكلمة العليا فيه للقراصنة الكفار الذي لا يحبون الله ولا رسوله ، وإذا عرف السبب بطل العجب !!

ونتسائل أيضاً : كيف قبلت الأنظمة الحاكمة ما تسمى بالهدنة الأولى التي فرضها مجلس القراصنة ( الأمن ) في 29 مايو 1948م ؛ بناء على طلب بريطانيا المفوضة من قبل أوربا وعصبة الأمم بتهويد فلسطين ؟ إن هذه الهدنة كانت الهدف من ورائها تكبيل الأنظمة العربية الحاكمة بالأغلال ووقف حركة جيوشها العسكرية على أرض فلسطين ، وتحجيم حركة الجهاد على أرض فلسطين ، وأثناءها أخذ اليهود يعدون العدة لتنفيذ برنامجهم الطويل المدى ، حيث استمر إمدادهم بالسلاح من أوربا ، وحيث بنوا الاستحكامات والخنادق وفتحت الطرق التي ربطت تل أبيب بالقدس بعد أن استحال عليهم ذلك مدة الحصار العربي ، بل استطاع اليهود أن يستوردوا الطائرات والدبابات والرجال من بريطانيا وأمريكا ، وواصلوا التدريب العملي الشاق ليجعلوا من عصاباتهم جيشاً منظماً ..

هل رأينا غفلة بعد هذه الغفلة .. هل أدركنا من هم أعداؤنا ؟ بريطانيا .. أوربا هي التي رمتنا بالبلاء اليهودي ، وهي التي تدعمه مادياً وعسكرياً ، وهنا نتسائل : كيف نصادقهم ؟ كيف نمد يد العون لهم ؟ كيف نسمح لأنفسنا أن نواليهم .. وأن نجلس مجالسهم ونتصور أنهم يريدون لنا الخير ؟؟

ونتساءل أيضاً : كيف قبلت الأنظمة العربية الهدنة الثانية التي فرضها مجلس الأمم في ( 18 يوليو 1948م ) ؟ والعجيب أن الذي كان يلتزم بالهدنة هي الأنظمة العربية ، أما اليهود فكانوا يضربون بالهدنة عرض الحائط ، ويحتلون القرى ومساحات واسعة من فلسطين ، ومجلس القراصنة الدولي لا يحرك ساكناً ، فهل رأينا بعد ذلك غفلة ؟ وهل هي كذلك ؟ أم كانت عمالة وخيانة لهذه الأمة ؟

ونعود ونقول : لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون ..

ونتساءل : كيف تقبل الأنظمة العربية مفاوضة العدو القراصنة اللصوص سفاكي الدماء في رودس تحت إشراف ما يسمى بالأمم المتحدة ، وما ترتب على ذلك من فرض هدنة ثالثة بين العدو اليهودي وبين الأنظمة العربية في ( 10مارس 1949م ) .. وبهذا كسب العدو هذه الجولة ، وكان يعد العدة لجولات قادمة ..

آن لنا أن نسأل : لماذا تظل الأنظمة العربية أعضاء في هذه المنظمات الدولية التي أسسها الأعداء لخدمة مخططات الأعداء .. مستظلة بأوامر الأعداء ؟

هل آن لنا أن ننسحب من هذه المنظمات ؛ لأن جلوسنا فيهم تلسيم منا بقيادة أعضائها ، أي أن زمام أمتنا بيد القراصنة واللصوص وسفاكي الدماء .. إن جلوسنا يؤكد أن ولاء غالب الأنظمة العربية لأعداء الله وأعداء دينه وأعداء رسوله وأعداء المؤمنين ..

تسليم الفلسطينيين – رجالاً ونساء وأطفالاً – الذين بقوا على قيد الحياة إلى قوات الاحتلال اليهودي ، أعدى أعداء البشرية لإبعادهم وتشريدهم وتجويعهم ، تحت سمع وبصر شعوب الأمة العربية وأنظمتها ، دون خشية لأي حركة منها تمنع استمرار تنفيذ مخطط التهويد ، بل إن الأنظمة العربية اصبحت مسؤولة قبل المنظمات الدولية عن أي تحرك عبر حدودها داخل الأراضي المحتلة يعكر صفو اللص اليهودي ، أي أن الأنظمة قد ساهمت بطريقة أو بأخرى في تحقيق نوع من الاستقرار مكن العدو اليهودي من ترسيخ وجوده في الأراضي المحتلة ، بل واقترن ذلك بجمع السلاح من الفلسطينيين بحجة أن الأنظمة العربية ستدافع عن فلسطين وتحررها ، وقد ترتب على ذلك تجريد الشعب الفلسطيني من سلاحه وحرمانه من تحرير أرضه ، وتحوله إلى مجموعة من اللاجئين ينتظرون معونة من هناك وكلمة من هنا ، وبهذا عزل الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة تحت ضغط بني جلدته عن قضيته ..

هل عرفت الأمة المجرم الحقيقي الذي أضاع فلسطين ؟ وفتح الطريق أمام اليهود إلى بقية ديار الإسلام ؟ ماذا فعلت الأمة بخيانات الملك عبد الله ؟ هل فصلته من الجامعة العربية أم لا ؟

إن الأمة تعرف أن هذه الأنظمة وهذه الجامعة عبثت بمقدرات البلاد ، وأن ولاءها لم يكن لله ولا لرسوله ولا لدينه ، والأمة تتهمها في انتمائها ، ولم تعرف الأمة هذه الأنظمة وهذه الجامعة إلا بطلة الهزائم ..

هذه الأنظمة لا ينقصها أي شيء إلا الدين والكرامة .. يوم ولوا ظهورهم للإسلام ضاعوا وأضاعوا البلاد .. نحن لا نفتقد السلاح ولا المال ولا الأرض ولاالثروة ولا الرجال .. لا ينقصهم شيء يحاجون الله به يوم القيامة كي يبرروا خيانتهم ..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة و مع خيانة الحسن الثاني حامي القدس وحارس بوابتها !!


 خيانة الملك الحسن الثاني ..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع خيانة الحسن الثاني حامي القدس وحارس بوابتها !!

هو رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي .. ورئيس لجنة الدفاع عن القدس .. البطل الأكبر من أبطال السلام الخادع .. وشيخ تاريخ الحوار العربي الإسرائيلي .. يسجل التاريخ أن أول مؤتمر سلمي !!! عقد في فلورنسا بإيطاليا برعاية ولي عهد المغرب – آنذاك – الأمير الحسن بن محمد الخامس ، وكان ذلك في عام 1958م بترتيب من هنري كوريال الذي جمع فيه وفوداً من الأحزاب الشيوعية العربية مع ممثلي الحزب الشيوعي الإسرائيلي راكاح .

وقد اعترف نائب رئيس الوزراء المصري حسن التهامي بإجرائه الحوار مع موشي ديان في الرباط 1976م تمهيداً لعقد اتفاقيات كامب ديفيد .. فقصة هرولة الملك الحسن إلى اليهود قبل توليه الملك وتحت إشرافه وفي دار ملكه الرباط ، كان التمهيد لكامب ديفيد ، تحت سمعه وبصره ..

ولكم أن تقرءوا ما كتب محمد حسنين هيكل عن خيانة الحسن الثاني والحسين بن طلال واتصال الأول بالموساد وقبض الثاني المال من المخابرات المركزية الأمريكية .. في كتابه : عواصف الحرب وعواصف السلام .

أتدرون ماذا قال أمير الؤمنين القرشي ورئيس لجنة الدفاع عن القدس !! لقد قال بعد مقررات القمة الاقتصادية الشرق أوسطية التي انعقدت في الدار البيضاء .. لقد قال بالحرف كما نشرت بعض الصحف المصرية الحكومية : على الذين يطالبون بعودة القدس إلى العرب مرة أخرى أن يكفوا عن ترديد ذلك نهائياً .. إن المطالبة بعودة القدس إلى العرب ضرب من الوهم والخيال !! انظر : مذبحة الحرم الإبراهيمي لمحمد عبد الله السمان وحسن عاشور ( ص 182 ) دار الاعتصام .

كل الخيانة قاسية ومريرة .. مريرة .. ولكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون !!!

ولنقف مع لقاء الحسن مع ديان في المغرب ( 5 سبتمبر 1977م ) ..

قال ديان : كنا وحدنا الملك وأنا ، ولم يكن هناك مترجم وكان الملك مفتوحاً وودياً ولبقاً ومباشراً وقد أحس دون أي إشارة مني إلى أهمية أن يوضح لي موقفه فيما نحن بصدده ، وعبر عن ذلك بقوله : إذا أصبح أمر هذا اللقاء معروفاً فإن عرشي قد يسقط .. إن لدي جالية يهودية كبيرة في المغرب ولي شعبية بينهم وبالنسبة لي فهم مواطنون مغاربة ، إنني أتحدث بصراحة عن علاقتي باليهود وعن رغبتي في تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل .. ثم ذكرني مرة أخرى بأن لقاءه بي كعضو في الحكومة الإسرائيلية يمثل مخاطرة بالنسبة له .. ولا تعليق لنا بعد هذا ..

وقبل أن أختم هذه الحلقة أعرج على خيانة بورقيبة لفلسطين ..

اقترح الحبيب بورقيبة أساس التفاوض مع اليهود والصلح معهم لحل ما يسميه الخلاف سلمياً ، ولقد عرض بورقيبة رئيس تونس اقتراحه في خطاباته العامة على الناس ، في زيارته للمشرق خلال شهري آذار ونيسان 1965م .. وجاء ذلك في خطابه في أريحا في 3 آذار 1965م أمام الفلسطينيين ، وكذلك في بيروت وكذلك في خطاب له في تونس في 21 نيسان عام 1965م ..

وعلى الملأ .. بدلاً من السراديب والدهاليز الخفية .. يعلن هذا الخائن خيانته على الملأ ..

مؤامرة يدبرها يهود *** ويرعاها عميل لا أبا له

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع طاغية بني مر الصنم الأكبر ( جمال عبد الناصر ) الذي أضاع فلسطين ..


عبدالناصر .. حقائق غائبة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه السلسلة .. ومع طاغية بني مر الصنم الأكبر ( جمال عبد الناصر ) الذي أضاع فلسطين !! وقبل أن أدخل إلى صلب الموضوع وفضائع هذا الصنم .. أقدم له بتمهيد تجلي لنا صورة وحقيقة هذا الرجل وما هو معتقده ومذهبه ..

أكتب هذه الأسطر لوجه الله فقط لا لعاجل دنيا .. أكتب لأوضح لشباب هذه الأمة ، عن من صاغوا حوله الأمجاد زائفة في زمان أصبح فيه المعروف منكراً والمنكر معروفاً .. في زمان يصدق فيه الكذاب ويكذب فيه الصادق .. وينطق فيه الرويبضة السفيه التافه .. يتكلم في أمر العامة .. فكيف إذا قاد السفهاء الأمة وأخرسوا صوتها حتى قال أحد الشعراء ساخراً :

لن يُقال الحق يا ولدي وفي الحق مراء .. فاعبد الطاغوت يا ولدي ودع عنك السماء .. ودع المصحف يا ولدي إذا الميثاق جاء .. فبه جاء نبي بز كل الأنبياء .. ودع الصدق فإن الصدق طبع الأغبياء .. وتعلم لغة القوم أحاديث الرياء .. ولتقل كل صباح ولتقل كل مساء .. كيف كنا كيف أصبحنا وكيف الأمس ساء ؟ .. هذه مصر وفرعون بها كيف يشاء .. دولة الزور وقد دامت فيا مر البقاء ..

والمتتبع لتاريخ طاغية بني مُر يعلم بأنه : تربى وهو ابن ثمان سنوات في حارة اليهود بالقاهرة حتى وصل إلى رتبة ملازم أول بالجيش المصري ، وفي ضوء هذه الفترة حاولوا تفسير علاقته بإيجال آلون وإيجال يادين أثناء حرب 1948م في فلسطين من خلال هذه المعلومة ..

ذكر بعض الكتاب وجود دلائل حول مدى نسبة عبد الناصر لليهود ؛ إذ لما بلغ من العمر ثماني سنوات أرسله والده إلى القاهرة لاستكمال دراسته ، فكان يقطن مع إحدى قريبات والدته في حي اليهود في منطقة الموسكي ( 5 شارع خميس العدسي ) . انظر : لعبة الأمم وعبدالناصر لمحمد الطويل ( ص 48) .

وذكر الدكتور علي شلش في كتابه تاريخ اليهود والماسونية في مصر ( ص 163 ) : أن سيدة يهودية تدعى مدام يعقوب فرج شمويل ، كان عبد الناصر يدين لها بالفضل ؛ لأنها هي التي رعته في طفولته وبعد وفاة أمه ، وكانت تعامله كأحد أنبائها ..

وذكر حسن التهامي : أن هذه السيدة قريبة والدته .. فإذا كانت قريبة والدته يهودية فتكون والدته كذلك ، ثم لماذا اختار أبوه سيدة يهودية لرعايته قريبة كانت أو بعيدة ؟ ولماذا حارة اليهود شبه المغلقة على اليهود وقتها ؟ وهل ضاقت القاهرة كلها إلا من حارة اليهود ؟ .. وقد استمر عبد الناصر في حارة اليهود حتى رتبة الملازم أول وعمره 24 عاماً ..

يقول اللواء محمد نجيب للواء عبدالمنعم عبدالرؤوف عام 1979م : عبدالناصر أصله يهودي من يهود الشرق الذين جاؤوا من اليمن . انظر : مذكرات عبدالمنعم عبدالرؤوف ( ص 75 ) .

ويقول جلال كشك : أعترف أن مثل هذه النصوص التي يقدمها هيكل – يقصد ما ذكره محمد حسنين هيكل في كتابه ملفات السويس – تجعل التفسير القائل بيهودية عبدالناصر يلح إلحاحاً لا يمكن مقاومته . انظر : ثورة يوليو الأمريكية ( ص 557 ) .

وحينما كان الصاغ جمال عبد الناصر رئيس أركان حرب الكتيبة السادسة مشاة ضمن القوات المحاصرة في بلدة عراق المنشية قطاع الفالوجا ، كان يتحدث عبر خطوط الجبهة مع اليهود المحاصرين للفالوجا ، وأنه كان يتلقى هدايا البرتقال والشيكولاتة من إيجال يادين الذي كان رئيساً لأركان حرب جنوب فلسطين ، وقد اعترف بذلك إيجال يادين حينما كان نائباً لرئيس وزراء اليهود على مائدة المفاوضات أثناء زيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977م .

وأثناء احتدام المعارك في حرب 1948م وقبل الاتفاق على الهدنة تمت لقاءات أولية بين إيجال آلون وضابط إسرائيلي آخر هو بروحام كوهين وبين الصاغ جمال عبد الناصر الذي كان حينذاك ضابطاً للعمليات في الكتيبة السادسة التابعة لسلاح المشاة المصري والتي كانت محاصرة في الفالوجا ، وكان عبدالناصر يتزعم في ذلك الوقت حركة الضباط الأحرار السرية ، وكان آلون قائداً للجبهة الجنوبية ، وتعددت لقاءات بروحام كوهين بجمال عبد الناصر حتى وصلت خمسة عشر لقاء ، وكان اللقاء الخامس عشر حينما جاء عبد الناصر إلى منطقة الفالوجا لتحديد موقع جثث القتلى اليهود في معارك 1948م ، وكان يرافقه في هذه المهمة حسن صبري الخولي الذي عينه فيما بعد ممثلاً شخصياً له ، وكان هذا اللقاء يجري تحت مظلة جماعة الكوكيرز الأمريكية ، ويردف صاحب كتاب لعبة الأمم وعبد الناصر إن الطريقة التي عرضت بها مبادرة السلام المصرية في القدس يرجع الفضل فيها لاتصالات جمال عبد الناصر عام 1949م هذه ، والتي أجراها تحت ظل الأعمال الإنسانية والبحث عن جثث القتلى اليهود في حرب 1948م ، أي أن البعض يرجع مبادرة السلام للسادات لخط سياسي في حياة عبد الناصر ، وقد بدأه وسعى فيه للسلام مع إسرائيل عام 1949م . انظر : لعبة الأمم وعبد الناصر ( ص 44 – 48 ) .

كما أن زملاء عبدالناصر في الكتيبة السادسة ذكروا احتمال نجاح إسرائيل في تجنيد عبدالناصر لحسابها بواسطة إيجال آلون ، وأنه كان يحمل مشاعر الحب لليهود منذ صباه ، وارتبط بصداقات مع الفتيان اليهود بالحارة رفاق عمره . انظر : جريدة الشرق الأوسط ( 13 / 6 / 1987م ) .

وكان عبد الناصر عضواً بالتنظيم الشيوعي ( حدتو ) الذي يرأسه اليهودي هنري كورييل وضمن أعضائه ماري روزنيئال ومارسيل ليون وإيلي شوارتز صهر موشيه دايان قائد جيش إسرائيل في حرب 1967م .. واستمرت صلة عبدالناصر باليهود حتى وفاته ، ولم تنقطع أبداً .

ملامح رئيسية في شخصية الرجل الصنم ..
هذا الطاغية لم يكن ولاؤه لله ولرسوله يوماً من الأيام .. لأجل من يعدم البررة من المجاهدين الذين قاتلوا في فلسطين وخاضوا المعارك ضد الإنجليز ؟!! لأجل من يعدم الشيوخ والدعاة .. لأجل من يعدم الداعية الإسلامي سيد قطب .. وفي أي وقت يصدر حكم الإعدام .. أثناء زيارته للاتحاد السوفيتي .. وماذا أفاده تعاونه مع الملاحدة السوفيت ثاني دولة اعترفت بإسرائيل ، وأول من قدموا وعداً قبل بلفور .. لأجل من يقرب الملاحدة ..

يقول السادات عن محمد حسنين هيكل صديق عبدالناصر الوفي : إنه إنسان مادي وملحد وهو لا ينكر ذلك ويعتقد أن هذه ثقافة ..

يذكر صاحب كتاب : لعبة الأمم وعبدالناصر : أنه قد اطلع على جميع خطب عبدالناصر حيث لم يبدأها باسم الله كما كان يبدأها السادات ..

يقول الكاتب : من الذي كان يكتب خطب عبدالناصر ؟ إنه محمد حسنين هيكل .. والذي كان قد ذكر في كتابه الطريق إلى رمضان والذي نشر باللغة الإنجليزية .. ففي هذه الطبعة أن عبدالناصر لا يؤمن باليوم الآخر ..

ويذكر صاحب كتاب لعبة الأمم وعبدالناصر في كتابه ( ص 371 – 372 ) حواراً جرى بين عبدالناصر وحسن التهامي يكشف عن شخصية هذا الرجل .. طلب حسن التهامي من عبدالناصر : لعلنا نفعل شيئاً للإسلام والمسلمين .. فقال عبدالناصر و بالنص : ( إسلام لا .. ولكن المسلمين الفقراء نعم ) .. ومرة أخرى يستهزئ الصنم بالله سبحانه وتعالى حين يقول لحسن التهامي : ( إنت عامل نفسك زي اللي بتقولي عليه معرفش إيه من لا ينسى ) .. يقول التهامي فلم أصدق ما سمعت وقلت أستغفر الله .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. أنت تقصد الحق جل جلاله ، جل من لا يسهو .. فأعاد قوله : ( أنا عارف بتاعكم اللي بتقولوا عليه معرفش إيه من لا يسهو ، ومن لا يخطئ ، وإنت عامل نفسك زيّهْ ، فقلت – والكلام للتهامي - : أستغفر الله لاحول ولا قوة إلا بالله ، جل جلال الله ، جل من لا يسهو ، لاحول ولا قوة إلا بالله ، جل جلال الله ، جل من لا يسهو ، لاحول ولا قوة إلا بالله ، وقلت في نفسي ولاتكاد عيناي تطيقان النظر إليه أو تراه : يا الله أهذا الذي وليته علينا ؟ أهذا الذي كنا نأمل فيه خيراً .

أمتي كم صنم مجدته **** لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه **** إن يَكُ الراعي عدو الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما **** كان في الحكم عبيد الدرهم

وينقل صاحب كتاب الصامتون يتكلمون ( ص 82 ) عن كمال الدين حسين : إن أهداف تنظيم الضباط الأحرار كانت العمل على تطبيق الإسلام ، ولا نعلم له هدفاً غير ذلك ، ويقول في خطابه الذي دونه لعبدالحكيم عامر : إن حركة الضباط الأحرار منذ دخولها سنة 1944م لا يعرف لها هدف سوى الحكم بكتاب الله ، وأنهم جميعاً : عبدالناصر !!!!!!!! وعبدالحكيم عامر !!!!!!!! وعبدالمنعم عبدالرؤوف قد بايعوا محمود لبيب والمرشد والسندي ، وأن الحركة قد انتكست عندما أضاف إليها عبدالناصر ضباطاً من غرز الحشيش والخمارات من سنة 1948م .

وكما وأن جمال عبدالناصر كان يجمع هذا الغثاء في جلسات لتحضير الأرواح !!!! انظر : موجز تاريخ الحقبة العلمانية في مصر لأسامة حميد ( ص 121 ) .

ولقد تنصل عبدالناصر من اتفاقه مع الإخوان على إقامة شرع الله !! فبعد خمسة أيام من نجاح الانقلاب في أول لقاء مع مرشد الإخوان حسن الهضيبي كما يروي صالح أبو رفيق : وعندما وصلنا .. ودخل عبدالناصر وصافح المرشد فوجئت به يقول للمرشد : قد يقال لك إن إحنا اتفقنا على شيء .. احنا لم نتفق على شيء ، وكانت مفاجأة .. فقد كان اتفاقاً على أن تكون الحركة إسلامية ولإقامة شرع الله .. انظر : الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ( 3/ 25 ) .

لقد تجاهل قادة هذه الثورة منذ اللحظة الأولى قضية فلسطين ، فهي لم تكن داخلة في برنامجهم .. لقد كان يواكب التصريحات العنترية اتصالات سرية بين بعض قادة الثورة وبين اليهود ، أي أن تحقيق السلام بين العالم العربي واليهود خط ثابت في تصور قادة الثورة ( محمد نجيب وعبدالناصر ) منذ اللحظة الأولى ..

وقال صاحب كتاب لعبة الأمم وعبدالناصر ( ص 624 ) : إن مجلس الثورة قد أجرى اتصالاً في الأيام الأولى ( سبتمبر 1952م ) يؤكد أن النظام الحاضر ليس له نوايا عدوانية ضد إسرائيل .

ونقل الكاتب ( ص 626 ) نقلاً عن برقية لسفير أمريكا في مصر كافري ( 11 / 12 / 1954م ) أن مصر قد تعبر الحدود في محاولة عقد صلح شامل مقبول للعرب ، ولكنها لن تحاول ذلك في وجه معارضة عربية .

بل إن سجلات النظام العسكري ليست فيها غارة واحدة شُنت على إسرائيل في عهد عبدالناصر من 1952 إلى 1967م ، بل إنه لم يرد على الغارة اليهودية على غزة ( خان يونس ) ومواقع أخرى في 28 فبراير 1955م ، حيث قتل اليهود 35 جندياً داخل معسكر الجيش المصري وخمسة عشر جريحاً ، وكذلك احتلال القوات اليهودية لمنطقة العوجة المنزوعة السلاح في 20 سبتمبر 1955م ، والمتحكمة في عدة طرق وكلها تؤدي إلى داخل الأراضي المصرية .

لما جاء تنظيم هيئة التحرير الذي أنشأته الثورة في 15 يناير 1953م تنظيم سياسي ، جاء برنامجها خالياً من أي إشارة إلى فلسطين .. والثورة التي جاءت إلى الحكم بحجة الهزيمة في حرب فلسطين ، لا يمكن أن تسقط من برنامجها سهواً قضية فلسطين !!!

لقد تبين أن هؤلاء القادة الذين زعموا أن الثورة ولدت في نفوسهم خلال حرب فلطسين ، هم أقل فئة من المصريين اهتماماً بفلسطين أو عداوة إسرائيل .. فهم ألغوا قرار حكومة الوفد بمنع مرور البضائع من وإلى إسرائيل عبر قناة السويس ..

اللعب بكل الأوراق .. والرقص على الحبال .. أيا طاغية بني مر !! كل يوم تتلون .. غير هذا بك أجمل ..

هزيمة 1956م أمام اليهود وبريطانيا وفرنسا الصليبيتين ..

حول ملابسات العدوان الثلاثي على مصر 1956م ثبت أن عبدالنصر وقد أمم قناة السويس ، لم يدرس نتائج هذا القرار إلا على سبيل الجدل السياسي والحملات الإعلامية الدعائية فقط ، فالدراسات تثبت أن القائد المصري لم يكن في زوايا تفكيره أن هناك نتائج عسكرية عدوانية !! يمكن أن تترتب على قرار التأميم !! ومن الواجب إعداد العدة اللازمة لمواجهة الموقف ..

وقد حذر رئيس حكومة أستراليا منزيس عبدالناصر حينما مر بالقاهرة أثناء عودته من مؤتمر دول الكومنولث الذي عقد بلندن ، من احتمال وقوع عمل عسكري ضد مصر وقناة السويس من جانب بريطانيا .. فسخر منه عبدالناصر وقال له : اللي تقدروا تعملوه اعملوه !! وفي ختام اللقاء خرج عبدالناصر وهو يضحك ملء شدقيه ويقهقه ساخراً من رئيس الحكومة الإسترالية ..

وحينما وصلت معلومات إلى عبدالناصر تشير إلى تعاون فرنسا وانجلترا لعمل مشترك ضد مصر .. وأن أمر العدوان بات أمراً محتماً من خلال التقارير التي وصلت إليه قبل العدوان بأسبوعين .. ماذا فعل عبدالناصر ؟؟ لا شيء !!

بل إن خطة العدوان الثلاثي قد وصلت عبدالناصر في مجلس الوزراء قبيل العدوان بخمس ساعات حيث أحضرها إليه عبدالرحمن صادق الملحق الصحفي بالسفارة المصرية بباريس والذي سرّب هذه الخطة هي المخابرات المركزية الأمريكية لتصل إلى عبدالناصر .

بل إن الحكومة الأمريكية في عهد رئيسها أيزنهاور طلبت من السفير المصري لديها أحمد حسين إبلاغ عبدالناصر بأن هجوماً محتملاً وشيك الحدوث من قبل إنجلترا وفرنسا على مصر .

وكان العدوان اليهودي في 29أكتوبر 1956م .. وكان عبدالناصر وقتها يحتفل بعيد ميلاد ابنه عبدالحميد ومعه القائد العام للقوات المسلحة عبدالحكيم عامر .

العدو اليهودي يحرك لواءه باتجاه منطقة سيناء ، ويسقط كتيبة مظلات .. كل هذا على أرض مصر .. أين القوات المسلحة التي تحرس الحدود ؟! إنزال على أرض مصر ، لايدري به رئيس الدولة إلا عبر وكالات الأنباء .. ولو لم تصدر إسرائيل بياناً رسمياً بالعدوان فذلك يعني أنه كان يمكن أن يكون هذا العدوان طي الكتمان حتى تفاجأ به الأمة في غرف نومها .. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه لا اتصال بين القيادة والجبهة ، فالقيادة العسكرية لم يكن لديها أي خبر من الوحدات المصرية في الميدان ..

يقول الأستاذ محمد جلال كشك في كتابه ( ثورة يوليو الأمريكية الصنع ص550 – 551 ) : ورغم تكرار الهزيمة في 1967م فقد ظل الجهاز الحاكم غارقاً في الغفلة وفي الغياب عن الوجود الحضاري ، ويسمع الرئيس بعد 12 سنة أن المظليين الإسرائيليين ذاتهم نزلوا في إحدى الجزر المصرية وفكوا محطة الرادار وحملوها وانصرفوا ووصلوا إلى إسرائيل وأذاعوا النبأ من إذاعتهم ، واتصل الزعيم بقائد جيشه .. ( صحيح ما يذيعه راديوا إسرائيل ؟ ) فيرد قائد الجيش : دقيقة واحدة وأسأل باريس وأخبرك !!!!!!

ماذا فعلت القيادة اليقظة ؟ لقد استبعد القائد الملهم عبدالناصر احتمالات التواطؤ بين اليهود والإنجليز والفرنسيين ، بل ماحدث لم ينقل إليه الإحساس بأنه أمام شيء خطير ..

غزو بري .. وإنزال كتيبة كاملة في عمق سيناء .. ليس خطيراً !!! ماذا يعني ذلك ؟؟؟

يقول صاحب كتاب ثورة يوليو : خطأ فادح في التقدير .. وإهمال جسيم في الاستفادة من المعلومات بل التصرف على عكس ما تطلبه تماماً ، مما أدى إلى إضعاف المقاومة المصرية ، وتسهيل لمهمة العدو في احتلال سيناء وتدمير جميع المنشآت المصرية طبعاً ، وتدمير جميع السلاح السوفيتي وسلاح الطيران المصري الذي لم تكن الأمة قد سددت ثمنه وستستمر في سداده سنوات طويلة قطناً وأرزاً .

أين الأمة وحقها في المحاسبة ؟ أين حق الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ أين الأمة وحقها في عزل المقصرين ؟ ولا أقول الخائنين للأمانة ؟ إن غياب الأمة أدى إلى تكرار نفس النكبة والهزيمة في عام 1967م .. بل أدى في النهاية إلى تسليم الأمة لليهود بأنهم أصحاب فلسطين .. ماذا فعلت القيادة بعد أن تأكدت من أن الغزو حقيقي ؟

اضطراب وتخبط وانقسام وزعل .. وأوامر متعارضة متضاربة .. كلها لصالح العدو .. المهم كانت سيناء بلا مقاومة جدية .. مفتوحة للعدو .. واجتمعت القيادة وتأكد لديها سوء نية العدو ولهذا فقد رأت القيادة استخدام القوات الجوية المصرية في نفس الليلة لقذف قوات العدو عند الممر وأن تقوم أيضاً في الصباح الباكر بتركيز ضرباتها على مطارات العدو وطائراته ، وأن تعمل قدر طاقاتها للحصول على السيطرة الجوية حتى تتمكن بعد ذلك من العمل ضد قوات العدو الأرضية بمرونة وحرية !!

ماذا فعلت القيادة المصرية بقائد سلاح الطيران ؟ أقالوه ؟؟ شكلوا له مجلساً عسكرياً وأعدموه ؟؟ لا .. أمثال أسيادنا العسكريين لا يحق أن يحاكموا .. الذين يحاكمون الإخوان المسلمين وغيرهم ..

هل حاسبت الأمة القائد الملهم وزعيم عصره جمال عبدالناصر ؟؟ لا .. لقد ابقته إحدى عشر عاماً حتى فعلها ( نفس الفعلة ) فينا مرة أخرى بالتمام والكمال وتوفر البنزين في هذه المرة عام 1967م .

وهكذا تم شل حركة الطيران المصري خلال الـ 24 ساعة الفاصلة في مصير الشرق الأوسط ما بين الهجوم اليهودي الساعة الخامسة بعد ظهر يوم 29 أكتوبر والإنذار البريطاني في الرابعة من بعد ظهر يوم 30 أكتوبر .

كان الطيران المصري في ذلك الوقت عام 1956م أقوى من الطيران اليهودي ، والطيارون أفضل من زملائهم في عام 1967م ، ولم تكن قد تمت عملية الإفساد التي بدأت بحفلات محرم فؤاد وانتهت بالحفل الراقص ليلة الهجوم 5 يونية 1967م .

وكانت إسرائيل التي تستعد للحرب ضد مصر من يناير 1955م لاتخشى شيئاً أكثر من هجمة الطيران المصري على مدن اليهود في أرض فلسطين المحتلة .

ولهذا فقد طلب بن جوريون من سلويد تعهداً بتصفية السلاح الجوي المصري قبل أن تتقدم قوات اليهود في سيناء وإلا فإن مدن إسرائيل مثل تل أبيب ستمحى من الوجود ..

هنا طرح المؤلف طرحاً جيداً .. وإذا كان هذا يفسر بنقص النشاط الجوي الإسرائيلي ، فما تفسير نقص النشاط أو انعدام النشاط الجوي المصري ؟ والحق أنها نقطة مهمة ، فصحيح أن الأمور قد جرت وكأن هناك تنسيقاً بين القاهرة وتل أبيب ، أو تعهداً مصرياً بشل الطيران ومنعه من ضرب مدن إسرائيل إلا أن الدول التي يحكمها أبناؤها ، لا تترك مجالاً لمفاجأة أو خطأ مهما يكن نظرياً ، إذ يحتمل أن يكون في سلاح الطيران المصري أو في قيادة الجيش من ليس في اللعبة ، ومن ثم يرى إخراج الطيران المصري لمواجهة الطيران الإسرائيلي إذا شن هجوماً واسعاً ويرد الضربة في مدن إسرائيل .. إذا كان الزعيم عبدالناصر قد احتاط تماماً فقص أجنحة الطائرات وسحب البنزين منها ، ومنع طيرانها .. وسجل هيكل له هذه المفخرة .. ( إن واحداً من أبرز القرارات التي اتخذها ناصر فور سقوط القنابل على القاهرة هو عدم الاشتراك في أي معارك جوية ؛ لأنه عرف أن الطيارين أهم لمصر من الطائرات ) ..

ويعلق المؤلف على هذه المقولة بقوله : وكما نرى لا يزال مُصّراً على التضليل والتزير وعدم الإجابة على السؤال الذي طرحناه من سنوات .. وهو .. لماذا لم يأمر بمعارك جوية قبل سقوط القنابل في الفترة من الهجوم الإسرائيلي ( 29 أكتوبر 1956م ) إلى رفض الإنذار البريطاني ( 30 أكتوبر 1956م ) ؟؟

لماذا لم يقم طيارونا بغارة على تل أبيب ومدن إسرائيل ؟ من الذي شل يد طيارونا عن تحقيق أمنية العرب العادلة ؟! لا يجيب على أية حال .. الطيارات ماكانش فيها بنزين !!

وهكذا ضاعت 24 ساعة فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط الإسلامي ، ووصل الإنذار البريطاني ، ولكن لم يأخذه جمال عبدالناصر مأخذ الجد ، وكان يعتقد أن الغرض منه هو أن يعمل على الاحتفاظ بالجزء الأكبر من قواتنا دون تحريكها إلى أرض المعركة من سيناء .

الأنكى من ذلك رغم أن القيادة اليقظة كانت لابد وأن تضع في الاعتبار أن تأميم القناة قد يؤدي إلى هجوم من أصحاب الأسهم ( بريطانيا وفرنسا ) وبالتالي لابد وأن يعد العدة لهذا الاحتمال ، ولكن قيادة مصر في ذلك الوقت لم تفعل ذلك ، بل فعلت عكسه ، إذ إن الرئيس عبدالناصر قد اتخذ قراراً بسحب القوات المصرية من سيناء في أغسطس 1956م ، وبذلك أصبحت سيناء مكشوفة .. وكان ذلك أكبر مما تحلم به إسرائيل إذ جعل من الممكن أن تهبط مظلاتها في قلب سيناء وأن تنخفض خسائرها بنسبة كبيرة جداً ، وما أبدته الوحدات المصرية القليلة المتناثرة من مقاومة مذهلة ، يمكن أن يوحي بما كان يمكن أن ينزل بالجيش اليهودي من ضربات قاصمة لو أن القوات المصرية لم تسحب من هناك .. بل إن هيكل – كما يقول المؤلف – يورد شبهة عجيبة على مسلك عبدالناصر فيصوره وكأنه يتعمد إخلاء سيناء لإسرائيل .. إذ وكانت المواقع المصرية شبه خالية لدرجة دفعت كبير مراقبي الهدنة إلى أن يكتب تقريراً لداج همرشلد السكرتير العام للأمم المتحدة يقول فيه : إن تقليص حجم القوات إلى الخطوط المصرية يمثل إغراء شديداً لإسرائيل ، ولكن جمال عبدالناصر استبعد أن تقترب إسرائيل من هذا الإغراء في هذه المرحلة ..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع نكسة حزيران يونيو 1967م ..

أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..