بسم الله الرحمن الرحيم

خروج المرأة متطيبة من بيتها

 
السؤال :
ما حكم الشرع في امرأة تخرج من بيتها متعطرة متزينة ، سواء كان ذلك بإذن زوجها أو بدون إذنه ؟
¬الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
من المقرر شرعاً أن قرار المرأة في بيتها خير لها و أليق بها من الخروج ، لقوله تعالى : ( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) [ الأحزاب : 33 ] ، و إن كان خروجها مباحاً في ذاته لاسيما إذا كان لضرورة أو قضاء حاجة أو السعي في أمر مباح أو مستحب كالدعوة إلى الله تعالى ، أو طلب العلم أو تعليمه أو شهود الصلاة في المساجد ، ما لم يرافقه منكر فيحرم لأجله كالاختلاط و التبرج أو الوقوع في فتنةٍ أو التسبب فيها .
و مما ينبغي أن يلازم المرأة حال خروجها من المنزل ، ما ذكره أهل العلم في شروط خروجها إلى الصلاة في المساجد ، و منه : ( أن لا تكون متطيبة و لا متزينة و لا ذات خلاخل يسمع صوتها ، و لا ثياب فاخرة ، و لا مختلطة بالرجال ، و لا ممن يفتتن بها ، و أن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة و نحوها ) كما قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم .
فإن وُجد شيء ممّا ذُكِرَ أو نحوه ممّا لم يُذكَر من المحظورات ؛ حرُم عليها الخروج حتى لو كان إلى بيت من بيوت الله .
روى مسلم و أصحاب السنن عدا ابن ماجة و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُوراً ، فَلاَ تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ) .
هذا النهي عن الخروج إلى الصلاة حال التطيّب مع أن الترخيص فيها عموماً ثابت في السنّة بلا خلاف ، فما ظنكم بالخروج إلى الأسواق أو النوادي أو مواطن اللهو مع التبرج أو التطيب في أماكن قلّ أن تخلوا من الرجال الأجانب .
روى ابن ماجة بإسنادٍ صحيحٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَقِيَ امْرَأَةٌ مُتَطَيِّبَةً ، تُرِيدُ الْمَسْجِدَ . فَقَالَ : يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ ! أَيْنَ تُرِيِدينَ ؟ قَالَتِ : الْمَسْجِدَ . قَالَ : وَ لَهُ تَطَيَّبْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( أَيُّمَا امْرأَةٍ تَطَيَّبَتْ ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صلاةٌ ، حَتَى تَغْتَسِلَ ) .
و روي عن يحيى بن جعدة أن امرأة خرجت على عهد عمر بن الخطاب متطيبة فوجد ريحها ، فعلاها بالدرة ثم قال : تخرجن متطيبات فيجد الرجال ريحكن ! و إنما قلوب الرجال عند أنوفهم ، اخرُجن تَفِلات . أي تاركات للطيب [ كما في كنز العمال ] .
قلتُ بعدما تقدم : ينبغي للمرأة أن تتقي الله تعالى في نفسها فلا تبرح بيتها إلا ملتزمة بما يجب عليها في خروجها من اللباس الشرعي و الحشمة و تجنب مواطن الفتن و أسبابها ، و من ذلك التبرّج و التطيب خارج البيت ، و الله أعلم .
و الله الموفق ، و هو الهادي إلى سواء السبيل .
و صلى الله و سلم و بارك على نبيّه محمد ، و آله ، و صحبه أجمعين .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com