بسم الله الرحمن الرحيم

إحساس الميت بزائريه

 
السؤال :
هل الميت يفرح بزيارة أقاربه و يتباهى بين الموتى بالزيارة ؟
الجواب :
زيارة القبور سنّة مؤكدة للرجال ، مشروعة للنساء من غير إكثار فقد روى الترمذي و النسائي و ابن ماجة عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِى زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ »‏ .‏ قال الترمذي حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .‏
هذا بالنسبة للحيّ فهو يتذكّر الآخرة و يستعدّ لها كلّما زار القبور و تفكّر في حال أهلها .
أمّا الميت فالصحيح أنّه يسمع كلام زائريه ، و الأدلّة على ذلك كثيرة منها ما رواه الشيخان و أبو داود و النسائي و أحمد عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ -‏ رضي الله عنه -‏ قَالَ : قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ »‏ .
و روى الشيخان و النسائي و أحمد عَنْ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِى طَوِىٍّ – و هو البئر - مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ ،‏ وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ،‏ فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ ،‏ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ،‏ ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ،‏ حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِىِّ ،‏ فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ «‏ يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ ،‏ وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ ،‏ أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا ،‏ فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا »‏ .‏ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،‏ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ،‏ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ »‏ .‏
قلتُ : المستفاد من هذين الحديثين و غيرهما هو إثبات سماع الميت كلام محدّثه ( كما في حديث أبي طلحة و قوله صلى الله عليه و سلّم لعمر ) و يحسّ بحركة مشيّعيه ( كما في حديث أنس المتقدّم ) .
أمّا ابتهاجه و مباهاته بزيارة أهله ، فقد أثبته بعض أهل العلم ، و لا أعلم فيه دليلاً صحيحاً من الكتاب و السنّة .
و من المقرّر أن أهل السنّة و الجماعة يقفون في الإيمان بالغيب عند ما أثبته الله تعالى أو رسوله ، و لا يجاوزونه أو يتكلّمون فيه بآرائهم أو عقولهم المجرّدة ، إذ إنّ الخوض في الغيبيّات ليس ممّا يسوغ فيه الاجتهاد ، بل هو من القول على الله بغير علم .
قال تعالى : ( وَ لا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) [ الإسراء : 36 ] .
و اللهَ أسأل لي و للسائل و القراء حُسن الختام .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com