بسم الله الرحمن الرحيم

مسألتان في الوقف و الميراث

 
السؤال :
امراة أرملة و غير مطلقة توفي زوجها العقيم عام 1970 و اثناء حياته قام بوقف منزله لفائدة الشؤون الدينية و قلد المذهب الحنقي و قال في نص الوقف انه وقفه اولا على نفسه حر مطلق التصرف فيه من تغيير و بيع و شراء و بعد وفاته يرجع جميع الوقف بعد طرح ما يجب لزوجته في الوقت بقدر نصيبها حسب الفريضة الشرعية ان بقيت بعصمته فان طلقت فلا شيىء لها و ان توفيت بعده فلا شيىء لورثتها و السؤال : هو هل الوقف على النفس جائز شرعا و هل يستطيع البيع و الشراء في الوقف و فقا للشروط التي شرط ؟
و هل يستطيع حرمان ورثة زوجته من حقها الشرعي بعد ان طرحه لها و استثناه من الوقف
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
أوّلاً : الوقف على النفس مسألة خلافيّة شائكة ، فقد ذهب مالك و الشافعي إلى عدم صحته ، و لأحمد فيه روايتان أرجحهما كذلك ، و صححه أبو يوسف من الحنفيّة ، و هو المعتَمَد في مذهبهم ، و جَرت عليه الفتيا عندهم ، و ذَهَبَ النووي الشافعي إلى صحتّه قضاءً ، إذا حَكَم به حاكم .
و الراجح عندي و الله أعلم عَدَم صحّته ، لامتناع أن يكون الإنسان معطياً من نفسه لنفسه ، فكما لا يصح أن يبيع نفسه أو يَهَبَها ، و لا يؤجر ماله من نفسه ، فكذا لا يصح وَقفه على نفسه ، و لأنّ الوقف يقتضي انتقال حق الانتفاع إلى من وُقِف عليه ، و الواقف على نفسه نقل حق الانتفاع من نفسه إليها ، و هذا خلاف العقل و النقل ، و الأوجه أن ينتقل الملك بموته إلى ورثته ، كما هي أصح الروايتين عن الإمام أحمد .
[ للاستزادة حول هذه المسألة انظر : مغني المحتاج في الفقه الشافعي : 2 / 380 و 4 / 395 ، و حاشيته ابن عابدين في الفقه الحنفي : 4 / 384 و الفروع : 4 / 444 و الكافي : 2 / 451 و المغني في الفقه الحنبلي : 5 / 353 و ما بعدها ، و
و إعلام الموقّعين لابن القيّم : 3 / 373 ] .
ثانياً : إذا مات الرجل عن زوجة في عِصمته ، و لم يكن له أولاد منها أو من غيرها ، فلها رُبُعُ تركه ميراثاً ، لقَوْله تَعَالَى : ( وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) ، و قد ورد في السؤال أن المتوفّى كان عَقيماً .
و التصرّف في نصيبها حقٌّ لها ما دامت أهلاً لذلك ، و ليس لأحد أن يحجر عليها ، أو يمنعها من التصرّف في مالها بغير حق في حياتها ، فإن ماتت عن شيء من مالها الذي اكتسبته بنفسها أو وَرثته من زَوجها المتوفّى انتقلت ملكيّة أموالها إلى وَرَثتها ، و ليس لأحد أن يحول بينهم و بين حقّهم المقرر شرعاً ، و إن أوصى الزَوجُ قبل موته بحرمان وَرَثةِ زوجته من إِرثِها بعد موتها فوصيّته باطلة ، لما رواه الشيخان و أصحاب السنن عن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما قالت : قام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على المنبر ‏فقال :‏ ( ‏ما بال أقوام يشترطون شروطا ليس في كتاب الله ، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له و إن اشترط مائة مرة ) .
و الله تعالى أعلم و أحكم .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com