بسم الله الرحمن الرحيم

رؤية النبي صلى الله عليه و سلّم في المنام

 
السؤال :
رأيت النبيَّ صلى الله عليه و سلّم مُعرِضاً و مشيحاً بوجهه الشريف عنّي ، و أنا أستأذن في الدخول عليه و لا يؤذنُ لي ، فما تأويل ذلك حفظكم الله ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
رؤية النبيّ صلى الله عليه و سلّم في المنام حقّ ، و من رآه في منامه فقد رآه حقيقةً لأنّ الشيطان لا يتمثّل بالنبيّ عليه الصلاة و السلام .
روى الشيخان و أصحاب السنن و أحمد بألفاظ متقاربة ، عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ : ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏‏: ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي ) .
و من أهل العلم من حمَل هذا الحديث على ظاهره ، فقال : إن كلّ من رأى النبيَّ صلى الله عليه و سلّم في المنام ، و على أيّة صورة كانت الرؤيا فقد رآه حقيقةً .
قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) في شرح هذا الحديث : ( أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها بغير شبهة و لا ارتياب فيما رأى بل هي رؤيا كاملة ... و الذي يظهر لي أن المراد من رآني في المنام على أي صفة كانت فليستبشر و يعلم أنه قد رأى الرؤيا الحق التي هي من الله لا الباطل الذي هو الحلم فإن الشيطان لا يتمثل بي ) .
و ذهب آخرون إلى التفريق بحسب حال الرائي و صفة المرئي ، فقالوا : إن كان الرائي يعرف صفات النبيّ صلّى الله عليه و سلّم الخَلقيّة و الخُلُقيّة ، و رآه في المنام على تلك الصفات فقد رآه حقّاً ، و من رأه خلافاً لما هو عليه في الحقيقة فهذه رؤيا كسائر الرؤى ، و تحتاج إلى تعبير و تأويل . و هذا الرأي أرجح من سابقه لأمور منها أنّ الرائي قد يرى النبيَّ صلّى الله عليه و سلّماً على صفة لا تليق به ، كما لو رآه حليقاً أو مدخِّناً ، و حاشاه أن يكون كذلك حقيقةً ، بل الواجب تأويل الرؤيا في هذه الحال بحسب حال صاحبها .
و يُرشَد الرائي إلى أنّ السبب في ورود رؤياه على هذه الحال راجع إلى ضعف إيمانه ، أو عَدَم اتّباعه ، أو تقصيره في أمور دينه ، و يُنصَح بالتدارك قبل التهالك .
قال القاضي عياض رحمه الله ( كما رواه عنه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ) : يحتمل معنى قوله فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي : فقد رأى الحق إذا رأوه على الصفة التي كان عليها في حياته ، لا على صفة مضادة لحاله ، فإن رُئيَ على غير هذا كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقية فإن من الرؤيا ما يخرج على وجهه و منها ما يحتاج إلى تأويل و عبارة .اهـ .
و بناءً على ما تقدّم نقول للأخ السائل : إنّ رؤياك بشارة خير إن شاء الله ، و أمّا إعراض النبيّ صلّى الله عليه و سلّم فلعلّ فيه تذكير لك باتباع سنّته ، و الاعتصام بهديه ، و التمسّك بما جاء به ، حتى تكون أهلاً لمرافقته في الجنّة .
و الله أعلم ، و صلى الله و سلّم و بارك على نبيّنا محمّد و آله و صحبه أجمعين ، و الحمد لله ربّ العالمين .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com