بسم الله الرحمن الرحيم

اطلب الاستقامة تأتيك الكرامة

 
السؤال :
كيف يصل الإنسان لدرجة من الإيمان تجعله يرى الرسول في الرؤيا ، و ما الذي عليّ أن أفعله لأصل إلى هذه الدرجة ؟
و كيف أصل لدرجة العبد الصالح الذي يستجاب لدعائه؟

الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
إن رؤيا المسلم للنبي صلى الله عليه و سلّم في المنام قد تكون بشير خيرٍ ، و قد تكون نذير شرٍ ، فمن رآه على الصفة الشرعيّة ، فهذه بشارةٌ له بالخير و السداد في دنياه و أخراه إن شاء الله ، أمّا إن رآه على غير صفته المعروفة فالأمر مختلف ، كما لو رآه حليقاً ، أو لابساً لبسة الفرنجة ، أو على حال لا تليق بأنبياء الله و رسله ، و عندئذٍ تؤوّل رؤياه بأنّ فيها تذكير للرائي بضرورة العودة إلى دينه ، و التمسّك بسنّته ، و الاهتداء بهديه .
و لا شك أن رؤيا النبيّ صلى الله عليه و سلّم في المنام على صفته المعلومة حق ، لأنّ الشيطان لا يتمثّل به ، فقد روى الشيخان و أصحاب السنن و أحمد بألفاظ متقاربة ، عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ : ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏‏: ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَخَيَّلُ بِي ) ، و في روايةٍ ( فقد رأى الحق ) .
قال القاضي عياض رحمه الله ( كما رواه عنه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ) : يحتمل معنى قوله فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي : فقد رأى الحق إذا رأوه على الصفة التي كان عليها في حياته ، لا على صفة مضادة لحاله ، فإن رُئيَ على غير هذا كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقية فإن من الرؤيا ما يخرج على وجهه و منها ما يحتاج إلى تأويل و عبارة .اهـ .
و ليس بلازم للعبد الصالح أن يراه عليه الصلاة و السلام في المنام ، بل هو أمرٌ يختص الله تعالى به من يشاء من عباده ، و من أراد ذلك فليلزم سنّته و هديه في أموره كلّها ، و ليحرِص على ما افترضه الله عليه ، و يلتجئ إليه بالدعاء ، و يتقرّب إليه بالنوافل ما استطاع ، فمن فَعل ذلك تقرّباً إلى الله تعالى ، كان الله تعالى منه أقرب و إليه بإجابة دعوته أسرَع .
روى البخاري و أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ مَا تَقَرَّبَ إِلَي عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَي مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ،‏ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَي بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ،‏ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ،‏ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ،‏ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ،‏ وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ،‏ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ »‏ .
فمن تقرّب إلى الله تعالى بامتثال ما أمَره به و اجتناب ما نهاه عنه ، و تأسى بنبيّه صلّى الله عليه و سلّم ، فقد أحسن الاتّباع ، و أخذ بأسباب السعادة في العاجل و الآجل ، فإن وُفّق بعدها لرؤية النبيِّ صلى الله عليه و سلّم في المنام ، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، و إن لم يُكتَب له ذلك فقد حصّل الأجر و الثواب الجزيل عند الله تعالى ، و لم يَضِره شيء ، فلا يَجزَع و لا يقنط .
و قد أحسن من قال : ( سبيل الصادق مطالبة النفسِ بالاستقامة ، فهي كلّ الكرامة ) [ شرح العقيدة الطحاويّة ، لابن أبي العز الحنفي ، ص : 495 ] .
أما قول السائل : و كيف أصل لدرجة العبد الصالح الذي يستجاب لدعائه؟
فأحيله إلى رسالةٍ لطيفةٍ مفيدة فيها أسباب إجابة الدعاء و موانعه و مسائل أخرى مفيدة ، و هي على الرابط التالي :
  http://www.saaid.net/rasael/r74.htm
و الله الهادي إلى سواء السبيل .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com