بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى حول كذب المخطوبة على خطيبها

 
السؤال :
انا فتاة قد تزوجت جديدا و قامت علاقتي مع زوجي على الصدق و الصراحة ، والحمد لله كنا من الناجحين ، و حتى الآن نحن ملتزمون بدين الله .
و لقد تعرفنا على بعض عن طرق الساحة و ببعض المداخلات تم التعارف بالله تعالى وتحت طلب أريد شريكا و طلب الماني يبحث عن زوجة تم الاتفاق والحمد لله تزوجنا وكانت علاقتنا لله تعالى فكنت ابحث عن طريق للجنة وقد اعتبرت انني بزواجي بهذا الرجل الملتزم الذي يخاف على أولاده من الضياع و بظروف الحياة التي تجبره على البقاء ببلاد الكفر ، قد أجاهد بهذه العلاقة والتي أساسها هو الني من الجنة والفوز العظيم والحمد لله رب العالمين .
ولكن حصل أثناء التعارف بعض التعتيم ربما أصفه كذلك فقد كنا نتقارب من بعض عن طريق التعارف الكتابي والوصف ، والحمد لله كنا من الصادقين بإذن الله و لكن حصل و أثناء الحديث أخبرته بأنني اعتمرت رغم أنني لم اذهب للعمرة ولكن لم يكن بالامكان أن اكتب له كيف انني اظن نفسي أعمرت ، وبتتابع الحديث لم يكن هناك مجال لاخباره وخرجنا عن الموضوع ، ولكن بعد الزواج والذي حصل خلال أسبوعين فقط ، والحديث المتتابع تعرضنا لهذه النقطة وبسؤاله لي عن العمرة أخبرته بأنني لم اذهب ولكنني بالقراءة لبعض السور ومتابعة مناسك العمرة ظننتني بإذن الله قد نلت ثواب المعتمر ولكن هذا لا يكفي عني الذهاب للمدينة ومكة المكرمة .
وهنا هاج وقال بأنني قد كذبت عليه وحسبت لي كذبه ولكن الله وحده يعلم بأنني لم يكن بقصدي وبالتوضيح له قال بانني علي الاستفتاء فلجئت اليكم ولعل الله يرشدنا لخير ما يكون ، لقد مررت بضيق شديد فالله وحده يعرف ما بالقلوب ، لا اريد بعد ما وصلت اليه من درجة قرب للحبيب العظيم ان تكون هناك غلطة ولو صغيرة وبعون الله اريد ان ترشدوني هل احتسبت على كذبه وان كان ما العمل للتكفير عنها وجزاكم الله خيرا
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
من توفيق الله تعالى للأخت السائلة أن امتنّ عليها بأمرين
أوّلهما : توفيقها للاقتران بزوج صالح يغار على حرمات الله ، و يغضب لله و ليس لهوىً في نفسه ، بدليل إنكاره الكذب عليها حينما ظنّ وقوعها فيه .
و ثانيهما : أنّهما كوّنا معاً أسرةً طيّبةً ترد خلافاتها إلى الشرع الحنيف طلباً لحكمه ، و لا يتعجّل أيٌّ منهما باتخاذ حكم في حقّ صاحبه إلاّ بعد الرجوع إلى أهل العلم ، و هذه نعمة كبرى ، و صمّام أمان يحفظ الأسرة من التفكك و الاختلاف .
و لا بدّ للأخوين الكريمين أن يحمدا الله تعالى على توفيقه لهما إلى هذا الخير العميم .
ثمّ أقول لهما مجيباً على السؤال الوارد أعلاه :
أولاً : فيما يتعلّق بموضوع التعارف عبر وسائل الإعلام أو الاتصالات ( الانترنت ) بقصد الزواج - لا غير – فهذا أمر محمود في ذاته و لا يُذم فاعله من حيث المبدأ ، و لكن له مساوئ قد يقع فيها من اعتمد عليه في البحث عن زوج أو زوجة ، لأن سوء الفهم فيه كثير الوقوع ، و لا يمكن للباحث من خلاله أن يتأكد من صفات من تعرّف عليه ، و فيما وقع للأخت السائلة مثال على ذلك .
ثانياً : أيّاً كان الأمر فإن مجرّد قراءة مناسك و أحكام العمرة في كتاب لا يعتبر أداءً للعمرة على وجه الحقيقة ، و لا ينال صاحبه ثواب المعتمر .
ثالثاً : إن كنتِ تعرفين أن ما فعلتيه ليس اعتماراً ، و ليس لك به أجر العمرة ، حينما قلت ذلك لزوجك ، فإنّ هذا من الكذب ، و الكذب كبيرة كفّارتها التوبة إلى الله تعالى ، و الندم على ما فات ، و العزم على عدم العودة إليه مرّةً أخرى .
أمّا إن كان الأمر ملتبساً عليك ، و لم تكوني تعرفين الحقيقة ، فهذا خطأ منك ، و أنت معذورة بجهلك بالحكم الشرعي ، و لا شيء عليك إن شاء الله ، و لكن عليك أت تحتاطي في المستقبل ، كي لا تقعي ثانيةً في مثل هذا الخطأ ، الذي قد يدمّر حياتك ، و يقضي على سعادتك .
رابعاً : أوصي نفسي و أخي الذي وفّقه الله تعالى للاقتران بالأخت السائلة ، بالحلم و الأناة و الصبر ، و مراعاة ضعف المرأة ، و التجاوز عن هفواتها ، فقد روى ابن ماجة و الدارمي و الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَ أَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى »‏ ، قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .‏
و أخيراً : أوصي الأخت السائلة أن تحسن إلى زوجها ، خاصّة و أنّها أقدمت على الاقتران به بنيّة الجهاد ، و الوقوف إلى جانبه فيما يحتاجها إليه في غربته ، و هذا مقصد شريف ينبغي للأخت أن لا تعدِل عنه ، و قد روى الإمام أحمد و غيره بإسناد صحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الْجَنَّةَ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ »‏ .
و اللهَ أسأل لكما و لجميع المسلمين التوفيق لخيري الدنيا و الآخرة .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com