بسم الله الرحمن الرحيم

عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح من السنن الغائبة والمستغربة!!


قال : أبو لـُجين إبراهيم

من السنن الغائبة والمستغربة التي هجرها أكثر المسلمين وقد جاء ذكر هذه السنة في القرآن الكريم حين عرض الشيخ الصالح ابنته على موسى عليه السلام في قوله تعالى :
(( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ))27 سورة القصص آية 27

فصاحب مدين يعرض ابنته على موسى عليه السلام ، وقد جاء غريباً مهاجراً ولم يتحرج من هذا العرض ، ولم يشترط في موسى أن يكون من قومه أو وطنه أو جلدته وإنما اكتفى بشرط هو الدين والخلق والكفاءة .

أما السنة المطهرة فقد أكدت فكرة عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح .. أخرج الإمام البخاري في باب ( عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير )

إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا ، قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت له إن شئت زودتك حفصة بنت عمر ؟ فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئاً وكنت أوجد عليه مني على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعللك وجدت علي حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فلم أكن أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبلتها ) . رواه البخاري .

فهل نجد الآن من يتصدى لظاهرة العنوسة ويواجهها بهذه السنة الغائبة والمستغربة عند كثير من الناس !!!!!!!


إضافة

الأخ أبو لجين .
جزاك الله خيرا على موضوعاتك الطيبة .

ونضيف أيضا :
- قال القرطبي في تفسيره (13/179) عند قصة موسى وصاحب مدين عندما عرض عليه تزويج ابنته له :
أُنْكِحك " فِيهِ عَرْض الْوَلِيّ بِنْته عَلَى الرَّجُل ; وَهَذِهِ سُنَّة قَائِمَة ; عَرَضَ صَالِح مَدْيَن اِبْنَته عَلَى صَالِح بَنِي إِسْرَائِيل , وَعَرَضَ عُمَر بْن الْخَطَّاب اِبْنَته حَفْصَة عَلَى أَبِي بَكْر وَعُثْمَان , وَعَرَضَتْ الْمَوْهُوبَة نَفْسهَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَمِنْ الْحَسَن عَرْض الرَّجُل وَلِيَّته , وَالْمَرْأَة نَفْسهَا عَلَى الرَّجُل الصَّالِح , اِقْتِدَاء بِالسَّلَفِ الصَّالِح قَالَ اِبْن عُمَر : لَمَّا تَأَيَّمَتْ حَفْصَة قَالَ عُمَر لِعُثْمَانَ : إِنْ شِئْت أُنْكِحك حَفْصَة بِنْت عُمَر ; الْحَدِيث اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ .ا.هـ.

أحاديث أخرى في الباب :
إلى جانب حديث عبد الله بن عمر ، الذي أورده الأخ أبو لجين ، وردت نصوص أخرى وهي :
- ‏عَنْ أُمَّ حَبِيبَةَ ‏‏قَالَتْ ‏: قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ انْكِحْ ‏أُخْتِي ‏‏بِنْتَ ‏أَبِي سُفْيَانَ ،‏ ‏قَالَ :‏ ‏وَتُحِبِّينَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَسْتُ لَكَ ‏‏بِمُخْلِيَةٍ ،‏ ‏وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ ‏‏أُخْتِي ،‏ ‏فَقَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ ‏‏ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ‏، ‏قَالَ : بِنْتَ ‏ ‏أُمِّ سَلَمَةَ ؟ ! ‏ ‏فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي ، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْنِي ‏، ‏وَأَبَا سَلَمَةَ ‏ ‏ثُوَيْبَةُ ‏ ‏، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ .
رواه البخاري (5107) . وبوب عليه البخاري كما ذكر أبو لجين :
عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير .

- ‏عَلِيٍّ ‏‏قَالَ :‏ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ مَا لَكَ ‏‏تَنَوَّقُ ‏‏فِي ‏قُرَيْشٍ ‏‏وَتَدَعُنَا؟ فَقَالَ : وَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ بِنْتُ ‏ ‏حَمْزَةَ ،‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي ، إِنَّهَا ‏ابْنَةُ أَخِي ‏مِنْ الرَّضَاعَةِ . رواه مسلم (1446) .

قال النووي في معنى كلمة " ‏‏تَنَوَّقُ " :
‏هُوَ بِتَاءِ مُثَنَّاة فَوْق مَفْتُوحَة ثُمَّ نُون مَفْتُوحَة ثُمَّ وَاو مَفْتُوحَة مُشَدَّدَة ثُمَّ قَاف أَيْ تَخْتَار وَتُبَالِغ فِي الِاخْتِيَار .

قَالَ الْقَاضِي : وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْن الثَّانِيَة مَضْمُومَة أَيْ : تَمِيل .ا.هـ.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/178) في فوائد حديث عبد الله بن عمر :

وَفِيهِ عَرْض الْإِنْسَان بِنْته وَغَيْرهَا مِنْ مَوْلَيَاته عَلَى مَنْ يُعْتَقَد خَيْره وَصَلَاحه لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْع الْعَائِد عَلَى الْمَعْرُوضَة عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا اِسْتِحْيَاء فِي ذَلِكَ .

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا لِأَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجًا .ا.هـ.

ونحن نعلم أن بعضا ممن يقرأ هذا الموضوع قد يعترض بأمور ، ولكن يبقى النص واضحاً في جواز ذلك ، وأن الحادثة أو الحادثتين لا تلغي النص ، بارك الله في الجميع .

رابط الموضوع

كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com