الحمد لله وبعد ؛
1 -
جاء في كتاب " الأدب المفرد " للإمام
البخاري :
132 - باب تقبيل الرِّجْـل .
وذكر أحاديث حكم عليها العلامة الألباني في " ضعيف الأدب المفرد " ( ص 89 )
وهي :
154 / 975 - عن امرأة من صَبَاح عبد القيس يقال لها أُمُ أبَـان ابنه الوازع
، عن جدها الوازع بن عامر قال : " قدمنا ، فقيل : ذاك رسول الله ، فأخذنا
بيده ورجليه نقبلها .
قال العلامة الألباني : ضعيف الإسناد ، أم أبان مجهولة .
155 / 976 - عن صُهيب قال : " رأيت عليا يقبل يد العباس ورجليه " .
قال العلامة الألباني : ضعيف الإسناد موقوف ، صهيب - وهو مولى العباس - لا
يعرف .
ولنا أن نتنبه إلى تبويب البخاري ، وتبويبات البخاري هي فقه بحد ذاتها .
فالبخاري يرى جواز تقبيل الرِّجْـل ، ولو كانت الأحاديث الوادرة تحت الباب
ضعيفة لأن البخاري لم يشترط في الأدب المفرد الصحة كما في صحيحه .
2 -
عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ،
فقال : يا رسول اللّه أرني شيئاً أزداد به يقيناً ، فقال له : اذهب إلى تلك
الشجرة ، فادعها، فذهب إليها ، فقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
يدعوك ، فجاءت حتى سلمت على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال لها: ارجعي ،
فرجعت ، قال : ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه ، وقال : لو كنت آمراً أحداً أن
يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإسناد ، وتعقبه الذهبي ، فقال : صالح
بن حيان متروك .
ورواه البزار في "مسنده " ، وقال فيه : فقبل رأسه ويديه ورجليه ، وقال : لا
يعلم في تقبيل الرأس غير هذا الحديث .
قال الزيلعي في نصب الراية : وأعجب منه كيف غفل عن - حديث الإفك - قال
المنذري في " مختصره " : وقد صنف الحافظ أبو بكر الأصبهاني - المعروف بابن
المقرئ - جزء في الرخصة في تقبيل اليد ، ذكر فيه أحاديث وآثار عن الصحابة
والتابعين ، واللّه أعلم .ا.هـ.
3 -
قال الحافظ ابن حجر في الفتح . كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ . باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا
لَا يَعْنِيهِ . تحت حديث :
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أَكْثَرُوا
عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ : سَلُونِي . فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ
: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ قَامَ
آخَرُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ فَقَالَ : أَبُوكَ سَالِمٌ
مَوْلَى شَيْبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَضَبِ قَالَ : إِنَّا نَتُوبُ إِلَى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة " فقام إليه عمر فقبل رجله وقال
: رضينا بالله ربا " ... وجواز تقبيل رجل الرجل .ا.هـ.
4 -
قال الإمام الترمذي في جامعة . كتاب الاستئذان والاَداب عن رَسُولِ الله صلى
الله عليه وسلم . باب مَا جَاءَ في قُبْلَةِ الْيَدِ وَالرّجْل .
عن صَفْوَانَ بنِ عَسّالٍ قالَ : " قالَ يَهُودِيٌ لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا
إِلَى هَذَا النّبيّ . فَقَالَ صَاحِبُهُ لاَ تَقُلْ نَبيٌ إِنّهُ لَوْ
سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ . فَأَتَيَا رَسُولَ الله صلى الله
عليه وسلم فَسَأَلاَهُ عن تِسْعِ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ
تُشْرِكُوا بِالله شَيْئاً ، وَلاَ تَسْرِقُوا ، وَلاَ تَزْنُوا ، وَلاَ
تَقْتُلُوا النّفْسَ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالحَقّ ، وَلاَ تَمْشُوا
بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَلاَ تَسْحَرُوا ، وَلاَ
تَأْكُلُوا الرّبَا ، وَلاَ تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً ، وَلاَ تُوَلّوا
الفِرَارَ يَوْمَ الزّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصّةً اليَهُودَ أَلاّ تَعْتَدُوا
في السّبْتِ . قَالَ فَقَبّلُوا يَدَيْهِ ، وَرِجْلِيْهِ ، فَقَالا نَشْهَدُ
أَنّكَ نَبيٌ . قالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتّبِعُونِي ؟ قالَ قالُوا :
إِنّ دَاوُدَ دَعَا رَبّهُ أَنْ لاَ يَزَالَ مِنْ ذُرّيّتِهِ نَبيٌ ، وَإِنّا
نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ يَقْتُلُنَا اليَهُودُ " .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
قال صاحب التحفة : والحديث يدل على جواز تقبيل اليد والرجل .
وهذا محمد بن المنكدر ماذا يفعل من شدة بره بأمه ؟
قال الإمام الذهبي في " السير " (5/356) عند ترجمة مُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ :
وَرَوَى جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ :
أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ ، ثُمَّ يَقُوْلُ لأُمِّهِ :
قُوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي .
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ : قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ : بَاتَ أَخِي عُمَرُ
يُصَلِّي ، وَبِتُّ أَغمِزُ قَدَمَ أُمِّي ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي
بِلَيْلَتِهِ .
وهذه النصوص كافية في بيان جواز تقبيل الرِّجْـل ، فكيف بتقبيل قدم الوالدين
؟
وهم السبب في وجود الولد . والله أعلم .
رابط الموضوع