بسم الله الرحمن الرحيم

ما رأيكم بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل ؟؟


الأخ القعنبي حفظك الله .

لقد فصل الشيخ سليمان العلوان حال عبد الله بن محمد بن عقيل وخاصة في هذه الزيادة التي ذكرتها ، وإليك هذا التفصيل كما كتبته من شرح الشيخ لجامع الترمذي للحديث الثالث وهذه من ضمن الفوائد التي قيدتها من شرح الشيخ ، وكنت أنوي إنزالها بعد رمضان تباعا ، ولكن طالما جاء السؤال عن هذه المسألة فوجب الجواب .

* ملحوظة : هناك إضافات وضعتها متمة لكلام الشيخ ، وهي التي بين الأقواس .

قال الشيخ سليمان العلوان - حفظه الله - :
الراجح في عبد الله بن محمد بن عقيل التفصيل ، فلا يحتج بحديثه مطلقا ، ولا يرد حديثه مطلقا .

فأقول : حديثه على مراتب :

- الـمـرتـبـة الأولـى : أن يحالف غيره فحينئذ يجب ترك حديثه . لأن ابن عقيل ليس ممن يحتمل مخالفته فهو سيء الحفظ ، ولا يضبط ما يروي جيداً .

- الـمـرتـبـة الـثـانـيـة : أن يتفرد بأصل فحينئذ لا نقبله ؛ فكما أنه إذا خالف لا نقبله ؛ فكذلك إذا تفرد فلا نقبله .

- الـمـرتـبـة الـثـالـثـة : أن يروي ما يروي غيره فلا يخالف ، ولا ينفرد ، أو يروي شيئا له أصل في الجملة ، فالراجح حينئذ قبُولُ حديثه .

وعليه يحمل كلام بعض الأئمة في الاحتجاج بابن عقيل .

فمن الأمثلة على مخالفته :
ما جاء في مسند الإمام أحمد (1/94) وغيره من رواية ‏حَمَّادٌ ‏، ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ‏، ‏عَنْ ‏مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ‏، ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏قَالَ‏: ‏كُفِّنَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ .

هذا خبر منكر والنكارة من ابن عقيل والحديث في الصحيحين من حديث ‏عَنْ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ‏... "

[ رواه البخاري (1264) ، ومسلم (2400) .

قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/897) هذا حديث لا يصح ، تفرد به ابن عقيل . وقال الزيلعي في " نصب الراية " : قال البزار : لا نعلم أحداً تابع بن عقيل عليه ، ولا يعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة ، انتهى .

ورواه ابن عدي في "الكامل"، وأعله بابن عقيل ، وضعفه عن ابن معين فقط ، ولينه هو ، وقال : روى عنه جماعة من الثقات ، وهو ممن يكتب حديثه، انتهى كلام الزيلعي . ]

ومن ذلك :

ما رواه أبو داود ‏(130) عَنْ ‏ابْنِ عَقِيلٍ ‏، ‏عَنْ ‏‏الرُّبَيِّعِ ‏‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ ‏فَضْلِ ‏مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ .

وهذا منكر وفيه اضطراب من ابن عقيل . فقد جاء من حديث عبد الله بن زيد في صحيح مسلم (236) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ ‏‏غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ . وهذا هو المحفوظ .

وأما الأمثلة على تفرداته في الأصول فهي كثيرة ، ويشترك في هذا كثير حتى ولو كان الراوي صدوقا ، وتفرد بأصل لا يحتمل تفرده من غيره وجب علينا رده كما نرد الحديث المشهور الذي رواه أحمد () ، وأبو داود (1999) من رواية ‏مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ ‏ ‏‏عَنْ ‏أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ ‏، ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ‏، ‏وَعَنْ ‏أُمِّهِ ‏ ‏زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ‏، ‏عَنْ ‏‏أُمِّ سَلَمَةَ : ‏‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏: ‏إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ ‏ ‏الْجَمْرَةَ ‏ ‏أَنْ تَحِلُّوا ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا ‏الْبَيْتَ ‏صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا ‏الْجَمْرَةَ ‏حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ .

هذا معلول بعلل كثيرة في الإسناد والمتن ، وإلى علل الإسناد بسرعة :

1 - لا يحتمل تفرد محمد بن إسحاق ، وإن كان صدوقا فيجب ترك تفردات ابن إسحاق في الأحكام .

2 - أن لم يروه كبير أحدٍ عن أبي عبيدة سوى ابن إسحاق ، وهذه علة أخرى غير العلة الأولى .

3 - تفرد أبي عبيدة عن أبيه وعن أمه ، وأبو عبيدة وإن كان من رجال مسلم ، وهو صدوق في الجملة غير أنه لا يحتمل تفرده . وأين الأكابر عن رواية الخبر ؟

وفي علل المتن ، وما أحسن ما قاله الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله : احفظ عني ثلاثا - أي هذا تقسيم للرواة ، وتقسيم لطبقات المقبولين والمردودين منهم - .

يقول : احفظ عني ثلاثا : رجل حافظ متقن ، فهذا لا يختلف فيه . - أي لا يختلف في قبوله ، كالسفيانين ، ومالك ، ويزيد بن هارون ، وحماد بن زيد ، ووكيع ، وابن جريج ، والزهري ، والإمام أحمد ، وأمثال هؤلاء الحفاظ . هؤلاء لا يُختلف في قبول حديثهم .

قال : الثاني : وآخر يهم ، والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه ، ولو ترك حديث مثل هؤلاء لذهب حديث الناس ، وليس معنى قول ابن مهدي أن يقبل مطلقا ، فقد نقبله في حالة دون حالة .

الحالة الثالثة : وآخر يهم ، والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه ، كالليث بن سليم - الأمثلة مني - وابن لهيعة ، وعمر بن هارون وأمثال هؤلاء .

والذي يظهر في حال عبد الله بن محمد بن عقيل أنه من الطبقة الثانية على التفصيل السابق ، أي لا يمكن أن نقبل منه مطلقا وهو بمنزلة عاصم بن أبي النجود ، لا نقبله مطلقا ، ولا نرفضه مطلقا ، فإن ابن عقيل سيء الحفظ ؛ فإذا تفرد بأصل ، أو خالف غيره ، أو تفرد بحديث تحتاجه الأمة فلا نقبله .

وإذا روى ما يروي الناس ، أو روى حديثا في الفضائل ، فإننا حينئذ نقبله ولا نرفضه ، ولا سيما إذا صحح حديثه أحد الأئمة المبرزين في هذا الشأن ، لفإن أبا عيسى الترمذي يصحح له ، وذكر في هذا الباب عن أحمد ، وإسحاق ، والحميدي الاحتجاج بحديثه ، وهذا ليس على إطلاقه لأنه تقدم عن الإمام أحمد أنه قال : منكر الحديث ، وقد رد له الإمام أحمد أحاديث كثيرة كحديث الحيض وغيره ، وهو في هذا الخبر قد تفرد به عن ابن الحنفية ...ا.هـ.

وهناك فوائد أخرى كثيرة سنضعها من كلام الشيخ سليمان العلوان في شرحه لسنن الترمذي . فانتظروا المزيد .

رابط الموضوع

كتبه عَـبْـد الـلَّـه زُقَـيْـل
zugailam@yahoo.com