أين يقول المؤذن (صلوا في رحالكم) عند شدة
المطر؟أفيدوني أحسن الله إليكم.
الجواب :
لقد جاءت الأحاديث والتي ظاهرها التعارض في مكان النداء للصلاة في الرحال :
1 -
عن نَافِعٌ قَالَ : أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ
، ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا
يُؤَذِّنُ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ : " أَلَا صَلُّوا فِي
الرِّحَالِ " فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي
السَّفَرِ . رواه البخاري (616) ، ومسلم (699) .
فهذا الحديث ظاهر أن قول : " أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ " يكون بعد
الفراغ من الأذان ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : صَرِيح فِي
أَنَّ الْقَوْل الْمَذْكُور كَانَ بَعْدَ فَرَاغ الْأَذَان .ا.هـ.
2 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي
يَوْمٍ مَطِيرٍ : إِذَا قُلْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَلَا تَقُلْ : حَيَّ
عَلَى الصَّلَاةِ ، قُلْ : صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ ، قَالَ : فَكَأَنَّ
النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا ، قَدْ
فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ ،
وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ
وَالدَّحْضِ . رواه البخاري (632) ، ومسلم (697) واللفظ له .
ولفظ الحديث ظاهر في أن المؤذن يقول : " صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ " مكان "
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " .
3 -
عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ يَقُولُ : أَنْبَأَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ
أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ - يَقُولُ : حَيَّ
عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ .
رواه عبد الرزاق في " المصنف " (1925) ، والنسائي (2/14) ، وأحمد (5/373) .
- الجمع بين هذه الأحاديث :
قال الإمام النووي في " شرح صحيح مسلم " (5/207) : وَفِي حَدِيث اِبْن
عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَقُول : أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ
فِي نَفْس الْأَذَان , وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر
نِدَائِهِ . وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيّ -
رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْأُمّ فِي كِتَاب الْأَذَان , وَتَابَعَهُ
جُمْهُور أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ , فَيَجُوز بَعْد الْأَذَان , وَفِي
أَثْنَائِهِ لِثُبُوتِ السُّنَّة فِيهِمَا , لَكِنَّ قَوْله بَعْده أَحْسَن
لِيَبْقَى نَظْم الْأَذَان عَلَى وَضْعه , وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ قَالَ :
لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْد الْفَرَاغ , وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِصَرِيحِ
حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَلَا مُنَافَاة بَيْنه
وَبَيْن الْحَدِيث الْأَوَّل حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ;
لِأَنَّ هَذَا جَرَى فِي وَقْت وَذَلِكَ فِي وَقْت , وَكِلَاهُمَا صَحِيح
.ا.هـ.
رابط الموضوع