الأخ ابن عبد البر .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " لقاء الباب المفتوح " (70/227 - 228)
سؤالا نصه :
فضيلة الشيخ ما حكم الموعظة عند القبر ، وفي قصور الأفراح ، وفي العزايم ؟
الجواب : الموعظة عند القبر جائزة على حسب ما جاء في السنة ، وليست أن يخطب
اإنسان قائما يعظ الناس ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
خصوصا إذا اتخذت راتبة ، كلما خرج شخص من جنازة قام ووعظ الناس ، لكن الموعظة
عند القبر تكون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعظهم وهو واقف على القبر
، وقال : " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة والنار " وهذا كلام من
كلامه صلى الله عليه وسلم العادي ، وأتى مرة وهم في البقيع في جنازة ولما يتم
إلحاد القبر ، فجلس وجلس الناس من حوله ، وجعل ينكت بعود معه على الأرض ، ثم
ذكر حال الإنسان عند احتضاره ، وعند دفنه ، وتكلم بكلام هو موعظة في حقيقته ،
فمثل هذا لا بأس به ، أما أن يقوم خطيبا يعظ الناس ، فهذا لم يرد عن النبي
عليه الصلاة والسلام .
وأما في الأعراس فكذلك أيضا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم
خطيبا يخطب الناس ، ولا عن الصحابة فيما نعلم ، بل إنه لما ذكر له عائشة رضي
الله عنها زفت امرأة لرجل من الأنصار قال : " يا عائشة ما كان معكم لهو فإن
الأنصار قوم يعجبهم اللهو " فدل ذلك على أن لكل مقام مقالا ، ولأن الإنسان
إذا قام خطيبا في الأعراس ، فإنه قد يثقل على الناس ، وليس كل أحد يتقبل ، قد
يكون أحد من الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة ، فيريد أن
يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم ، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث
مع بعضهم ، ثقلت عليهم ، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس ، لأنها
إذا أثقلت على الناس كرهوها ، وكرهوا الواعظ . ولكن لو أن أحدا في محفل العرس
طلب من هذا الرجل أن يتكلم ، فحينئذ له أن يتكلم ، ولا سيما إذا كان الرجل
ممن يتلقى الناس قوله بالقبول . كذلك لو رأى منكرا ، فله أن يقوم ويتكلم عن
هذا المنكر ويحذر منه ويقول : إما أن تكفوه أو خرجنا . فلكل مقام مقال ، وإذا
تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن ولهذا كان النبي صلى الله عليه
يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل .ا.هـ.
رابط الموضوع