بسم الله الرحمن الرحيم

صيامُ أيامِ التشريقِ


عَنْ ‏‏نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ‏‏أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ .

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ،‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏إِسْمَعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ ‏- ‏عَنْ ‏خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ،‏ ‏حَدَّثَنِي ‏‏أَبُو قِلَابَةَ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِي الْمَلِيحِ ‏، ‏عَنْ ‏‏نُبَيْشَةَ ‏، قَالَ ‏‏خَالِدٌ :‏ ‏فَلَقِيتُ ‏‏أَبَا الْمَلِيحِ ‏‏فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ فَذَكَرَ عَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏بِمِثْلِ حَدِيثِ ‏هُشَيْمٍ ،‏ ‏وَزَادَ فِيهِ : وَذِكْرٍ لِلَّهِ ‏ . رواهُ مسلم (1141)

عَنْ ‏ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ‏‏أَنَّهُ حَدَّثَهُ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏بَعَثَهُ ‏‏وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ ‏‏أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ،‏ ‏فَنَادَى أَنَّهُ ‏‏لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَأَيَّامُ ‏‏مِنًى ‏‏أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ .   رواهُ مسلمٌ (1142)

‏عَنْ ‏الزُّهْرِيِّ ‏، ‏عَنْ ‏عُرْوَةَ ،‏ ‏عَنْ ‏عَائِشَةَ ،‏ ‏وَعَنْ ‏سَالِمٍ ،‏ ‏عَنْ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ‏قَالَا ‏: ‏لَمْ يُرَخَّصْ فِي ‏أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ‏أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ . أخرجهُ البخاري (1997 ، 1998)

‏عَنْ ‏‏أَبِي مُرَّةَ ‏مَوْلَى ‏‏أُمِّ هَانِئٍ ‏‏أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏عَلَى أَبِيهِ ‏عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ،‏ ‏فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَالَ : كُلْ ، فَقَالَ : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ ‏عَمْرٌو :‏ ‏كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا ‏

‏قَالَ ‏‏مَالِكٌ :‏ ‏وَهِيَ ‏ ‏أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ‏

أخرجه مالك في " الموطأ " (1369) ، ومن طريقه أخرجه أبو داود (2418) ، وأحمد (4/197) وإسنادهُ صحيحٌ .

وأخرجه الدارمي (2/24) بلفظ : ‏عَنْ ‏‏أَبِي مُرَّةَ ‏‏مَوْلَى ‏عَقِيلٍ ‏‏أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ ‏‏وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ‏عَلَى ‏عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏‏وَذَلِكَ الْغَدَ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى فَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ ‏عَمْرٌو ‏طَعَامًا فَقَالَ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏: ‏إِنِّي صَائِمٌ ‏ ، ‏فَقَالَ ‏ ‏عَمْرٌو ‏أَفْطِرْ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا ، فَأَفْطَرَ ‏عَبْدُ اللَّهِ ،‏ ‏فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ .

قال ابنُ قدامةَ في " المغني " (4/426) : مَسْأَلَةٌ : قَالَ ( وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّهُ يَصُومُهَا عَنْ الْفَرْضِ )

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَنْهِيٌّ عَنْ صِيَامِهَا أَيْضًا ؛ لِمَا رَوَى نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ مِنًى أُنَادِي : أَيُّهَا النَّاسُ ، إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ . إلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ : هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا . قَالَ مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .

وَلَا يَحِلُّ صِيَامُهَا تَطَوُّعًا ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفْطِرُ إلَّا يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا ، وَلَوْ بَلَغَهُمْ لَمْ يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ .

وَقَدْ رَوَى أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَرَّبَ إلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ ، فَقَالَ : إنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ عَمْرٌو : كُلْ ، فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَفْطَرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.

فائدةٌ تتعلقُ بأيامِ التشريقِ

قال الإمامُ الذهبي في " سير أعلامِ النبلاءِ " (6/264 - 266) : قَالَ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ : قَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ قَدْ أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ ! لِمَ جُعِلَ المَوْقِفُ مِنْ وَرَاءِ الحَرَمِ ، وَلَمْ يُصَيَّرْ فِي المَشْعَرِ الحَرَامِ ؟ فَقَالَ : الكَعْبَةُ بَيْتُ اللهِ ، وَالحَرَمُ حِجَابُه ، وَالمَوْقِفُ بَابُه ، فَلَمَّا قَصَدَه الوَافِدُوْنَ ، أَوْقَفَهَم بِالبَابِ يَتَضَرَّعُوْنَ ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُم فِي الدُّخُولِ ، أَدْنَاهُم مِنَ البَابِ الثَّانِي وَهُوَ المُزْدَلِفَةُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَةِ تَضَرُّعِهِم ، وَطُولِ اجْتِهَادِهِم، رَحِمَهُم ، أَمَرَهُم بِتَقْرِيْبِ قُربَانِهم ، فَلَمَّا قَرَّبُوا قُربَانَهم ، وَقَضَوْا تَفَثَهُم ، وَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوْبِ الَّتِي كَانَتْ حِجَاباً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم ، أَمَرَهُم بِزِيَارَةِ بَيْتِه عَلَى طَهَارَةٍ . قَالَ : فَلِمَ كُرِهَ (2) الصَّومُ أَيَّامَ التَّشرِيْقِ ؟ قَالَ : لأَنَّهم فِي ضِيَافَةِ اللهِ ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الضَّيفِ أَنْ يَصُوْمَ عِنْدَ مَنْ أَضَافَه . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَمَا بَالُ النَّاسِ يَتَعَلَّقُوْنَ بَأْستَارِ الكَعْبَةِ ، وَهِيَ خِرَقٌ لاَ تَنفَعُ شَيْئاً ؟ قَالَ : ذَاكَ مِثْلُ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ جُرمٌ ، فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَيَطُوفُ حَوْلَه ، رَجَاءَ أَنْ يَهَبَ لَهُ ذَلِكَ ، ذَاكَ الجُرمَ .ا.هـ.

---------------------
(1) ليس الحديثُ متفقاً عليه بل تفرد به مسلمٌ عن البخاري كما في تحفة الأشراف (9/6 رقم 11587)
(2) قال المحققُ : أي : حرم ، لِما ثبت عنه صلى اللهُ عليه سلم من النهي عن صومِ أيامِ التشريقِ ...ا.هـ.
 

11 / 12 / 1424 هـ

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل

الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ