صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مع بشائر الملك .. ألم يأنِ الأوان لعودة "الأسرة" ؟!

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل


إن من أنواع الظلم سلب الإنسان حقه في التعبير عن رأيه في حدود المسموح به شرعا دون التعدي على الآخرين ، ولذا حذرت الشريعة من الظلم ، فهو ظلمات يوم القيامة على الظالم .

والظلم ينشأ عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر ، ولذا جاء في أصله أنه : " وضع الشيء في غير موضعه " .

ومن صور " وضع الشيء في غير موضعه " أنه وقبل أشهر أصدرت وزارة الإعلام بطريقة ظالمة تعسفية أمرا بإغلاق قناة "الأسرة" .. تلك القناة اليافعة في عالم الفضائيات لتجد موطئا لبصمتها وسط زخم كبير من فضائيات العقائد الفاسدة والمنحرفة ، والهشك بشك ، والأجساد العارية ، والإعلام المفسد للعقول والشعوب .

وأدت وزارة الإعلام قناة "الأسرة" بعذر أوهى من بيت العنكبوت لتجعله حجةً لها ، فما هو ؟

قد تعجبون وما أكثر العجائب في وزارة الإعلام الموقرة ... قيل أنه بسبب قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ! ... تغلقُ قناةٌ يافعةٌ تحت قرار قصر الفتوى ... يا أحبة في العرف الإداري ، وفي ملاعب الكرة ، وغيرها من الميادين قبل معاقبة من يقوم بارتكاب خطأ فإن أول خطوة توجيه إنذار لمرتكب الخطأ ، ثم إذا أعاد يُنذر مرة أخرى ، والثالثة كما يقولون ثابتة ! .

أما أن تغلق قناة من أجل قرار قصر الفتوى مباشرة في حين أن قنوات أخرى لم تغلق فهنا يوضع علامة استفهام كبيرة بحجم جبل أحد !!!

ولو سلمنا بالعذر الأقبح من الذنب أليس من باب المعذرة أمام الجهات القانونية أن يوجه لها إنذار ، أو كتابة تعهد قبل قتلها بالإغلاق ؟!

تخيلوا معي أنك فتحت محلا كبيرا جدا لبيع المواد الغذائية ، وبعد افتتاح المحل بأشهر جاءت البلدية ووضعت الشمع الأحمر على أبوابه ، وقالت لك : " جاءت أوامر عليا بإغلاقه " ، وقد دفعت فيه ملايين الريالات ، وجلبت العمال لتشغيله ، واتفق مع شركات لتوريد البضائع ، وعرفه الناس ، وفجأة جاء أمر الإغلاق ، كيف تكون ردة فعلك ؟!

أظن أنه سيصاب بانهيار عصبي ، أو غير ذلك ، وربما تصبر على ما أصابك إلى أن يأتي الفرج من عند الله ، لكنه في ذات الوقت لن تترك سهام الليل للدعاء على ذلك الظالم الذي وقف في طريق عملك ... !!

أعود لقناة "الأسرة" .. التي بعد إغلاقها خسرت الملايين ، وسرحت العاملين فيها ، وتعطلت عقودها مع الشركات التي تعاقدن معها للإعلان على شاشتها ، وهلم جرا من الخسائر ... من يتحمل كلّ هذه الخسائر ؟!

ليس بين يدي تقرير دقيق لخسائر القناة بعد القرار الظالم الجائر لكني أجزم أن مشاريع القنوات الفضائية ليست رخيصة كما لو فتحت مطعم لبيع الشورما أو الطعمية ، وأجزم أيضا أن وزارة الإعلام لن تتحمل فلسا واحدا من خسارة القناة .

إننا أمام ظلم كبير وقع على قناة "الأسرة" ينبغي رفعه ، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن حلف الفضول ، وهو حلف اجتمعت قبائل من قريش في دار عبد الله بن جدعان - لشرفه ونسبه - فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرهم إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته ، وهذا حلف في الجاهلية .

يقول نبينا صلى الله عليه وسلم عنه : " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت " أو كما قال .

قال الإمام القرطبي في "جامعه" : " وهذا الحلف هو المعنى المراد في قوله عليه السلام: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" ، لأنه موافق للشرع إذ أمر بالانتصاف من الظالم فأما ما كان من عهودهم الفاسدة وعقودهم الباطلة على الظلم والغارات فقد هدمه الإسلام والحمد لله " .ا.هـ.

وختاما : لا أنسى أن أقول : إن أسلوب وزارة الإعلام في إغلاق قناة "الأسرة" أسلوب غير حضاري مع احترامي ، فمشروع القناة سيفتح أبوابا من النفع للمجتمع من جهات عدة :

أولا : من الناحية الفكرية فهي ستحقق هدفا مهما تنشده وزارة الداخلية لتحقيق الأمن الفكري لأنها قناة اتخذت من الكتاب والسنة شعارا ومنهاجا لها يشبه تماما ما ورد في النظام الأساسي للحكم ، وهذه منقبة تعتبر للقناة فعجبا لوزارة تحارب قناة تطابقت أهدافها مع أهداف النظام الأساسي للحكم .

ثانيا : من ناحية فتح الوظائف للشباب العاطل فتخيلوا معي كم من الوظائف ستحفظ بها الشباب السعودي ؟!

فهل تكفر وزارة الإعلام عن ظلمها واستخدام سلطتها في غير محلها برد اعتبار قناة "الأسرة" وذلك بالسماح لها أن تعاود بثها ، وتعويضها عن خسائرها المالية ؟

أرجو ذلك ...

إضاءات :


عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ : أَنَّ رَسُولَ اللهَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... الحديث "

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . متفق عليه .

وَعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ : عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَىَ عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ أَنَّهُ قَالَ : " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَىَ نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً، فَلاَ تَظَالَمُوا ... الحديث " .أخرجه مسلم .

قال سعيدُ بنُ عبد العزيز : كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه .

عبد الله بن محمد زقيل
15 –5 – 1432هـ
zugailamm@gmail.com
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية