بسم الله الرحمن الرحيم

أسئلة وأجوبة


الحمد لله وبعد .
هذه أسئلة قديمة جمعتها من أرشيف " سحاب " أحببت أن أضعها بين أيديكم لتعم بها الفائدة .
أسأل الله أن ينفع بها .

السؤال الأول :
حول قول الإخوة من الإقليم المصري (والنبي) .
من سياق الكلام، فـ( والنبي ) تعني ( رجاء ) ، وأحيانا ً هي قسم على المُخاطب .
في كل الأحوال ، أتدخل الكلمة في حكم الحلف بغير الله ، وبذا : الشرك ؟! بغض النظر عن سياق الكلام ؟؟ آخذين في الاعتبار كون اللهجات فصحى محرفة ؟؟
هل يغير هذا الحكم ؟؟؟؟
الــــجــــواب :
لابد أن تعلم أن الحلف لا يكون إلا بالله عن عبد الله ‏رضي الله عنه ‏‏أن النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال ‏: ‏من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ‏. البخاري (2482) .
‏عن ‏عبد الله بن عمر ‏‏رضي الله عنهما ‏‏أن رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أدرك ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏‏وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال ‏: ‏ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ‏. البخاري (6155)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ‏قوله ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) ‏: ‏قال العلماء : السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده .
وقد يكون الحلف بأسماء الله تعالى وصفاته على تفصيل وتقاسيم لأهل العلم لا نطيل في ذكرها .
فإذا قررنا هذه القاعدة المهمة في الحلف أو القسم كما يعبر عنه أيضا فعند ذلك حُلت عندنا إشكالات كثيرة .
وكذلك مما يجوز الحلف به الحلف بالقرآن أو بعضه أو بالمصحف والحلف بالمصحف إذا لم يرد به الورق والمداد والجلد فإنه يمين ينعقد .
وسبب جواز الحلف بالقرآن أن القرآن كلام الله وكلامه صفة من صفاته والحلف بصفاته حلف به سبحانه .
فإذا قررنا ما سبق نأتي على الحلف بغير الله .
حكم الحلف بغير الله :
الحلف بغير الله محرم ودليل ذلك ما قدمناه من حديث ابن عمر .
والحلف بغير الله شرك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وقد سمع رجلا يقول : لا والكعبة فقال ابن عمر : لا يحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .
رواه أبو داود (3251) والترمذي (1535) وحسنه .
وهذا الشرك لا يخلو من أمرين :
الأول : شرك أكبر وذلك إذا اعتقد أن المحلوف به مساو لله تعالى في التعظيم وذلك لصرفه خصيصة من خصائص الألوهية والربوبية للمخلوق .
الثاني : شرك أصغر وهو مجرد الحلف بغير الله .
وهناك بحوث كثيرة في موضوع اليمين وأحكامه نكتفي بما أوردناه .


السؤال الثاني :
س : هل يجوز القسم بوضع اليد على القرآن عند فعله؟؟
يفعله كثيرون من الناس هذه الأيام !
الــــجــــواب :
يعجبني فيك كثرة أسئلتك التي يشعر من خلالها الإنسان أنك ترغب في التعلم والتفقه .
أما جوابا على سؤالك :
لقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين سؤالا نصه :
شخص حلف على المصحف كذبا في أيام الطفولة أي كان يبلغ 15 سنة ولكنه ندم على هذا بعد بلوغه سن الرشد وعرف أن هذا حرام شرعا فهل عليه إثم أو كفارة ؟
الجواب : هذا السؤال يتضمن مسألتين المسألة الأولى الحلف على المصحف لتأكيد اليمين وهذه صيغة لا أعلم لها أصلا من السنة فليست بمشروعة ....ا.هـ. الشاهد من السؤال .
( نور على الدرب - فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 43)
وقال عمرو عبد المنعم سليم في كتابه " السنن والمبتدعات في العبادات " ( ص232 - 233) :
وأما وضع اليد على المصحف عند القسم ، فهو من عادات النصارى في الشهادات في القضايا والمحاكم ، يضعون أيديهم فوق الإنجيل ، ثم يقسمون أن يقولوا الحق ، ونحن مأمورون بمخالفتهم ، منهيون عن مشابهتهم كما تقدم بيانه .

كما أن الحلف بالمصحف ، والإقسام عليه فيه إشكال ، فإن أريد القرآن ، فلا بأس ، ولا حاجة آنذاك إلى وضع اليد عليه ، لأن القسم ينعقد بالنطق ، وإن أريد به الورق والمداد فهو حرام غير جائز .ا.هـ.
وقال الشقيري في كتاب " السنن والمبتدعات " (ص214) عند فصل في بدع ضلالات متعلقة بالقرآن العظيم :
واعتقادهم أن من حلف على المصحف يصاب بالعمى والكساح وهو من خرافاتهم وجهالاتهم المضحكة .ا.هـ.
وإن وجدتُ إضافة للموضوع وضعتها لاحقا إن شاء الله .


السؤال الثالث :
س : ما رأيك بعمليات جراجة التجميل ؟؟
أعني ( جراحة التجميل ) !
الــــجــــواب :
لقد ذكر صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها " (ص173 - 188) الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي - نفع الله بعلمه - تفصيلا في هذه المسألة ، وملخصه ما يلي :
عرّف الأطباء المختصون جراحة التجميل بأنها : جراحة تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة ، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص ، أو تلف أو تشوه .
وجراحة التجميل تنقسم عندهم - أي الأطباء - إلى قسمين :
1 - جراحة التجميل الحاجية - ضروري - .
ومقصودهم بكونه ضروريا لمكان الحاجة الداعية إلى فعله ، إلا أنهم لا يفرقون فيها بين الحاجة التي بلغت مقام الاضطرار ( الضرورة ) والحاجة التي لم تبلغه ( الحاجية ) كما هو مصطلح الفقهاء رحمهم الله .
وهذا النوع المحتاج إلى فعله يشتمل على عدد من الجراحات التي يقصد منها إزالة العيب سواء كان في صورة نقص ، أو تلف ، أو تشوه ، فهو ضروري ، أو حاجي بالنسبة لدواعية الموجبة لفعله ، وتجميلي بالنسبة لآثاره ونتائجه .
والعيوب التي توجد في الجسم على قسمين :
القسم الأول : عيوب خلقية :
وهي عيوب ناشئة في الجسم من سبب فيه لا من سبب خارج عنه ، وهما ضربان :
الضرب الأول : العيوب الخلقية التي ولد بها الإنسان .
الضرب الثاني : العيوب الناشئة من الآفات المرضية التي تصيب الجسم .
أمثلة الضرب الأول :
- الشق في الشفة العليا " الشفة المفلوجة " .
- التصاق أصابع اليدين والرجلين .
- انسداد فتحة الشرج .
أمثلة الضرب الثاني :
- انحسار اللثة بسبب الالتهابات المختلفة .
- أورام الحويضة والحالب السليمة .
القسم الثاني : عيوب مكتسبة :
وهي العيوب الناشئة بسبب من خارج الجسم كما في العيوب والتشوهات الناشئة من الحوادث والحروق .
ومن أمثلتها :
- كسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير .
- تشوه الجلد بسبب الحروق .
- تشوه الجلد بسبب الآلات القاطعة .
- التصاق أصابع الكف بسبب الحروق .
قال الشيخ بعد هذا التقسيم :
وهذا النوع من الجراحة الطبية وإن كان مسماه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل إلا أنه توفرت فيه الدوافع الموجبة للترخيص بفعله .
فمما لا شك فيه أن هذه العيوب يستضر الإنسان حسا ، ومعنى ، وذلك ثابت طبيا ، ومن ثم فإنه يشرع التوسيع على المصابين بهذه العيوب بالإذن لهم في إزالتها بالجراحة اللازمة ...
ولا يشكل على القول بجواز فعل هذا النوع من الجراحة ، ما ثبت في النصوص الشرعية من تحريم تغيير خلق الله تعالى ... وذلك لما يأتي :
أولا : أن هذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة الموجبة للتغيير ، فأوجبت استثناءه من النصوص الموجية للتحريم .
ثانيا : أن هذا النوع لا يشمل على تغيير الخلقة قصدا ، لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر والتجميل والحسن جاء تبعا .
ثالثا : أن إزالة التشوهات والعيوب الطارئة لا يمكن أن يصدق عليه أنه تغيير لخلقة الله ، وذلك لأن خلقة العضو هي المقصودة من فعل الجراحة وليس المقصود إزالتها .
رابعا : إن إزالة تشوهات الحروق والحوادث يعتبر مندرجا تحت الأصل الموجب لجواز معالجتها فالشخص مثلا إذا احترق ظهره أذن له في العلاج والتداوي ، وذلك بإزالة الضرر وأثره لأنه لم يرد نص يستثني الأثر من الحكم الموجب لجواز مداواة تلك الحروق فيستصحب حكمه على الآثار ، ويؤذن له بإزالتها .

وبناء على ما سبق فإنه لا حرج على الطبيب ولا على المريض في فعل هذا النوع من الجراحة والإذن به ، ويعتبر جواز إزالة العيوب الخلقية في هذا النوع مبنيا على وجود الحاجة الداعية إلى فعله ، وأما العيوب الحادثة بسبب الحروق والحوادث ونحوها فإنه تجوز إزالتها بدون ذلك الشرط اعتبارا للأصل الموجب لجواز مداواة نفس الحرق ، والجرح ... والله تعالى أعلم .
2 - جراحة التجميل التحسينية - اختياري - .
وهي جراحة تحسين المظهر ، وتجديد الشباب .
وتنقسم إلى نوعين :
النوع الأول : عمليات الشكل ، ومن أشهر صوره ما يلي :
- تجميل الأنف بتصغيره ، وتغيير شكله من حيث العرض والارتفاع .
- تجميل الذقن ، وذلك بتصغير عظمها إن كان كبيرا ، أو تكبيره بوضع ذقن صناعية تلحم بعضلات ، وأنسجة الحنك .
- تجميل الثديين بتصغيرهما إذا كانا كبيرين ، أو تكبيرهما بحقن مادة معينة مباشرة في تجويف الثديين - تسمى هذه المادة بمادة السلكون - ، أو بحقن الهرمونات الجنسية ، أو ثإدخال النهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة في الطية الموجودة تحت الثدي .
- تجميل الأذن بردها إلى الوراء إن كانت متقدمة .
- تجميل البطن بشد جلدتها وإزاة القسم الزائد بسحبه تحت الجلد جراحيا .
النوع الثاني : فإنه يجرى لكبار السن ، ويقصد منه إزالة آثار الكبر والشيخوخة ، ومن أشهر صوره :
- تجميل الوجه بشد تجاعيده .
- تجميل الأرداف .
- تجميل الساعد ، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم .
- تجميل اليدين ، ويسمى في عرف الأطباء " بتجديد شباب اليدين " وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوه جمالها .
- تجميل الحواجب ، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها ، نظرا لكبر السن وتقد العمر .
موقف الشريعة من هذه الجراحة :
وهذا النوع من الجراحة لا يشمل على دوافع ضرورية ، ولا حاجية ، بل غاية ما فيه تغيير خلقة الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو غير مشروع ، ولا يجوز فعله ، وذلك لما ياتي :
أولا : لقوله تعالى : " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " .
ثانيا : لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللآتي يغيرن خلق الله . رواه البخاري ومسلم .
ثالثا : لا تجوز جراحة التجميل التحسينية كما لا يجوز الوشم والوشر والنمص بجامع تغيير الخلقة في كل طلبا للحسن والجمال .
رابعا : أن هذه الجراحة تتضمن في عدد من صورها الغش والتدليس وهو محرم شرعا .
خامسا : أن هذه الجراحة لا يتم فعلها إلا بارتكاب بعض المحظورات وفعلها ، ومن تلك المحظورات التخدير .
سادسا : أن هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ عنها ففي جراحة تجميل الثديين بتكبيرهما عن طريق حقن مادة السلكون أو الهرمونات الجنسية يؤدي ذلك إلى حدوث أخطار كثيرة إضافة إلى قلة نجاحها .
ثم ختم الشيخ هذا المبحث بقوله :
وتعتذر طائفة من هذا الصنف بعد بلوغهم لأهدافهم المنشودة في الحياة بسبب عدم اكتمال جمالهم .
والحق أن علاج هذه الأوهام والوساوس إنما هو بغرس الإيمان في القلوب ، وزرع الرضا عن الله تعالى فيما قسمه من الجمال والصورة ، والمظاهر ليست هي الوسيلة لبلوغ الأهداف والغايات النبيلة ، وإنما يدرك ذلك بتوفيق الله تعالى ثم بالتزام شرعه والتخلق بالآداب ومكارم الأخلاق .ا.هـ.
هذا ملخص ما ذكره الشيخ في كتابه المذكور ، والكتاب رسالة العالمية ( الدكتوراة ) للشيخ - حفظه الله ونفع بعلمه - .
وأختم بهذه الفتوى الموافقة لتأصيل الشيخ الشنقيطي الآنف لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - فسئل :
س : ما الحكم في إجراء عمليات التجميل ؟ وما حكم تعلم علم التجميل ؟
جـ - التجميل نوعان : تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره .. وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من ذهب ...
والنوع الثاني : هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن وهو محرم لا يجوز ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب .
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس .ا.هـ.
فتاوى إسلامية (4/412) .


السؤال الرابع :
س : ما صحة استحباب الإسلام أن يفصل بين الحملين ثلاثة أعوام ؟؟
أظن قرأت هذا في ( تربية الأولاد ) لعبد الله علوان !
الــــجــــواب :
لا يصح ما ذكرت ، وليتك تذكر لنا رقم الصفحة في الكتاب الذي أشرت إليه ، فقد رجعت إلى الكتاب فلم أجد شيئا مما ذكرت .


السؤال الخامس :
شاب يرغب بالالتزام ، فكذا يريد التقيد بالسنة، ومنها إطلاق اللحية .
لكن الشاب شبه أمرد ، وإن نبت له شعر لحيه ، فليس مرتبا ً وليس في مناطق متساوية على الجانبين .
سألني ، ولم أستطع إجابته :
هل أطلقها وأتركها مهما كان شكلها ؟؟ حتى وإن كان شكلها غير طبيعي ومنفر ؟؟
الشاب تركها قبلا ً، لكنها لم تكن مرتبة على الإطلاق .
فماذا يفعل ؟؟
وكذا يسأل عن حكم اللحى وحلقها : هل يجوز لمن في مثل حالته ؟
يقول : ربما إن داومت على حلاقتها لفترة معينة ، ينبت الشعر أقوى وأكثر وفي مناطق أخرى ، فهل يجوز لي هذا ؟
يقول أن هذا ما لاحظه على بعض المناطق في وجهه ، فهل إن استمر على هذا لغرض إنبات الشعر في المناطق الأخرى يأثم ؟؟
قلت له أن اللحية حكمها ( سنة مؤكدة ) ، لكن الصراحة لم أعرف كيف أقول له بترك لحيته غير مرتبة ومنفرة ! هو الآن يحلقها !
يقول : المرء يتقي الله قدر المستطاع ، وأنا ليس باستطاعتي أن أطلق اللحية ! والعبرة بتقوى الله أولا ً وأخيرا ًً !
وسألني إن كان هناك نصوصا ً في تأثيم من يحلق اللحى ، كلعن الرسول للنامصة والمستوشمة، إلخ ؟؟ قال : إن الله جميل يحب الجمال !
فهل من مساعدة ؟!
الــــجــــواب :
قل له : وترك اللحية من تقوى الله لأن الأمر بإطلاقها جاء عمن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فقال : وفروا اللحى . أطلقوا اللحى .
فمن تقوى الله ومن علامات المتقين امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله أن يجعلنا من المتقين المتبعين لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم .
 


الـسـؤال الـسـادس :
قال صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة "
لكن ، ماذا تفعل المرأة العاقر ؟؟
هل يُفهم من هذا الحديث أن تترك هذي المرأة فريسة للعنوسة ؟؟
وماذا إن كانت راغبة بالرجال ؟ أما الولد، فليس بمقدورها !
ثم ، ماذا إن تزوجها رجل متزوج فقط ليستر عليها ؟
قد يأتيها يوم وتصبح وحيدة في هذه الدنيا ، وقد تكون ما زالت شابة ! وفي هذا من الفتنة ما الله به عليم !
حاشا لرسول الله أن يقر بهذا ، لكن .. نريد فهم ما يجب على هؤلاء النسوة العاقرات .
والله من وراء القصد .
الــــجــــواب :
العاقر ترضى بما قضاه الله لها ولا تيأس ولا تقنط من فضل الله ورحمته وتلح في الدعاء على الله أن يرزقها الله الذرية وهذا ما حصل مع نبي الله زكريا قال تعالى في قصته :
" هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ . فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ . قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" . [ آل عمران : 38 -40 ]
وقال تعالى : " كهيعص . ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا . قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا . قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا " . [ مريم : 1-9 ]

قال القرطبي في تفسيره :
السابعة : إن قال قائل : هذه الآية تدل على جواز الدعاء بالولد ، والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد ، ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال : " إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ " [التغابن: 15] .
وقال : " إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ " [التغابن: 14] .
فالجواب أن الدعاء بالولد معلوم من الكتاب والسنة حسب ما تقدم في " آل عمران " بيانه .
ثم إن زكريا عليه السلام تحرز فقال: ( ذرية طيبة ) وقال : " واجعله رب رضيا " .
والولد إذا كان بهذه الصفة نفع أبويه في الدنيا والآخرة ، وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة .
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأنس خادمه فقال : (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) فدعا له بالبركة تحرزا مما يؤدي إليه الإكثار من الهلكة .
وهكذا فليتضرع العبد إلى مولاه في هداية ولده ، ونجاته في أولاه وأخراه اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والفضلاء; وقد تقدم في " آل عمران " بيانه.
وكم سمعنا من القصص أن رجالا ونساء كانوا لا ينجبون ولكن الله من عليهم بالولد فالله جل وعلا كريم . نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الذرية .

رابط الموضوع

عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com