بسم الله الرحمن الرحيم

هل يجوز الزواج بالنصرانية.. اليوم ؟!!.. خبر وتعليق..


الخبـــــــــــــــــــــــــــــــر......

أمريكيتان وأطفالهما يلجأون لقنصلية بلادهما بالسعودية 1110 (GMT+04:00) - 17/06/03

واشنطن، الولايات المتحدة (CNN)-- أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية الاثنين لـ CNN أن امرأتين أمريكيتين وأطفالهما لجأتا إلى القنصلية الأمريكية في جدة في محاولة لمغادرة الأراضي السعودية.

وأضاف المسؤول أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع الإفراج عن أسماء هؤلاء الأفراد بسبب قانون السرية الشخصية.

ورغم أن السفارات والقنصليات الأمريكية غير قادرة على منح اللجوء لتفادي انتهاك القانون السعودي، فإن المسؤول في الخارجية الأمريكية قال إن لجوء الأمريكيتين إلى القنصلية "قد يوفر حماية مؤقتة داخل منشآتها لمواطنين أمريكيين يتهددهم خطر، لحين اتخاذ ترتيبات ملائمة تضمن سلامتهم."

وأضاف المسؤول أن الإدارة الأمريكية "على اتصال مع الجهات السعودية ويحاولون التنسيق معهم" بشأن الأمريكيتين وأطفالهما.

وبمقتضى القانون السعودي، فان الأزواج لهم حق المطالبة بحضانة الأطفال الذين يعتبرون مواطنين سعوديين، كما لا يحق للأمريكيات المتزوجات من سعوديين أو بنات السعوديين من زوجات أجنبيات مغادرة البلاد بدون إذن الزوج أو الأب.

وقال مسؤول الخارجية الأمريكية إن إدارته "تسعى لحل عدد من المسائل المتعلقة بحضانة الأولاد، ومسائل أخرى تتعلق بحرية السفر خارج السعودية."

وكان أحد مسؤولي الخارجية الأمريكية قد توجه في أبريل / نيسان الماضي إلى السعودية لمناقشة عدة قضايا، من بينها مسألة سفر النساء الأمريكيات المتزوجات من سعوديين بحرية خارج البلاد.

http://arabic.cnn.com/2003/middle_east/6/17/saudi.refuge/index.html 


التعليـــــــــــــــق...

هل يجوز الزواج بالنصرانيات اليوم؟
جاء النهي عن الزواج بالمشركة في سورة البقرة، قال الله تعالى:

{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}.

والإشراك هو عبادة غير الله تعالى مع الله، وبهذا المفهوم فإن اليهوديات والنصرانيات محرمات على المؤمنين، فهم مشركون، قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}.

لكن جاءت آية المائدة تستثني الكتابيات، فتبيح زواج المؤمنين بهن، قال تعالى:

{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان}.

وإلى هذا ذهب طائفة من العلماء كابن عباس ومالك وسفيان الثوري والأوزاعي: أن آية البقرة عامة لجميع المشركات من غير استثناء، ثم نسختها آية المائدة في حق الكتابيات.

وذهب قتادة وابن جبير إلى آية البقرة عامة في المشركات دون الكتابيات، فآية المائدة ليست ناسخة، بل حكم مستأنف، يبين جواز الزواج بالكتابيات..

فكلا القولين متفقان على جواز الزواج باليهوديات والنصرانيات..

وذهب طائفة من العلماء إلى ضد ذلك، فزعمت أن آية البقرة ناسخة لآية المائدة، فحرموا نكاح كل مشركة: كتابية، أو غير كتابية؛ واستدلوا على ذلك بأثر عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنه قال:

"حرم الله المشركات على المؤمنين، ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله".. صحح سنده النحاس، وقال:

"وهذا قول خارج عن قول الجماعة، الذين تقوم بهم الحجة:

- لأنه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة، منهم: عثمان وطلحة وابن عباس وجابر وحذيفة، ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك وفقهاء الأمصار.

- وأيضا يمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة للآية التي في سورة المائدة، لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة، والمائدة من آخر ما نزل، وإنما ينسخ الآخر الأول.

- وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه، لأن ابن عمر رحمه الله كان رجلا متوقفا، فلما سمع الآيتين: في واحدة التحليل، وفي أخرى التحريم، ولم يبلغه النسخ توقف، ولم يؤخذ عنه ذكر النسخ، إنما تؤول عليه، وليس الناسخ والمنسوخ بالتأويل..اهـ

كذلك مما قيل في رد قول من قال بمنع الزواج بالكتابيات:

- إن لفظ الشرك لايتناول أهل الكتاب في القرآن، لأن الله تعالى يذكرهما جميعا، كقوله تعالى: {مايود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم}، وقال: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين}.. انظر: تفسير القرطبي 3/67-69.


ذلك حاصل كلام العلماء في هذه المسألة، والصواب جواز الزواج بالكتابيات، لكنه مشروط بشروط، من دونها لا يجوز، ذكرت الآية بعضها، وأخرى مستقاة من واقع الحال حين نزول الآية.

- والشروط هي: أن تكون كتابية.. محصنة.. تخضع لقوامة الرجل.. وهذا تفصيلها:

1- أن تكون الكتابية..
كما جاء النص عليه في القرآن: يهودية أو نصرانية؛ مؤمنة بدينها، غير ملحدة، فلا يكفي أنها من بلد نصراني، أو أنها في أصلها نصرانية، من أبوين نصرانيين، بل لا بد كذلك أن تكون هي مقرة بدينها ملتزمة بالجملة بما فيه، وإلا فهو مانع من الإباحة.

2- أن تكون محصنة.
كما جاء النص في القرآن، أي عفيفة، كما قال ابن عباس، وقال الشعبي: "هو أن تحصن فرجها، فلاتزني، وتغتسل من الجنابة" (تفسير القرطبي 6/79)، فإذا كانت بغيّة، أو من اللاتي تهب نفسها لمن شاءت، وتتخذ الأصدقاء من الرجال، اتباعا لثقافات الحرية والانحلال السائدة في بيئتها، فتلك ليست بمحصنة، وهذا مانع من الإباحة.

وقد ورد أن عمر الخطاب رضي الله عنه أراد أن يفرق بين حذيفة وكتابية، فقال له حذيفة: "أتزعم أنها حرام، فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين؟، قال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن". (تفسير القرطبي 3/68).

3- وهو الشرط المأخوذ من واقع الحال حين نزول الآية: أن تكون المرأة من اللاتي تخضعن للرجل، وتقر له بالقوامة، وما يتبع ذلك من الطاعة وعدم النشوز..
وذلك أن العرب حين نزول الآية كان للرجل الولاية على المرأة، فإذا تحقق هذا الشرط، وإلا فالمنع.. وتحقيق الشرط ألا يكونا في بلد يعطل قوامة الرجل على المرأة، ويعينها على النشوز، ويعطيها من الحقوق ما ليس لها، كأن تستحوذ على الأولاد بعد الطلاق، ونحو ذلك..

على أن لهذا الشرط دليلا مستنبطا من قوله تعالى:
{ولاتنحكوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}..

فإن آية المائدة ما نسخت إلا الحكم في نساء أهل الكتاب دون الذكور، فبقي الحكم المنع في زواج المسلمات بأهل الشرك عموما، ومنهم أهل الكتاب، والسؤال هنا:

لم أذن للمؤمنين ولم يؤذن للمؤمنات الزواج من أهل الكتاب؟…

لاريب أن السبب الظاهر هو: القوامة..

لما كانت القوامة للرجل كان الإذن للمؤمنين، وذلك أن المؤمن إذا تزوج بكتابية، فقوامته عليها مما ييسر دخولها إلى الإسلام، فالمرأة تبع للرجل، تدور حيث دار، فإذا أحبته كان إسلامها أرجى، وهذه المصلحة تتعسر إذا تعطل حقه في القوامة عليها، وهذا بخلاف المؤمنة إذا نكحت مشركا، فإنها معرضة للفتنة في دينها، إما بالأذى، وإما بحبها له، فقد تترك دينها إلى دينه، وهذا متوقع، لما في المرأة من ضعف وعاطفة..

يضاف إلى ذلك أنه في ظل القوامة فإن الرجل المشرك هو الذي يعلو المرأة المؤمنة لو كان زوجها، وفي الأثر: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليها)، فليس الكافر كفؤا للمؤمنة…

هذا الفرق في الحكم يوقفنا على حقيقة الإذن للرجل المسلم أن يتزوج بالكتابية، وأن ذلك كله مبني، من ضمن ما هو مبني عليه، على تحقق القوامة، فإذا عطلت فمفسدتها أكبر من مصلحتها، فلا هو سبيل لإسلامها، إلا قليلا، ويتبعها من المفاسد ما لا يحصى، فربما نشزت عليه فلا يستطيع نيل حقه الشرعي منها، وإذا طلقها لم يقدر على تحصيل أولاده منها، ففسد فراشه، وربما تهود أو تنصر عياله، وهو لايستطيع إلى منع ذلك سبيلا، وأية مصيبة أعظم من أن يتسبب في كفر أبنائه.


إذا علم ما سبق، فإن أكثر أحوال الزواج بالكتابيات اليوم لاتتحقق فيها تلك الشروط الآنفة، أو بعضها، إلا قليلا:

- فالإلحاد يبسط سلطانه على كثير من بلاد الغرب، وهي ظاهرة منتشرة، فالبلاد النصرانية علمانية، لاتحتكم إلى الدين في شيء، ولاتأمر بذلك..

- والانحلال الخلقي، والعلاقات غير المشروعة هو الأصل في أوربا وأمريكا، ومن الظواهر السلبية: أن تكون الفتاة بلا صديق، والاختلاط هو الأصل، وكذا التعري، والحرية الجنسية، والفتاة لاتخضع لولاية أحد عقب الثامنة عشرة من عمرها، وعليها أن تنفق على نفسها، ولها أن تفعل ما تشاء، وفي مثل هذه الأوضاع أنى يمكن تحصيل العفيفة، إلا فيما ندر، والنادر لا حكم له؟!!.

- ثم قوانين تلك البلاد لاتعترف بالقوامة أصلا، بل تعده رجعية تخلفا، وكم عانى المتزوجون من الكتابيات من هذه القوانين، ففقدوا مصالحهم وأبناءهم، وتجرعوا الندم لما لحقهم من الخسران والوبال..

ولو أنهم راعوا الشروط السابقة لما نالتهم تلك المصائب، فإن كثيرا منهم تزوج من ليس لها من دينها إلا الاسم، ولاتلتزم به جملة ولا تفصيلا، وليست بمحصنة، بل بغية لم تتب، ولم تتبرأ من ذنبها، ولا تعترف بالقوامة والخضوع لولاية الرجل، تزوجها بدعوى أنها كتابية دون أن ينظر في تطبيق شروط الزواج بها، فناله ما ناله، مما نسمع به كل يوم..

فبعض الذين تورطوا ابتغوا تصحيح الخطأ، فسارعوا بالخروج بأبنائهم، خشية عليهم من الكفر، واضطروا للتحايل على قوانين تلك البلاد، التي لا تحكم بدين ولا بشريعة، فمنهم من نجاه الله فنفذ بهم إلى بلاد الإسلام، ومنهم من لم يقدر، ثم إن بعض تلك البلاد ما زلت تلاحق إلى اليوم من تسميهم رعايا لهم، وهم أولا هذا المسلم من تلك النصرانية، تلاحقهم إلى بلدانهم تطالب برجوعهم إلى حيث الكفر والرذيلة، بل ربما سعت في تدبير اختطافهم، وكم من هؤلاء الآباء في عنت وخوف، من أن يسرق منهم أبناؤهم.

فلو أنهم عملوا بالشروط، لما وقعوا فيما وقعوا فيه، وكان أمر الله قدرا مقدورا..


مما جاء في هذا السياق: مسالة تزوج المسلم بالكتابية إذا كانت من أهل حرب..

فقد ذهب بعض العلماء إلى المنع من ذلك: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال:
"لايحل، وتلا قول الله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسول ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.

وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير" (القرطبي 3/69)

وقال ابن عباس أيضا في قوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}: "هو على العهد دون الحرب، فيكون خاصا"، تفسير القرطبي 6/79

والسبب كما صرح مالك، فإن ذلك يضر بالولد، ففي حال الحرب لن تكون للمسلمين إليه سبيل، فقد يكفر، وهذه مفسدة عظيمة، ليس المسلم في حاجة أن يتسبب فيها، وقد أغناه الله بالمؤمنات، والواقع والحال اليوم أن قوانين البلاد الغربية لا تأبه لدين فضلا عن دين الإسلام، ولا يستطيع المسلمون أن يرغموا دولة منها على تطبيق الحكم الشرعي في أبناء المسلمين من الكتابيات، وإذا كان الأمر، فالزواج بهن مفسدة أيما مفسدة، {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}..

وفي ظننا أن كثيرا من الذين دخلوا في هذه التجربة مقتنعون تماما القناعة بخطأ السبيل الذي ساروا فيه، وربما كان من الخير لهم وللمسلمين أن يعلنوا خطأ تجربتهم، كي يحذر من يريد تكرارها..

أبو سارة
abu_sarah@maktoob.com

الصفحة الرئيسة