بسم الله الرحمن الرحيم

من ذكريــــــات عــام 95م....


قال موسى عليه السلام: يا رب حدثني عن أحب الناس إليك.. قال: لم؟..
قال: لأحبه بحبك إياه..
قال: " عبد في أقصى الأرض، سمع به عبد آخر في أقصى الأرض، لايعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته، لايحبه إلا لي، فذلك أحب خلقي إلي " رواه أحمد في الزهد
-------------------

إليكم هذا الخبر:
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_2122000/2122141.stm 

سكان سربرنيتسا يحيون ذكرى موتاهم

يتجمهر آلاف الأشخاص في حقل بالقرب من مدينة سربرنيتسا البوسنية لحضور مراسم في الذكرى السنوية لأفظع جريمة من جرائم الحرب البوسنية.

وكان نحو 7,000 مسلم قد لقوا مصرعهم على أيدي القوات الصربية أثناء محاولتهم الفرار من المدينة في تموز/يوليو من عام 1995.
الرجال والصبيان سيقوا بعيدا وأعدموا، بمن فيهم والداي وشقيقي حسن نوهانوفيتش، أحد الناجين من المجزرة وأفاد مراسل للبي بي سي بأن هناك مشاهد عاطفية مؤثرة حيث يتجمع أقارب الضحايا في الحقل الواقع في قرية بوتوتساري على مقربة من المدينة.

وتأتي مراسم إحياء الذكرى السنوية للمجزرة وسط توتر متجدد في الشطر الصربي من البوسنة، حيث تقع صربرنيتسا.

فقد أُرسل صربيان مؤخرا لكي يواجها المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب ذات صلة بالمجزرة التي حصلت في المدينة، على الرغم من أن المشتبه بهم الرئيسيين ما زالوا طليقين.

إجراءات أمنية مشددة

ويفيد مراسل البي بي سي في بوتوتساري، ماثيو برايس، بأن النسوة البوسنيات اللواتي كن ترتدين ملابس تقليدية وأغطية للرأس سلمن بعضهن البعض زهورا.

ما زال أهالي صربرنيتسا يحملون جراحا غائرة في نفوسهم وسيتم إسدال الستار عن شاهد قبر رمزي في أحد الحقول. ومن المقرر أن يُحوَّل الموقع إلى مقبرة للضحايا في وقت لاحق من هذا العام.

واتخذت إجراءات أمنية مشددة في المكان. فلقد تم نشر نحو 2,000 رجل شرطة. ونُصِبت حواجز على الطرقات في أنحاء المنطقة.

يشار إلى أن هذه المراسم تقام في كل عام من دون توتر يذكر. بيد أن مراسل البي بي سي يقول إن هناك إمكانية أكبر لحصول توتر هذا العام.

وفي الأيام القليلة الماضية، أُلقي القبض على شخصين صربيين، هما ميروسلاف درونييتش، 47 عاما، ورادوفان ستانكوفيتش، 33 عاما، مدانيْن بجرائم حرب وأُرسلا إلى محكمة الجرائم الدولية في لاهاي.

ومنذ إحياء مراسم الذكرى في العام الماضي، تمت إدانة الجنرال راديسلاف كرستيتش، وهو من صرب البوسنة، بالضلوع في أعمال إبادة جماعية لدوره في مجزرة صربرنيتسا. وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 46 سنة في آب/أغسطس 2001.

ولكن أرفع اثنين مستوى من المشتبه بضلوعهم بالإبادة الجماعية من صرب البوسنة، الرئيس الأسبق رادوفان كراديتش وقائد الجيش السابق راتكو ملاديتش، ما زالا طليقين.

وقد صدرت في حق كليهما مذكرة إدانة قضائية دولية بالضلوع في مجزرة سربرنيتسا أثناء حرب البوسنة.

ملاذ آمن

ومنذ العام الماضي، ظهرت تفاصيل جديدة أيضا عن فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين في سربرنيتسا.

وكانت المدينة قد صُنِّفت كملاذ آمن من قبل الأمم المتحدة، التي كانت لها قوات مرابطة فيها. ولكن لدى تقدم القوات الصربية نحو المدينة في تموز/يوليو من عام 1995، لم يكن جنود حفظ السلام المسلحين بأسلحة خفيفة قادرين على منعهم من اقتحامها.

آلاف الجثث ما زالت محفوظة في توزلاوفي نيسان/أبريل أنحى تقرير رسمي هولندي باللائمة على حكومة البلاد، والمسؤولين العسكريين فيها والأمم المتحدة لفشلهم في الحيلولة دون حصول المجزرة. واستقالت الحكومة الهولندية وقائد الجيش جراء نشر التقرير.

ويتذكر حسن نوهانوفيتش، وهو أحد الذين نجوا من المجزرة حيث كان إبان حصولها مترجما في الأمم المتحدة: "أمر جنود وضباط الكتيبة الهولندية كافة اللاجئين الذين كانوا داخل قاعدتهم بمغادرة القاعدة".

وأضاف: "سُلِّم كل اللاجئين الـ6,000 إلى القوات الصربية وسيق كافة الرجال والصبيان من بينهم بعيدا وأعدموا، بمن فيهم والداي وشقيقي".

ومضى يقول: "لم أستطع أن أصدق أن ذلك كان يحصل لعائلتي".

وما زالت جثث العديد من أولئك الذين قضوا نحبهم، نحو 4,000 شخص ربما، محفوظة في مدينة توزلا القريبة، حيث ما زالت عملية التعرف على هوية الموتى جارية على قدم وساق.


ذلك هو الخبر ... وقد كان في ذلك العام 1995، الموافق 1416هـ، وقد كتبت حينها المقال التالي، أترككم معه:

((( ........سقطت سيربرنتسا.........)))))))

هل سمعتم ورأيتم أو قرأتم ماالذي حدث في البوسنة هذه الأيام ؟ ..
سقطت مدينة " سيربرنتسا " في أيدي الصرب الكفار، هذه المدينة أعلنتها الأمم التحدة منطقة آمنة وزرعت فيها قواتها، لكن لما أراد الصرب احتلالها، انسحبت قوات الأمم المتحدة دون أدنى مقاومة تذكر، تاركة للصرب العبث بالمدينة ومن فيها، وكأنهم إنما هيئوها لهم..

لايعنينا مواقف الدول الغربية الكافرة من القضية، فأمر عداوتهم لنا محسوم منذ القديم، إنما الذي يعنينا أمرين:
الأول: يتعلق بإخواننا في البوسنة ..
والثاني: يتعلق بنا..

أما ما يتعلق بإخواننا:
لقد رأيتم جميعا أعدادهم الكثيرة، وكلهم نساء وأطفال، كيف قد تجمعوا بلا مأوى، ولامعين، ولا ناصر، في أحضان أعدائهم، تنطق أعينهم الحسرة والبؤس والشكوى إلى الله، مما يفعل بهم هؤلاء الأوغاد، أصبحوا تحب رحمتهم وعنايتهم، وفي وجوههم ألم يعبر مايجول في خواطرهم تجاه إخوانهم المسلمين في كل مكان، حسرة عظيمة في قلوبهم من خيانة المسلمين لقضيتهم وإهمال نصرتهم، وهم يرونهم بهذه الحالة العسيرة.

أما ما يتعلق بنا:
فالغريب جدا، أنه مع فضاعة وبشاعة مانرى مما يحل بإخواننا، أننا لايتحرك لنا شعرة، ولايهتز لنا كيان ولانشعر بآلامهم، حياتنا كما هي في رتابتها ووضاعتها، هم البطن والفرج والكلام واللهو واللعب وتضييع الأوقات..

ومن قرأ التاريخ عرف الحقيقة: من خذل خُذل.. ومن ترك نصرة أخيه ندم ..

بعضنا يسمع ويرى مثل هذا الخبر وهو على الطعام، فيأكل حتى يمتليء بطنه وينفجر، ثم يواصل السهرة وهو يستمتع بالأغاني والأفلام، وكأن شيئا لم يحدث ! قلوب ميتة، أفئدة خاوية، ليست فيها حياة..

أيتها الأمة ..
أفيقي ، فالحياة عصيبة وحرب المسلمين عادة مستديمة، كلما انتهوا من أمة وأكلوها، شرعوا في أمة أخرى، وهكذا، سلسلة طويلة ولن يوقف زحفهم إلا وقفة صلبة منا تجاههم، تعلمهم أنا أقوياء بالله عزوجل..
- عيب على الضعيف أن يلهو، ويترك أسباب تعلم القوة..
- وفساد رأي من الفقير أن ينام، ويترك سبل الكسب ..
- وانتكاس من الأمة أن ترى نفسها مأكولة مهضومة، فلا تعمل على حفظ ماء وجهها واعزاز نفسها ..
رمت أمريكا قنبلة على اليابان، فظنت أنها بذلك قد أذلتها وسحقتها إلى الأبد، لكن مالبث الزمان حتى عادت الأمة المهزومة في ذلك اليوم: أمة قوية مرهوبة الجناب تقرر ماتريد..

كيف ذلك؟!!..
لما شعرت أنها لايمكنها أن تتبوأ مركزا بين أمم الغابة، إلا باتخاذ أسباب القوة، فعلمت أبناءها الجد والعمل، لم يقل شعبها: كيف لنا أن نجاري مثل تلك القوىالعظمى..

وإنما غرست في أبنائها مفاهيم عملية صحيحة:
- أن الأمة القوية هي التي تعمل، ولامكان عندها للعبث واللهو صغارا كانوا أم كبارا، وهذا العمل يجب أن يكون في مصلحة الأمة، لافي مصلحة النفس فحسب..
علموهم حفظ الأمانة، فمصلحة الأمة مقدمة على جميع المصالح الذاتية..
فساروا على هذا النهج خمسين عاما..
واليوم من يقف أمامهم، ومن يستطيع أن يرغمهم على قبول مالايريدونه، فضلا عن أن يعتدى عليهم، ولوكانت عدوتهم الأولى أمريكا، أولئك الذين كانوا يوما أصحاب سيادة عليهم، هم اليوم يستجدونهم في فتح أسواقهم أمام بضائعهم، لم يعد بإمكانهم أن يستخدموا معهم سلاح القوة ومنطق الغابة.

هذه الدنيا لاتعرف إنصاف الضعفاء، من كان ضعيفا فحقه مسلوب وكرامته ضائعة ودمه مهدر.

نحن المسلمون يجب علينا أن نعرف ماهو دورنا بين الأمم، لاينبغي أن تكون أمة تعبد الشمس مثل اليابان خيرا منا في معرفة المصالح والمفاسد والنافع والضار، فنحن قد رزقنا الله المال والعلم والدين، والدين وحده كاف في بناء قوة ومناعة للأمة ..

كانت جيوش المسلمين تهزم جيوش الكافرين البالغة مئات الألاف، وهم لايتجاوزون بضعة آلاف، كما حدث في معركة تبوك واليرموك وغيرها، قال ربنا تعالى :
- { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين }..
- { ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون } ..
كانوا ينتصرون بقوة العقيدة والإيمان التي بنوها في قلوبهم، بالتزام الأوامر واجتناب النواهي، حتى ذهل أجداد هؤلاء الكفار الغرب، من انتصاراتهم بالأعداد القليلة والعتاد المتواضع، فسأل ملكهم راهبهم عن سر ذلك، فأجابه: " إن المسلمين إذا جن الليل، فهم عباد، يصفون أقدامهم للصلاة، ويقرأون القرآن، ويدعون الله، ويسألونه النصر، ويقيمون دينهم كما أمرهم الله، وأما جنودك فهم في ليلهم يشربون الخمر، ويعاشرون النساء بالحرام " ..

إذاً هذا هو سبب الهزيمة والنصر:
{ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } ..
فنحن نستطيع أن نهزم أعداءنا ونحن في بيوتنا، ولو كنا في شرق الأرض وهم في غربها، نهزمهم بحفظ الدين وتعلمه ونشره والدعوة إليه، وكل انسان ملتزم بأوامر الله لايعصيه ولا يحاربه، فهو سيف مسلط على رقاب الأعداء، يحسبون له ألف حساب، ولو كان أعزلا من السلاح، فإيمان المرء وصلاحه يجعل حوله سياجا وهيبة يذل لها العاصين..

إننا نستطيع أن نهزم أعداءنا بالدعاء، والله لو أن أحدنا كان مخلصا في دعائه ربه تعالى، ولو أخلصنا جميعا في الدعاء لهذه الأمة: أن يفرج الله عنها كربها، ويعزها، ويدحر الكفار، وتخيرنا أوقات الإجابة مثل: الثلث الآخر من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي يوم الجمعة، في آخر ساعة بعد العصر، أوعند الإفطار أو في السفر:

فلن يخيبنا الله أبدا، فالله وعد ولن يخلف وعده، فقال: { أدعوني أستجب لكم }..
فما خاب من رجا ربه...
لكن هل تدرون لماذا في بعض الأحيان لايستجاب لنا؟..
لأننا ما قمنا بما يتوجب علينا من شروط إجابة الدعاء، فمن شرطه:
- أن نكون مخلصين الدعاء..
- وأن نحضر قلوبنا، ونعلم ما نقول فنشعر ما يحدث لإخواننا..
- وأن نتحرر من الإصرار على المعاصي، فإنها قيود تمنع إجابة الدعاء.
------
إن من أحب عباد الله الى الله: رجل بلغه عن أخيه مصيبة، فتألم لها..
قال موسى عليه السلام: يارب حدثني عن أحب الناس إليك..
قال: لم؟..
قال: لأحبه بحبك إياه..
قال: " عبد في أقصى الأرض، سمع به عبد آخر في أقصى الأرض، لايعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته، لايحبه إلا لي، فذلك أحب خلقي إلي "
رواه أحمد في الزهد

هؤلاء هم المؤمنون، رحم الإله صلاح الدين الأيوبي ما زال يجاهد لأجل المسلمين حتى حرر الأقصى، وأخرج الأنجاس منها، وأعادها إلى حوزة المسلمين، كان يوما مشهودا، ونصرا عظيما، تحقق على يد أمه مسلمة صادقة..
فهل سنكون مثلهم؟..
نأمل ذلك ،اللهم آمين.
---------
اللهم انصر المسلمين أينما كانوا، اللهم خذ بأيدهم وقوي عزائمهم، اللهم احفظ نسائهم وأطفالهم وشيوخهم وشبابهم من كل سوء، اللهم فرج كربتهم، اللهم اغفر زلتهم، اللهم ازل عنهم الضر، اللهم إنهم عبيدك لاحول قوة لهم إلا بك، فأعطهم القوة والبأس وامنحهم الإيمان والصبر، اللهم عجل بنصرك ورحمتك، اللهم اثلج صدورنا بسلامتهم، يارب هم اخواننا وأحبابنا نشهدك على ذلك، ونحن - وأنت تعلم- متألمون لما يحدث لهم، وليس بأيدينا إلا الدعاء لهم، فلا تخيب يارب رجاءنا في أن تنصرهم، وتجلي المحنة والعذاب عنهم..
اللهم آمين ، اللهم آمين ، اللهم آمين .

أبو سارة
abu_sarah@maktoob.com

الصفحة الرئيسة