صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشيخ إبراهيم جابر السناني - رحمه الله - كما عرفته

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


✍️ إنّا لله وإنّا إليه راجعون .
إنّ القلب ليحزن وإنّ العين لتدمع، وإنّا على فراقك ياشيخ إبراهيم لمحزونون .
اكتب هذه الكلمات بعد وفاته بساعات وأنا أرى هذا الكمّ الهائل من الدعوات له، وهذا الحبّ العارم للفقيد، وقد ظهر كأظهر ما يكون لمحبين لحبيبهم .

وصلنا خبر وفاته يوم السادس من رمضان قبل المغرب بساعة تقريباً وهو وقت إجابة الدعوات.
فانتشر خبر وفاته انتشاراً عجيباً، ورُفعت له الدعوات بالرحمات والمغفرة في هذا الوقت المبارك وطيلة ليلة الوفاة إلى أن دُفن حتى قال أحدهم :
أظنّ كل أهل أملج دعو له من كثرة الرسائل التي انتشرت في الدعاء له .
وعجّت وسائل التواصل بالثناء والرحمات عليه، وانتشرت مقاطعه التي كان ينشرها في ظاهرة لم تُسبق من قبل.
فأي خير ساقه الله له، وسبحان من يسخّر لعبده الصالح من يُثني عليه ويدعو له من غير طلب منه، وينشر له هذا الثناء بعد وفاته .

ولعل سائل يسأل كيف يحصل مثل هذا للعبد ؟
وجوابها يطول ولكن يجمعه ( رحمة الله وتوفيقه لعبده ، وحسن صلة العبد بمولاه ) ولعلي أُجمل هنا بعض الجوانب التي أعرفها عن الشيخ إبراهيم السناني :

🌱 أوّلها : نشأته الصالحة ؛ فالشيخ إبراهيم نشأ نشأة صالحة، ويصدق عليه أنّه ( شاب ليس له صبوة ) فقد عُرف بمحافظته على الصلاة منذ صغره ولزومه خدمة والده حتى أتمّ دراسته الثانوية ثمّ وُفِق للدراسة في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وكان كثير الصلاة في الحرم حريصاً على دروس الشيخ عطيه محمد سالم رحمهم الله جميعاً .
وبدأ حفظ كتاب الله وأتقنه وهو طالب في الجامعة وختمه في مدة وجيزة، وبعدها لا تسل عن شدة اتصاله بالقرآن وكثرة ترداده له، وتغنّيه به والعيش معه، فقد كان محباً له شديد الاتصال به، طويل الصلاة به حتى أنّه كان يُلام كثيراً وهو يؤمّ الناس، ولا أظنّه يفعل ذلك إلا لشدة شغفه به وحبه له .

🌱 وممّا تميّز به : استغراق حياته بالدعوة إلى الله .
فقد بدأ دعوته بعد تخرجه من الجامعة مباشرة فعُيّن إماماً وخطيباً بعد تخرجه بمدة وجيزة فانشغل بهما قريباً من ثلاثين سنة، فكم هو مقدار الخير الذي حصّله في حياته - كتب اللهُ أجره - .
والحديث حول دعوته يطول ، ولعلي أُجمله في نقاط :
1️⃣ حبه للدعوة وشغفه بها فلا يكاد يجلس مجلساً إلا وعظ وذكّر، فكانت غالب مجالسه ذكر ودعوة ونصيحة .
2️⃣ ومن ذلك أنّه حُبّب إليه دعوة البادية حتى أنّه أشترى سيارة خاصة لهذا الغرض، وكان يقصد تجمّعات الناس في البادية فيوعظهم بأسلوب ليس له مثيل وكان يحفظ أشعارهم وقصصهم الواقعية حتى تخدمه في قبول نصحه .
3️⃣ ومن ذلك : حرصه على درسه اليومي في مسجده فهو من الأئمة النادرين الذين لا يكاد يترك درس المسجد كل يوم، وله أسلوبه الفريد المحبوب للحاضرين، وكم انتفع من توجيهاته خلق .
4️⃣ والعجيب في أمر دعوته :
أنّه في هذا العام الذي مات فيه توجّه توجّهاً كلياً لنشر مقاطع الفيديو بأسلوبه البسيط السهل المميز لتنتشر بعد خبر وفاته انتشاراً ليس له مثيل، فسبحان من يسوق لعبده الخير من حيث لا يعلم، وقد عزم أحدُ محبيه انشاء قناة يوتيوب له لتبقى للشيخ - بإذن الله - صدقة جارية .

🌱 كان باراً بوالديه فعلى الرغم من كثرة ارتباطاته وبُعد سكنه - نوعاً ما - عن والديه إلا أنّه كان يومياً عندهم يُؤنسهم ويخدمهم، والعجيب أنّه في آخر أيّام حياته كان مرابطاً عند والدته لا يكاد يفارقها، فرفعه الله بهذه الأعمال .

🌱 ومما منّ الله به عليه : سلامة صدره للمسلمين فقد عرف عنه إخوانه ذلك، فتكاد تجزم أنّه لا يحمل حقداً على أحد - ولا نزكي على الله أحداً ، فقد أفضى لربه - ولذا اجتمعت القلوب على محبته، فليس له مخاصمات أو مناكفات، بل كان سهلاً ليّناً محبوباً من الجميع فلذا حزن أغلب الناس على فراقه .

🌱 ومما أعرفه عنه : عِفّة لسانه ؛ فقد كان عفيف اللسان لا تكاد تسمع منه كلمة مشينة، أو تصدر منه كلمة تُوذي جليس، بل مجلسه غالباً ما يعلوه الأنس والابتسامات والسرور، وخصلة عِفة اللسان قلما يتحلى بها أحدٌ ولكنّي أحسبه أنّه وفِق لها .

صفاته لا تنتهي ولو أردت تعدادها لطال الكلام ولكنّها إشارات أردت من خلالها أن أوفي حق صداقته ومحبته، وأن نتأمّل حال الصالحين وكيف أنّهم يعيشون على أحسن سيرة في الدنيا ، ونوقن ببركة الطاعة على صاحبها في الدنيا والتي يُرجى من ورائها حُسن الثواب في الآخرة .

🌱 وختاماً أُجمل القول هنا فأقول :
ونحن نرى هذه السيرة العطرة لأحد أفراد أمتنا أوصي نفسي وإيّاك أن نحرص على الصلاح والاستقامة فهي - وربي - سبيل العز والكرامة، وأساسها مراقبة الله والعناية بفرائضه وأعظمها فريضة الصلاة .
واحرص على بِرّ والديك ففي بِرهما بركة الدنيا وحسن ثواب الآخرة .
واحرص على التحلي بالخصال الكريمة من سلامة الصدر، والبعد عن الحقد والحسد، واحرص على عِفّة اللسان وحفظه ومراقبته .
واحرص على الدعوة إلى الله ولا تتكاسل، فكم فيها من أجور لأصحابها، وتأمّل معي في هذه الثمرة لدعوة الشيخ إبراهيم :
وأنا أكتب مقالي هذا يراسلني أحد الإخوة فيقول :
( الذِكرُ العظيم المبارك : " سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " أردده يومياً من عشرين سنة، وقد تعلمته من الشيخ ابراهيم جابر - رحمه الله - من أحد دروسه )
فأبق لك عمل صالحاً وذكراً طيباً وصدقات جارية - إن كنتَ قادراً - من تلاوات ومقاطع تنفع العباد لتكون لك أثراً بعد الممات .
وبعد /
هذه حياة رجل من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم حزن الناس لفقده وذكروه بهذا الخير ، فلنحرص يارعاك الله أن نُطيّب حياتنا ، فوالله عمّا قليل كلنا سنرحل، جعلنا اللهُ نرحل منها بأحسن الذكر .

كتبه المحبٌ لأبي عزام /
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي ١٤٤٢/٩/٧ .
اللهم اغفر لأخي إبراهيم واجمعنا به في جنّاتك جنّات النعيم .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عادل المحلاوي
  • رسائل دعوية
  • مقالات موسمية
  • كتب
  • مقالات أسرية
  • خطب الجمعة
  • الصفحة الرئيسية