بسم الله الرحمن الرحيم

الإيمان هو الأساس- دروس في الإيمان(56-57)

(56)

- وجوب الإيمان بالرسل جميعا

من كفر برسول واحد فقد كفر بجميع الرسل

وكما يجب الإيمان بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى على رسله _إجمالا وتفصيلا-فإنه يجب الإيمان بالرسل جميعا-كذلك إجمالا وتفصيلا-ومن زعم الإيمان ببعضهم دون بعض فهو غير مؤمن-حقيقة-بجميعهم، بل لم يؤمن بالغيب جملة-ومنه الإيمان بالله-ذلك لأن الله أمر بالإيمان بهم جميعا، ولم يقبل من أحد فرق بينهم إيمانا، كما لم يقبل إيمان من فرق بين كتبه.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا}. النساء 163.

وقال تعالى {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما}. النساء150-152.

هذا الإيمان الذي لا يقبل الله من أحد سواه هو الذي وصف الله به رسوله وأمته كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}. البقرة 285.

وهذه هي الميزة التي حباها الله هذه الأمة التي آمنت بالغيب كله فسارت في قافلة عباده الصالحين من لدن آدم عليه السلام إلى أن ختم الله أنبياءه ورسله بنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فاستحقت بذلك أن تكون أمة وسطا-عدلا خيارا-وأن تكون شاهدة على غيرها من الأمم، لما عندها من الحق، وأن تكون خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} البقرة 143.

وقال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} آل عمران 110.

ومن هنا كان المرجع الوحيد في دين الله لكل البشر، هي هذه الأمة التي جعلها شاهدة على سواها من الأمم وخصها بآخر كتبه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل رسولها خاتم جميع الرسل الذين أخذ عليهم الميثاق على الإيمان به ونصره، لو أدركوه قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} آل عمران 82

(57)

دعوة إبراهيم وبشارة عيسى

وقد دعا نبي الله ورسوله إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ربه أن يبعث رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة، كما قال تعالى:{وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}. البقرة: 127-129.

وبشر به آخر رسول بعثه الله إلى بني إسرائيل، وهو عيسى صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى عنه: {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}.الصف: 6

وقد روى العرباض بن سارية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إني عبد الله لخاتم النبيين، وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين ترين} [مسند الإمام أحمد: (4/127-128)]. وعن أبي أمامة، رضي الله عنه، قال: قلت: يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: {دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور، أضاءت منها قصور الشام}.[ نفس المصدر (5/262)، وراجع تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/186)، (4/360)]

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل