بسم الله الرحمن الرحيم

هل بلغت التراقي وهل من راق؟


هل تشعر الدولة العراقية بقرب أجلها، بسبب ما دلت عليه القرائن من أن المحتلين مضطرون لسحب قواتهم المعتدية التي رتبت الأمور لتنصيب الحكومة الحالية، بعد أن تحالفت مع قادتها، و أفسدت في أرض العراق، بقتل سكانه وهدم مدنه وقراه وإحراق الأخضر واليابس فيه؟

واتخذت جميع الوسائل التي أتيحت لها لتثبيت الحكومة المصطنعة، بما في ذلك الانتخابات الحرة! تحت المقاتلات التي ملأت سماء المدن العراقية، والدبابات التي ملأت شوارعها، حماية للمنتخبين من هجمات المجاهدين الرافضين للاحتلال، وللتنصيب الجبري من خارج الشعب، وكانت تلك العُدَد في نفس الوقت تحرق المدن الرافضة للاحتلال، وكل ما بني عليه من ترتيبات ظالمة.

ولكن زعماء تلك الجيوش المحتلة رأت مصارع جنودها المستمرة على أيد المجاهدين الذين يحبون الموت في سبيل الله أشد من حب المحتلين للحياة في سبيل الشيطان، فبدأت تسرب ما هي مقدمةٌ عليه من سحب جيوشها وما قامت به من التفاوض مع بعض الفئات في العراق وقد تكون من غير المجاهدين الذين علموها بأن العراق لأهله الذين لا يمكن أن يدبر أمره الأجانب المحتلين مع من يرفضهم ممن لم يدخلوه إلا على ظهور دباباتهم الذين شعروا الآن بالخطر، على أنفسهم، وأنهم لا يمكن أن يبقوا على كراسي حكم العراق في عاصمة الرشيد، إلا تحت حماية الطاغي المحتل، الذي لم يدخل العراق من أجلهم، وإنما دخله لتحقيق أهدافه وأهداف اليهود الوجلين من جيش العراق الشجاع الذي دبر لإسقاطه بليل منذ الحربين السابقتين في الخليج: مع إيران والكويت، وكذلك سكان العراق الأحرار الذين يأبون أن يناموا على ضيم، مهما ظاهر بعض أعدائهم بعضا، من داخل العراق أو خارجه، قريبين منه أو بعيدين.

ونحن على يقين أن زعماء الاحتلال لا يسحبون قواتهم الظالمة إلا بعد أن يخططوا تخطيطا لحرق العراق بعد رحيلهم، على ضوء ما يسمى بـ"اللبننة و الأفغنة و البلقنة!"

والمؤسف أن المعتدين، من الصليبيين أو اليهود، إذا أعيتهم الحيل فلم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم مباشرة وجدوا سماسرة ينفذون لهم ما أرادوا.

ولهذا أخذ قادة الحكومة يشكون ويصيحون خائفين من المأزق الذي وقعوا فيه وقد يوقعهم المحتل في مآزق أخطر تكون وبالا عليهم، بعد انسحاب الجيوش الأجنبية من العراق، لأن انتخاباتهم لو كانت طبيعية لحماهم الشعب الذي انتخبهم، فتلفتوا شرقا وغربا ولسان حالهم يقول: هل مغيث أو راق ؟!

وهنا يبرز سؤال مهم، وهو: هل ستجد الحكومة -التي يبدو أن فرائصها ترتعد- من يغيثها، أو يرقيها فيَخلُف قواتِ المحتل إذا انسحبت، هل سيكون لزعماء الاحتلال دور فيه؟ وهل له من مقابل؟ ومن هو هذا المغيث وما هو هذا المقابل؟ وهل من رابط يجمع بين الحكومة وهذا المغيث وما هو؟ وهل له من تأثير في منطقة الخليج؟

هي أسئلة يفرضها الجو الذي اختلطت فيه الأوراق كما يقال، ولعل المحللين السياسيين و الذين لهم خبرة في غوص بحار السياسة وجداولها وشوارعها وأزقتها وألاعيبها يستطيعون أن يسعفوا الجاهلين بالإجابة عنها، وإلا فسيكون الجواب في الواقع المنتظر، وليس المهدي القائم ولا المنتظر، وهو عنوان لمقال قرأته في بعض المنتديات لبعض الدعاة لا يقصد ظاهره بل له فيه مآرب أخرى، كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام وعصاه.
 

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

الصفحة الرئيسة    |    صفحة الشيخ