بسم الله الرحمن الرحيم

السباق إلى العقول (48-51)
وسائل أهل الحق في السباق إلى العقول


الوسيلة الحادية: المؤتمرات والندوات.
إن المؤتمرات والندوات من أهم الوسائل التي يمكن اتخاذها للسباق إلى العقول بالحق الإلهي.
جوانب يبرز فيها خطر المؤتمرات والندوات.
ويبرز خطر المؤتمرات والندوات في الجوانب الآتية:
الجانب الأول:
أن المؤتمرات والندوات تعقد-غالبا-في أوقات تشتد الحاجة إلى عقدها لتحقيق أهداف ومصالح عامة تعود على الأمة بالخير، إما لجلب مصالح وإما لدفع مفاسد واقعة أو متوقعة، فهي-في الأصل-وسيلة بحث ودراسة لخطوات التعاون على البر والتقوى، تعاونا مبنيا على تخطيط ومشاورة، وليست مجرد مواعظ وخطب حماسية، وإن كانت الخطب والمواعظ من وسائل حفز همم المؤتمرين ودفعها إلى الجد والعمل، للوصول إلى النتائج المرجوة من اجتماعهم.
الجانب الثاني:
أن المشاركين في المؤتمرات والندوات، يكونون في الغالب من وجوه الأمة وأعيانها وخبرائها ومثقفيها، وذوي التأثير فيها، بحسب الهدف الذي عقد له المؤتمر أو الندوة، ومن ذوي الاختصاص في مجالات المؤتمر وموضوعاته.
الجانب الثالث:
أن المؤتمرات والندوات، يعد لعقدها إعدادا مبكرا توضح به الأهداف والموضوعات، ويختار لها المشاركون، ويستكتب المتخصصون، وتُكَوَّن لذلك الإعداد اللجان الْمُنَظِّمَة والْمُمَوِّلة، والمشرفة، واللجان العلمية المتخصصة، وتختار لها عناوين البحوث التي تكتب وتقرأ وتمحص من قبل لجان تحكيم متخصصة.
الجانب الرابع:
أن المؤتمرين يعطون الوقت الكافي، لطرح أفكارهم وتوصياتهم ومناقشتها مناقشات مستفيضة، تدون وتسجل ثم تلخص، فتكون منها خلاصة لقرائح عقول صفوة المتخصصين والمهتمين، في موضوع المؤتمر أو الندوة.
الجانب الخامس:
أنه يختار في النهاية لجنة من ذوي التخصصات المتنوعة، للاطلاع على ما دار في المؤتمر من أفكار وتوصيات واقتراحات من أفراد ولجان فرعية لتصوغ التوصيات صياغة رصينة شاملة قابلة-في الأصل-للتنفيذ.
ولهذه الجوانب كلها أثرها الفعال في نجاح المؤتمرات والندوات من الناحية النظرية، وكذلك من الناحية الإعلامية.
الجانب السادس:
أن المؤتمرين يكلفون-غالبا-لجنة لمتابعة قرارات المؤتمر وتوصياته حتى تؤتي ثمارها.
ومن هنا تظهر أهمية المؤتمرات والندوات، في التأثير على العقول وسبق الحق إليها.
سنة متبعة.
وعقد المؤتمرات للتشاور وإبداء الآراء ومناقشتها، للوصول إلى نتيجة ترضي الله تعالى سنة متبعة.
فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه ويجمعهم، ليستشيرهم ويعرف رأيهم ويحاورهم بصفته ولي أمرهم، ثم يمضي ما اتفق عليه معهم، أو ما أراه الله أنه خير، كما حصل ذلك في غزوة بدر، وغزوة أحد ، وغزوة حنين، في شأن غنائم أهل الطائف وسبيهم .
وقد عقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مؤتمر لهم بعد وفاته وقبل دفنه، في شأن اختيار خليفة له في سقيفة بني ساعدة، وأتبعوا ذلك بمؤتمر أعم في المسجد النبوي في اليوم الثاني، تمت في كليهما البيعة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه .
ولما مرض أبو بكر رضي الله عنه، شاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في استخلاف عمر، وكتب كتابا بذلك وقرئ على الناس في المسجد، وأشرف على الناس وقال: (أترضون بمن استخلفت عليكم...) .
ولما طعن عمر رضي الله عنه، كلف ستة نفر بأن يشاوروا الناس في اختيار خليفة له.. انتدبوا منهم عبد الرحمن بن عوف يشاور الناس ويشاورونه حتى تمت بيعة عثمان رضي الله عنه .
وعقد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مؤتمرا، في شأن الوباء الذي انتشر في الشام، توافد عليه في هذا المؤتمر كبار الصحابة وشاورهم في القدوم بمن معه إلى الشام وعرض كل فريق رأيه، ثم أخذ عمر بما اتضح له صوابه الذي أيده-بعد ذلك-حديث رواه عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك جمع أصحابه رضي الله عنه في شأن أرض العراق التي رأى عدم قسمتها في الغانمين للمصلحة العامة، وخالفه بعضهم، فأخذ يستشير ويسمع الآراء ويدلي بحججه، حتى انتهى إلى ما رآه أولا، مع شدة الخلاف في ذلك .
وكل تلك المؤتمرات كان الهدف منها إيصال الحق إلى العقول وإقناعها به بالحجة والبرهان.

المؤتمرات الإسلامية في هذا العصر.
وقد كثرت المؤتمرات الإسلامية (المنسوبة إلى الإسلام) في هذا العصر، وهي-على الإجمال-قسمان:
القسم الأول: مؤتمرات رسمية.
وهي ما تدعو إليها حكومة واحدة أو عدة حكومات، للبحث في موضوع معين يهم تلك الحكومة أو الحكومات، تحتاج فيه إلى دعم إسلامي في موقفها نحوه، سواء كان هذا الدعم المطلوب من بعض الحكومات لبعض، أو من علماء المسلمين ودعاتهم، لتظهر أنها على حق في موقفها من ذلك الموضوع.
وهذه المؤتمرات تحشد لها الطاقات المالية والبشرية والوسائل الإعلامية والاتصالات والمواصلات، وكل ما تحتاج إليه لنجاحها، وتحاول الجهة الداعية إلى المؤتمر أن توجه نشاطه وبحوثه ونقاشه وقراراته وتوصياته، لخدمة الغرض الذي دعت المؤتمرين من أجله، وهذا التوجيه قد يكون مباشرا أحيانا وقد يكون غير مباشر، والغالب أن قرارات المؤتمر ونتائجه تكون في مصلحة الجهة الداعية إليه، لعوامل كثيرة معروفة، وإن كان قد يحصل فيه ما لا يعلن من الاتجاهات المضادة لبعض الأعضاء الحاضرين.
ومن المؤتمرات الحكومية البارزة الاجتماعات التي تعقدها منظمة المؤتمر الإسلامي الذي تنضوي تحته حكومات الشعوب الإسلامية، وإن كان بعضها قد علق عضويته في هذه المنظمة.
وهذا المؤتمر يضم الدول التي تصرح في دساتيرها بأنها علمانية وهي أغلب دول المنظمة، ويضم بعض الدول القليلة التي تعلن أنها تحكم بالإسلام، ولذلك تتحكم في قرارات هذا المؤتمر ونتائجه الاتجاهات المتباينة لدى تلك الدول-وقد تتحقق فيه بعض المصالح، وإن كانت ضعيفة في مقابل ما يلاقيه المسلمون من مشكلات.
وقد تدخل في ذلك المؤتمرات المتخصصة التي تدعو إليها الجامعات ومراكز البحوث العلمية الحكومية، كالمؤتمرات الطبية، والفلكية، والجغرافية، والهندسية، والصناعية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والبيئية وغيرها.
وينبغي أن يغتنم الملتزمون بالإسلام والدعاة إليه من ذوي الاختصاص الذين يُدعَون لحضور هذه المؤتمرات، الفرص المتاحة لهم فيها لطرح ما أمكنهم طرحه، من الموضوعات الإسلامية المناسبة لموضوعات المؤتمرات ولتخصصاتهم، كالكلام عن أضرار الخمر والمسكرات والمخدرات، وأضرار الفواحش كالزنا واللواط، والنظافة الحسية والمعنوية في المؤتمرات الطبية، والحلول التي جاء بها الإسلام للوقاية من هذه الأضرار وعلاجها. وكذا إبراز الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وفي المؤتمرات الاقتصادية يبين المتخصصون الإسلاميون الجوانب الاقتصادية في الإسلام، وما فيها من حلول للمشكلات في الاقتصاد الرأسمالي الربوي أو الاقتصاد الاشتراكي.
وفي المؤتمرات السياسية يبين المتخصصون أسس السياسة الإسلامية ومزاياها، وكيف طبقت في الماضي وآتت ثمارها، وحاجة الناس إليها اليوم.
وفي المؤتمرات القانونية يبين المتخصصون الإسلاميون مزايا الفقه الإسلامي وشموله وثباته وسموه، وما فيه من ثروة يمكن أن تسعد بها البشرية لو طبقت.
وفي المؤتمرات الأمنية يبين المتخصصون أسس الأمن في الإسلام: المعنوية منها والمادية وهكذا... في جميع المؤتمرات التي تعقد في أي موضوع من الموضوعات يجب أن يشارك فيها العلماء والمفكرون والمتخصصون الملتزمون بالإسلام، لإظهار محاسن الإسلام ومزاياه في كل مجال لتنبيه العقول المشاركة إلى تلك المحاسن والمزايا.
القسم الثاني: مؤتمرات شعبية.
وهي المؤتمرات التي تقوم بها جماعات إسلامية منظمة-في الجملة-أو جمعيات خيرية، أو فئة معينة تجمعها رابطة خاصة، مثل فئة علماء الشريعة الإسلامية المتنوعة، كالفقهاء والمحدثين، ومثل علماء التاريخ الإسلامي، أو علماء الاجتماع الإسلاميين أو الأطباء الإسلاميين، أو النقابات المتلزم أعضاؤها بالإسلام، كالمحامين والصحفيين والمهندسين، والإعلاميين، وغيرهم كالطلاب.
وقد تكون المؤتمرات المنعقدة على مستوى مدينة أو محافظة أو قطر، أو على مستوى إقليمي يجمع عدة أقطار متقاربة جغرافيا أو متشابهة نظاما، أو على مستوى قومي محدد كالدول العربية، أو على مستوى قارة كآسيا وإفريقيا.. أو على مستوى عالمي.
وقد يكون المؤتمر المعقود محدد الوقت والهدف، كالدعوة إلى عقده مرة واحدة لمناسبة خاصة، وقد يراد له الاستمرار بأن يعقد دوريا: في كل عام أو خمسة أعوام أو أكثر أو أقل.
والفرص المتاحة للمؤتمرات الإسلامية الشعبية تختلف من قطر إلى آخر، ففي بعض الأقطار تحظر حكوماتها التجمعات الصغيرة فضلا عن الكبيرة بإذن وبدون إذن، وفي بعض الأقطار قد تأذن دولها بعقد بعض المؤتمرات بقيود تجعل ثمارها محدودة جدا-أعني بذلك دول الأقطار الإسلامية-ومن النادر أن توجد دولة في الأقطار الإسلامية تتيح فرصة للمؤتمرات الشعبية تكون لها حرية كاملة.
ولكن الفرص قد تتاح في بعض البلدان غير الإسلامية في الغرب وتتوافر فيها الحرية أكثر من الأقطار الإسلامية.
والواجب أن يغتنم الإسلاميون الفرص المتاحة لهم في كل مكان، قلت أو كثرت.
غايات المؤتمرات الإسلامية.
والغايات العامة للمؤتمرات الإسلامية، يجب أن تكون غايات أهل الحق في سباقهم إلى العقول، وقد سبق الحديث عنها.
ويضاف إلى تلك الغايات غايات أخرى عامة وخاصة، وغالبها يدخل ضمنا في الغايات المذكورة سابقا.

غايات للمؤتمرات العامة.
هناك غايات عامة ينبغي أن يجعلها المشاركون في أي مؤتمر نصب أعينهم، مهما تنوعت موضوعات تلك المؤتمرات، ومن أهمها ما يأتي:
أولا: السعي الجاد في جمع كلمة الأمة الإسلامية على الحق.
ويبدأ ذلك بمحاولة تخفيف حدة الصراع والخلاف الشديدين المستمر ين بين المسلمين، على المستويين: الرسمي، وهو الخلاف بين الدول الحاكمة في الأقطار الإسلامية، على أسس الإصلاح الإسلامية التي أمر بها الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتتلخص هذه الأسس في ركنين أساسين:
الركن الأول: أن يكون الإصلاح بالعدل.
ولا يجوز أن يتعمد القائمون بالصلح الوقوف بجانب القوي، ضد الضعيف المظلوم، كما جرت عادة كثير من الناس.
الركن الثاني: مناصرة المظلوم المعتدى عليه على ظالمه إذا لم يقلع عن ظلمه له.
وقد جمعت هذين الركنين آية الحجرات، كما قال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} .
وكذلك الاختلاف الحاصل على المستوى الشعبي، كالاختلاف بين الجماعات والأحزاب الإسلامية أو القبائل، يجب أن يكون من أهداف المؤتمرين العناية بالصلح بين هذه الفئات-وإن كان المؤتمر في الأصل عقد لغرض آخر، فإن التمزق الذي أصاب الأمة الإسلامية في هذا العصر سبب لها كوارث وأضعف كيانها، ولم يبق شعب أو دولة أو دول متجاورة أو متباعدة، إلا أصابها هذا الداء العضال، ولهذا كان جديرا بالعناية والاهتمام.
وهذه الغاية تحتاج-مع طرقها في كل المؤتمرات-إلى عقد مؤتمرات خاصة بها، لوضع مشروع كامل وعمل متواصل ولجان متنوعة من رجال أكفاء يكونون محل ثقة يسعون لجمع كلمة المسلمين بحكمة وتجرد وصبر، لوجود عقبات كأداء في طريقهم، منها الذاتي الداخلي ومنها الخارجي.
ثانيا: التذكير المستمر بتحقيق الإخوة بين المسلمين.
بحيث يحب بعضهم بعضا، ويحب بعضهم لبعض ما يحب لنفسه من الخير، وذلك يقتضي التعاون فيما بينهم والتنا صر والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثالثا: التنبيه على الأخطار التي تحيط بالمسلمين.
ويجب إقناع المسلمين بوجوب الوقاية من تلك الأخطار، أو دفعها بالوسائل الممكنة التي يجب أن تتخذ لها.
رابعا: الدعوة إلى تطبيق الإسلام في حياة المسلمين.
الأفراد منهم والأسر والشعوب والدول وعدم التفريط في شئ منه.
وتكرار العناية بهذه الغايات، ينبه الحاضرين وغيرهم ممن تبلغهم مناقشات المؤتمر وبحوثه وتوصياته وقراراته على أهميتها، وعلى أن الواجب عليهم جعلها من الأوليات التي يجب البدء بها، فيكون في ذلك وسيلة من وسائل السبق بالحق إلى العقول، وسوف لا يعدم المؤتمرون مناسبات في مؤتمراتهم تسوغ لهم طرق هذه الغايات ولو إجمالا.

غايات المؤتمرات الخاصة.
أما غايات المؤتمرات الخاصة، فإنها تتحدد بطبيعة كل مؤتمر على حدة.
فقد يكون المؤتمر دعويا، وقد يكون تعليميا تربويا، وقد يكون اقتصاديا، وقد يكون سياسيا، وقد يكون اجتماعيا، وقد يكون صناعيا، وقد يكون إصلاحيا،-يعني للإصلاح بين الناس-وقد يكون علميا شرعيا-يجتهد فيه علماء الشريعة في بعض القضايا الطارئة التي تحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها... وهكذا...
فطبيعة كل مؤتمر تحدد غايته التي عقد من أجلها، وموضوعاته التي تكتب فيها البحوث ويناقشها المؤتمرون، والأشخاص الذين يدعون لحضوره أصلا أو تبعا، وينبغي أن يكون لعلماء الإسلام وجود في كل المؤتمرات، حتى ولو كانت متخصصة كالمؤتمرات الطبية والهندسية، فالغالب أن تشتمل موضوعات المؤتمرات على ما قد يحتاج إلى فتوى فيه وبيان موقف الإسلام منه، وحضور العلماء الشرعيين يحقق غرضين:
الغرض الأول: صحة تصورهم وإدراكهم للقضايا التي يبحث فيها المتخصصون، وصحة الإدراك والتصور أساس في الحكم الشرعي على المدركات والمتصورات.
الغرض الثاني: بيانهم للحكم الشرعي في القضية المطروحة، ليستفيد منهم المتخصصون الذين لا يدرون الحكم الشرعي في القضية.
ثم إن وجود علماء الإسلام الشرعيين مع المتخصصين في العلوم الأخرى، يتيح لهؤلاء الاستفادة من أولئك في مجالات متنوعة من الموضوعات الإسلامية، يسألونهم عما يشكل عليهم في الحلال والحرام، وفي قضايا معاصرة سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، وفي اجتماعهم بهم في المؤتمرات فرصة قد لا يجدونها في غيرها لكثرة أشغالهم وتفرقهم.
وينبغي في المؤتمرات الخاصة إبراز ما يتصل بها من الموضوعات الإسلامية، في إعداد بحوث يتعاون على إعدادها ذوو الاختصاص في العلوم الكونية والطبية وعلماء الشريعة الإسلامية، ويبرز ذوو الاختصاص الحقائق العلمية، ويشرح علماء الشريعة الإسلامية ما وردت به النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة، ويبينون مدى موافقة الحقائق العلمية لما تضمنته النصوص، ليظهر بذلك معنى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، كما هو الحال في علم الأجنة وأطوار الجنين في القرآن الكريم.
وعندما يكون المؤتمر يتعلق بالقوانين والأحكام تبين الأحكام الشرعية، ومدى صلاحيتها في الماضي والحاضر والمستقبل، مع سموها وشمولها والنتائج التي تتحقق بتطبيقها.
وعندما يتعلق المؤتمر بحقوق الإنسان تبرز الحقوق الإنسانية في الإسلام، المنصوص عليها في الكتاب والسنة والمراجع الإسلامية، وكونها قد طبقت في واقع الحياة، ونالت البشرية من تطبيقها السعادة والرخاء، وحاجة البشرية اليوم إليها، مع التنبيه على أنها قد جربت كل النظم والمبادئ البشرية فلم تنل من غالبها إلا الشقاء تلو الشقاء.
وعندما يتعلق المؤتمر بالمحافظة على البيئة تبرز النصوص الواردة في عمارة الأرض واستغلال خيراتها، وغرس الأشجار فيها والمحافظة على نظافة الظلال بل طهارتها وعدم تنجيسها، وكذلك الطرق والشوارع وأجر من أزال الأذى عن الطريق، وأن ذلك من شعب الإيمان، وكون الإسلام أمر بالاقتصاد في الأكل والشرب، ونهى عن الإسراف والتبذير، حتى إنه أمر بمتابعة ما في الإناء من الطعام وأكله، حتى لا يبقى فيه شيء، ونهى عن البول في المياه. ونهى عن تعاطي كل ضار بالإنسان وتناول كل خبيث، ويدخل في ذلك شرب الدخان ونحوه، مما يلوث باطن الإنسان وظاهره، ويلوث الأجواء المحيطة به، وأمر بنظافة الجسم والثوب والأرض وطهارتها، حتى إن الصلاة لا تصح مع ملامسة نجاسة في ذلك كله.
وهكذا لا يوجد موضوع من الموضوعات التي تعقد لها المؤتمرات، إلا وللإسلام فيه قول، من ذلك الصناعات بأنواعها، فالسهم الواحد يؤجر عليه صانعه والرامي به ومنبله، والرفق بالحيوان الذي يغفر الله بسببه لساقي الكلب العطشان ذنوبه.
وهكذا الشؤون الاجتماعية كالعناية بالأسرة والحياة الزوجية والأولاد والآباء، والجيران، وصغار السن وكبار السن والمعوقين والفقراء واللاجئين…
وكذلك قضايا الأمن بمعناه العام الواسع الذي يشمل الأمة في كل شؤونها، كما أشار إلى ذلك سيد قطب رحمه الله في كتابه: السلام العالمي والإسلام [1].
فيجب أن ينبه على أن المحافظة على البيئة المعنوية، وهي الحرص على الطاعات والبعد عن الفواحش والمنكرات، من أهم ما جاءت به الشريعة...
وهو يتلخص في قوة الإيمان والعبادة والعمل الصالح، والتربية الإسلامية السليمة، والعمل بالأحكام الشرعية، وغرس الأخلاق الإسلامية، ثم تطبيق العقوبات الشرعية على من لم تُجدِ فيه التربية الإيمانية والعبادية والأخلاقية...
نخلص من هذا كله إلى أنه لا ينبغي أن نفوت أي فرصة تسنح في أي مؤتمر، دون أن تكون الدعوة إلى الإسلام متسللة فيه إلى عقول الناس في فقرات موضوعاته وبحوثه، ولكن ليس بمجرد الوعظ والحماس وإنما بالأساليب العلمية المناسبة للمؤتمر، حتى تكون المؤتمرات من وسائل السبق إلى العقول بالحق.

مؤتمرات لها لأولوية.
ومن أهم المؤتمرات التي يجب الاهتمام بها في هذا العصر: ما تعلق منها بالدعوة والتعليم والتربية.
وهذه الأبواب الثلاثة مترابطة، ويجب أن تكون هي محور نشاط الجماعات الإسلامية التي نصبت نفسها لحمل عبء هداية الناس وجمع كلمتهم على الحق ضد الباطل.
فالدعوة إلى الله، الأصل فيها أن تكون علنية يقصد بها كل الناس، كما أن الأصل فيها أن تكون شاملة في موضوعاتها فتشمل الجانب الإيماني، والجانب العبادي، والجانب الأخلاقي، والجانب التشريعي، والجانب الاقتصادي، والجانب الاجتماعي، والجانب الجهادي، والجانب السياسي، والجانب الإعلامي، غيرها.
والغرض أن دعاة الإسلام يجب أن يبينوا للأمة كل ما هو مطلوب منها، من الإيمان والعلم والعمل الصالح الذي يرضي ربها، ويمكنها في الأرض لنصر دينه وهداية خلقه، ويدعونها-مع البيان-إلى التطبيق.
وإذا كانت الفرصة متاحة للدعوة علنا لإبلاغها إلى كل الناس، بهذا الشمول في الموضوعات، فإن واجب الدعاة إلى الله أن يجتهدوا في إبلاغ الناس كافة بكل الموضوعات الإسلامية، ولا يجوز لهم أن يقصروا في شئ من ذلك ما داموا قادرين عليه.
ويدخل في ذلك المؤتمرات، فكل ما رأوا الحاجة داعية إلى العناية بموضوع من الموضوعات الإسلامية وحاجته إلى الدراسة والبحث والمشاورة، أعدوا له مؤتمرا يحيط بجوانبه، واختاروا له الأعضاء المناسبين في الاختصاصات وفي الدعم، وهيئوا له المكان والزمان المناسبين، وحشدوا له وسائل الإعلام لإبلاغ رسالته إلى الناس.
ولا يقيد الدعاة إلى الله في موضوعات المؤتمرات، إلا تقديم الأولى منها على غير الأولى.
ولكن هذين الأصلين-العلنية والشمول-غير متاحين الآن على إطلاقهما، فكثير من الدول الحاكمة للشعوب الإسلامية-وبخاصة العلمانية منها-لا تتاح فيها الفرص للدعاة الصادقين المؤثرين أن ينشروا دعوتهم ويبلغوها إلى كل الناس، وإذا أتيحت لهم فرص التبليغ لكل الناس بالوسائل الممكنة، لم تتح لهم فرص بيان كل الموضوعات الإسلامية، وإنما يؤذن لهم ببيان بعض الجوانب الإيمانية والعبادية، التي لا يصل أثرها إلى تحريك عقول الأمة، لتعي ما يجب عليها من طاعة الله وطاعة رسوله طاعة شاملة لكل حياتها على نهج كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحكيم شرع الله ورفض حكم الطاغوت الذي يحكمها.
وفي هذه الحالة يجب على علماء الدعوة ومؤسساتها، أن يضعوا لنشاطهم الدعوي-في الدول التي تحارب الدعوة الإسلامية الشاملة-بوسيلة المؤتمرات منهجين:
المنهج الأول: مؤتمرات مصغرة.
وتكون على مستوى المدن، وعلى مستوى المناطق، وعلى مستوى القطر، وعلى المستوى الإقليمي-عدد من الدول المتناسبة-وعلى المستوى الدولي.
فعلى مستوى المدينة يحضر المؤتمرَ مندوبون عن أحيائها، لتدارس سير الدعوة فيها، وملاءمة المنهج الذي تسير عليه الدعوة، ومدى تأثير الدعوة في الناس في كل حي، وما يعترض الدعوة من معوقات، وما تحتاج إليه الدعوة من الدعم بالمال والرجال، وتقديم اقتراحات لتطوير أساليب الدعوة ووسائلها، ولحل المشكلات التي تواجهها، وإزالة المعوقات أو تخفيفها، ومناقشة كل ما يمكن عمله من أجل انتشار الدعوة وحمايتها، ثم الانتهاء إلى وضع خطط مستقبلية وأهداف ووسائل لتحقيق تلك الأهداف، والتزام الجميع بذلك.
وكذلك يكون مؤتمر المنطقة، ثم مؤتمر القطر، على أن تكون تلك المؤتمرات كلها محكومة بقواعد شاملة تنسقها وتنظمها، بحيث لا يحصل بينها تداخل أو تضارب.
وعلى المستوى الإقليمي يحضر المؤتمرَ مندوبون عن الأقطار لتدارس شؤون الدعوة في كل قطر على حدة، ثم تدارس شؤونها على المستوى الإقليمي، بحيث تقدم تقارير مفصلة على المستويين، وتوضع خطط وأهداف ووسائل على المستويين-أي على كل مستوى وحده-مفصلة، متفقه وموصلة إلى أهداف وخطط ووسائل الدعوة العامة في الإقليم كله.
وهكذا تكون المستويات الإقليمية مع المستوى الدولي-مثل مستوى الأقطار مع المستوى الإقليمي-.
وتكون أولوية المستوى الدولي في المؤتمرات للموضوعات المناسبة لهذا المستوى، بحيث تكون له الصدارة في الأقاليم والأقطار، كما تكون الأولية على مستوى الإقليم للموضوع الأهم على مستواه، وهكذا الأقطار، ثم المناطق ثم المدن، وقد يكون موضوع قطر واحد ذا مستوى دولي.
وبالمثال يتضح المقصود.
قضية فلسطين-أرض القدس الشريف-هي قضية المسلمين جميعا، وموضوعاتها تهم المسلمين جميعا، وذلك لعدة أسباب:
السبب الأول: أنها جزء من بلاد الإسلام، بل من أهم أراضي المسلمين المقدسة، وأي جزء من بلاد الإسلام يجب على المسلمين كلهم حمايته والدفاع عنه، إلا إذا استطاع أهله أو البلدان المجاورة له حمايته حماية كافية، سقط بهم الواجب عن بقية المسلمين، وهذه الحماية لم تحصل، فبقي الوجوب على الجميع، وكل السلمين اليوم آثمون إن لم يجتهدوا في طرد الدولة اليهودية من أرض فلسطين دامت مغتصبة.
السبب الثاني: أن هذا الجزء المقدس تواطأت-تواطؤا مباشرا أو غير مباشر-على اغتصابه وغزوه وتقتيل أهله وتشريدهم وتهد يم منازلهم، الدولُ الغربية كلها سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وعسكريا ودينيا.
يضاف إلى ذلك أن الدولة اليهودية، حشدت لتأييدها كثيرا من دول العالم، حتى بعض حكومات الشعوب الإسلامية، التي عقدت معها علاقات دبلوماسية واقتصادية، وأمنية، ومنها بعض الدول العربية، كمصر والأردن، بل عقدت مع بعض حكام الشعوب الإسلامية تحالفات عسكرية، كما هو الحال مع الحكومة التركية العلمانية.
ولا تزال الدولة اليهودية تحشد في صفها الدول المؤيدة لها في الأمريكتين وفي أوروبا الغربية والشرقية، وفي إفريقيا، وفي آسيا، وهذه الدول تحيط بالشعوب الإسلامية [2].
هذا مع تمزق الدول العربية وتنازعها وفشلها، وتفريطها في حشد شقيقاتها في الشعوب الإسلامية...!
وكلما عظمت القوة المعتدية عظمت المسؤولية على الأمة، وأهل فلسطين غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم و مقدسا تهم، فكان الواجب على جميع المسلمين أن يقفوا بجانبهم بالمال والرجال والاقتصاد والسياسة والجهاد بكل أنواعه.
السبب الثالث: أن أجهزة الإعلام العربية-متواطئة مع أجهزة الإعلام الغربية-وتدور في فلكها القيادات الفلسطينية العلمانية، قد رسخت في عقول عامة المسلمين، ومنهم كثير من الشعوب العربية، أن قضية فلسطين قضية عربية، فكان في ذلك تضليل لعامة المسلمين الذين يجب أن يعلموا بأن قضية فلسطين هي قضية المسلمين جميعا، ويجب عليهم السعي بقدر الطاقة في تحريرها من اليهود.
هذه الأسباب وغيرها تجعل من قضية قطر واحد، وهو فلسطين ذات مستوى إسلامي دولي، وليست قضية على مستوى قطر واحد، ولها الأولوية-في الجملة-على ما سواها حتى تتجه الأمة بقدر كاف من طاقتها لدعم هذه القضية، ليقوى التأثير على حكومات الشعوب الإسلامية، حتى لا تعترف بالدولة اليهودية المغتصبة التي تدعمها الدول النصرانية، وحتى تقاطع تلك الدول الدولة اليهودية اقتصاديا وسياسيا ومواصلات واتصالات، وتقاطع كل المؤسسات التي تتعامل معها.
إن هذا المعنى يجب أن يعيه المسلمون في كل العالم حتى تبقى الروح الجهادية ومعنى الولاء والبراء حية في نفوسهم.
ولهذا فإن من أهم الأولويات في المؤتمرات العالمية، قضية فلسطين وتحريرها من أيدي اليهود.
ومثل قضية فلسطين في هذه الفترة قضية المسلمين في البوسنة والهرسك التي تعاونت دول الغرب كلها على المسلمين فيها، وكادت تكون الأندلس الثانية، ولها الآن [3] أكثر من سنة، والمؤتمرات الرسمية [4] تعقد وتنفض بعد مناقشات وتصريحات وقرارات، يظن سامعها أن علم الجهاد سيرتفع ضد أعداء الله المعتدين، ثم يكون الأمر كما في المثل العربي: أسمع جعجعة ولا أرى طحينا.
والمؤتمرات الشعبية لا تستطيع في هذه الظروف أن تحرر فلسطين، ولا تستطيع أن تعمل عملا سريعا لردع الصرب والكروات عن المسلمين [5] ، ولكنها تستطيع أن تنبه الشعوب الإسلامية على الخطر الذي يهددها كلها إذا هي بقيت غافلة مستكينة يتربص بها أعداؤها شعبا شعبا، وتضللها أجهزة الإعلام في دولها، وفي هذا التنبيه والتوعية تهيئة وإعداد للشعوب قد يؤتيان ثمارهما في مستقبل قريب أو بعيد. أما إذا بقيت في غفلة فإنه لا يرجى منها أن تفكر في مصيرها المحتوم[6].
وقد تعمدت أن أضرب هذين المثالين-وهما جهاديان سياسيان-في سياق الدعوة إلى الله والسباق إلى العقول بالحق، لبيان أن الدعوة إلى الله شاملة لكل ما يحقق للمسلمين مصالحهم ويدفع عنها المفاسد، وليست مقصورة على دعوتهم إلى الجوانب الإيمانية والعبادية فقط، كما يفهم ذلك من قصر علمهم بالكتاب والسنة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج علماء الدعوة الذين فقهوا الكتاب والسنة والسيرة النبوية.
المنهج الثاني: مؤتمرات عامة.
يدعى لها القادرون على حضورها من عامة الناس، ولا تقتصر على مندوبين من صفوة العلماء والمفكرين والمتخصصين-وإن كانوا هم المسئولين عن دراسة أهدافها ووسائل العمل من أجل تحقيقها والإعداد السابق للدعوة إليها-سواء كانت تلك المؤتمرات على مستوى المدن، أو على مستوى المناطق، أو على مستوى الأقطار، أو على مستوى الأقاليم، أو على المستوى الدولي.
ويكون الهدف من هذه المؤتمرات العامة، توعية الأمة كلها بموضوعات يرى علماء المسلمين وقادتهم أن الحاجة تدعو إلى تعريف المسلمين بها وحثهم على الاهتمام بها، وإقناعهم بوجوب بالمصالح المترتبة على العمل من أجلها، والأضرار الناتجة عن التقصير في شأنها والتهاون في أمرها، ووجوب السعي الكامل في اتخاذ الأسباب المتاحة المحققة لأهدافها، وإصدار القرارات التي يمكن للمؤتمرين تنفيذ مضمونها، والتوصيات التي ينبغي تبليغها إلى غيرهم من القادرين القيام بمحتوياتها، وتكوين اللجان اللازمة لمتابعة تلك القرارات والتوصيات معا…

مؤتمرات تعليمية.
ومن أمثلة المؤتمرات العالمية التي يحتاج إلى عقدها المسلمون في كل العالم-الشعوب الإسلامية و الأقليات الإسلامية-مؤتمرات التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات الإسلامية الأهلية، لرفع مستوى التعليم فيها بمراجعة المناهج والخطط والكتب ووسائل التدريس والإيضاح وكفاءة المدرسين بها، لتكون كلها صالحة لتخريج طلاب أكفاء قادرين على استيعاب العلوم الإسلامية المتنوعة، وعلى أخذ حظ وافر من العلوم الكونية وغيرها، كما مضى في فقرة: وسيلة التعليم.
إن الذين يتولون شؤون التعليم الخاص في الشعوب الإسلامية، توجد بينهم فروق كبيرة جدا في مناهج التعليم التي وضعوها وخططه وكتبه ووسائله، فتجد بعض المدارس تهتم بالعلوم الرياضية والطبية والمهنية وغيرها من علوم الحياة، ولا تهتم بالعلوم الإسلامية، بحيث تجد طلابها لا يفقهون فروض العين التي لا يسع المسلم جهلها، وتجد في الجانب الآخر مدارس تهتم بتدريس بعض العلوم الإسلامية، بمناهج قديمة وكتب معينة وبوسائل تدريس عقيمة، وترى مدرسيها لا يدري كثير منهم شيئا يذكر عن الثقافات المعاصرة، فيتخرج من هذه المدارس طلاب يحفظون بعض المتون وبعض الأحكام لا يفقهون معناها حق الفقه، أما ما يتعلق بثقافة العصر ومشكلات المسلمين وما يجب أن يتخذ لها من حلول، فإن عقول كثير منهم قد حجزت عن معرفتها والتفكير فيها، على عكس الصنف الأول الذين عندهم ثقافة معاصرة وعلوم من الحياة الدنيوية، ولكن كثيرا من المشكلات التي يتعرض لها الإسلام تكمن فيهم، إذ الأفكار التي زرعت في عقولهم أفكار علمانية أو غير سليمة عن الإسلام.
ومن النادر أن تجد مدارس جمعت بين الحسنيين: حسنى الدراسات الإسلامية الشاملة التي يتمكن طلابها من التفقه في الدين، تفقها يعتقدون به أن الإسلام منهج شامل لحياة الإنسان كلها ويطبقونه في حياتهم على هذا الأساس، وحسنى معرفة ما ينفع المسلمين في حياتهم الدنيا من العلوم والثقافة لاتخاذه وسيلة لقوتهم وتقدمهم، ومعرفة ما يضرهم فيجتنبونه ويتخذون من الوسائل ما يقيهم شره.
لهذا تظهر الحاجة إلى عقد مؤتمرات تعليمية، يجتمع فيها علماء مسلمون من ذوي التخصصات المتنوعة وخبراء تعليم إسلاميون، مع زعماء المؤسسات التعليمية الإسلامية في العالم الإسلامي، لتدارس شؤون التعليم ومحاولة توحيد المناهج-ولو في إطارها العام في أول الأمر-ووضع المواد اللازمة في العلوم الدينية والعلوم الكونية الأخرى.
ولا بد أن يسبق المؤتمرات العامة مؤتمرات قطرية-أي مؤتمر أو أكثر لكل قطر إسلامي-ومؤتمرات إقليمية-لعدة أقطار متجاورة أو متشابهة-يشترك فيها-المؤتمرات القطرية أو الإقليمية-زعماء المؤسسات التعليمية في الأقطار أو الأقاليم، وعلماء مسلمون وخبراء تعليم، يستعرضون المناهج والكتب والأساليب التعليمية الموجودة، ويضيفون ما يرون إضافته من المواد الأخرى، ويقترحون ما يرون من تعديل بزيادة أو نقص، وما يناسب من وسائل التعليم وأساليبه، ويحصرون التخصصات التي ينبغي أن تتوافر في المدرسين على ضوء منهج جديد مقترح ووسائل تحقيق تلك التخصصات، ثم تجمع تلك الدراسات في تقارير وتعرض على العلماء والخبراء الذين سيحضرون المؤتمرات العالمية، وتعد لهم عناوين الموضوعات المناسبة ليكتبوا فيها بحوثا وملخصات لعرضها في المؤتمرات.
فإذا نوقشت التقارير والبحوث واتفق على قرارات أو توصيات، كونت لها لجان متابعة قطرية تقودها لجنة عالمية لمحاولة تنفيذ تلك القرارات والتوصيات.
وقد يكون تنفيذها في كل الأقطار صعبا، لأسباب مختلفة، ويمكن أن يجتهد في تنفيذها في بعض الأقطار، لتكون نموذجا ومثالا يحتذى في بقية الأقطار حسب الإمكان، ويحسن أن تنفذ نماذج منها في جهات مختلفة، فيكون أحد النماذج في شرق إفريقيا، وآخر في غربها، وآخر في جنوبها، وهكذا ينفذ نموذج في شرق آسيا وآخر في جنوب شرق آسيا، وينفذ آخر في بعض دول المسلمين التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، وآخر في شرق أوربا، وآخر في غربها، وآخر في أمريكا الشمالية ونموذج في أمريكا الجنوبية، ليظهر أثر كل نموذج في الدول المجاورة، فتتأثر به المؤسسات التعليمية فيها، لأن الناس يتأثرون بالواقع المشاهد أكثر من المقترح النظري.

مؤتمرات دعوية.
ومن الأمثلة للمؤتمرات العالمية التي يحتاج إليها المسلمون مؤتمرات الدعوة، وهي حاجة عامة شاملة للمسلمين وغير المسلمين في كل أنحاء العالم، وفي كل الأوقات.
ومؤتمرات الدعوة العالمية تحتاج قبل عقدها إلى دراسة جادة وعميقة، من قبل مختصين يحددون أهدافها القريبة والبعيدة، ومناهجها وأساليبها ووسائلها، ويكتبون في ذلك بحوثا محددة، وهذه الدراسة وحدها تحتاج إلى مؤتمر عالمي مصغر يجتمع فيه أفذاذ العلماء والدعاة وزعماء الجماعات الإسلامية، وعلى ضوئه يحدد المكان والزمان ويحضر الأشخاص الذين ينبغي أن يُدْعَوا لحضوره وتمويله والموضوعات التي توزع على القادرين للكتابة فيها، واللجان الإدارية والتنظيمية والإعلامية وغيرها، حتى إذا ما اجتمع المؤتمرون وجدوا أمامهم موضوعات عملية محددة، تدرس لتنفذ قرارتها وتوصياتها، لا لتحفظ في ملفات يأكل عليها الدهر ويشرب كما هو واقع كثير من المؤتمرات التي تعقد الآن.
ويجدر بالمؤتمرين أن يبدؤوا في مؤتمراتهم بالأوليات من الموضوعات التي يترتب عليها تقدم الدعوة وانتشارها وكفاءة الدعاة، ودعوة الناس إلى ما يجهلونه من الإيمان والعبادات العينية والمعاملات اليومية، مثل فقه الأسرة وبعض أحكام الحلال والحرام.
وكذلك تحذيرهم مما يحيط بهم من المخاطر الحاضرة من أعدائهم ووجوب اجتماعهم على الحق والتعاون على البر والتقوى.
ويتلخص ذلك في الأمور الآتية:
الأمر الأول: إعداد برامج لتدريب قادة الدعاة تؤهلهم لتخريج دعاة أكفاء.
وهذه البرامج تشمل التفقه في العلوم الإسلامية المتنوعة، من مصادرها وفي طليعتها الكتاب والسنة والسيرة، وكتب العقيدة السلفية السليمة من التعقيدات الكلامية والفلسفية، وعلوم التفسير وكتبه وعلوم الحديث وكتبه، وأصول الفقه وكتبه وكتب الأخلاق، والثقافة، ومعرفة شبهات الأعداء كالمستشرقين والمنصرين وغيرهم والرد عليها بالبرهان والحجة، وإجادة بعض اللغات العالمية أو بعض اللغات المحلية حسب الحاجة، ومعرفة البيئات والعادات للبلدان التي تسند إليهم شؤون الدعوة فيها، وكذلك معرفة أديان أهلها مع مقارنتها والاستعداد لكشف معايبها وإظهار محاسن الإسلام، وكونه هو الدين الحق الذي لا يوجد دين حق سواه.
هذا التدريب يكون-في الأصل-لذوي المؤهلات في الدراسات الإسلامية، ولكن ينبغي أن يختار عدد من ذوي المؤهلات الأخرى كالمهندسين والأطباء والكهربائيين والبيطريين وغيرهم، من ذوي المهن ممن عندهم ثقافة إسلامية محدودة وثقافة معاصرة، وتعقد لهم دورات تدريبية في العلوم الإسلامية السابقة، ليأخذوا حظا كافيا منها، ليؤهلهم لتعليم الناس فروض العين وتوعيتهم بما يجب أن يعلموه في حياتهم، ويساعدوا المحتاجين إلى علومهم من فقراء المسلمين وغيرهم بالدواء والتعمير والزراعة وتربية الدواجن والماشية وبعض المهن العملية، كالنجارة والخياطة ونحوها، ليجمع الدعاة إلى الإسلام بين بيان الإسلام والدعوة إليه وبين ترقية الناس المعاشية، ولا يتركوا هذه الأخيرة لغيرهم من المنصرين.
وهؤلاء الدعاة بنوعيهم يُدَرِّبون-مع دعوتهم عامة الناس-من يرونهم ذوي قدرة على الاستيعاب في كل بلد من بلدان المسلمين أو غيرهم، لمناهج الدعوة ونقلها إلى بني قومهم بلسانهم، لما في ذلك من الانتشار السريع للدعوة بكثرة القائمين بها.
ومن الوسائل التي تسهل تدريب الدعاة على تنوع مستوياتهم، إنشاء معاهد عليا لذوي المؤهلات في الدراسات الإسلامية-خاصة بمناهج الدعوة وأساليبها ووسائلها، لا تزيد مدتها عن سنتين ولا تنقص عن سنة، يستقدم لها علماء كبار متخصصون وذوو خبرة في هذا المجال، بحيث تكون الدراسة قوية والمواد مختارة مناسبة-مع التدريب العملي الميداني على ما يدرسون، وتقوى عندهم الجوانب العبادية ليكونوا قدوة لغيرهم فيما يدعونهم إليه.
وكذلك تنشأ معاهد متوسطة لذوي الثقافة الإسلامية المحدودة من ذوي الاختصاصات الأخرى، يأخذون فيها ما يؤهلهم لمهمتهم الدعوية كما مضى، وتحدد لهم المواد التي يحتاجون إليها والمراجع والمدة المناسبة مع تدريبهم العملي.
الأمر الثاني: أن يبدأ الدعاة في كل بلد بالموضوعات الأهم في ذلك البلد، فإذا كان أهل البلد يجهلون فروض العين، كأصول الإيمان وقواعد الإسلام التي تضمنها حديث جبريل المشهور، والأحكام المتعلقة بها كصفة الصلاة وأركانها وشروطها، وأموال الزكاة ومقاديرها ومصارفها، وصيام رمضان وما يتعلق به من واجبات ومفطرات، ومناسك الحج، فإن على الدعاة أن يبدءوا بهذه الفروض بالترتيب الذي لقنه الرسول صلى الله عليه وسلم لداعية اليمن معاذ بن جبل رضي الله عنه: [فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن عليهم خمس صلوات، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنياءهم فترد على فقرائهم...]
فإن وجدهم على علم بذلك ويجهلون غيره، فليعلمهم ما يجهلون الأهم فالأهم. مع مراعاة نفور النفوس عما تألف والتدرج مع أهلها في ذلك، كما هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبخاصة مع غير المسلمين أو المسلمين بالاسم الذين يجهلون كل شئ في الإسلام، فإن مطالبتهم دفعة واحدة بأداء كل الفرائض واجتناب كل النواهي بدون تدرج حكيم، قد ينفرهم من الإسلام كله.
الأمر الثالث: أن يتدارس المؤتمرون الموضوعات المهمة التي يحتاج إليها المسلمون لتوعيتهم بها في أمور دينهم ودنياهم وتحصر عناوينها، ويحصر العلماء القادرون على التأليف والكتابة فيها أو إلقاء محاضرات تسجل في أشرطة كاسيت أو فيديو، أو تعقد ندوات وتسجل كذلك ويستنسخ منها أعداد كافية لنشرها وتوزيعها على العالم الإسلامي، عن طريق إدارة خاصة بنشر الدعوة، وكذلك تطبع في رسائل وكتيبات صغيرة بكميات كثيرة بلغات عالمية ومحلية وتوزع على المسلمين.
وليس من الصعب أن تكتب أو تقرأ تلك الموضوعات في الأشرطة بلغات المسلمين المتنوعة، فالبلدان الإسلامية ممتدة في القارتين: الآسيوية والإفريقية من مشارق الأرض إلى مغاربها، وقلما يوجد بلد لا يوجد فيه طلبة علم قادرون على الترجمة أو التأليف أو القراءة، كما أن المسلمين منتشرون في القارات الأربع الأخرى: أوربا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأستراليا، بل وفي أطراف العالم كله.
إن أي موضوع من الموضوعات التي تهم المسلمين يمكن أن يصل إلى المسلمين كلهم في العالم خلال فترة قصيرة جدا بتلك الوسائل، لسرعة المواصلات الجوية والبحرية والبرية، ولوجود الاتصالات التي تحطم حواجز الرقابة والمنع، كالقنوات الفضائية والفاكسات والإنترنت، وغيرها…
وما أحوج المسلمين اليوم إلى اتخاذ هذه الوسائل، لإبلاغ ما يهمهم إلى كل مسلم في العالم سواء كان متعلقا بالشعائر التعبدية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، حتى ينتشر الوعي ويشعروا كلهم أنهم معنيون بتلك الموضوعات والتعاون على البر والتقوى فيها.

مؤتمرات عملية.
وينبغي أن يكون الهدف من عقد مؤتمرات العمل الإسلامي المقدور عليه، تنفيذ قرارات المؤتمر المعقود وتوصياته، وليس مجرد الاجتماعات وإلقاء البحوث والمحاضرات والمناقشات الكثيرة التي تتمخض عن قرارات وتوصيات كثيرة، قد تكرر في مؤتمرات أخرى بدون تنفيذ ومتابعة، والأولى أن تنفق الأموال التي ترصد لأمثال هذه المؤتمرات التي لا تنفذ قراراتها، في نشاطات إسلامية عملية تحتاج إلى تلك الأموال، كقوافل الدعوة، ومدارس المسلمين القائمة المحتاجة إلى المساعدة، وإنشاء مدارس جديدة، وإنشاء مساجد في أماكن يحتاج إليها المسلمون، وطبع كتيبات ورسائل ومنشورات تصل إلى الناس لتعرفهم بالإسلام وفرائضه، بدلا من إنفاق تلك الأموال الطائلة على مؤتمرات غير مجدية وإن كان الهدف منها صحيحا عند من يدعو إليها من المخلصين.
ولو نفذت قراراتها وتوصياتها لكان في ذلك نفع عظيم، ولكن تنفيذها يتوقف غالبا على دعم الحكومات في الشعوب الإسلامية، وأكثر حكوماتهم تقف ضد تحكيم شرع الله وضد الدعوة إلى تطبيقه، ولا تأذن بتطبيق جوهر الإسلام وحقائقه التي تنظم بها حياة المسلمين، بل تحاربها وتحل محلها قوانين تخالفها مخالفة صريحة، فكيف يرجى من أمثال تلك الحكومات دعم قرارات المؤتمرات الإسلامية وتوصياتها وذلك هو شأنها؟!
ولو أراد باحث أن يحصي المؤتمرات الإسلامية التي عقدت في أواخر القرن الرابع عشر الهجري، وأول القرن الخامس عشر الهجري، وبحوثها وتوصياتها وقراراتها ويجمع ذلك كله، لكون منها مكتبة كبيرة.
ولو أحصى الأموال التي أنفقت على تلك المؤتمرات، لألفاها كافية لإنشاء مؤسسات دعوية وتعليمية وخيرية، المسلمون في أمس الحاجة إليها، ولو قوّم نتائجها وثمراتها الإيجابية لوجدها هزيلة بجانب ما بذل فيها من جهد ووقت ومال.
لذلك يجب على قادة العمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية، أن لا يضيعوا جهودهم وأموال المسلمين، إلا في مؤتمرات لها غايات عملية يمكن تحقيقها أو تحقيق غالبها، وأن تكون موضوعاتها ذات أولوية، وأن يسبق عقدها تخطيط وتنظيم يجعلها ذات جدوى.
وإن اجتماعات مصغرة لقادة العمل الإسلامي وعلمائه، لبحث موضوعات الدعوة الإسلامية والعمل الإسلامي، ودراسة ما يجب اتخاذه من خطوات في ذلك دراسة هادئة متأنية يترتب عليها عمل مفيد-ولو قل-خير من كثير من المؤتمرات الجماهيرية غير المجدية عمليا.
وإذا كان المقصود من تلك المؤتمرات الكثيرة، هو الوصول إلى معرفة سبل العمل للإسلام، في مجال الدعوة والتعليم والتشريع والأخلاق ومكافحة الدعوات المضللة والشبهات التي يتخذها أعداء الإسلام للطعن فيه، كالمستشرقين والمنصرين وغيرهم، فإن عشرات المؤتمرات قد عقدت في أغلب بلدان المسلمين من بلاد المغرب إلى إندونيسيا في موضوعات إسلامية شتى، وحضرها كبار العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي، وأدلي كل منهم بدلوه بحثا ونقاشا ونصحا وسجلت كلها في مجلدات وملفات وأشرطة فيديو وكاسيت، ويمكن الرجوع إليها وأخذ ما يراد العمل به منها.
وقد اعتدنا من بعض حكومات الشعوب الإسلامية الصبر على المؤتمرات الجماهيرية وبحوثها ومؤتمراتها وتوصياتها، ولو كانت لا ترضى عنها تلك الحكومات، لأنها تعلم أن حماس المؤتمر المعقود ينتهي بقراءة قراراته وتوصياته التي لا ترى أثرها في الواقع إلا ما ندر.
فليتجه العاملون للإسلام إلى الاجتماعات والمؤتمرات المصغرة، العملية التي يمكنهم متابعة تنفيذ نتائجها، وليدلوا بدلوهم في بقية المؤتمرات من باب النصح وتبليغ الحق دون أن تستنفد أوقاتهم وأموالهم فيها.
وإذا ما أحسن دعاة الإسلام وقادة العمل الإسلامي والمنظمات الإسلامية استغلال المؤتمرات بموضوعاتها المتنوعة استغلالا عمليا، فإنها ستكون من أهم وسائلهم إلى السباق إلى العقول بالحق.
أما ما تسير عليه المؤتمرات الآن-مع فائدتها المحدودة في الدعوة-من إنفاق هائل للأموال على عقدها، ومن أوقات طويلة تبذل لها من المضيفين والمضافين، ثم تنتهي بتوصيات وقرارات، لا تخرج من ملفاتها بعد صياغتها وتلاوتها إلى عالم الواقع، فينبغي أن يفكر المسؤولون عنها والدعاة إليها وباذلو المال لعقدها، في أسلوب آخر للعمل الإسلامي من تعليم ودعوة وغيرها، فإن الأموال التي تصرف في تلك المؤتمرات التي تتضمن قراراتها وتوصياتها، الحث على إنشاء المدارس والمعاهد والمساجد وطبع الكتب وتوزيعها وإيجاد منح دراسية لأبناء المسلمين وإعداد دعاة وضمان نفقاتهم، إن تلك الأموال التي تصرف في تلك المؤتمرات لو جمعت لكفت أو قاربت الكفاية لإبراز ما تضمنته قراراتها وتوصياتها في عالم الواقع.
ولهذا تجد كثيرا من المفكرين يتساءلون عن الإصرار على عقد تلك
المؤتمرات، دون تنفيذ غالب قراراتها وتوصياتها: هل أهداف تلك المؤتمرات المعلنة هي الأهداف الحقيقية وراء عقدها، أو لها أهداف أخرى؟! والجواب: أهل مكة أدرى بشعابها!.

-------------------------
[1]-وللمؤلف كتاب في هذا المعنى بعنوان: أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي.
[2]-وفي هذا الشهر-شهر صفر من عام: 1419هـ كادت الدولة اليهودية تهاجم المفاعل النووي الباكستاني من أرض إسلامية، وهي كشمير التي لا زالت الهند تغتصبها.
[3]-كانت كتابة هذه السطور في 7/11/1413هـ-.
[4]-التي تعقدها حكومات الشعوب الإسلامية.
[5]-لأنها ليست مطلقة الحرية في عقد المؤتمرات وقراراتها ومتابعة تلك القرارات في جمع التبرعات وإيصالها إلى المجاهدين في فلسطين والبوسنة وغيرهما إلا بطرق خفية عن حكوماتها وبخاصة العلمانية التي يسرها ضرب المجاهدين ولو كان المعتدون يهود أو نصارى أو شيوعيين.
[6]-وقد حصل في هذه الأيام-أكتب هذه السطور في الأسبوع الأول من شهر جمادى الآخرة-للمسلمين في كوسوفا ما حصل للمسلمين في البوسنة والهرسك، وموقف المسلمين من هذه الكارثة هو موقفهم من كارثة المسلمين في البوسنة والهرسك: شعب يباد، واحتجاجات وإنذارات كاذبة من دول الغرب ومن مجلس الأمن ضد الصرب المعتدين، وحرب من دول الغرب ومن حكومات الشعوب الإسلامية ضد من يريد مناصرة المسلمين في كوسوفا من المجاهدين المسلمين…!

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

صيد الفوائد العلماء وطلبة العلم د. عبدالله قادري الأهدل