اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/ail/33.htm?print_it=1

دوّن مايعجبك ويستوقفك

علي بن صالح الجبر البطيّح

 
زارني شاب وأتحفني بشئ من اختياراته الجميلة والموفقة و التي وقع عليها في بطون الكتب من فرائد ولآلئ متنوعة استوقفته فدوّنها فاجتمع له كم هائل من الأوراق والمفكّرات والكراريس التي ناء بها مكانها المخصص لها في مكتبة منزله , وقد عكف على هذا العمل سنوات طويلة , وأفادني بآلية عمله في ذلك , حيث يقوم بتدوين كل مايعجبه من قول أوبيت شعر أو قصة أو موقف و نحوه في مفكرة خاصة ليستنير بها في حياته, ولعلنا نلحظ في كثير من الأحيان بعد انتهائنا من قراءة كتاب ما أننا لانكاد نستحضر منه شيئاً وخصوصاً بعد تقادم عهدنا به , يقول الشاب : فاعتدت ألا أقرأ كتاباً إلا والقلم والمفكرة معي لحظة بلحظة كآلة الصياد التي لايستغني عنها بحال , لأقوم باصطياد ما أستحسنه أثناء القراءة , وقد قرأ عليّ شئ من اختياراته الجميلة والنادرة فألفيتها رائعة وموفّقة , وحثثته على تنسيقها وطباعتها لينتفع الناس بها فكأنه استصغر عمله هذا , وأفاد بأن الكثير من الناس يحسن ذلك , فلم لايدونون كل ما استحسنوه وأعجبهم ؟ وتذكرت قول الشاعر :

العلم صيد والكتابة قيــده *** قيّد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة *** وتتركها بين الخلائق طالقة

وتذكّرت صحبةً لي كانوا على هذا النهج فاجتمع لهم ما لو وقع بين يدك لسلّاك إلى حين , واستمتعت به أيّما استمتاع ! ومن هذا المنطلق أقترح على قارئ أسطري هذه : أن يشحذ قلمه عند كل قراءة لأيّ من الكتب ليدوّن ما راق له وأعجبه , فسيجد حينها أشياء جميلة وغريبة وعجيبة ومفيدة , من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ماذكر في صيد الخاطر بعنوان (فصل : خطر الرفاهية ) ما نصه : (تأملت مبالغة أرباب الدنيا في اتقاء الحر و البرد فرأيتها تعكس المقصود في باب الحكمة و إنما تحصل مجرد لذة و لا خير في لذة تعقب ألما فأما في الحر فإنهم يشربون الماء المثلوج و ذلك على غاية في الضرر و أهل الطب يقولون : إنه يحدث أمراضا صعبة يظهر أثرها في وقت الشيخوخة و يضعون الخيوش المضاعفة و في البرد يصنعون اللبود المانعة للبرد و هذا من حيث الحكمة يضاد ما وضعه الله تعالى فإنه جعل الحر لتحلل الأخلاط و البرد لجمودها فيجعلون هم جميع السنة ربيعا فتنعكس الحكمة التي وضع الحر و البرد لها و يرجع الأذى على الأبدان و لا يظنن سامع هذا أني آمره بملاقاة الحر و البرد و إنما أقول له : لا يفرط في التوقي بل يتعرض في الحر لما يحلل بعض الأخلاط إلى حد لا يؤثر في القوة و في البرد بأن يصيبك منه الأمر القريب لا المؤذي فإن الحر و البرد لمصالح البدن و قد كان بعض الأمراء يصون نفسه من الحر و البرد فتغيرت حالته فمات عاجلا و قد ذكرت قصته في كتاب لقط المنافع في علم الطب ..) انتهى كلامه – رحمه الله – إذاً عليك بالغوص واستخراج اللآلئ ..
 

محبك / علي بن صالح الجبر البطيّح
Asb1388@gawab.com
القصيم – البدائع ص . ب ( 988)
جوال / 0504286623
 

علي البطيّح
  • مقالات دعوية
  • قف وتأمل
  • استشارات
  • الصفحة الرئيسية