صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







جوامع الكَلِم ونفائس الحِكَم من كتاب "المجالسة وجواهر العلم" (4)

أيمن الشعبان
@aiman_alshaban

 
 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي خلقنا من العدم، وأسبع علينا وافر النِّعم، علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على النبي الأكرم، وعلى آله وصحبه وسلم، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:
كم نحن بحاجة لتزكية النفوس وتهذيبها، وتطهيرها من الأدران والرذائل، وتنقيتها من الأخلاق الدنيئة والشوائب، قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )، قد أفلح من كبرها وأعلاها بطاعة الله، وأظهرها، وقد خاب وخسر من أخفاها، وحقرها وصغرها بمعصية الله.
وتزداد حاجة المسلم لمراجعة سلوكه وتصرفاته، والوقوف عند أفعاله وتعاملاته، ومدى صلته بربه؛ مع كثرة الابتلاءات والفتن.. التقلبات والمحن، من خلال التأمل والنظر، في سير من غبر، من الصالحين والعلماء العاملين، واقتفاء أثرهم وسلوك طريقتهم.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاح
كثيرة هي كتب السلف، التي تُحيي تراثهم، وتؤصل لحياتهم، وتتحرى سيرهم، وتقتفي آثارهم، منها الكتاب الذي بين أيدينا، إذ جمع فيه مصنفه رحمه الله جواهر ثمينة، ودرر مكنونة، ومواقف فريدة، ومواعظ جليلة، وحِكم رائعة، وأشعار نفيسة، ومعاني رفيعة.
يقول ابن حبان: قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحِكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت.
وأنا أتنقل في هذا البستان المثمر، متأملا ما فيه من العبر، وكثرة الفوائد والفِكَر، بدأت أجمع كل ما فيه ثمرة عملية، وأثر تربوي وسلوك رصين، في حياتنا اليومية، لتصبح نبراسا يضيء، ومؤنسا في الوحدة، ودليلا للسالكين، وهذا والله من أنفس العلوم، لما يترتب عليه من قوة الإيمان، والازدياد من طاعة الرحمن.
قال أبو هلال: فَإِذا كَانَ الْعلم مؤنسا فِي الْوحدَة، ووطنا فِي الغربة، وشرفا للوضيع، وَقُوَّة للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور، كَانَ من حَقه أَن يُؤثر على أنفس الأعلاق، وَيقدم على أكْرم العقد، وَمن حق من يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي التماسه ليفوز بفضيلته.
هذه أقوال مختارة وحِكَم منتخبة، ونفائس منتقاة وفوائد مستقاة، من كتاب" المجالسة وجواهر العلم" للعلامة الفقيه المحدث أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي ( ت: 333هـ )، إذ اعتمدت طبعة دار ابن حزم، التي قامت بنشرها جمعية التربية الإسلامية، بتحقيق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ( 10 مجلدات )، واستبعدت من الأقوال ما حكم عليه المحقق بالضعف، واخترت الصحيح منها أو ما سكت عنه، مع ذكر رقم المجلد والصفحة لكل مقولة.
ومن باب الاختصار والتسهيل، قمت بحذف السند والاكتفاء بنسبة القول لقائله، وتجميع الأقوال وتقسيمها إلى ثلاث مجاميع على النحو التالي:
1- جوامع الكلم ونفائس الحِكَم.
2- ما قلَّ ودلَّ من جوامع الكلم.
3- جوامع الكلم شعرا.

جوامع الكلم ونفائس الحِكَم


كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا تَوَضَّأَ اصْفَرَّ، فَيَقُولَ لَهُ أَهْلُهُ: مَا هَذَا الَّذِي يَعْتَادُكَ عِنْدَ الْوُضوُءِ؟ فَيَقُولُ: تَدْرُونَ بَيْنَ يَدِي مَنْ أُرِيدُ أَنْ أَقُومَ؟!
(3/154).

حَجَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَلَمَّا أَحْرَمَ وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ؛ اصْفَرَّ لَوْنُهُ، وَانْتَفَضَ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الرِّعْدَةُ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُلَبِّيَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لَا تُلَبِّي؟ فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ؛ فَيَقُولُ لِي: لَا لَبَّيْكَ. فَقِيلَ له: لابد مِنْ هَذَا. قَالَ: فَلَمَّا لَبَّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ مِنْ رَاحِلَتِهِ؛ فَلَمْ يَزَلْ يَعْتَرِيهِ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ.
(3/154).

عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ: أَنَّهُ عَزَّى بَعْضَ إِخْوَانِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ تَكُنْ مُصِيبَتُكَ أَحْدَثَتْ فِي نَفْسِكَ مَوْعِظَةً، فَمُصِيبَتُكَ بِنَفْسِكَ أعظم.
(3/157).

قال حَبِيبَ بْنَ حَجَرٍ: كَانَ يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ الْإِيمَانَ يُزَيِّنُهُ الْعِلْمُ! وَمَا أَحْسَنَ الْعِلْمَ يُزَيِّنُهُ الْعَمَلُ! وَمَا أَحْسَنَ الْعَمَلَ يُزَيِّنُهُ الرِّفْقُ! وَمَا أُضِيفَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ عِلْمٍ إِلَى حِلْمٍ.
(3/162).

أَسْمَعَ رَجُلٌ الشعبي كلاما، فقال لَهُ الشَّعْبِيُّ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؛ فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا؛ فَغَفَرَ اللهُ لَكَ.
(3/162).

أَرْسَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ يَكْتُبَ فِي دَارِهِ شَيْئًا يَتَبَرَّكُ بِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الدَّارَ؛ قَالَ: يَا غُلَامُ! اكُتُبْ: تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَا تَبْلُغُونَ، وَاللهِ! لَا أَزِيدُكَ.
(3/171).

قَالَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! لَا تَأْكُلْ إِلَّا أَطْيَبَ الطَّعَامِ، وَلَا تَنَمْ إِلَّا عَلَى لَيِّنِ الْفِرَاشِ - يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَصُومَ وَيُصَلِّي - فَإِذَا صَامَ؛ طَابَ لَهُ الطَّعَامُ، وَإِذَا صَلَّى حَتَّى غَلَبَهُ النَّوْمُ؛ لَانَ عَلَيْهِ الْفِرَاشُ.
(3/186).

يقول المأمون: إن أول العدل أن يعدل الرجل على بطانته، ثم على الذين يلونهم؛ حتى يبلغ العدل الطبقة السفلى.
(3/230).

قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: مَا أَدْرِي مَا إِيمَانُ رَجُلٍ كَرِهَ شَيْئًا لَمْ يَدَعْهُ لِلَّهِ؟! وَمَا أَدْرِي مَا حَسَبُ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ لَمْ يَصْبِرْ لِلَّهِ لِمَا يَرْجُوهُ مِنَ الثَّوَابِ غَدًا فِي الْقِيَامَةِ؟! وَمَا أَدْرِي مَا حَسْبُ امْرِئٍ عُرِضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ لَمْ يَدَعْهَا لِمَا يَخَافُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
(3/233).

قَالَ أَبُو قَحْذَمٍ: لَيْسَتْ خُلَّةٌ مِنْ خِلَالِ الْخَيْرِ تَكُونُ فِي الرَّجُلِ هِيَ أَحْرَى أَنْ تَكُونَ جَامِعَةً لِأَنْوَاعِ الْخَيْرِ كُلِّهَا فِيهِ؛ مِنْ حِفْظِ اللِّسَانِ.
(3/237).

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: دَعِ الْكَذِبَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُكَ؛ فَإِنَّهُ يَضُرُّكَ، وَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَضُرُّكَ؛ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ.
(3/239).

عِمْرَانَ بْنَ سُلَيْمَانَ؛ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لإصحابه: إِنْ كُنْتُمْ إِخْوَانِي وَأَصْحَابِي؛ فَوَطِّنُوا أَنْفَسَكُمْ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءَ مِنَ النَّاسَ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تُدْرِكُونَ مَا تَطْلُبُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ، وَلَا تَنَالُونَ مَا تُحِبُّونَ؛ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ بَصَرُهُ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ فِي بَصَرِهِ.
(3/265).

قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: قَالَ إِبْلِيسُ: مَنْ كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ؛ فَقَدِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ: مَنْ كَانَ مُدِلًّا بِعِلْمِهِ، أَوْ نَسِيَ ذُنُوبَهُ، أَوْ كَانَ مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ.
(3/286).

كَانَ الْحَسَنُ إِذَا عَادَ مَرِيضًا؛ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَهْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِذَا شَيَّعَ جِنَازَةً؛ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ وَإِخْوَانُهُ ثَلَاثًا.
(3/339).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصَّدِيقُ بِالصِّحَّةِ هُوَ الَّذِي يَمْحَضُكَ النُّصْحَ فِيمَا سَاءَكَ وَسَرَّكَ، فَأَمَّا مَنْ مَالَ مَعَكَ إِلَى هَوَاكَ؛ فَذَاكَ مَلَّاقٌ وَلَيْسَ بِصَدِيقٍ.
(3/364).

قِيلَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ: مَا أَقْرَبُ شَيْءٍ، وَأَبْعَدُ شَيْءٍ، وَآنَسُ شَيْءٍ، وَأَوْحَشُ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: أَقْرَبُ شَيْءٍ الْأَجَلُ، وَأَبْعَدُ شَيْءٍ الْأَمَلُ، وَآنَسُ شَيْءٍ الصَّاحِبُ، وَأَوْحَشُ شَيْءٍ الْمَوْتُ.
(3/365).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ: إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ، وَالْمُوَاسَاةُ بِالْمَالِ، وَذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(3/416).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لا تَكُنْ فِي الْإِخَاءِ مُكْثِرًا ثُمَّ تَكُونُ فِيهِ مُدْبِرًا؛ فيُعْرَفُ سَرَفُكَ فِي الْإِكْثَارِ بِجَفَائِكَ فِي الْإِدْبَارِ.
(3/417).

عَنِ الْحَسَنِ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ فَقْدًا أَخُوكَ الَّذِي إِنْ شَاوَرْتَهُ فِي أَمْرِ دِينِكَ أَوْ دُنْيَاكَ وَجَدْتَ عِنْدَهُ رَأْيًا، فَلَمَّا فَقَدْتَهُ لَمْ تَجِدْ ذَلِكَ.
(3/431).

عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ؛ قَالَ: نَظَرْنَا فِي صَحَابَةِ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَمَا وَجَدْنَا نَبِيًّا كَانَ لَهُ صَاحِبٌ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
(3/468).

قال عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَرْبَعُ خِلَالٍ إِذَا أُعْطِيتَهُنَّ؛ فَلَا يَضُرُّكَ مَا عُدِلَ بِهِ عنك في الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافٌ فِي طُعْمَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ.
(3/477).

قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ لِابْنِ أَخِيهِ: إِذَا لَقِيتَ الْمُؤْمِنَ فَخَالِطْهُ، وَإِذَا لَقِيتَ الْفَاجِرَ فَخَالِقْهُ، وَدِينَكَ فَلَا تكِلْهُ إِلَى أَحَدٍ.
(3/478).

عن ابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: قَرَأْتُ فِي سِيَرِ الْعَجَمِ: حُسْنُ الْجِوَارِ خَيْرُ قَرِينٍ، وَالْأَدَبُ خَيْرُ مِيرَاثٍ، وَالتَّوْفِيقُ خَيْرُ قَائِدٍ.
(3/482).

غَضِبَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى ابْنِهِ، فَهَجَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَوْلَادُنَا ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، وَنَحْنُ لَهُمْ سَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَأَرْضٌ ذَلِيلَةٌ، إِنْ غَضِبُوا؛ فَأَرْضِهِمْ، وَإِنْ سَأَلُوا؛ فَأَعْطِهِمْ، وَلَا تَكُنْ عَلَيْهِمْ قُفْلًا؛ فَيَمَلُّوا حَيَاتَكَ وَيَتَمَنُّوا مَوْتَكَ.
(3/484).

قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ: كَيْفَ وَلَدُكَ لَكَ؟ وَكَانَ عَاقًّا؛ فَقَالَ: عَذَابٌ رَعِفَ بِهِ الدَّهْرُ، فَلَيْتَنِي أَوْدَعْتُهُ الْقَبْرَ؛ فَإِنَّهُ بَلَاءٌ لَا يُقَاوِمُهُ الصَّبْرُ، وَفَائِدَةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا الشُّكْرُ.
(3/484).

قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَيُّ وَلَدِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: صَغِيرُهُمْ حَتَّى يَكْبَرَ، وَمَرِيضُهُمْ حَتَّى يَبْرَأَ، وَغَائِبُهُمْ حَتَّى يَقْدِمَ.
(4/485).

قال أبو حَازِمٍ: لَا تُعَادِيَنَّ رَجُلًا وَلَا تُنَاصِبَنَّهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى سَرِيرَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ تَكُنْ لَهُ سَرِيرَةٌ حَسَنَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَكُنْ مُخْذِلَهُ بِعَدَاوَتِكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيرَةٌ رَدِيَّةٌ؛ فَقَدْ كَفَاكَ مَسَاوِئَهُ، فَلَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَعَاصِي اللهِ لَمْ تَقْدِرْ.
(3/487).

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى شُرَيْحٍ يَسْتَقْرِضُ مِنْهُ دَرَاهِمَ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: حَاجَتُكَ عِنْدَنَا؛ فَأْتِ مَنْزِلَكَ؛ فَإِنَّهَا سَتَأْتِيكَ، إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَلْحَقَكَ ذُلُّهَا.
(3/498).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ تُمِيتُ الْقَلْبَ: مُجَالَسَةُ الْأَنْذَالِ، وَمُجَالَسَةُ الْأَغْنِيَاءِ، وَمُجَالَسَةُ النِّسَاءِ.
(3/500).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: عَجبْتُ مِمَّنْ يَحْزَنُ عَلَى نُقْصَانِ مَالِهِ وَلا يَحْزَنُ عَلَى فَنَاءِ عُمْرِهِ، وَعَجِبْتُ مِمَّنِ الدُّنْيَا مُوَلِيَّةٌ عَنْهُ وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ إِلَيْهِ؛ فَيَشْتَغِلُ بِالْمُدْبِرَةِ، وَيُعْرِضُ عَنِ الْمُقْبِلَةِ.
(3/508).

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: مَنْ ثَقُلَ عَلَى صَدِيقِهِ خَفَّ عَلَى عَدُوِّهِ؛ وَمَنْ يُسْرِعْ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ قَالُوا فِيهِ مَا لا يَعْلَمُونَ.
(3/516).

كَانَ عُظَمَاءُ التُّرْكِ يَقُولُونَ: الْقَائِدُ الْعَظِيمُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ من أَخْلاقِ الْحَيَوَانِ: شَجَاعَةُ الدِّيكِ، وَتَحَنُّنُ الدَّجَاجَةِ، وَقَلْبُ الأَسَدِ، وَحَمْلَةُ الْخِنْزِيرِ، وَرَوَغَانُ الثَّعْلَبِ، وَخَتْلُ الذِّئْبِ.
(3/522).

قَالَ عَبْدُ اللهِ الرَّازِيُّ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَجِدَ حَلاوَةَ الْعِبَادَةِ وَتَبْلُغَ ذُرْوَةَ سَنَامِهَا؛ فَاجْعَلْ بَيْنَكَ وَبْيَنَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا حَائِطًا مِنْ حَدِيدٍ.
(3/533).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الشُّكْرُ ثَلاثَةُ مَنَازِلٍ: لِمَنْ فَوْقَكَ بِالطَّاعَةِ، وَلِنَظِيرِكَ بِالْمُكَافَئَةِ، وَلِمَنْ دُونَكَ بِالإِفْضَالِ.
(3/536).

ما قل ودل من جوامع الكلم


سُئِلَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ: أَيُّ عَمَلِكَ أَوْثَقُ فِي نَفْسِكَ؟ قَالَ: تَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي.
(3/184).
قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: الْحَزْمُ فِي الْأُمُورِ: حِفْظُ مَا كُلِّفْتَ، وَتَرْكُ مَا كُفِيتَ.
(3/185).
سُئِلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: مَا الْمُرُوءَةُ؟ قَالَ: الْعِفَّةُ وَالْحِرْفَةُ.
(3/187).
قِيلَ: وَأَيُّ شَيْءٍ هِيَ الْمُرُوءَةُ؟ قَالَ: لَا تَعْمَلُ شَيْئًا في السر تستحي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ.
(3/188).
قال الْحَسَنِ: عَجَبًا لِقَوْمٍ أُذِنُوا بِالرَّحِيلِ وَتَرَحَّلَ أَوَائِلُهُمْ وَهُمْ يَلْعَبُونَ!!
(3/201).
قال هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا.
(3/207).
قال إِبْرَاهِيمَ بن أدهم: أَعْرَبْنَا فِي الْكَلَامِ، فَلَمْ نَلْحَنْ، وَلَحَنَّا فِي الْأَعْمَالِ؛ فَلَمْ نُعْرِبْ.
(3/211).
يقول إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ: أَيُّ دِينٍ أَيُّ دِينٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ؟!
(3/211).
قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: الصَّمْتُ يُكْسِبُ أَهْلَهُ الْمَحَبَّةَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْحُكَمَاءِ: النَّدَمُ عَلَى السُّكُوتِ خَيْرٌ مِنَ النَّدَمِ عَلَى الْقَوْلِ.
(3/238).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصِّدْقُ عِزٌّ، وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ.
(3/240).
قَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: لَوْ عَيَّرْتُ رَجُلًا بِرَضَاعِ الْغَنَمِ؛ لَخَشِيتُ أَنْ ارضعها.
(3/244).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا تَسْخَرْ مِنْ شَيْءٍ، فَيَحُورَ بِكَ.
(3/244).
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِهِ: لَا تُمَازِحِ الشَّرِيفَ؛ فَيَحْقِدَ عَلَيْكَ، وَلَا الدَّنِيءَ؛ فَتَهُونَ عَلَيْهِ.
(3/245).
قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: دَاءُ الْبَدَنِ الذُّنُوبُ، وَدَوَاؤُهَا الِاسْتِغْفَارُ، وَشِفَاؤُهَا أَنْ لَا تَعُودَ فِي الذَّنْبِ.
(3/285).
قَالَ بُزْرُجَمْهَرُ الْحَكِيمُ: ارْهَبْ تَحْذَرْ، وَأَنْعِمْ تُشْكَرْ، وَلَا تَمْزَحْ فَتُحْقَرْ.
(3/297).
يقول الثَّوْرِيَّ: إِنَّمَا يُتَعَلَّمُ الْعِلْمَ؛ لِيُتَّقَى الله عَزَّ وَجَلَّ.
(3/303).
قال إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يلِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: كُنْ ذَنَبًا وَلَا تَكُنْ رَأْسًا؛ فَإِنَّ الرَّأْسَ يَهْلِكُ، وَالذَّنَبُ يَسْلَمُ.
(3/335).
قِيلَ لِأَبِي حَازِمٍ: مَا مَالُكَ؟ قَالَ: الثِّقَةُ بِمَا فِي يَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْإِيَاسُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ.
(3/337).
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ قَالَ: إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَظْلِمَهُ؛ رَجُلٌ لَا يَجِدُ نَاصِرًا إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.
(3/377).
قال الْحَسَنِ: مَنْ كَانَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَطِيَّتَهُ؛ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَإنْ كَانَ مُقِيمًا.
(3/419).
عَنْ عِكْرِمَةَ؛ قَالَ: إِذَا كَثُرَ أَوْلَادُ الزِّنَا قَلَّ الْمَطَرُ.
(3/435).
كَانَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْنَا الْعَقْلَ قَطُّ؛ إِلَّا خَادِمًا لِلْجَهْلِ.
(3/452).
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حُسْنُ الْجِوَارِ عِمَارَةُ الدِّيَارِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ.
(3/482).
قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَا تَوَدَّنَّ عَاقًّا، كَيْفَ يَوَدُّكَ وَقَدْ عَقَّ أَبَاهُ؟!
(3/482).
قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ عَيْشًا مَنْ حَسُنَ عَيْشُ النَّاسِ فِي عَيْشِهِ.
(3/499).
قَالَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: مَا خَانَ شَرِيفٌ، وَلا كَذَبَ عَاقِلٌ، وَلا اغْتَابَ مُؤْمِنٌ.
(3/516).
قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَتَى يَكُونُ الأَدَبُ شَرًّا لِمَنْ عَدِمَهُ؟ فَقَالَ: إِذَا كَثُرَ أَدَبُ الرَّجُلِ، وَنَقَصَ عَقْلُهُ.
(3/518).

جوامع الكلم شعرا


قال بعض الْحُكَمَاءِ:

يَا سَاكِنَ الدُّنْيَا أَتُعَمِّرُ مَسْكَنًا * لَمْ يَبْقَ فِيهِ من الْمَنِيَّةِ سَاكِنُ
الْمَوْتُ شَيْءٌ أنتَتعلم أَنَّهُ حَقٌّ *وَأَنْتَ بِذِكْرِهِ مُتَهَاوِنُ
إِنَّ الْمَنِيَّةَ لَا تُؤَامِرُ مَنْ أَتَتْ * فِي نَفْسِهِ يَوْمًا وَلَا تَسْتَأْذِنُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا أَبَا لَكَ فِي الَّذِي * أَصْبَحْتَ تَجْمَعُهُ لِغَيْرِكَ خَازِنُ

(3/217).

أَنْشَد ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ:

إِنَّمَا الدُّنْيَا حُدُودٌ * فَعَزِيزٌ وَذَلِيلُ
وَأَخُو الْفَقْرِ حَقِيرٌ * وَأَخُو الْمَالِ نَبِيلُ
وَإِذَا مَا الْجِدُّ ولَّى * عزب الرَّأْيُ الْأَصِيلُ
كُلُّ بُؤْسٍ وَنَعِيمٍ فَهُوَ * فِي الدُّنْيَا يَزُولُ
ثُمَّ يَبْقَى اللهُ وَالْأَعْمَالُ * وَالْفِعْلُ الْجَمِيلُ

(3/217).

قال أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى قَبْرٍ:

تُنَاجِيكَ أَجْدَاثٌ وَهُنَّ سُكُوتُ * وَسُكَّانُهَا تَحْتَ التُّرَابِ خُفُوتُ
أَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا لِغَيْرِ بَلَاغَةٍ * لِمَنْ تَجْمَعُ الدُّنْيَا وَأَنْتَ تَمُوتُ

(3/276).

أَنْشَد جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَمْلِي، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى قَبْرٍ:

مَا حَالُ مَنْ سَكَنَ الثَّرَى مَا حَالُهُ * أَمْسَى وَقَدْ صُرِمَتْ هُنَاكَ حِبَالُهُ
أَمْسَى وَلَا رُوحَ الْحَيَاةِ تُصِيبُهُ * يَوْمًا وَلَا لُطْفُ الْحِبيبِ يَنَالُهُ
أَمْسَى وَحِيدًا مُوحِشًا مُتفَرِّدًا * مُتَشَتِّتًا بَعْدَ الْجَمِيعِ عِيَالُهُ
أَمْسَى وَقَدْ دَرَسَتْ مَحَاسِنُ وَجْهِهِ * وَتَفَرَّقَتْ فِي قَبْرِهِ أَوْصَالُهُ
وَاسْتَبْدَلَتْ مِنْهُ الْمَجَالِسُ غَيْرَهُ * وَتُقُسِّمَتْ مِنْ بَعْدِهِ أَمْوَالُهُ
هَلْ مِنْ قَبِيلٍ تَعْلَمُونَ مَكَانَهُ * سَلِمَتْ عَلَى حَدَثِ الزَّمَانِ رِجَالُهُ

(3/276).

أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ لِسَابِقٍ:

وَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ بَاتَ لِلْمَوْتِ آمِنًا * أَتَتْهُ الْمَنَايَا بَغْتَةً بَعْدَمَا هَجَعْ
فَلَمْ يَسْتَطَعْ إِذْ جَاءَهُ الْمَوْتُ بَغْتَةً * فِرَارًا وَلَا مِنْهُ بِقُوَّتِهِ امْتَنَعْ
فَأَصْبَحَ تَبْكِيهِ النِّسَاءُ مُقَنَّعًا * وَلَا يَسْمَعُ الدَّاعِي وَإِنْ صَوْتَهُ رَفَعْ
وَقُرِّبَ مِنْ لَحْدٍ فَصَارَ مَقِيلُهُ * وَفَارَقَ مَا قَدْ كَانَ بِالْأَمْسِ قَدْ جَمَعْ
وَلَا يَتْرُكُ الْمَوْتُ الْغَنِيَّ لِمَالِهِ * وَلَا مُعْدِمًا فِي الْمَالِ ذَا حَاجَةٍ يَدَعْ

(3/302).

أَنْشَدَ مِسْعَرٌ:

قِفْ بِدِيَارِ الْمُتْرَفِينَ فَقُلْ لَهَا * إِذَا جِئْتَهَا أَيْنَ الْمَسَاكِنُ وَالْقُرَى
وَأَيْنَ الْمُلُوكُ النَّاعِمُونَ بِغِبْطَةٍ * وَمَنْ عَانَقَ الْبِيضَ الرَّغَابِيبَ كَالدُّمَى
فَلَوْ نَطَقَتْ دَارٌ لَقَالَتْ دِيَارُهُمْ * لَكَ الْخَيْرُ صَارُوا لِلتُّرَابِ وَلِلْبِلَى
وَأَفْنَاهُمْ كَرُّ النَّهَارِ وَلَيْلُهُ * وَلَمْ يَبْقَ فِي الْأَيَّامِ كَهْلٌ وَلَا فَتَى

(3/497).

16- محرم- 1435هـ
20-11-2013م


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أيمن الشعبان
  • من أقوال السلف
  • مقالات
  • ما صح وما لم يصح
  • فلسطينيات
  • تأملات قرآنية
  • المسلم في بلاد الغربة
  • رمضانيات
  • الصفحة الرئيسية