صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أنت (مطوع) أم (ليبرالي) ..؟

د.فهد بن صالح العجلان
@alajlan_f

 
بسم الله الرحمن الرحيم


إلى كلّ مواطن في المجتمع السعودي:
أنت بين خيارين : إن لم تكن (مطوّعاً) فأنت ولا بدّ (ليبرالي) .. وبما أن أغلبية المجتمع لا يصنّفون ضمن (المطاوعة) فإن هذا يعني أن الفكر الليبرالي هو الغالب والمؤثّر في المجتمع السعودي وإن كان ذلك يظهر بغير اسم الليبرالية.
وبمعنى آخر: فإن أكثرية المجتمع هم من المؤيّدين لليبرالية بطريقة صامتة، فمعارضو الليبرالية هم الفئة الأقل(المطاوعة) وأما بقية الناس (الأغلبية الصامتة) فإنهم سند الليبرالية وأهلها، لأنهم غير ملتزمين في (الظاهر) ببعض أحكام الإسلام، ويقع من آخرين التهاون في كثير من المعاصي والواجبات.
هذا هو التفكير (السطحي) الطفولي الذي يأبى بعض الناس إلا تعريض مداركه العقلية للانكشاف بحرصه الشديد على إشاعة مثل هذه [الثنائية المضحكة] التي تنسى في غمرات إشكالاتها أن تحترم من يقرأ لها وأن تستذكر أن ثمّة من يوازن بين المكتوب والواقع.
إن هذه الكلام يحمل (إدانة) واضحة من الليبراليين لأنفسهم لو كانوا يعقلون، فهم يعلنون وبلا حياء أن أساسهم ومرتكز فكرهم هو (المعصية والإثم والخطيئة) فخصمهم هو من يتورّع عن المعاصي الظاهرة، وكلّ من لا يتورّع عنها فهو منهم، وقد كملت غبطتهم لما رأوا وجود المعاصي والتجاوزات لدى أبناء المجتمع ونسبوها إلى الليبرالية، فهو إقرار فاضح لعلاقة (مشينة) مع أحكام الشريعة، تفرح بكثرة المعاصي، وتتفاخر بوجودها، وتتكاثر بها وبأهلها.
ثمّ إنّ هذا (انسلاخ) من فكر الليبرالية وبراءة تامة منها، لأن كلّ منهج في الدنيا قائم على أصول ومبادئ وقيم معتبرة لكلّ من ينضوي تحت رايته، وحين يكون طريقة الليبرالية في حساب أصحابها هو من لم يكن متديّناً فهذا يعني أنه ليس ثمة منهج ليبرالي حقيقي يقف القوم في صفّه، وأن الليبرالية غدت وصفاً لمعنى التذمّر والبغض والنفرة من الدين ومن كلّ ما يذكّر به،
فليس ثمّة فكرة معينة تعتنقها لتكون ليبراليا، وإنما (يكفي) أن تبتعد عن الدين وتشمئزّ إذا ذكر الله لتكون (ليبراليا) .. فأي عقلانية في فكرة لا تقوم إلا على الابتعاد، ولا تعرف نفسها إلا بالوقوف ضدّ مخالفيها!
إن نجوم السماء أقرب إلى ملمس خيال الليبراليين من أن يصلوا بأحلامهم المفلسة في أن يكون لهم ولاتباعهم في المجتمع السعودي نسبة يمكن أن تذكر من غير استعانة بعمليات حسابية معقّدة يمكن أن تظهر لهم ما بعد الصفر العاشر، فحاشا هذا المجتمع الطيب في شيبه وشبابه، ورجاله ونسائه أن يكون ممراً لماء الليبرالية الآسن، فالليبرالية تقف مع الدين ضداّ وندّاّ، ومن يعرف رسوخ التديّن في هذا المجتمع سيعرف تلقائيا الموقف النافر من كلّ الأفكار المنحرفة.
الطريف في الأمر: أن بعضهم يصرّح اليوم بأن (الأغلبية الصامتة) هي مع الليبرالية قلباً وقالباً، وحين يسأل في الغد هل أنت (ليبرالي)؟ يتبرأ منها مباشرة ليقول: بل أنا مسلم! حتى دفع هذا أحدَ المذيعين المشهورين ليعلن غضبه من هذا التصرّف غير المفهوم في إشاعة مفهوم الليبرالية والتبرئ من الانتساب إليها.
إن [الإشكالية الكبرى] مع الليبرالية ليست مع تقصيرهم في تطبيق بعض أحكام الشريعة، إذ لا يكاد يسلم من المعصية والخطأ أحد، والتوبة معروضة على مصراعيها ولكلّ مسلم من الطاعات والخيرات حظّ ونصيب، ولو زاد الإنسان في غيّه وعصيانه فسيبقى معه أصل الإيمان وكلمة التوحيد والتسليم لله ما يرجى له رحمة الله وغفرانه.
الإشكالية الكبرى: هو في التسليم والانقياد لله تعالى، والخضوع للشريعة وأحكامها، والرضا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم حكماً وهادياً، وتقديم ذلك على كلّ ما سواه،
وهذا من الأصول الضرورية القطعية التي لا ينازعك فيها أحد مما تربّى في هذا المجتمع، وكل مستعد للتضحية دون هذا الأصل، إلا أن الليبرالية لها مع هذا [الأصل] كلام كثير واعتراض طويل وجدال واسع وتمحّلات وإشكالات يبدون شيئاً منها، وما تخفي صدورهم أكبر.
هذا هو (محلّ) النزاع و (أرض) الخصومة و (معترك) القضية بين الليبرالية وخصومها، فهل يشكّ عاقل بعد هذا باكذوبة(الأغلبية الصامتة) أو بطفولية (مطوّع وليبرالي)!

صحيفة سبق
1/5/1430هـ.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.فهد العجلان
  • مقالات
  • السياسة الشرعية
  • سيادة الشريعة
  • محاضرات مفرغة
  • معركة النصّ
  • الفروق الفيسبوكية
  • المؤلفات
  • الصفحة الرئيسية