بسم الله الرحمن الرحيم

مبشرات في حرب العراق


الحمد لله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفي ......وبعد
إن الحرب الدائرة الآن لاشك أنها حرب طاحنة يدفع الثمن فيها المستضعفون من المسلمين وغيرهم ...وأقل ما توصف به هذه الحرب أنها حربُ طغيان وعلو في الأرض...حربٌ صليبيةٌ تاتاريةٌ يقودها ابليس وأعوانه من شياطين الإنس أمثال بوش وبلير وغيرهم وغيرهم....وهذه الحرب هى واحدة من حلقات سلسلة الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين , الهجمة التي هي بمثابة إجتماع الأكلة على قصعة الطعام بعدما دعَى كلٌ منهم الأخر وهذا الوصف جاء على لسان خير الناس محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديث ثوبان قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".[د ... ك ....الملاحم.وأحمد في المسند وفي صحيح الجامع برقم:8183].
وهى حلقة من سلسلة دمروا الإسلام أبيدوا أهله كما قال ذلك أعداء الإسلام وخططوا لذلك وعملوا له سنين طوال , ونجحوا في خطتهم التي بدأت بسقوط الخلافة ... ثم تنحية الشرع شرع الله عن أرضه وعباده وخلقه .... ثم تقسيم منطقة الخلافة في المنطقة العربية الى دول ودويلات ... ثم تنصيب حكومات علمانية تقود الشعوب الى البعد عن الدين والجهاد والتعامل بمناهج علمانية في كل شئون الدين والدنيا , في هذه المنطقة التي كان كل الغرب – كلهم - يرهبونها ويسمونها المارد العربى المسلم وأعترفت بذلك دولهم الكبرى في الأزمان السالفة لِمَا لاقوا من قوة التمسك بالحق ومن غلبة روح الجهاد في هذه الأمة شيوخا وشبابا وعلماء وعامة.... نجحوا الأعداء في تحويل هذه الأمة المارد إلى أشلاء ممزقة تتمثل في دويلات مفككة لاقيمة لها لامنفردة ولا مجتمعة كما هو واضح وبدلوا نعمة الله كفرا ....فبدلوا بالإسلام الشيوعية والقومية العربية وغير ذلك وبدلوا بالوحدة الإسلامية التي قال الله فيها " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(10 الحجرات)....والتي قال فيها النبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [خ...ك...المظالم].....والتي قال فيها القائل :
أخي في الهند أو في المغرب *** أنا منك أنت منى أنت بى
بدلوا بتلك الأخوة فرقة وعداء وجنسيات فرعية سورى-عراقى-مصرى-يمنى وهكذا .... وبدلوا عز الشريعة وحكم الله كفرا وقوانينَ وشرائعَ وضعيةً جاهليةً ...وبدلوا قيادتهم للدنيا التي قال الله فيها :" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا..... (143 البقرة)...بدلوها بأن صاروا أذيالا بعد أن كانوا قادة وصاروا أصاغر أذلة بعد أن كانوا سادة أعزة.....وبالجملة فقد بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.... نعوذ بالله من الخذلان في الدنيا والأخرة...أمين.

أيها الأخوة المؤمنون لابد أن نفهم أن هذه الحرب هى حلقة من سلسلة طويلة لايعلم الا الله هل هي الحلقة الأخيرة أم ستتابع لهذه السلسلة حلقات أخر .... نسأل الله العلى الكبير أن يرد كيد الكافرين في نحورهم وينصر المسلمين عليهم.
نعم لقد نجح الكفار فيما يخططون له وساعدهم في ذلك - بقدر الله - خِذلان المسلمين في أنفسهم وزيادة بعدهم عن دينهم حتى وصل المسلمون إلى أن يعين بعضُهم أعداءَهم على بعضِهم وذلك من عظيم علامات ما أصابهم من الوهْن الذي هو حب الدنيا وكرهية الموت ... والذي هو مؤشر لمدى نجاح الأعداء في خططهم ومدى ما حققوه من نتائج باهرة في مخططاتهم العدوانية في إبادة الإسلام والمسلمين وردهم عن دينهم... حتى ظن البعض ألا عودة للإسلام لما كان عليه , لِمَا يرونه من غلبة الكفر وأهله وطغيان الباطل,حتى غلب على كثير من المنهزمين أنه لا موقف الأن الا طاعة الطغاة فيما يطلبون ويأمرون يقولون بلسان حالهم ومقالهم :" نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ".... وما قال المخذولون المنهزمون ذلك الا لسببين:
الأول: أنهم انهزموا أمام أنفسهم ببعدهم عن دينهم وجهادهم الذى هو سبب عزهم ونصرهم.
والثانى: أنهم لايرون الا قدرة الأعداء وما للكفار من عدد وعدة , وعموا عن رؤية الحق وقدرة الرب القادر على كل شئ...الرب الذي لارب غيره ولا اله سواه سبحانه وتعالى كما يقول الكافرون والجاهلون علوا كبيرا.
وأمثال هؤلاء يقال لهم ما قال ربنا جل وعلا:" فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52 المائدة).

ولاشك عباد الله أن تخاذل المسلمين في أنفسهم وأمام أعدائهم حقيقة لاتنكر وواقع مرير تشهد به الأحداث و يترتب عليه أمور منها:
1- غلبة الكفر في مواطن كثيرة واعتزازهم بكفرهم أمام ذل المسلمين وصغارهم.

2- عدم استطاعة المسلمين ان يناصر بعضهم بعضا ولو بالكلام الا على استحياء .

3- هوان المسلمين على انفسهم ويظهر ذلك في طلب الرضا من قيادة الكفر بمقابل وبغير مقابل .

4- التخلف عن مقتضى الإغاثة لاأقول إغاثة المسلم للمسلم من باب وإسلاماه ...بل حتى الأدمية الإنسانية التي يقوم بها أصحاب الصليب وعبدة بوذا من منطلق الإنسانية وحقوق الأدميين تخلف عنها المسلمون .... فقد تخلف المسلمون عن دينهم ومقتضى أدميتهم....وصدق من قال:
وآلمنى وآلـــم كلَ حــــــرٍ *** سؤالُ الدهرِ أين المسلمون.

5- التفاخر بكون المسلمين من هنا او هنالك ذيل وتابع وصغير من صغار دولة من دول الكفر في معسكر غربى أو شرقى...وهذا من أعظم مظاهر الذل والصغار وصدق ربنا إذ يقول تعالى:" الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا(139 النساء).
ويقول سيد المرسلين محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي" [خ...ك...الجهاد].

6- تعظيم شأن الغرب من كل جهة حتى حسدناهم ليس فقط في غلبة دنياهم وكثرة اموالهم بل حتى فيما عندهم من إباحية وفجور فقلدناهم بعدما حسدناهم وصار المسلمون -كل واحد منهم- الا من رحم الله يتمنى أن يصير مثلهم وغلبت علينا صورتُهم وثقافتُهم وعاداتُهم وسََننُهم فاتبعناها الا قليل...ولازال كثيرٌ منا يبحث عن هذا القليل والعياذ بالله.

7- حب الغرب وموالتهم والحرص الشديد على اتباعهم حتى غلب علينا الاطمئنان الكامل لكل ما هو غربى في أى شئ ...أكل – شرب - ملبس - نوم - زواج - حياة في البيوت - تعليم – قوانين – نظم – تربية أولاد – حرية البنات والنساء – وغير ذلك مما جربه المسلمون ولم يجنوا منه الا الخسران المبين حتى لو كان هناك بعض الأشياء النافعة عندهم فليس الكل ولكننا صرنا نسارع فيهم اسراع النار في الهشيم...فأكلت النارُ الهشيم ولم يبق الا الرماد فداسوه بالأقدام ... حتى عرف الكفار كيف يلهث المسلمون وراءهم ... وكيف هم غثاء لاقيمة لهم وكيف هم لقمة قريبة المنال فتدعى الأكلة الى القصعة ليأكلوا ما فيها دون مرارة ولاغُصة .

8- الإنكار الشديد والتنكيل بكل من يعيب في الغرب والكفار لأنهم المحبوبون ولأنهم أولياء المعونات والنعم والعطايا , ولأنهم هم السادة ونحن العبيد يأمروننا ونحن نطيع وننفذ....فمثلا... أمنعوا النقاب يُمنع... أمنعوا اللحية في الجامعات والهيئات تُمنع... أمنعوا الاسلام في الدواوين والهيئات والنقابات والمؤسسات يُمنع ...حتى كان في بعض الدول العربية أن مُنع الصيام في رمضان بدعوى التأثير على الإنتاج .... وفي غيرها حُرم الزواج من أكثر من واحدة..... وفي أخرى منع الحجاب أصلا ....وهكذا طاعة الكفار الذين يصفهم لنا الرب سبحانه وتعالى فيقول:" وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا(27 النساء)...ويقول سبحانه:" وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً..... (89 النساء)....وقال عز من قائل:" وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا..... (217 البقرة).

9- تفاخر الأفراد والجمعات بكل ما هو غربى من بلاد الكفر من المنتجات من أى نوع ليس من باب أن هذا نافع فننتفع به لا بل هو من باب الأفتخار أنه أمريكى بريطانى غربى ...كما يسميها البعض بعقدة الخواجه... والتفخار بالسفر الى هناك وبالحصول على إقامة أو جنسية ويابخت من يحصل على الجنسية الغربية ويالا فخره على اقرانه من المسلمين ... بل أكثر من ذلك أن يعيش مثلهم ويربى أولاده مثلهم ويتفاخر بأن ابنته لم تختار حتى الأن وقد بلغت من العمر عشرين عاما ولم تختار الدين الذى ترتاح له ...وقد ولدت من أباء مسلمين ...لكنه التفاخر الذى غلب المسلمين على دينهم ودنياهم .

10- تعظيم الغربى الكافر سواء بتعاظمه في نفسه كما نسمع ونرى , أو بتعظيم المسلمين له على المستوى الفردى والجماعى فالسائح الغربى مثلا حلاوة تلحس وتمس من بعيد لان معه الدولارات والدكتور الغربى هو وحده الذى يعلم في الطب والفنى والمستشار الغربى هو الأول في كل شئ والأفراد والأقليات الغربية أولى من أهل البلاد مهما كانوا....فالمسلم في بلده أو بلد غيره من بلاد المسلمين يهان ويطرد ويحرم من حقه وفي المقابل الغربى الكافر يعظم ويقدر ويبجل حتى على أهل البلد مهما كانوا لأنه جنسٌ من الدرجه أولى والمسلمين لادرجة لهم لافي بلادهم ولافي بلاد غيرهم ....إنا لله وإنا إليه راجعون.

كل هذه الأمور الحقيقية التي يشهد بها الواقع الأليم وغيرها الكثير والذى كلما نظرنا حولنا في واقعنا وجدناه واضحا وضح الشمس في بلاد المسلمين....حتى صارت بلاداً مرقعةً رقعة غربية تظهر في التبرج والاختلاط وفشو الزنا والعُرى والربا والسينمات والملاهى والشواطئ والمصايف والحفلات .....وغير ذلك الكثير ....ورقعة اسلامية تظهر في وجود الأزهر والمساجد والمظاهر الإسلامية من حجاب النساء ورجال ذوى لحى والأذان في مواقيت الصلاة والقرأن يذاع من إذاعة رسمية.... وغير ذلك من مظاهر الإسلام ...وبين تلك الرقعة والرقعة تجد شباب ممزق وشبات ضائعات ورجال فجروا ونساء سقطن ...وحيره وانهزمية...وأخطر ما في ذلك هو فقد الهدف في الحياة كفرد وكمجتمع.... وعندئذ يكون من السهل ان نصير غربيين الحاديين شيوعيين قوميين أو غير ذلك لأننا صرنا كالبعير الضال الذى يجده الرجل في الصحراء فيصيده وياخذه لنفسه حيث شاء.....

والمسلمون لاينبغى أن يكونوا بحالٍ بعيرا ضالا ...نعم لاينبغى أن يكونوا بعيرا ضالا ...لأنهم أمةٌ قال الله فيهم:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا..... (143 البقرة).
وقال أيضا:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.... (110 آل عمران).
وفي الحديث أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ" [م...ك...الايمان]
وفي الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ قَالَ يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الْأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ أَوْ الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ" [خ..ك...الرقاق].

والمسلمون أمة أرسل الله اليهم خير رسله وأنزل عليهم أتم كتبه فيه سعادتُهم في الدنيا والأخرة وسعدوا بذلك قرونا عدة لما منعهم القرأن والدين واتباع الرسول من الذلة والصغار .... فلما تحللوا ضاعوا.
والمسلمون أمة كثيرة العدد كثيرة المال كثيرة الموارد كثيرة البقاع كثيرة الأجناس والأعراق والألسنة.
فكيف يكونون مع هذا بعيرا ضالا يأخذهم من شاء الى ما يشاء ...هذا لايكون ...ولكنه بحكمة الله وتقديره حدث ووقع بالرغم من وجد أسباب منعه , حتى صار الحال يصدق من يسأل أين المسلمون؟؟؟

ويأتى الجواب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ" [خ...ك...الإعتصام].
وفي رواية عند مسلم:" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" [م..ك...الايمان].

وهذا يعنى أن المسلمين لابد أن يراجعوا دينهم وسبب عزهم وأن يخرجوا من عقدة الخواجة .... من ولاء الخواجة ..... ومن حب الخواجة ... ومن نصرة الخواجة....ومن متابعة واتباع الخواجة.... ومن تقليد الخواجة...ومن التفاخر بالإنتماء للخواجة.... ومن التعلم على يد الخواجة.... ومن الإنبهار بالخواجة ... ومن الآستنصار بالخواجة .... وهذا وغيره مما لاعز للمسلمين الا بالتحرر منه هو بمثابة المستحيلات عقلا لاقدرا ...فالله لايعجزه شئ سبحانه...لكن من جهة العقل والأسباب الظاهرة هذه المطلوبات هى في الواقع – واقع المسلمين المر – تُعد من قبيل المستحيلات... نعم... فلازال الدعاة والمعلمون والمرشدون والعلماء يبينون الحق ويعظون الأمة التي غرقت لأخُمص قدميها في طوفان الغرب والتغريب والذى أدى إلى طمس هوية الامة وظهر فيها ماذكرته أنفا وأكثر من الملامح القميئة التي أودت بكرامة الأمة وعزتها وسيادتها حتى في ذاتها فصارت هينة مهانة والعياذ بالله.....ولم ينفع هذا الوعظ وذلك البيان الا مع أفراد قلة لعل الله يجعل فيها أمل النصر والعز....ولم يفلح الوعظ والبيان مع عموم الأمة ...حتى كاد المعلمون يصيبهم ما أصاب يونس عليه السلام مع قومه .... لكنها حكمة الله البالغة وأن كل شئ عنده بقدر معلوم...سبحانه وتعالى.... فلعل الأمر الذى لاينفع فيه مع الكثير - وهم غالب الأمة – الوعظ والقرآن تنفع فيه الشدائد....نعم فالحرب الدائرة لنا فيها ومنها مبشرات ....نعم مبشرات:

*مبشرات في حرب العراق:
سيقول كثير منكم أين هى المبشرات مع هذا القتل والدمار والدماء التي أغرقت شوارع العراق وخصوصا شوارع بغداد وهذا الأسلحة المدمرة التي تدك البيوت وتدمر كل ما يقابلها ويقع تحتها ...أين هذه المبشرات مع تقدم لأخذ القرى والبلاد والعباد....اين المبشرات مع جحافل كفرية تدمر وتخرب هنا وهناك.... أين هذه المبشرات مع تخلف المسلمين من إغاثة المقتَلين والمجروحين والمشردين والجياع والمطرودين....فضلا عن تخلفهم عن مناصرتهم في الدين والدنيا بجند أوعسكر أو سلاح والله يقول:" وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ.... (72 الأنفال).....ولذلك قال تعالى بعدها :" إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ(73 الأنفال)...وهو الحاصل ورب الكعبة ...فتنة وفساد كبير...أين المبشرات مع هذا كله.؟؟؟

والجواب هو أن نعرف نوع المبشرات... فأنا لاأدعى من مقامى هذا أن المسلمين في العراق قد أفنوا الأمريكان والبريطان ودفنوهم أو أن الكفار قد ولوا الفرار تاركين أسلحتهم وأمتعتهم وراءهم غنيمة للمسلمين المستضعفين من الشعب العراقى المطحون ...انا لاأقول أن الأمة المسلمة قد سمعت وإسلاماه فتحركت فيها نخوة الإسلام وحمية الحق ورباط الولاء والإخوة الإيمانية فجيشت الجيوش لمناصرة المسلمين ورد جحافل التتار الجدد....أنا لا أقول قد جمعت الأمة المسلمة الكثيرَ من المال والعدة والعتاد لإرساله الى المسلمين الذين يبادون في العراق ويدافعون عن الأمة جمعاء....أنا لاأقول هذا ولا مثله من الكلام الذى ينبغى أن يقال وأن يكون....لأننى لو قلته لقال الناس مجنون أو مشبه عليه.... أنا أعرف أن هذا الكلام ضَرب من الخيال لأن الأمة جُربَت من قبلُ في البُسنة والهرسك وفي الشيشان وفي أفغانستان ومن قبلها في فلسطين التي لها على هذا الحال سنين..وفي كشمير التي يحرق الناس وهم يصلون وفي غيرها من الأماكن والبلدان المسلمة التي بُحت أصوات المسلمين فيها مستغيثين...واسلاماه ..واسلاماه...وما من مجيب....لقد أختبر الأعداء المسلمين مرات ومرات...وعرفوا أنهم جسد ممزق لاحراك له فصاروا يأكُلون في الجسد...أو قل من القصعة وينادى بعضهم بعضا هلم الينا لتاكل معنا ... والجسد جيفة لاحراك له فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولكنى أقول كلاما أخر غير ذلك الذي ينبغى أن يكون وهو ...نعم هناك بشريات في حرب العراق ومبشرات أول هذه البشريات هى:
1- ظهور الخواجه على حقيقته للعامة والخاصة... فلقد كان العلماء والدعاة يذكروننا بقول الله تعالى:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ(118 آل عمران)... ومعنى "لا يألونكم خبالا" لا يُقصِرون فيما فيه الفساد عليكم... والخبل: الفساد; وقد يكون ذلك في الأفعال والأبدان والعقول...وقوله " قد بدت البغضاء من أفواههم" يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم. والبغضاء: البغض, وهو ضد الحب.... قوله تعالى: " وما تخفي صدورهم أكبر" إخبارٌ وإعلامٌ بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم.
فكلما كان العلماء يعلمون الأمة هذا الوعي العقدي الهام جدا ...كان العامة وهم اغلب من في الأمة يقولون هذا تطرف وارهاب ويردون على الواعظ وعظه....حتى ظهر الارهاب الأمريكى البريطانى الأوروبى على حقيقته فاعترف به العامة حكاما ومحكومين وصدقوا بالواقع وبالحرب ما لم يصدقوه بالقرأن والوعظ ...صدقوا بأن الخواجه هو الإرهابى الحقيقى وأظهر الله صدق من وصِفُوا من قبل بالإرهبيين المتطرفين فسبحان من يزع بالسلطان مالايزع بالقرأن فكل الكون اياتٌ له....اليست هذه مبشرات.

2- تحقق الكراهية المطلوبة شرعا من المؤمنين للكافرين خاصة المحاربين وهذا أمر يمس أصل الدين حيث قال تعالى:" لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(22 المجادِلة)...وهذه البغضاء الإيمانية لم يكن ليستطيع دعاة الأمة وعلماؤها أن يزرعوها في قلوب المسلمين الذين أدمنوا محبة الخواجة والإرتماء في أحضانه في كل شئ ...ولكن الله يفعل ما يشاء رزق الأمة ما تحتاج اليه في صحة دينها من بغضاء الكافرين وعدمِ ودهم وكان ذلك من بشريات حرب العراق...الله أكبر جعل مع العسر يسرا...ومع الكرب مخرجا...لايقدر على ذلك الا الله وحده.

3- تفجر روح الجهاد في الأمة عند قوم كنا نقول يارب يقبلوا ولوا بعض الحق ويعملوا له ولو بالقليل ... الأن الكل يجاهد والكل يتمنى ذلك...ولو قام دعاة أو علماء ينادون بالجهاد لنُظِم لهم في أى مكان من بلاد المسلمين تنظيما وحُكِمُوا واعدموا لأنهم يحضوا على الجهاد....الأن أمريكا لا شكراً لها بعثت في الأمة الميتة روح الجهاد والتف الناس حول رجال الدين وكثرت الأسئلة في ذلك وتحرك شعب العراق الذى عُرف بالمعاصى وكذا وكذا كما يَعلم من خالطهم.... كشأن كثير من شعب الأمة الإسلامية .... قام هذا الشعب مدافعا عن دينه وعرضه وماله وبلده فأيدهم الله بتأيد من عنده...وخذل الشعب العراقى المسلم بذلك الكفارَ وحطم أمال الخواجه الذى ظن أن البدوى العراقى سيرتمى في أحضان الخواجه لعله يأتيه بامرأة عارية مصابة بالأيدز أو ببعض المخدرات أو الخمر أو صالات القمار ليبيع عليها داره وماله – فهذا ما عند الخواجه صدق ربنا "لا يألونكم خبالا" – أو بعض الأفلامٍ الداعرة أو بطعام أو شراب...أو أى مما هو عند الخواجة....نعم لقد كسَر المسلم العراقى وحطم عقدة الخواجه....أليست هذه مبشرات.

4- ومن المبشرات أيضا تحول بعض الأمريكان عن ولائهم لحكومتهم وجيشهم بسبب وضوح الصورة الحقيقية للشيطان الأمريكى وأنه ليس باعث الحريات في العالم كما يزعم بل هو شيطان يبحث عن الشر والفساد في الأرض ... من ذلك ما قام به أحد الجنود بضرب زملائه في مخيماتهم بمعسكرات الأمريكان في الكويت .. وقيام طيار بضرب طيارات وهى في طلعة قتالية... وقيام كثير من رجال السياسة والأعمال بمظهرات شديدة فيها مقاومة للسلطة أمام البيت الأبيض وهم يرددون ما يبين كفرهم بسياسة أمريكا....ولا أباعد في دخول كثير من الغرب في الإسلام بعدما رأوا بأعينهم سقوط اقنعة الديمقراطية المزعومة....أليست هذه بشريات.

5- أيضا هجرة الكثير من المسلمين إلى ربهم بالطاعة وبالدعاء وبحرارة شديدة مما ترتب عليه ما لعله اجابة من الله الرحمن الرحيم وظهر ذلك في رعب الجنود الأمريكان حتى ذهب العشرات منهم إلى مصحات نفسية في ألمانيا واستسلم كثيرٌ منهم ووقع كثير منهم في المياه غرقا دون تقاتل وسقطت طائرات ببنادق لابمدافع مضادة للطائرات وانهزمت الألة العسكرية الحديثة جدا جدا أمام البدو في الحقول ولم يستطيعوا حتى الآن دخول أى من المدن الكبرى التي يحاصرونها منذ عدة أيام مثل البصرة...النجف...وغيرها...أليست هذه من المبشرات.

6- صيرورة ما كان بالأمس ممنوعا وما كان الخوض فيه خطرا من القول مأذونا فيه مسموحا به بل وترعاه الدولة مثل الدعاء على اليهود والأمريكان وزعماء الغرب بالإسم وبيان خططهم وسبهم ولعنهم وبيان شرهم وحقيقة أمرهم ...وكل ذلك وغيره كان ممنوعا منعا باتا خاصة بعد أحداث سبتمبر ...فسبحان مغير الأحوال وسبحن من جعل الممنوع الهام مأذونا فيه ومن نفس الجهة التي منعته .... وفي هذا من النفع ما فيه من تعليم الناس والتأكيد عليهم فيما يتعلق بتلك الحقائق التي هى من أهم ما يُربَى عليه المسلم من مقتضيات الولاء والبراء.......وصدق ربنا إذ يقول:" وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ... (140 آل عمران).

**ولاشك ان هناك الكثير والكثير مما جعله الله بشرى لنا ولتطمئن به قلوبنا ونحن نؤمن أن النصر أولا وأخيرا من عند الله...اللهم انصر الاسلام وأعز المسلمين.....واهلك أعداءك أعداء الدين......والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الجمعة, 02 صفر, 1424هـ,,,,[‏04‏‏/‏04‏‏/‏2003‏م 06:18:45 ص]

استمع للموضوع

جمعه ورتبه وكتبه الفقير
د/ السيد العربى بن كمال

الصفحة الرئيسة   |    صفحة الشيخ