صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تنمية الخيال لدى الأطفال

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم

٢٠١٥/١٠/٣١
إن الصبي إن كان أنعم حالاً وأطيب نفساً وأشرح صدراً كان أقوى وأحسن نمواُ، وذلك لأن السرور يبسط القلب، وفي انبساطه انبساط الروح

إن للأطفال خيالاً واسعاً، ينبغي على المربين مراعاته واستثماره، لأنه كالبئر إن لم يستنبط ما به من ماء فإنه يغور، ولذا نجد أن الشرع أباح لهم اللعب بالدمى لما فيه من مصلحة، ولقلة المفسدة، فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان. فقال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه. رواه أبو داود(4932).

وفي الصحيحين رضي الله عنها قالت: «كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيُسَرِّبُهن إليَّ فيلعبن معي». قال القاضي عياض – رحمه الله – : فيه جواز اللعب بهن وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأمر أنفسهن وبيوتهن وأولادهن، وقد أجاز العلماء بيعهن وشراءهن. وفي الحكمة من ذلك يقول الحليمي – رحمه الله – في ذلك فائدتان: إحداهما عاجلة والأخرى آجلة. فأما العاجلة، فالاستئناس الذي في الصبيان من معادن النشوء والنمو. فإن الصبي إن كان أنعم حالا وأطيب نفسا وأشرح صدرا كان أقوى وأحسن نموا، وذلك لأن السرور يبسط القلب، وفي انبساطه انبساط الروح، وانتشاره في البدن، وقوة أثره في الأعضاء والجوارح. وأما الآجلة فإنهن سيعلمن من ذلك معالجة الصبيان وحبهم والشفقة عليهم، ويلزم ذلك طبائعهن، حتى إذا كبرن وعاين لأنفسهن ما كن تسرين به من الأولاد كن لهم بالحق، كما كن لتلك الأشباه بالباطل.

ويلاحظ في الحديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم يهيئ الأجواء الملائمة للعب الزوجة الصغيرة الحبيبة إلى قلبه – عائشة رضي الله عنها، مع أنها في ذلك الوقت مكلفة، ولكن طبيعة سنها ترغب في اللعب بالدمى، مع صويحباتها وصديقاتها.

كما يدل وجود الفرس الذي له جناحان في حديث عائشة رضي الله عنها أنه لا يشترط أن تكون العرائس لأطفال، بل يمكن أن تكون لحيوانات خيالية.

وهذا ليس خاصا بالفتيات، فقد قال أبو يوسف – رحمه الله – : يجوز بيع اللعبة، وأن يلعب بها الصبيان. ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن الربيع بنت معوذ الأنصارية -رضي الله عنها- أنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه. فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب بهم إلى المسجد، فنجعل – وفي رواية: فنصنع – لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار.

وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:«إن كانت لعب الأطفال المجسمة كخلق الإنسان فاجتنابها أولى ولكن لا أقطع بالتحريم، لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي وليس مكلفا بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهوا وعبثا…».

ومن اللعب المحببة للصغار التي تنمي الخيال في عقولهم الغضة ملاعبة الحيوانات الأليفة واقتناؤها، وقد ذكر العلماء أنه يجوز لعب الأطفال ببعض الحيوانات والطيور إذا لم يكن فيه أذى لها، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخ لأنس -رضي الله عنه- :«يا أبا عمير ما فعل النغير». وقد ذكر العلماء في فوائده: جواز لعب الصغير بالطير وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح له اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات وجواز إمساك الطير في القفص ما دام يطعمه ويسقيه، وأشار بعض أهل العلم إلى جواز قص جناح الطير حتى لا يطير.
وما اشتهر الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي -رضي الله عنه- بهذه الكنية إلا لهرة كان يحملها معه ويلاعبها.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية