صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل نحن في حاجة إلى التجنيد الإجباري؟ (2)

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


٢٠١٥/١٢/٥
من المعلوم أن الصغار يختلفون في الميول، فقد يميل أحدهم للعلم والحفظ، ويميل آخر للقوة والفروسية، وعلى المربي أن ينتبه للقدرات فلا يكلف الصغير ما لم يفتح الله عليه، قال ابن القيم رحمه الله: «إذا رأى الصبي وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح وأنه لا نفاذ له من العلم ولم يخلق له ومكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها فإنه أنفع له وللمسلمين».

وقد تقدم في مقال سابق أهمية التأهيل البدني لأبناء الأمة والوطن ليكونوا جاهزين عند الاحتياج إليهم كما في حال الدفاع عن الأوطان ضد أعداء الخارج وخلايا التخريب في الداخل، وفي حال الكوارث التي لا ينفع فيها إلا قوي النفس، رياضي البدن.

وحيث إن مواسم السيول قريبة، فإن من أهم ما يحتاج إليه أبناؤنا في سبيل خدمة أمتهم ووطنهم إتقان السباحة لما فيها من رياضة وتنشيط للدورة الدموية وتنشيط للبدن، وإنقاذ للنفس عند الحاجة، ومساهمة في إنقاذ الآخرين كما في حال السيول الجارفة أو سقوط الأطفال في المسابح المكشوفة، وهذا يبين أن معرفة السباحة غاية في الأهمية ولذا حرصوا على هذا الأمر حيث كانوا يتواصون به فكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة رضي الله عنه أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي» رواه أحمد.

وهي من أفضل وسائل الترفيه وأنفعها للبدن والنفس، وقد جاءت النصوص النبوية بمدح هذه الوسيلة واستحباب تعلمها وتعليمها، لأنها قد تكون وسيلة لإنقاذ النفس، ومن طريف ما يذكر أن نحويا صعد سفينة فسمع ربان السفينة يصيح بأعلى صوته: ارفعوا الشراعُ يا أيها البحارة، فقال النحوي للربان: ألا تعرف النحو؟ قال: لا ، فقال النحوي: فاتك نصف عمرك!. فهبت عاصفة هزت السفينة حتى ارتفعت الأمواج وتلاطمت، فقال الربان للنحوي: أتعرف السباحة؟ قال: لا ، فقال الربان: فاتك عمرك كله!.

ومما ورد في فضل السباحة ممارسة وتعلما وتعليما حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة» أخرجه النسائي في الكبرى (8938-8940).

وليعلم أن معرفة السباحة غاية في الأهمية ولذا أوصى الحجاج بن يوسف مؤدب بنيه بقوله : «علمهم السباحة قبل الكتابة فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم». عيون الأخبار 2/166.

ويدخل في ضمن ذلك رياضة الغوص، وتقوية القدرة على البقاء داخل الماء دون تنفس، وهذه الوسيلة الترفيهية رياضة جماعية، وفيها فائدة تمرين الصدر والرئتين على الحصول على كمية أكبر من الهواء مع التكرار والصبر، ولذا نلاحظ أن الغواص المحترف يمكث تحت مدة أطول من غيره لتمرن رئتيه على ذلك، وقد ورد في هذا النوع من المسابقات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بساحل البحر وهو محرم فقال لابن عباس رضي الله عنهما: تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفسا، قال ابن عباس: ونحن محرمون، وجاء عن ابن عمر أن عاصم بن عمر وعبدالرحمن بن زيد وقعا في البحر يتمالقان (يتغاطسان) يغيب أحدهما رأس صاحبه وعمر ينظر إليهما فلم ينكر ذلك عليهما. رواه البيهقي.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية