اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aldgithr/7.htm?print_it=1

تفسير كلام الإمام الشافعي عن حديث النيات

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه أما بعد:
فإن لحديث عمر رضي الله عنه المرفوع:" إنما الأعمال بالنيات.." مكانة عظيمة عند أهل العلم، فمن ذلك قول الشافعي عنه :" إنه يدخل في سبعين بابا من العلم". وقد ذهب كثير من الشراح إلى أن العدد غير مقصود، وإنما هو جار على عادة العرب في استعمال العدد سبعين للتعبير عن الكثرة.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح 1/ 11 وعنه المباركفوري في تحفة الأحوذي 5/235: وقال بن مهدي أيضا يدخل في ثلاثين بابا من العلم وقال الشافعي يدخل في سبعين بابا ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضا ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب.

وقال النووي في شرحه لمسلم 13/54: وأما ازالة النجاسة فالمشهور عندنا أنها لاتفتقر إلى نية لأنها من باب التروك والترك لايحتاج إلى نية وقد نقلوا الاجماع فيها وشذ بعض أصحابنا فأوجبها وهو باطل وتدخل النية فى الطلاق والعتاق والقذف ومعنى دخولها أنها اذا قارنت كناية صارت كالصريح وان أتى بصريح طلاق ونوى طلقتين أو ثلاثا وقع ما نوى وان نوى بصريح غير مقتضاه دين فيما بينه وبين الله تعالى ولايقبل منه فى الظاهر.
وقال ابن الشوكاني: وإذا تأملت في هذا الحديث علمت أنها تدور عليه جميع الأعمال التي تحتاج إلى النية، لا كما قال الشافعي إنه يدخل في سبعين باباً من الفقه. وكما نرى فإن الشوكاني فهم من كلام الشافعي أنه لا يدخل في أكثر من سبعين. إلا أن السيوطي رحمه الله في الأشباه والنظائر، ذكر أن الحديث في أكثر من سبعين بابا وعدها رحمه الله ورد على من قال بأن كلام الشافعي رحمه الله محمول على المبالغة.

والذي تجتمع به الأقوال أن المقصود من كلام الشافعي رحمه الله أن الحديث يدخل في كل أبواب الفقه والتي تجاوز السبعين، ولكنه لا يقل بحال من الأحوال عن السبعين، وعليه من الشواهد الكثير، فمن ذلك:

1. قوله تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذالك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ) التوبة :80. قال البخاري في الحديث رقم: 1300 حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أنه قال لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على بن أبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة ) ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ( إلى ) وهم فاسقون ( قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.

2. قال البخاري: حدثنا يوسف بن عيسى قال حدثنا بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته

3. وحديث الغامدية وفيه:( لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ) هذا لفظ مسلم في صحيحه.

4. حديث الافتراق المشهور وفيه: وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة".

والشواهد لا تحصى كثرة. والله أعلم.


 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية