صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







آداب الزيارة

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدِ الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ، وتتأكد زيارة المسلم لأخيه المسلم مناسبات الفرح والحزن 0
الإنسان بطبعه يحب التآلف مع غيره ، والإسلام دينُ تجمُّع وأُلفةٍ ، والاختلاط بالناس والتعارف بينهم من تعاليمه الأساسية ، فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظمُ أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناسَ ولا يَصبرُ على أذاهم ، والزيارة وسيلةٌ من وسائلِ المخالطة ، وهي تُفضي إلى التواصل ، وبها تشيع المودَّة ، وتتآلف القلوب ، وتقوى الروابط ، ويتذكر الناس ، وينبّه الغافل ، ويّعلم الجاهل ، ويروح بها عن النفوس ، وتخفف المصائب والأحزان ، ومصالح أخرى لا تخفى ، ومن المعلوم أن زيارة الأخ لأخيه مستحبة لتقوية رابطة الأخوة ، وتتأكد إن كانت معها مجاملة في فرح أو عيادة في مرض أو عزاء في موت ، ولكن للزيارة آداباً وحدوداً ، فإذا فَقدت الزيارة بعضاً من هـذه الآداب وتجاوزت شيئاً من هذه الحدود ، فإن القلوب قد تتنافر 0
الزيارات أنواع متعددة ؛ فمنها الزيارة الواجبة ؛ كزيارة الوالدين ، وصلة الأرحام ففي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحب أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أجله ، فليصل رحمه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ) ، فصلة الرحم من أفضل القُربات ، وقطيعتها من أقبح السيئات ، ومن الزيارات ما هو مستحب ، كزيارة الجيران ، والأصدقاء والخلان ، وما إلى ذلك ، والزيارات العائلية مهمة ومفيدة لما لها من الأثر الإيجابي على تقوية هذه الروابط ، فضلاً عن التواصل والتقرب من الغير 0

للزيارات آداب يجب نتعرف عليها ونتمسك بها ومنها :


الأدب الأول :
استحضار النية الصالحة : لحديث صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) 0

الأدب الثاني :
اختيار الوقت المناسب ، واليوم المناسب للزيارة : فلا يكون الوقت في الصباح الباكر أو فـي وقـت الظهـيرة بعد الغداء ، أو في وقت متأخر من الليل ؛ فإن وقت الصباح الباكر وقت نوم عند بعض النساء ، ووقت عمل عند أخريات (من تنظيف بيت وإعداد طعام ) ، ووقت الظهيرة بعد الغداء هو وقت القيلولة ، وهو وقت نوم أو استراحة للزوج بعد عودته من العمل ، والوقت المتأخر من الليل هو وقت السكون والراحة أيضاً وهو وقت خاص بأفراد الأسرة ، الابتعاد عن الأوقات المنهي عنها في الزيارة : قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) النور ، قال ابن كثير رحمه الله ( هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض ) 0

الأدب الثالث :
اجتناب الزيارات المفاجئة بدون موعد مسبق أو استئذان : وتلافي ذلك بسؤالك لمن ترغب في زيارتهم عمَّ إذا كان وقتهم يسمح لهم باستقبالك ، وبهذا الاستئذان يكون مهيأً ومستعدً لاستقبالك ، بعكس الزيارة المفاجئة التي قد تسبب الضيق والإزعاج والحرج لهم 0

الأدب الرابع :
أن لا تطول مدة الزيارة : لأن الزيارة إذا كانت مدتها طويلة قد تُشعره بـأنـك قد أثقلت عليه وأنك لا تبالي بكثرة مسؤولياته 0

الأدب الخامس :
استغلال وقت الزيارة فيما ينفع : من الناس من يأخذ أوقات الزيارة للضحك والعبث والقيل والقال وما لا فائدة منه ، بل ربما يحصل في المجلس سب وشتم وغيبة ونميمة ، وهذه من كبائر الذنوب ، وقلما ينفك ذلك عن المجالس اليوم ، إلا من رحم الله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، يزل بها فى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) البخاري 0

الأدب السادس :
التحفظ وقت الزيارة في الأقوال والأفعال :
بحيث لا تُظهر لصديقك شيئاً من الفضول في قولك أو فعلك بكثرة الاستفسار عن أشياء تخصه ، أو تخص أهله ، حتى وان كانت أموراً عادية 0

الأدب السابع :
إظهار الرضى والسرور والبشاشة بما يقدم لك من طعام أو شراب :
واستكثاره مهما كان قليلاً ، وتقديم النصيحة له بالبعد عن الإسراف والتكـلـف للضيف في المأكل والمشرب ، وعدم التحدث بعيوب الطعام الذي قدمه لك مهما كان نوعه 0

الأدب الثامن :
أن لا يترك أولاده يعبثون في بيوت الناس : حبذا لو اقتصر الزوار في مثل هذه الأيام على الرجل والمرأة والكبار المميزين ، لأن من الناس من كلفه بيته مئات الآلاف بل ربما تجاوز المليون ريال ، فيأتي الرجل أو المرأة بأطفالهما للزيارة ، ولاسيما إذا لم يكن هناك توجيه وإرشاد للأبناء قبل الزيارة ، فربما دمروا وكسروا ولعبوا وعبثوا في بيوت الناس ، ويكسرون ويحطمون ، فلا ينصرف من زيارته إلا وحال أهل البيت يتنفسون الصعداء ، ويقولون : لعلها الزيارة الأولى والأخيرة 0

الأدب التاسع :
شكر أهل البيت على استضافتهم له : لا شك أن زيارة الناس في الله تعالى من الآداب التي دعا إلى الشرع الحكيم ، لاسيما زيارة الأقارب ، ولا شك أيضاً أن قبول الناس لزيارتك وترحيبهم بالزائر من المعروف بين الناس ، ومن الفضل والمروءة ، وحسن الأخلاق ، ومن الإحسان إلى الزائر ، وكما أن في رفضه وعدم قبول زيارته ضيق له ، وكسر لخاطره ، فإن في قبول زيارته والترحيب به بشر له وبشاشة ومحبة لصاحب البيت ، وهذا من الإحسان ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله تعالى ، فإذا أراد الخروج من البيت شكر أهله على حسن الضيافة ، ويدعو لهم بالخير ، كأن يقول : جزاكم الله خيراً على حسن الاستضافة 0

الأدب العاشر :
عدم تكرار الزيارات في فترات متقاربة من الزمن : حتى لا تتولد الجفوة والسآمة بكثرة الخلطة واللقاءات والاجتماعات المتكررة والمتقاربة ، لحديث ( زُرْ غِباً تزددْ حباً ) صححه الألباني ، وقيل أيضاً ( لا تزرِ القوم قبل أن يشتاقوا إليك ، ولا تمكثْ حتى يضجروا منك ) 0

الأدب الحادي عشر :
اجتناب فاكهة المجالس ألا وهي الغيبة فكثيرا ما تكون في مجالسنا 0

الأدب الثاني عشر :
غض البصر عن محارم البيت : من الأشخاص من إذا زار الناس في بيوتهم ، أطلق العنان لبصره يتأمل هذه وهذه ، وربما خشي صاحب المنزل من العين أو الحسد ، وربما أطلق البصر إلى داخل المنزل ويتأمل الداخل والخارج ، بل ربما وقع بصره على محارم البيت ، وهنا قد يقع النزاع والمشاكل بسبب ذلك 0

الأدب الثالث عشر :
أن يجلس الضيف حيث يأذن له صاحب البيت : على الزائر أن يجلس حيث أذن له صاحب البيت ، ولا يرفض ذلك ، فصاحب البيت أدرى ببيته وعوراته ، فربما جلس الرجل في مجلس يكون عرضة لمشاهدة أهل البيت ومحارمه ، فربما رأى شيئاً يكره صاحب البيت النظر إليه 0

الأدب الرابع عشر :
أن لا يطلق لنفسه العنان في أثاث البيت : لا شك أن كل إنسان يسعى ليكون بيته من أجمل البيوت وأحسنها ، فهناك من الزوار من يطلق بصره في أثاث المنزل ، ويسأل بكم هذه ، وهذه ، حتى يحرج صاحب المنزل ، ويسأل من أين اشتريت هذه ، وبكم ، وهل يوجد أفضل منها ، ولماذا لم تأخذ أحسن منها ، وهكذا يظل يسأل ويستفسر ، وهذا لا يليق ، وليس من آداب الزيارة 0

الأدب الخامس عشر :
عدم رفع الصوت : إذا زار الناس في بيوتهم فليخفض صوته ولا يرفعه ، لأن من الناس من يسمع صوته من خارج المنزل ، وهذا ليس من الأدب والاحترام ، بل عليه أن يخفض صوته 0

الأدب السادس عشر :
أن لا يتجسس أو يتسمع على أهل البيت : قال تعالى ( ولا تجسسوا ) 0

الأدب السابع عشر
: الزيارة الثقيلة : من الناس من يأتي لزيارة قريبه لاسيما في الإجازات والمناسبات ، فيأتي بأسرته كاملة ، بالبيت وما حمل ، ثم يثقل كاهل الرجل وزوجته وأولاده ، وكأنه هو صاحب البيت ، فيطلب ويأمر وينهى ، وصاحب المنزل كأنه ضيف في بيته ، لا يتكلم ولا يرد على الخطأ ، استحياءً من ضيفه ، ولا شك أن هذا الضيف ثقيل الدم ، قليل الأدب ، عديم المروءة 0

الأدب الثامن عشر :
ألا ينصرف إلا بعد استئذان أهل البيت : كما دخل البيت باستئذان ، فإنه لا يخرج بعد الزيارة إلا باستئذان

الأدب التاسع عشر :
الخروج مع الزائر إلى باب الدار : وهذا من تمام الزيارة والضيافة ، وحسن الرعاية ، والأخلاق الحسنة ، ودليل على احترام وتقدير الزائر ، وهذا مما يزيد من المحبة بين الطرفين ، فيشعر الزائر بقيمته وقدره عند المزور ، ولا يوجد في ذلك نص شرعي أو خبر صحيح ، وإنما هي آثار عن السلف الصالح لهذه الأمة 0

جمع وتنسيق
محمد فنخور العبدلي
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية