اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/alhomaid/9.htm?print_it=1

قصيدة وبيان
حول حرب اليهود على ( لبنان )

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

الشيخ عبدالكريم بن صالح الحميد

 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وعلى مَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .  أما بعد :
فقدِ امتلأت الدنيا بالأخبار عن حرب اليهود ولبنان ، وكالعادةِ في حلول الحوادث والمصائب في زماننا لا ذِكر لربِّ العبادِ - جلَّ جلاله - وكأنه معزولٌ عن مُلْكِهِ ! ، ولا ذِكْر لذنوب العباد الْمُوجبة للعقوبات والنَّكَبَات ، وهذا أمرٌ خطير ، وبالشرورِ وعظائم الأمور نذير .

فمهلاً عنِ الله مهلاً ! .. والويل لسُكَّان الأرضِ من ساكن السماء .. أباللهِ تغترُّون ، أمْ على الله تَجْترِئون ! ؛ قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (1) ،   وهل عِبَادة اللهِ الْمَلِك الْجَليلِ - سبحانه وبحمده - طقوسٌ معزولة عن واقع العِبَاد ومَهامِّ أمورهم صغيرِها وكبيرِها ! ، وهل يرضى حُكَّام الدُّوَل بضرب أسمائهم على السِّكَّةِ (2) وذِكْرِهم على المنابر والأمر النافذ والتدبير لغيرهم ؟! ، كيف بِمَالِكِهِمْ ومَلِكِ الْمُلْكِ - سبحانه - ! ، ويقال : ( أمْهل الله العصاة حتى ظنَّ المغرورون بالله أن إمهال الله إهمال ! ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – بعد أن ذكر آياتٍ مثل قوله تعالى : { فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ } (3) ، ثم قال : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } (4) ، ثم قال : { وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ } (5) .. فذَكَر إهلاك مَن أهْلَك وإملاءَه لِمَن أمْلى لئلاَّ يغترَّ المغتر فيقول : " نحن لَمْ يُهلكنا ) انتهى (6) .

وما أكثر الغُـرُور ! ، وقد ورَد أنَّ رجلاً في بني إسرائيل أقبل على الله ثم أعرض عنه ، فقال : ( يا ربِّ كم أعصيك ولا تعاقبني ! ) ، فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان : ( قل لفلان : " كم عاقبتك ولَم تشعر ، ألَمْ أسلبك حلاوةَ ذِكْري وَلَذَّةَ مُناجاتي ! " ) انتهى (7) ، فالضرب على القلوب من أعظم العقوبات وعلامة ذلك ألاَّ تعرف معروفاً ولا تنكر مُنكراً ! .

وجاء أنَّ « بُختنصَّر » قال لـ « دانيـال » - عليه السلام - : ( ما الذي سَلَّطني على قومك ؟! ) فقال : ( عُظْم خطيئتك وظلْم قومي أنفسهم ! ) انتهى (8) ؛ وهذا مُنطبق على هذه الحرب ، ولا يهُمُّنا هنا عُظْمَ خطيئة اليهود فهذا لا يحتاج إلى بيـان ، وإنما المراد قوله - عليه السلام - : ( وظلْم قومي أنفسهم ) ! .

وقد أخرج الإمام أحمد أثراً عظيماً لـ « أبي الدرداء » ، فَعن « جُبير بن نفير » أنه قال : لَمَّا فُتحت " قُبرص" فُرِّق بين أهلها ، فبكى بعضهم إلى بعض ، فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي ، فقلت : يا أبا الـدرداء .. ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهلـه ؟! ، فقال : ( ويْحَـك يا جبير ! ، ما أهون الْخَلْق على الله - عزَّ وجل - إذا أضاعوا أمْرَه ! ، بينما هي أمَّـة قاهرة ظاهرة لهم الْمُلك تركوا أمْرَ اللهِ فصاروا إلى ما ترى ! ) انتهى (9) .

قال الإمام ابن القيم في آثار الذنوب والمعاصي : ( ومنها : أنها تزيل الـنِّعَم وتُحِلُّ الـنِّقَم ، فما زالت على العبد نعمة إلا بسبب ذنب ، ولا حلَّت به نقمة إلا بذنب ، كما قال « عليُّ بن أبي طالب »  رضي الله عنه  : [ ما نزَل بلاءٌ إلاَّ بذنب ولا رُفِع إلاَّ بتوبة ] (10) ) انتهى (11) .

وقال - أيضاً - في الذنوب والمعاصي : ( ومن عقوباتها أنها تزيل النِّعَم الحاضرة وتقطع النعم الواصلة ، فتزيل الحاصل وتمنع الواصل ، فإنَّ نِعَم الله ما حُفِظ موجودُها بمثل طاعته ، ولا اسْـتُجلب مفقودُها بِمِثْل طاعته ، فإنَّ ما عند الله لا يُنال إلاَّ بطاعته ، وقد جعل الله - سبحانه - لكلِّ شيءٍ سبباً وآفة تُبطله ، فَجَعَل أسبابَ نِعَمِهِ الجالبة لها طاعته ، وآفاتها المانعة منها معصيته ؛ فإذا أراد حِفْظَ نعمته على عبده ألْهَمَه رعايتها بطاعته فيها ، وإذا أراد زوالها عنه خَذَله حتى عصاه بِهَا ! ؛ ومن العَجَب عِلْم العبد بذلك مُشَاهَدَةً في نفْسه وغيره وسَمَاعاً لِمَا غاب عنه من أخبار من أُزِيلَت نِعَمُ اللهِ عنهم بمعاصيه وهو مقيم على معصية الله كأنه مُسْتثنى من هذه الْجُملة أو مخصوص من هذا العموم ! ، وكأنَّ هذا أمرٌ جارٍ على الناس لا عليه ، وواصل إلى الخلق لا إليه فأيُّ جَهْلٍ أبلغ من هذا ! ، وأيُّ ظلمٍ للنفْسِ فوق هذا ! ، { فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِير ِ} (12) ) انتهى (13) .

وَلِـيُعلَم أنَّ النعمة المقصودة بالقصد الأول في كلام الله تعالى وكلام رسوله  صلى الله عليه وسلم  هي نعمة الدِّين ، أمَّا نِعَم الدنيا فإنْ كانت وسيلةً مُعينة على الدِّين فهي نِعمة لأجل أنها عوْن على الدِّين ، وإنْ لَم تكن كذلك فهي استدراج ونقمة ؛ فلابدَّ من هذا الفرقان ، لأنَّ الكثير ينصرف فِكْرُه عند ذِكر النعمة إلى الدنيا بإطلاق دون التقييد السابق ، لأنَّ نعمة الدنيا تُعطى البَرّ والفاجر ، فهذا يتقوَّى بها على طاعة مولاه ، وهذا يتقوَّى بها على معصيته ، ويوضح ذلك ما جـاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قـال : ( إنَّ الله - عزَّ وجل - يُعطي الدنيا مَن يُحِبّ ومَن لا يُحِب ، ولا يُعطي الدِّينَ إلاَّ لِمَن أحَبّ ، فمَن أعطاه الله الدِّين فقد أحبه ) (14) . 

 وتأمـل الآن ما جـاء في هذا الأثَر الإلهي العظيم ، فعَن « عُميرِ بنِ عبدِ اللهِ » قال : خَطَبنا « عليُّ بنُ أبي طالب »  رضي الله عنه  على مِنبر " الكوفة " ، قال : كنتُ إذا سَكَتُّ عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أبتدئني ، وإنْ سألته عن الخير أنبئنـي ، وإنه حدثني عن ربـه ، قال : قال الربُّ - عزَّ وَجَل - : ( وعزتي ، وجلالي ، وارتفاعي فـوق عرشي ؛ ما مِن أهل قريـةٍ ولا بيتٍ كانوا على ما كَرِهتُ من معصيتي ، ثم تحوَّلـوا عنها إلى ما أحببتُ من طاعتي ؛ إلاَّ تحوَّلتُ لهم عمَّا يكرهون من عذابي إلى ما يُحبون من رحمتي ) (15) .

وفي نصيحة « عمَر بن الخطاب »  رضي الله عنه  لجيشه قال : ( فإنَّ ذُنوب الجيش أخوف عليهم من عدوِّهِم ) .
وقال - أيضاً -  رضي الله عنه  : ( ورُبَّ قومٍ سُلِّط عليهم مَن هو شَرٌّ منهم كما سُلِّط على بني إسرائيل لَمَّا عملوا بمساخط الله كفَّارُ المجوس ) .
فلا عَجَب اليوم مِمَّا يَحِلُّ من العقوبات إذْ كادَ أنْ لاَ يَبْقَ من الإسلام إلاَّ اسْمُه ولا من القرآن إلاَّ رسْمُه ! ، والذنوب والمعاصي مغناطيس العقوبات وتسليط الأعداء .
ولنعتبر بما ذَكَره ابن كثير - رحمه الله - في « تاريخه » عن القاضي « الفاضل » المؤازر للسلطان « صَلاَح الدين الأيوبي » - رحمهما الله - ، حيث قال ابن كثير : ( وكان القاضي الفاضل بمصر يدير الممالك بها ، ويُجهز إلى السلطان ما يحتاج إليه من الأموال ، وعمل الأسطول ، والكتب السلطانية فيها فصاحةً وبلاغـةً ، ومواعظ وتحضيض على الجهـاد ، فرحمـه الله من إنسانٍ ما أفصحه ! ، ومن وزير ما كان أنصحه ! ، ومن عقلٍ ما كان أرجحه ! .

فمنها كتاب يذكر فيه أن سبب هذا التطويل في الحصار من الإفرنج على ( عكا ) كثرة الذنوب ، وارتكاب المحارم بين الناس ؛ فإنَّ الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته ، ولا يُفرج الشدائد إلاَّ بالرجوع إليه وامتثال أمره ، فكيف لا يطول الحصار والمعاصي في كل مكان فاشية‏ ، وقد صعد إلى الله منها ما يُتوَقَّع بعده الاستعاذة منه .
ومنها كتاب يقول فيـه‏ :‏ " إنما أُتِينا من قِـبَل أنفسنا ، ولو صدقنا لعجل الله لنا عواقب صدقنا ، ولو أطعناه لَمَا عاقَبَنا بعدوِّنا ، ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إلاَّ به ، فلا يختصم أحدٌ إلا نفسه وعمله ، ولا يَرْجُ إلاَّ ربه ، ولا يغتر بكثرة العساكر والأعوان ، ولا فلان الذي يعتمد عليه أن يقاتل ولا فلان ‏.‏
فكلُّ هذه مشاغل عن الله ليس النصر بها (16) ، وإنما النصر من عندِ الله ، ولا نَأمَن أنْ يَكِلَنا الله إليها ، والنصر به ، واللُّطف منه ، ونستغفر الله - تعالى - من ذنوبنا ، فلولا أنها تَسُدّ طريق دعائنا لكان جواب دعائنا قد نَزَل ، وفَيْضُ دموعِ الخاشعين قد غُسِل ، ولكن في الطريق عائق ، خَارَ الله لِمَولانا في القضاء السابق واللاحق " ) انتهى (17) ‏.‏

وواللهِ لو عاد المسلمون إلى ربهم عودةً صادقة لرأوْا رأيَ العين كيف يُذل الله اليهود وينصر الإسلام والمسلمين عليهم نصراً مؤزراً إذ إنَّ اليهود مُسلطون على المسلمين حينما تنكروا لدينهم الحقِّ ، ولن يكف الله تسليطهم عنا إلاَّ بالعودة الصادقة إليه بترك الذنوب وتحكيم شرعه وطاعته ، والناظر في حال ( فلسطين ) التي ما تزال منذ أكثر من ( خمسين ) عاماً ( !! ) يسومها اليهود سوء العذاب دون أن تستطيع دولة الدفاع عنها يعلم يقيناً أنَّ رفع هذا العذاب والبلاء عن فلسطين خصوصاً وعن دول العرب والمسلمين عموماً لن يكون أبداً بالسياسات والمفاوضات حيث رأى الناس أن كل ذلك لَم يُجْدِ نفعاً أبداً ، بل زاد اليهود غَطْرَسَةً واستكباراً وإجراماً ! ، وإنما يكون رفع هذا البلاء المستطير بصدق الرجوع إلى ربِّ العالمين الذي هو مالكِ اليهود ومصرِّفهم ومدبرهـم ، ولن يرفع تسليطهم على المسلمين إلا بالرجوع إليه .. ولا عَجَب فـ ( ما نزل بلاءٌ إلا بذنب ولا رُفِع إلا بتوبة ) ، ولنا في سنة الله في خلقه عظة وعبرة ، فما رفع الله بلاءً نزل بالمسلمين إلا حينما تابوا إليه ، لا كما هو حاصل اليوم في كثير من الناس حيث لا ذِكر لِلَّهِ حين حلول العقوبات فضلاً عن الرجوع إليه وكأنه معزول عن مُلكه ! ، نعوذ بالله من سَخَطِه وعِقابه .

وقد كتبتُ قصيدةً في هذا الشأنِ قلت فيها :

عَزَل الإلَهَ عَبِيدُهُ عَنْ مُلْكِهِ ! *** وَاللـهُ فَوْقَ العَرْشِ حَيٌّ قَاهِرُ 
عَزَلُوهُ عَنْ تَدْبِيرِهِ فِي مُلْكِهِ *** رَامُوا مُحَالاً هُمْ عَلَيْهِ تَظَاهَرُوا 
مَلِكُ الْمُلُوكِ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ  ***  مَنْ ضَلَّ عَنْ مَوْلاَهُ فَهْوَ الْخَاسِرُ
الله أَكْبَرُ كَيْفَ يُعْزَلُ رَبُّنَا  *** وَهُوَ الْمُدَبِّرُ وَالْعَظِيمُ الْقَادِرُ
إِنْ زُلْزِلَتْ أَرْضُ الْمَلِيكِ بِأَمْرِهِ  *** أَوْ ثَارَ حَرْبٌ فَالْجَهُولُ يُبَادِرُ
لِيُحِيلَ لِلأَسْبَابِ كُلَّ صَغِيرِةٍ  *** وَكَبِيرَةٍ وَهُوَ الظَّلُومُ الْجَائِرُ 
أَيْنَ الْمُسَبِّبُ .. أيْنَ ذِكْرُ إلَهِنَا  *** عَزَلُوهُ عَزْلاً هُمْ عَلَيْهِ تَآمَرُوا
أَيْنَ الْمَخَافَةُ حِينَ يَأْتِي بَأْسُهُ  *** أَيْنَ الْمَتَابُ وَرَبُّنَا هُوَ غَافِرُ 
صَارَ الْبَدِيلُ سِيَاسَةً مَمْقُوتَةً  *** وُكِلُوا إِلَيْهَا .. خابَ عَبْدٌ مَاكِرُ
     
( لُبْنَانُ ) يَطْفَحُ كَيْلُهَا بِعَظَائِمٍ *** تَرْبُو عَلَى عَدٍّ وَحَصْرٍ حَاصِرُ
أَيْضاً ( فِلِسْطِينُ ) اقْشَعَرَّتْ أرْضُهَا  *** مِن سُوُءِ أَعْمَالٍ تَسُرُّ الفَاجِرُ
( دِيِمُقْرَطِيـَّةُ ) حُكْمِهِمْ  .. يَاوَيْلَهُمْ  *** هَذَا هُوَ الكُفْرُ الْجَلِيُّ الظَّاهِرُ 
بِالانْتِخَابِ وَبَرْلَمَانٌ شَرْعُهُمْ *** شَرْعُ الإِلَهِ مُغَيَّبٌ لاَ حَاضِرُ
شَعْبٌ لِشَعْبٍ (18) حَاكِمٌ بَلْ ظَالِمٌ  *** يَا رَبَّنَا يَا غَوْثَنَا يَا سَاتِرُ ! 
 مَا سَلَّطَ الأَعْدَاءَ غَيْرَ مُدَبِّرٍ  *** عَدْلٍ حَكِيمٍ فَوْقَهُمْ هُوَ قََاهِرُ
غَضَبُ الإِلَهِ مُقَارِنٌ لِذُنُوبِنَا  *** وَيْلٌ لِعَاصٍ بِالذُّنُوبِ مُجَاهِرُ 
 مَنْ ظَنَّ أنَّ الله َيَغْفَلُ سَاعَةً   *** أوْ أنَّ عَادةَ (19) رَبِّنَا سَتُخَامِرُ (20)
فَهُوَ الَّذِي جَمَعَ الضَّلاَلَةَ وَالرَّدَى *** وَعَنِ الْهُدَى مُتَبَاعِدٌ بَلْ نَافِرُ
خُبْثُ ( اليَهُودِ ) مُبَيَّنٌ بِكِتَابِنَا  *** وَلِوَاؤهُمْ فِي كُلِّ حِينٍ غَادِرُ
مَنْ كَانَ مُغْتَرًّا بِهِمْ فَلأَنَّهُ  *** قَدْ صَارَ لِلإِسْلاَمِ قَالٍ هَاجِرُ 
لَيْسَ الكَلاَمُ عَلَى ( اليَهُودِ ) فَشَرُّهُمْ  *** لَيْسَ الْخَفِيُّ وَإِنَّمَا هُوَ ظَاهِرُ 
لَكِنَّمَا الأَمْرُ الْمُخِيفُ حَقِيقَةً  *** السَّيْرُ خَلْفَهُمُو وَخَابَ السَّائِرُ
وَالسَّيْـرُ خَلْفَهَمُو تَحَقَّقَ مِثْلَمَا  *** قَدْ جَاءَ فِي الوَحْيَيْنِ خَابَ العَاثِرُ 
 سُنَنُ ( اليَهُودِ ) مَعَ ( النَّصَارَى ) دَاؤنَا  *** وَهُوَ العُضَالُ وَلِيْسَ مِنْهُ نُحَاذِرُ 
 سُنَنُ ( اليَهُودِ ) مَعَ ( النَّصَارَى )كَسْرُنَا  *** وَهُوَ الْخَطِيِرُ وَدِينُنَا هَوَ جَابِرُ (21)
الْحَرْبُ تَسْلِيطٌ وَنِقْمَةُ قَادِرٍ  *** وَهُوَ الْوَلِيُّ لِحِزْبِهِ وَالنَّاصِرُ 
 
حِزْبُ الإِلَهِ يُقِيمُ شَرْعَ إِلَهِهِ *** لَيْسَ الرَّوَافِضُ أَوْ غَوِيٌّ فَاجِرُ 
حِزْبُ الإِلَهِ مُجَاهِدٌ بِسَبِيلِهِ  *** بِشَرِيعَةِ التَّوْحِيدِ وَهْوَ الظَّافِرُ 
مَا حِزْبُ رَبِّي يَعْمُرُونَ قُبُورَهُمْ  *** إِنَّ القُبُورَ بِدِينِهِمْ لَدَوَاثِرُ (22)
 يَدْعُونَ لِلْمَقْبُورِ لاَ يَدْعُونَهُ  *** فَالْمَيْتُ مَيْتٌ مُسْلِمٌ أوْ كَافِرُ
مَقْطُوعَةٌ أَعْمَالُهُ لاَ يُرْتَجَى  *** قَدْ خَابَ مَنْ لِلْمَيْتِ أَصْبَحَ نَاذِرُ
قَدْ خَابَ مَنْ يَدْعُو سِوى ربِّ الوَرَى  *** إنَّ الكَفُورَ لَظَالِمٌ بَلْ خَاسِرُ  
مَا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّنَا أَرْبَابُنَا  *** كَلاَّ وَلَسْنَا لِلطُّغَاةِ نُسَايِرُ 
فَقُبُورُهُمْ لاَ يُرْتجَى مِنْهَا الَّذِي  *** يُرْجَى مِنَ الرَّحْمَنِ ، شِرْكٌ بَائِرُ
 لَكِنَّنَا لَسْنَا غُلاَةً فِيهُمُو  *** فِعْلُ الرَّوَافِضِ ذَاكَ فِعْلٌ جَائِرُ
 مَا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّنَا أَعْدَاؤُنَا  *** بَلْ مَنْ يُعَادِيهِمْ حَقِيرٌ صَاغِرُ
 بَلْ نَحْنُ أَعْدَاءٌ لِمَنْ عَادَاهُمُو *** دِينٌ نَدِينُ بِهِ كَذَاكَ نُفَاخِرُ 
 مَنْ قَالَ : إِنَّا نَاصِبُونَ عَدَاوةً  *** لَهُمُو ، فَذَاكَ هُوَ الكَذُوبُ الفَاجِرُ 
 إنَّ الْبَصِيِرَةَ بِالدِّيَانَةِ نِعْمَةٌ  *** فاللَّبْسُ أَضْحَى لِلْبَسِيطَةِ غَامِرُ 
( لُبْنَانُ ) بَلْ كُلُّ الدِّيَارِ تَنَكَّرَتْ  *** لِلدِّينِ مَا يَرْجُو الغَوِيُّ الْمَاكِرُ  
 فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عُقُوبَةُ رَبِّهِ  *** وَالْهَوْلُ كُلُّ الْهَوْلِ يَوْمٌ آخِرُ
كُفْرٌ وَفُحْشٌ وَالْخُمُورُ مَعَ الغِنَا  *** وَالعَدُّ لَيْسَ لِشَرِّهِمْ هُوَ حَاصِرُ  
نَزَلَ الْبَلاَءُ عُقَوبَةٌ لِذُنُوبِهِمْ   *** مَا رَفْعُهُ إلاَّ الْمَتَابُ الطَّاهِرُ 
يَا رَبِّ فَامْـنُنْ بِالْمَتَابِ فَإِنَّمَا  *** أَنْتَ الْمُوَفِّقُ يَا رَحِيمٌ غَافِرُ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ  *** وَصَحَابَةٍ لَهُمُ الثَّنَاءُ العَاطِرُ
 

----------------------------------------------------
(1)  سورة غافر ، من الآية : 60 .
(2)  السِّكة : العمْلة .
(3)  سورة الحج ، آية : 45 .
(4)  سورة الحج ، آية : 46 .
(5)  سورة الحج ، آية : 48 .
(6)  « النبوَّات » ص ( 215 ) .
(7) أنظر : « فيـض القديـر  » للمنـاوي ( 2 / 141 ) ، و « حليـة الأوليـاء  » لأبي نُعيـم ( 10 / 168 ) ، و « تفسير ابن كثير » ( 4 / 246 ) .
(8) « حلية الأولياء  » ، ( 4 / 360 ) .
(9) أخرجه أحمد في « الزهد » ص ( 142 ) ، وأبو نعيم في « الحلية » ( 1 / 216 ) ، وغيرهم .
(10) وأخرج ابن عساكر نحوه في « تاريخه » ( 26 / 358 ) عن " أبي الفضل " العباس بن عبد المطلب - عم النبي  صلى الله عليه وسلم  - .
(11) « الجواب الكافي » ص ( 49 ) .
(12) سورة غافر ، من الآية : 12 .
(13) المصدر السابق ، ص ( 73 - 74 ) .
(14) أخرجه أحمد في « مسنده » برقم ( 3672 ) وغيره ؛ وأخرجه الحاكم في « مستدركه » برقم ( 94 ) دون قوله : ( فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ) وكلهم من حديث عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه  ، وقال الحاكم عقِبه : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي .
(15) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب « العرش » برقم ( 18 ) ، وابن بطة في « الإبانة » برقم ( 2542 ) ، وغيرهم ، وجاء في لفظ آخر ذَكَره ابن القيم في « الجواب الكافي » ص ( 49 ) أن الله تعالى قال : ( وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب ثم ينتقل عنه إلى ما أكره إلاَّ انتقلت له مما يحب عبدي إلى ما يكره ، ولا يكون عبدٌ من عبيدي على ما أكره فينتقل عنه إلى ما أحب إلا انتقلت له مما يكره إلى ما يحب ) .
(16) كان عُمر بن الخطاب  رضي الله عنه  يقول للصحابة y : ( لستم تُنصرون بكثرة وإنما تُنصرون من السماء ) انتهى من « الجواب الكافي » ( 33 ) .
(17) « البداية والنهاية » ( 12 / 338 ) .
(18) ( الديمقراطية ) هي حُكم الشعب للشعب ، وهو حكم الطاغوت { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِِ }  [ سورة النساء ، آية : 60 ] .
(19) عادة الله : سُنته .. {  وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً  { [ سورة الأحزاب  ، آية : 62 ] .
(20) تخامر : تُحَابي وتمشي على ما يهواه المرء .
(21) أخرج ابن حبان في « صحيحه » برقم ( 6702 ) والطبراني في « معجمه الكبير » برقم ( 3291 ) والمروزي في « السُّنه » برقم ( 39 ) عن أبي واقد الليثي  رضي الله عنه  قال : خرجنا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم   إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر ، وللمشركين سدرة يعكفون عندها ، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها " ذات أنواط " ، قال : فمررنا بالسدرة ، فقلنا : يا رسول الله .. اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ! ، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : ( الله أكبر ! .. إنها السُّنن ، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل " { اجْعَلْ لَنَا إِلَهـاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُـونَ } [ سورة الأعراف ، من الآيـة : 138 ] .. لتركبن سنن من كان قبلكم ) انتهى وإسناده حسَن ؛ وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة بأن هذه الأمَّـة ستتبع سَنن من كان قبلها - نسأل الله السلامة والعافية - ، ومن ذلك ما أخرجه البخاري في « صحيحه » برقم ( 3269 ) ومسلم في « صحيحه » برقم ( 2669 ) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : ( لتتبعن سَنن مَن قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضب لسلكتموه ! ، قلنـا : يا رسول الله .. اليهود والنصارى ؟! ، قال : فَمَن ! ) .
(22) قال شيخ الإسلام في « مجموع الفتاوى » ( 27 / 447 ) عن القبور : ( معرفتها وبناء المساجد عليها ليس من شريعة الإسلام ) انتهى.

 

عبدالكريم الحميد
  • كتب ورسائل
  • بيانات ورسائل
  • قصائد
  • الصفحة الرئيسية