صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







منع العباءات المخالفة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


اللهم لك الحمد أنت أحق من ذكر وأحق من عبد وأرأف من ملك وأعدل من حكم  وأحكم من شرع وأكرم من سُئل وأوسع من أعطى وأقوى من استنصر وأعز من نصر القلوب إليك مفضية والسر عندك علانية الحلال ما أحللت والحرام ما حرمت والدين ما شرعت لا تطاع إلا بإذنك ولا تعصى إلا بعلمك تطاع فتشكر وتعصى فتغفر لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالقرآن لك الحمد بالأهل والمال والمعافاة كبت عدونا وأظهرت أمننا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على حمدنا إياك . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله كما أمركم ربكم بذلك إذ يقول : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}([1])  .
أيها الأحبة في الله لا يخفى على كل ذي لب الحملة العالمية المسعورة التي تسعى لإفساد المرأة في جميع أقطار العالم وإخراجها وجعلها سلعة مبتذلة يستطيع الرجل الاستمتاع بها متى شاء وكيفما شاء ولعل من أبرز جوانب تلك الحملة المؤتمرات الدولية المشبوهة التي تعقد تحت عنوان الدفاع عن المرأة أو الأسرة وهدفها الحقيقي تشريع قانون دولي يلزم كافة المجتمعات بتنفيذ خططهم الرامية لإفساد المرأة وبفضل من الله قد أكرم الكريم أهل هذه البلاد بدولة تسعى لحماية المرأة وصيانتها، وكم تتعرض لضغوط دولية في صورة جماعات حقوق الإنسان أو غيرها لتنفيذ تلك المخططات ولكنها لا زالت بفضل من الله ثابتة راسخة ونسأل الله لها الثبات على الحق أيها الأحبة في الله إن المرأة في هذه البلاد تمتاز بسترتها وأكبر عنصر في ذلك الستر هو العباءة ذلك اللباس الأسود الذي يغطي جمال المرأة ومفاتنها فتكون كالصدفة التي تحمي اللؤلؤة من أعين الطامعين،هذا اللباس الذي امتازت به المرأة السعودية من بين نساء العالم بدأت توجه إليه أسهم ظاهرة وأخرى خفية والظاهرة هناك من تكفل بالرد عليها وبيان وجهة أهلها لكن الأخطر منها تلك الأسهم الخفية؛حيث بدأت تُدخل على العباءة تغييرات بدأت طفيفة ثم أخذت تستفحل يوماً بعد يوم وهدفها تغيير الهدف من العباءة والطرحة لتتحول من حجاب يحفظ المرأة إلى وسيلة للزينة تجذب الأنظار إليها ؛ وفي ذلك صرف للمرأة المسلمة عن حجابها بشكل تدريجي فالمرأة مأمورة بأن لا تبدي ما خفي من زينتها بالحركة وهي المحددة بوقت قصير سرعان ما ينتهي، أمرها بذلك ربها حيث قال:{..وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(3)،فكيف بها إذا جعلت من الحجاب الذي يسترها زينة دائمة تبديها للرجال فهل يجوز لها ذلك؟.أيها الأحبة في الله لقد تنبه العلماء لتلك الخطة الخبيثة فصدرت التوجيهات من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بمنع أنواع محددة من تلك العبي وقامت الدولة مشكورة بتوجيه وزارة التجارة بمتابعة الأمر ومصادرة تلك العبي من الأسواق(2)،والأنواع التي صدر الأمر بمنعها هي العباءة الفرنسية:وهي عباءة توضع على الرأس ذات أكمام واسعة ومطرزة حسب طلب ورغبة المرأة من المقاس والتطريز،عباءة القيطان:وهي عباءة يوضع على أكمامها زينة من القيطان حسب طلب المرأة،عباءة الدانتيل:وهي عباءة ذات أكمام مزركشة ومزخرفة بعدة ألوان،العباءة اللماعة:وهي عباءة شديدة اللمعة تلتصق بالجسم بشكل فاضح حيث تبرز بعض أعضاء الجسد،العباءة الكلوش:وهي عباءة ذات أكمام واسعة جداً فيها نقوشات مزخرفة وكلفة فوق الكم بعدة طبقات ، العباءة المغربية:وهي عباءة لها أكمام واسعة ومطرزة ، عباءة شهرزاد:وهي عباءة خفيفة جداً من نوع الحرير تلتصق بجسد المرأة بشكل لافت للأنظار وتميز ما تلبسه المرأة تحتها من ملابس،عباءة الجورجيت:وهي عباءة شفافة وخفيفة،العباءة المشلح:وهي تشبه مشلح الرجل حيث يوضع لها شريط زري بلون مميز على جهة مشابهة للمشلح،عباءة اللؤلؤة:وهي عباءة مشغولة باللؤلؤ على شكل وردة أو ورق عنب وزخرفات أخرى من خلف العباءة ومن أمامها . أمة الإسلام إن انتشار مثل هذه الأنواع من العبي وتداولها بين الناس وتعدد أشكالها كل ذلك يثير في النفس المخاوف عما هي الأسباب التي كانت وراء ذلك ؟ فهل كان خلفها ضعف الوازع الديني لدى التاجر وعدم استحضاره لرقابة الله عليه وأنه غداً سوف يوقف ويسأل عن كل فاحشة وجريمة كان حجابه الذي باعه سبباً فيها؟هل نسي قوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}(4)؟فما هي حجته وكيف سيكون حاله؟ هل وراء ذلك حرص التاجر العجيب على الربح فقام بإضافة شيء بسيط من الزينة فرأى إقبال النساء على ذلك فأخذ يتفنن في ذلك ودخل التجار في تنافس في هذا الأمر حتى تعددت الأنواع وتكاثرت بشكل أصبح معه البحث عن حجاب للمرأة يتطابق مع الشرع عملية شاقة مضنية؟هل يكون ذلك ثمرة عبث القنوات بعقول أمة الإسلام حيث غرزت فيها مبادئ العولمة فضعفت الغيرة على الأعراض عند فئة من بني قومي فما عاد الرجل يهمه أن تخرج زوجته أو أخته أو ابنته متحجبة أو متبرجة متعطرة متجملة؟ما بال بعض بني قومي جعلوا من خروج المرأة كيفما شاءت هو عنوان الثقة فيها وأن إلزامها ومطالبتها بالحجاب الذي فرضه عليها ربها هو صورة من صور الشك وانعدام الثقة فيها؟هل يكون وراء انتشار تلك العبي جهل المرأة بدينها ؟حتى أننا نسمع من يحاول وصف الحجاب الشرعي بأنه عادة وهذه محاولة خبيثة قذرة لأنه متى ما استقر في نفس المرأة بأن حجابها عادة سهُل عليها التفلت منه والتخلي عنه بحجة التطور لكن متى ما استقر في نفسها أنه عبادة وفريضة فرضها عليها رب العالمين وأنها ستسأل غداً إن هي فرطت فيه راجعت نفسها ولا نجد امرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر تفرط في ذلك الحجاب تحت أي صورة من الصور بل ستكون هي سداً منيعاً في وجه المحاولات التي تدعوها لترك حجابها.هل وراء ذلك..هل وراء ذلك ؟؟؟ تساؤلات كثيرة تدع المرء في حيرة مما يرى ويسمع .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(5).

الخطبة الثانية
الحمد لله جعل من الحجاب و العفاف شعار أمة التوحيد،وتوعد بالعذاب من أراد الزيغ عن الطريق أو أن يحيد،أحمده سبحانه وأشكره وقد وعد لمن شكر بالمزيد،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن الصاحبة والولد والشريك توحد سبحانه فعَّال لما يريد،وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وعد من أتبع شريعة ربه واهتدى بسنته في الجنة من النعيم بالمزيد وتوعد من أعرض عن طريق الهدى واختار سبل الردى بنار كلما سُألت هل امتلأت فتقول هل من مزيد .
معاشر المؤمنين ليست ظاهرة العباءات المخالفة للشرع وحدها هي مؤشر الخطر فهناك العديد من الظواهر التي يلمسها كل عاقل غيور على دينه وعرضه ودولته ومن الملاحظ أنه كلما زاد البعد عن شريعة الله وزاد الجهل بأحكام تلك الشريعة كلما زادت تلك الظواهر المقلقة،والسؤال كيف يتم مواجهة تلك الظواهر؟ هل يكفي أن يصدر قراراً من الدولة بالمنع؟ وهناك مع الأسف من الناس من يريد أن يحمل الدولة كل أمر فيقول مادام أن هذا يباع في الأسواق فمعناه أنه حلال وإلا لمنعته دولتنا التي تسعى جاهدة لتحكيم الشريعة ومثل هذا فهم سقيم لأن الدولة أعزها الله عندها من عظائم الأمور ما يشغلها أن تتابع لك كل كبيرة وصغيرة؟ نقول لمثل هذا أين دينك وضميرك وغيرتك أنت؟ فأنت اللبنة الرئيسة في هذا المجتمع،أسائلكم بالله لو أن كل رجل منع أهله من ارتداء تلك العبي غيرة لدينه وعرضه هل نجد من التجار بعد ذلك من يعرضها أم أنهم سوف يرجعون عن غيهم ويعودوا إلى الحجاب الإسلامي؟ لكن مع الأسف لو سألت أحد البائعين لذلك الحجاب لماذا تتعاملون به وأين الحجاب الإسلامي لقال لك إن هذا هو المطلوب بكثرة أما الحجاب الإسلامي فمع الأسف أصبح الطلب عليه قليلاً.أيها الأحباب لو كان لدى نسائنا معرفة تامة بشروط الحجاب الشرعي وكان في قلوبهن خوف من الله و من يوم الحساب وأهواله هل كن يقبلن على شراء تلك الأنواع من العبي؟ أيها الأحبة إن أمة الإسلام إذا أرادت لنفسها العزة وبناء سد منيع في وجه كيد الأعداء فإن طريقها لذلك بناء جانب النساء البناء الإيماني والأخلاقي القوي ،لكن مع الأسف الملاحظ أن هناك هجمة شرسة مركزة على قطاع النساء،بينما هناك غفلة وإهمال لهذا القطاع ولتوعيته بأمور دينه،وإن من العجيب أن ما نشر هو أن مدينة واحدة هي التي بدأ فيها تطبيق القرار مع أن القرار قد صدر على مستوى البلاد بجميع مدنها وأن لنرجو أن نسمع عن تطبيقه في بقية المدن بنفس الحزم والجدية لا سيما في مهبط الوحي ومبدأ الرسالة في مكة المكرمة،وإني أقول لكل مسؤول إن الدولة قد أبرأت ذمتها بما أصدرته من قرار وإن الأمانة الآن في عنقك أن تنفذ ذلك القرار لحماية نساء هذا المجتمع الفاضل من الانجراف نحو الهاوية،كما أقول لكل رب أسرة أن عليك مسؤولية متابعة ما يرتديه النساء تحت ولايتك وستسأل عن ذلك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

-----------------
([1]) آل عمران:102 .(2)جريدة المدينة،العدد13609 في 25/4/1421هـ،ص5،العمود الثاني.(3)النور:31.(4)الصافات:24.النور:31.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية