صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سلسلة يوميات مسلم (11) تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله الذي خلق فقدر،والذي بث في الكون آيات عظمته لمن تأمل وتدبر،أحمده سبحانه وأشكره أجزل لنا النعم فأكثر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خير من صلى وكبر،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين مقبل غير مدبر.أما بعد:فهذه وصية الله لكم فاقبلوها:{ ..وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا } (النساء :131).
معاشر المؤمنين على مدى عشر خطب سابقة عشنا مع المؤمن في هذه السلسلة منذ استيقاظه من نومه وحتى وقوفه بين يدي ربه لصلاة الفجر،وفي هذه الخطبة الحادية عشر نقف مع تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح؛وجزء من فضل الفاتحة، إن من فضل الله علينا أن اختار هذه اللفظه (الله اكبر) ليستفتح العبد بها صلاته فأنت أخي الحبيب حينما تقول هذه اللفظة كأنك تخاطب نفسك وتذكرها قائلاً:يا نفس إن كان كبر عندك المال فالله أكبر ، وإن كان كبر عندك الأولاد فالله أكبر،وإن كان كبر عندك العقارات فالله أكبر، وإن كان كبر عندك المنصب والجاه فالله أكبر، يا نفس الله أكبر من الدنيا وما عليها وها أنت تقفي الآن بين يديه يا نفس فا شتغلي بما هو أكبر، ومن فضل الله أيضاً أنه جعل الانتقال بين أركان الصلاة بالتكبير حتى يتذكر من نسي وأنشغل بأمر من أمور الدنيا في كل حركة من الصلاة بأن الله أكبر مما شغل به، أيها الأحبة في الله تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة وهذا يترتب عليه الكثير من الأحكام الفقهية أنبه على أبرزها؛فمن نسي تكبيرة الإحرام ثم تذكر فكل ما صلاه قبل أن يتذكر باطل وعليه أن يبدأ صلاته من لحظة ذكرها والإتيان بها ، وإن كان إماماً أخذ المأمومون نفس الحكم ، ولو جاء رجل مسبوق والإمام قد ركع فلا يجزئه أن يأتي بتكبيرة الركوع ويدخل مع الإمام بل عليه أن يأتي بتكبيرة الإحرام، ومن تلك الأحكام أنه من أتى بتكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت ثم دخل الوقت فصلاته باطلة وعليه إعادتها لأنه أتى بركن من أركان الصلاة قبل الوقت؛ والأحكام المتعلقة بتكبيرة الإحرام عديدة يرجع إليها في كتب الفقه.ويسن له أن يرفع يديه مع التكبير حذو منكبيه باطن كفيه باتجاه القبلة، ثم بعد الانتهاء من التكبير يبدأ في قراءة دعاء الاستفتاح لما أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أَبُي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ:( أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)(البخاري،الأذان،ح(702)).وهناك صيغ أخرى للاستفتاح من أتى بأي صيغة منها أجزأته، ولك أن تتأمل أخي معي هذه الافتتاحية الرائعة للصلاة هل تدبرت أخي وأنت تقولها ما فيها من معان عظيمة؟.فها أنت تبدأ صلاتك بالتذلل والطلب إلى ربك الكريم أن يطهرك من ذنوبك ومعاصيك، وليس تطهيراً عادياً بل تطهيراً مبالغاً فيه حتى تعود أبيضاً نقياً سالماً من كل أثر لذنب، فهل لي أن أقترح عليك أن يكون ذلك الدعاء نابعاً من قلبك مخلوطاً بمشاعرك لما أخرجه الإمام الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)(الترمذي،الدعوات،ح(3401)[ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَمِعْت عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ اكْتُبُوا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيِّ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ]).ولك أن تتخيل أخي حالك بعد كل صلاة وقد دعوت بهذا الدعاء فخرجت من الصلاة وقد نُقيت من ذنوبك كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس،وعدت وقد غسلت من ذنوبك بماء طهور وثلج وبرد،عندها تتذكر ذلك المثل الذي ضربه لك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله:(إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَوَاتِ كَمَثَلِ نَهَرٍ جَارٍ بِبَابِ رَجُلٍ غَمْرٍ عَذْبٍ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا تُرَوْنَ يُبْقِي ذَلِكَ مِنْ دَرَنِهِ)(أحمد،مسند العشرة المبشرين،ح(1452)). ثم بعدها تصغي للإمام وهو يقرأ بفاتحة الكتاب هذه السورة العظيمة بل هي أعظم سورة في كتاب الله لما أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ:( أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ثُمَّ قَالَ لِي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ )(البخاري،تفسير القرآن،ح(4114)).سورة الفاتحة شفاء بإذن الله؛أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ:إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟. فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي قَالَ لَا مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ قُلْنَا لَا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ أَوْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:( وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ)(البخاري،فضائل القرآن،ح(4623)).سورة الفاتحة نور أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ)(مسلم،صلاة المسافرين،ح(1339)).أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(الإسراء :78).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن قراءة الفاتحه ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها لما في الصحيح من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ) فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ)(مسلم،الصلاة،ح(598)).فالله أكبر ما أعظمه من حوار يتكرر في كل صلاة لو استشعرته القلوب وعاشته النفوس.فقلي بربك متى آخر مرة عشت فيها حلاوة ذلك الحوار؟.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية