اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aljefri/185.htm?print_it=1

هذا نداء الله فمن يلبي النداء؟

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمدلله الذي خلق وبرأ وذرى واصطفى،اصطفى نبينا وحبيبنا محمداً ليكون خير الورى،واصطفى رمضان ليكون شهر الصيام والتقى،واصطفى العشر الأواخر منه لتكون بها ليلة القدر في خفاء،أحمده جل في علاه وأشكره على نعمه التترى وآلائه العظمى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ولا في إلهيته ولا في أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله إمام الهدى وعنوان التقى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى.أمابعد:فأبشروا معاشر الصائمين المتقين بنجاة من نار تلظى وعدكم بذلكم ربكم وربكم لا يخلف الميعاد بقوله:(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا()ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا()ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا()وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا()ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)(مريم:68-72).معاشر المؤمنين يا من يرجون العتق من النيران في هذا الشهر الكريم هاهي العشرون الأول قد مضت وقد قصَّر فيها من قصَّر واغتنمها من اغتنم فليبادر من قصَّر فما زال في الشهر بقية،ولا يغترنَّ من اغتنم فإن الغنيمة العظمى فيما بقي من هذه الأيام الفضيلة،هاهي عشركم الأواخر قد بدأت أيامها فأين المسابقين؟.هذا ربكم يناديكم يا أهل الإيمان والتوحيد فمن لنداء الله من مجيب؟.من لنداء الرحمن الرحيم؟.من يقول أنا لها؟.اسمعوا أحبتي لنداء من هو أرحم بكم من أمهاتك الآئي ولدنكم، أسمعوا لنداء من هو أرحم بكم من أنفسكم اسمعوه بقلوبكم قبل آذنكم.هل أنتم مستعدون للسماع؟. إذاً هاهو ربكم يقول:(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)فكيف النجاة يارب؟.دلنا عليها يا أرحم الراحمين، فتأتي الإجابة الربانية:(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(الحديد:20-21). أيها الأحبة في الله كم نرى حينما يعلن عن الدعوة لاكتتاب في أسهم شركة تجارية من تزاحم بالأكتاف والأقدام وقد يتطور الأمر إلى شجار وخصام من أجل الحصول على لعاعة من الدنيا ،وهذا ربكم يدعوكم للمسارعة لجنة عرضها السموات والأرض فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛فهذا قصرك هناك في الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب انظر و تأمل معي لروعته وجماله،اسمع معي لخرير أنهارك في الجنة أنهار من ماء غير آسن،وأنهار من عسل مصفى،وأنهار من لبن لم يتغير طعمه،وأنهار من خمر لذة للشاربين،أنظر معي هناك يا ألهي كم هي جميلة كم هي فاتنة كم هي مترفة إنها فتاتك إنها حوريتك التي اختصك الله بها من بين خليقته لم يقربها قبلك إنس ولا جان،انظر إليها كم هي متلهفة على لقائك،كأنك تسمع صوتها العذب يهمس بك ويناديك يا ولي الله مالنا فيك من دولة،أنها دعوة لنعيم سرمدي خالد لا يحول ولا يزول،دعوة للجنة طريقها أن تطلب من الله الصفح والغفران،اللهم اغفر لنا ما كان منا من الخطايا والزلل والنسيان،ياعبد الله إنها دعوة من الله فإن لم تلبها في شهر رمضان شهر التوبة والغفران فمتى تلبي الدعوة؟.إذا لم تلبها وهذه أبواب النيران قد أغلقت وهذه أبواب الجنة قد فُتّحت فمتى تلبي الدعوة؟.إذا لم تلبِ الدعوة وجنان ربك مزينة لك في كل يوم فمتى تلبي الدعوة؟.إذا لم تلبِ الدعوة هذا اليوم يوم الجمعة المبارك أول أيام العشر الأواخر فمتى تلبي الدعوة؟. إذا لم تلبها أنت أيها التقي النقي يا مرتاد المساجد أيلبيها ذاك الذي شغله الشيطان في ليالي العشر بالأسواق ومشتريات العيد ومقتنياته؟.وما يدري المسكين أنه قد يشتري ثوب العيد ليكون من نصيب مغسل الأموات الذي يغسله!!وقد يشتري أثاث العيد ليكون من نصيب الوارث الذي يرثه!!. إذا أنت لم تلب دعوة ربك فهل يلبيها ذاك الذي نظر لشهر رمضان أنه شهر اكتئاب وضيق فانكب يتابع المسلسلات التي تستهزئ بالدين وأهله أو على المسلسلات الفضائية التي تحبب للناس الزنا والخنا يقلب ناظريه في صور النساء الراقصات الماجنات مستغني بهن عن الحوريات!! فما بله كيف غبن في الصفقة وهو يضحك؟. إنها دعوة لك ومن أجلك أكرمك الله بها فلا تضيِّعها فما تدري هل تعيش حتى تدركها في العام القادم أم لا؟. أخي الحبيب ثق ورب الكعبة أنه ما حُرِمَ من حُرِمَ من ليلة القدر إلا بذنوبه وخطاياه، فهل تسارع للتوبة قبل أن تصاب لا قدر الله بخذلان كما أصيب غيرك، معاشر المؤمنين هذه ليلة القدر الحرمان منها مصيبة عظيمة فهاهو الصادق المصدوق يحدثك أخي فارع يارعاك الله سمعك وكأنك تنظر إلى ذلك الوجه الأنور والجبين الأزهر وهو يحدثك بقوله عن شهر رمضان فيما أخرجه النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((..فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ))( سنن النسائي،الصيام،ح2079.). ,وقال صلوات ربي وسلامه عليه:((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))( البخاري،الصوم،ح(1768)). فلا إله إلا الله كم من الذنوب والمعاصي نحن والله أحوج ما نكون لتكفيرها؟. فهذه ليلة واحدة تمحى جميع ذنوبك الماضية..!.ما أعظمه من كرم،أخي الحبيب واسمع لربك يخبرك عن تلك الليلة بقوله في آيات تتلى إلى يوم القيامة:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ()وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ()لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ()تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ()سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(القدر).

الخطبة الثانية
الحمدلله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك يرتجى ولاند له يبتغى وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن حبيبكم وقدوتكم من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يتفرغ العشر الأواخر التماساً لهذه الليلة فيعتكف في المسجد، وقد يقول قائل إن وقت رزقي وأولادي في هذه العشر فما أصنع فنقول له لا أقل من أن تشغل لسانك بذكر الله، وقد يقول آخر:لا أستطيع الاعتكاف والتفرغ فأضيِّع أولادي وأهلي فنقول له لا أقل من أن تصلي مع الإمام حتى ينصرف فمن صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة؛لكن أخي الحبيب احذر أن تكون كذاك الذي إذا عاد إلى بيته فقارف المنكرات من أنواع التدخين وغيرها،أومتابعة فحش القنوات أو سماع الأغنيات كل ذلك في ليال العشر،وهناك من يثبطهم الشيطان بأن يقول له إن ليلة القدر كانت الليلة الأولى أو الثانية فيكفي ما قدمت فقد أدركت ليلة القدر فيجلس بقية العشر،فأقول أحبتي من أراد إدراك ليلة القدر يقيناً فعليه بإحياء ليالي العشر كاملة، فبهذا يكون قدر أدرك ليلة القدر وأضاف لميزان حسناته عبادة ما يزيد على ثلاث وثمانين عاماً،ولا يلزم لثبوت الأجر أن يعلم أي ليلة هي،وسن لك أخي الحبيب أن تدعو بقول:اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني.
 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية