صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نصر غزة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله أنجز وعده،ونصر جنده،وأعزحزبه،وهزم الأحزاب وحده،أحمده جل شأنه وأشكره على ما من به من نصر على إخواننا في غزة حمداً وشكراً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بخيري الدنيا والآخرة فهي الوصية الربانية التي أمرنا الله بها بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102).أمة العزة والنصر جئت اليوم مهنئاً وحق لنا أن نهنيء أنفسنا وأن نفرح بنصر الله لإخواننا في غزة {..لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ()بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}(الروم:4-5)؛كيف لانفرح ونحن نرى التطبيق العملي الواضح للصراع بين الإسلام والكفر،بين الفئة القليلة المستضعفة وبين الفئة الكثيرة الباغية،بين الفئة التي وقفت معها أعتى قوى الأرض وبين الفئة التي تخلت عنها قوى الأرض قاطبة فكان الله معها.نعم هناك حتى من أبناء أمة الإسلام مع الأسف من يحاول طمس معالم هذا النصر فيقول:عن أي نصر تتحدثون والجراح ما زالت تنزف والبيوت مهدمة والأسر مشردة ورائحة الموت الأسود الكريهة تفوح من كل مكان؟. فنقول له عذراً وصمتاً فما عرفت سنة الله في الأرض..فإن شجرة العزة والكرامة لا تنبت ويشتد عودها إلا حينما تروى بالدماء،ولا يُمَكِّنُ الله لقوم إلا بعد أن يمحصهم؛فمن أجل إعلاء كلمة الله أُلقي إبراهيم الخليلفي النار،ومن أجل إعلاء كلمة الله أبيد شعب بأكلمه كما في سورة البروج،ومن أجل إعلاء كلمة الله ماتت سمية رضي الله عنها تحت العذاب، ومن أجل إعلاء كلمة الله قتل أسد الله وأسد رسوله حمزة عم رسول اللهصلى الله عليه وسلموبُقِرَتْ بطنه وقُطِعَتْ كبده،من أجل إعلاء كلمة الله شج أكرم وجه على ظهر الأرض وكسرت رباعيته فداه أبي وأمي والناس أجمعين،قدمت الجزائر مليون شهيدثمن التحرر من الاستعمار،والعراق قدم مايزيد عن المليون وما زال يقدم،وإن ما أصاب إخواننا في غزة من خسائر بشرية ومادية يعد نصراًحتى بالمقاييس الحربية الحديثة؛ حيث عدد من سقط من شهداء وجرحى لا يتناسب مع حجم النيران التي صُبت على إخواننا ولا مع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً التي استحدمها العدو الصهيوني.إنها قاعدة خالدة افتتح الله بهاسورة العنكبوت قائلاً: {الم()أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ()وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ()أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ()مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ()وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }العنكبوت:1-6).معاشر المؤمنين إن إخواننا في غزة لا يملكون من مقومات النصر بالمعايير العسكرية العادية شيء يذكر أمام جيش حصل على أفضل تدريب وفتحت له خزائن أحدث الأسلحة، فمن ذا الذي نصره؟.من ذا الذي ثبته؟.إنه الله الذي لا يخلف الميعاد حيث قال في محكم التنزيل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:7).أحبتي في الله لو لم يكن من ثمار معركة غزة سوى أن تلتف الأمة الإسلامية في أنحاء الأرض قاطبة وتقف صفاً واحاً خلف المقاومة الإسلامية في غزة لكفى،لو لم يكن من ثمار معركة غزة سوى إشعال جذوة الإيمان في القلوب ويقينها بأن لا ناصر لإخوانهم إلا الله فتوجهت ملايين القلوب إلى الله،وسجدت ملايين الجباه المتوضأة تناجي الله،ورُفِعَتْ ملايين الأكف في ضراعة إلى السماء ياربنا..ياربنا..انصر إخواننا في غزة،لو لم يكن من ثمار تلك المعركة إلا هذه العودة العظيمة إلى الله لكفى،لو لويكن من ثمار معركة غزة إلا إسقاط الوجه القبيح لدولة إسرائيل الذي ظلت تُجَمِّلُه آلة الإعلام الصهوينية على مدار السنين الطويلة الماضية بأنها دولة التسامح ودولة العدالة ودولة الديموقراطية ..إلى أخر تلك الأكاذيب فتبين للعالم أجمع أنها دولة الدماء والقتل والدمار،فقام المنصفون من غير المسلمين بل حتى من اليهود ضدهم لكفى،وشكر الله لوسائل الإعلام العربية والإسلامية التي ساهمت بشكل فعَّال في كشف ذلك الوجه القبيح،فكم من الدول التي كانت تربطها علاقات دبلوماسية مع العدو الصهويني ألقت بسفيرها خارج بلادهم وطردته شر طرده،وهو مالم تفلح فيه جهود دبلوماسية عظيمة بذلت من قبل،فلولم نخرج من معركة غزة إلا بذلك لكفى.لولم نخرج من معركة غزة سوى بالرعب الذي أصاب جنود الجيش اليهودي والذي عبَّر عنه قائد سرية سلاح المدرعات الإسرائيلي النقيب ميكي بقوله:"إنها حرب أشباح لا نرى مقاتلين بالعين المجردة إنهم سرعان ما يندفعون علينا من باطن الأرض إنا نمشي ويخرج علينا فدائيون أشباح فينقضون علينا،لقد ذب الرعب في جنودنا من هؤلاء الأشباح".فالله أكبر ولله الحمد ما أعظمه من نصروصدق الله إذ يقول:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(آل عمران:160).

الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له وِأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن نصر إخواننا في غزة درس ينبغي أن تعلمه الأمة لأجيالها حتى لا تضعف هذه الأمة و لا تحني جبهتها لأي قوة أرضية؛ فهي عزيزة بالله القوي المقتدر جل في علاه،وأن النصر لا يتوقف على مستوى التدريب أو حجم الأسلحة أو كثرة العدد،بل هو بقوة الإيمان والارتباط بالله،نعم نحن مطالبون بالاستعداد بقدر استطاعتنا وقد أمرنا الله بذلك بقوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}(الأنفال:60).ومن أهم ما نعده أجيال قوية بإيمانها مرتبطة بربها توقن بأن النصر من عند الله فلا تذل ولا تنحني لغيره،وهنا أحبتي أود أن أشير بأن من ثمرات معركة غزة ظهور الأخوة الإيمانية وأوضح مثال لذلك مواقف خادم الحرمين الشريفين الذي فتح مستشفيات البلاد لعلاج الجرحى من أخواننا،وتبرع بمليار دولار لإعمار ما تهدم من ديارهم،أحبتنا إخواننا في غزة ما زالوا في حاجة لوقوفكم معهم حتى يكملوا المسيرة بتحرير المسجد الأقصى بإذن الله؛الأيتام والأرامل الذين تركهم إخوانكم الشهداء ورحلوا أمانة في أعناقكم،الأسر المشردة بلا مأوى أمانة في أعناقكم،الجوعى والعراة والحفاة أمانة في أعناقكم؛وهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول لكم فيما أخرجه الأمام مسلم:((مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ فَقَدْ غَزَا))(مسلم،الإمارة،ح(3512)).وإنا نقول لإخواننا في غزة تنبهوا فإن المعركة لم تنتهِ بعد وإن عدوكم متربص بكم فلا ترفعوا أيديكم عن الزناد وكونوا دائماً كما عهدناكم على أهبة الاستعداد والله معكم ولن يتركم أعمالكم.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية