صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا )

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الملك الديان،الرحيم الرحمن،خالق الأكوان ومقلب الأزمان،أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة بلوغ شهر التوبة والغفران،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند ولا صاحبة ولا ولدان،وأشهد أن نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد عبد الله ورسوله للثقلين الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة بإحسان.أمابعد:ف{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102).
أمة الإيمان العظيمة خطاب كريم رقيق رحيم من ربكم وخالقكم أدعوكم اليوم إلى تأمله حيث يقول الله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمً}(النساء:27).الله يريد أن يتوب على من؟.عليكم..عليِّ أنا وأنت وهو وهي وأمة الإسلام قاطبة فيا لله ما أعظم رحمة الله؛نعم يريد الله أن يتوب علينا؛ فمن فتح باب التوبة للعباد حتى تشرق الشمس من مغربها؟.إنه من يريد أن يتوب علينا إنه الله الرحمن الرحيم ،من فتح باب التوبة للعبد مالم يغرغر؟.إنه من يريد أن يتوب علينا إنه الله الرحمن الرحيم،من الذي جعل الوضوء غُسْلٌ لذنوب الجوارح..؟.من الذي جعل الصلوات الخمس كفارة لما بينهنَّ من الخطايا ما لم تؤتى الكبائر..؟.من الذي جعل الجمعة إلى الجمعة كفارة للذنوب..؟.من الذي جعل رمضان إلى رمضان كفارة للخطايا..؟ من فتح باب التوبة على مصرعيه من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها ونادى في عباده بقوله: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (الزمر:53)؟. إنه من يريد أن يتوب علينا إنه الله الرحمن الرحيم،وغداً بإذن الله هو أول أيام شهر رمضان المبارك الذي اختصه الله بمزيد من التوبة والغفران؛أتريدون دليلاً على ذلك إذاً أنصتوا معي لسيدي أبا القاسم صلوات ربي وسلامه عليه وهو يحدثكم وكأنكم في مجلسه الشريف تنظرون لذاك الوجه الأنور والجبين الأزهر وهو يقول:(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،الإيمان،ح(37)،((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،التراويح،ح(1870)،(( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..))(البخاري،الصوم،ح(1768)،فماذا ننتظر معاشر المؤمنين فقد أرهقتنا الذنوب،وأثقلت كواهلنا الخطايا،وعرقل مسيرنا إلى الله التقصير والتسويف، فهيا هيا أحبتي في الله إني أدعوكم ونفسي للمبادرة لاغتنام الفرصة؛انظروا..أنظروا معي وكأنكم تشاهدون أبواب الجحيم وهي تُغَلَّق من أول أيام شهر رمضان المبارك،وانظروا..أنظروا معي هاهي الشياطين مصفدة في أغلالها، وانظروا.. أنظروا هناك يالله ما أجمله من منظر إنها جنة ربكم زينها لكم ربكم،ها هي أبوابها تُفَتَّح لكم من الليلة أول ليالي شهر رمضان المبارك مُرَحِبَةً بكم،وليس بينكم وبين أن تدخلوها إلا أن تتوبوا إلى ربكم وتستثمروا شهركم...!. فا الله أكبر أيعذر بعد ذلك من يُفَرِط..ما أصدقك يا سيدي يارسول الله يوم أن قلت:((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ،وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ،وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ))(الترمذي، الدعوات،ح(3468).وفي مقابل هذا التيار من الرحمات،يشتد تيار أهل الشهوات في رمضان أكثر من غيره وصدق ربنا إذ يقول:{ ..وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا }؛فأصحاب شهوات البطون أغرقونا بأكلات ومشروبات رمضانية؛ يملأ العبد منها بطنه حتى تثقل أعضاؤه عن العبادة،فإذا قام يصلي لا يتلذذ بقرآن ولا بصلاة،وأصحاب شهوات الفروج أمطرونا بدعايات لمسلسلات رمضانية ماجنة،أنساء فاتنات وتبرج وحب وهيام وموسيقى وأنغام في شهر رمضان؟.ألهو وضحك وسخرية في شهر الغفران..؟.وإن حَذَّرتَ وأنَذَّرتَ،قالوا لك:إنما هي وسائل للإصلاح الاجتماعي وصدق الله إذ يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ()أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(البقرة:11-12).كم من الأعوام وهذا الغثاء يتكرر فهل صَلُحَ المجتمع أم أنه في انحدار،خير الورى  أصلح أمةً بدويةً،أميةً همجيةً كانوا يعبدون الأصنام ويشربون الخمور ويقتلون بناتهم خشية العار إلى آخر ما كان في أرض الجزيرة والعالم أجمع،أصلحهم بفضل الله بالدين،بالقرآن وليس بالغناء والخنى والمسلسلات، فالذي لايَصْلُحُ بالدين لا يَصْلُحُ بغيره،أحبتي في الله استجيروا بالله من الحرمان في هذا الشهر فكم من صائم لرمضان حظه من صيامه الجوع والعطش،وكم من قائم في رمضان حظه من قيامه التعب والسهر: جلالك يامهيمنُ لا يَبِيْدُ..ومُلْكُكَ دائمٌ أبداً جديدُ..وحُكْمُكَ نافذٌ في كل أَمْرٍ..وليس يكونُ إلا ماتريدُ..ذنوبي لا تَضُرُّك يا إلهي..وعَفْوُكَ نافعٌ وبهِ تجودُ فَهَبْهَا لي وإن كَثُرت وَجَلَّت..فأنت اللهُ تَحْكُمُ ما تريدُ..فَنِعْمَ الربُّ مولانا وإنا..لنعلمُ أننا بئسَ العبيدُ..ويُنْقَصُ عُمُرُنا في كُلِّ يومٍ..ولا زالت خطايانا تزيدُ..قَصَدْتُ إلى الملوكِ فَكلُّ بابٍ..عليه حاجبٌ فظٌّ شديدُ..وبابُكَ معدنٌ للجودِ يامَنْ..إليه يَقْصِدُ العبدُ الطَّريدُ. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمً}(النساء:27).

الخطبة الثانية:

الحمد لله{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}(غافر:3). أحمده جلَّ شأنه وأشكره وأتوب إليه واستغفره،وأشهد أن لاإله إلا لله وحده لاشريك له،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله ضلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،أمابعد:فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أن من فضل الله عليكم في هذا العام أن أكرمكم بشهر رمضان وقد خلا من المشاغل،شهر رمضان في فترة الإجازة أدعى لحسن الاستثمار،وكم نسمع عن بعض المحرومين جمع الله لهم بين شرف الزمان والمكان وتجدهم يسافرون لقضاء رمضان في الخارج،بل منهم من يسافر في أفضل أوقات الشهر في العشر الأواخر منه بحجة قضاء العيد في الخارج،يا أمة الإسلام أَيَتْرُك العاقل الموفق بلد يتمنى المسلمون قاطبة أن يقضوا رمضان فيه ويسافر للخارج؟. ولنقاطع نحن وأبناؤنا وأُسَرُنا سيل الشهوات الجارف حتى لا نغرق فيه،وكم ممن غرق في سيل الشهوات يصلي ويقرأ القرآن في رمضان ولكنه فقد أجمل ما فيها وهي لذة العبادة،فيشعر بالشهر ثقيلاً عياذاً بالله،ويخرج من رمضان كما دخل فيه،عباد الله اسمعوا لنداء ربكم إذ يقول:{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:133).



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية