اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aljefri/239.htm?print_it=1

لك الله ياغزة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله فارج الهم،وكاشف الغم،شديد النقم،أحمده جل شأنه وأشكره على عظيم الكرم وجزيل النعم،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يُعَظَّم،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله تُحْفَظُوا وتُنْصَرُوا ؛ يقول الله جل في علاه:{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }(آل عمران:120).
أحبتي في الله أَيُّنَا يتواصل مع أخبار غزة وهو يستشعر الألم الذي يعتصر قلبه على حال إخوة الإيمان في أرض الجهاد والرباط؟.عام مضى على المحرقة الرهيبة التي نصبها اليهود لإخواننا في أرض الإسراء في مثل هذه الأيام على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي الحضارة والإنسانية!.محرقة نصبت لعباد الله المؤمنين وكأننا نرى الأحداث التي وصفها الله لنا في سورة البروج أمام أعيننا وهو يقول:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ()النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ()إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ()وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ()وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ()الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(البروج4-9).حدثت المحرقة لإخواننا أمام ناظري أكثر من مليار مسلم،ولم يستطيعوا التحرك لنصرتهم ولسان حالهم يقول:لكِ الله وحده يا أرض الرباط ياغزة الصمود!.
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))(البخاري،المظالم والغصب،ح(2262)). فهل أسلمنا إخواننا في غزة لليهود يفعلون بهم ما يشاءون؟.هل لإخواننا في غزة حاجات أعرضنا عن قضائها؟. هل لدى إخواننا في غزة كربات قَصَّرنا في تفريجها ونحن قادرون؟.عشرون ألف من إخواننا المسلمين الموحدين المرابطين هناك بأسرهم وأطفالهم لا يجدون مأوى بعد أن دمرت الحرب منازلهم،والحصار يمنع إدخال مواد البناء الأساسية لهم،فمن لهم؟.لكم الله يا أهل غزة. ألف وسبعمائة أسرة فقدوا عائلهم إما بالوفاة أو الإعاقة فمن يعولهم؟. لكم الله يا أهل غزة.ستة وأربعون مسجداً في غزة أزيلت من على وجه الأرض،وخمسة وخمسون مسجداً دمرت بشكل جزئي،وطالت الأضرار الخفيفة واحداً وخمسون مسجداً فمن لبيوت الله هناك؟.لكِ الله يامساجد غزة.مليون ونصف المليون مواطن بغزة الصمود ولا يوجد بها إلا جهازُ أشعة مغناطيسية واحد وتعطل أثناء الحرب،وكشفت مؤسسة الضمير الحقوقية الفلسطينية عن ظواهر صحية خطيرة وغير طبيعية،بدأت تبرز في قطاع غزة بعد عام من الحرب الإسرائيلية عليه،في مقدمتها ارتفاع عدد المواليد المشوَّهين،وزيادة معدلات الإجهاض المبكر،وازدياد الإصابة بالأمراض السرطانية.وقالت في تقرير لها أن الوضع الصحي والبيئي في غزة خطير للغاية؛ بسبب استخدام الجيش الإسرائيلي المجرم لأسلحة محتوية على مواد سامة ومشعة في عدوانه على القطاع.وشددت على وجود أبعاد وتداعيات بيئية وصحية آنية ومستقبلية خطيرة وراء استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه المواد السامة،ناهيكم عن عدد المصابين بالفشل الكلوي،وغيرها من الأمراض المزمنة،الأدوية المهمة الأساس شحيحة ولا تُدَخل لقطاع غزة إلا بالقطارة لتكتمل حلقات الإبادة البطيئة لإخواننا هناك،فمن لإخواننا المرضى هناك؟.لكم الله إخواننا في غزة.نسبة البطالة في غزة بلغت ثمانين بالمائة فمن للبطون الخاوية؟.من للأجساد العارية؟.من للأقدام الحافية؟.من لأطفال أبرياء خرجوا للشوارع يتسولون لقمة العيش تحت وطأة الجوع الذي لا يرحم؟.لكم الله يا أهل غزة؟.وبعد عام من تلك المحرقة الرهيبة هل امتدت الأيدي للتخفيف عن إخواننا أم تكاتفت الأيدي لتكتم على أنفاسهم وتُجْهِزُ على ما بقي من رمق فيهم؟.أحبتي في الله أليس من العار أن يتنادى أهل كفر من أكثر من أربعين دولة ليقدموا لإخواننا في غزة قافلة شريان الحياة إغاثة لهم ونحن ننظر؟. إنهم يقولون لنا بلسان الحال بدل المقال أين الأخوة الإيمانية التي تتشدقون بها؟.أين أنتم من قول نبيكم صلى الله عليه وسلم :((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى))(مسلم،البر والصلة،ح(4685)).وأمام ذلك لا نملك إلا أن نطأطأ رؤوسنا خجلاً وذلاً ونكرر مقولتنا:لكم الله يا أهل غزة!.فهل ياترى سَهْلَّنَا لهم الوصول على الأقل لإخواننا أم أن من أمة الإسلام من حاول وضع العراقيل في طريق تلك القافلة؟.عباد الله كلمات رب العالمين تجلجل في الكون فأين نحن منها؟.{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:92).{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}(المؤمنون:52).

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .أمابعد:فاتقوا الله عباد الله؛ أحبتي في الله غداً حينما نقف بين يدي الله العظيم ويسألنا ماذا قدمتم لإخوانكم في غزة هل لدينا من الجواب ما يبرئ ساحتنا..؟.أحبتي في الله إننا في أرض الخيرات في أرض الحرمين وحكومتنا تشجع على الوقوف مع إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان وخاصة في فلسطين،وهناك بفضل الله العديد من المؤسسات الخيرية فليبحث كل منا وليطرق أبوابها هل باستطاعتها إيصال المعونة لإخواننا فإن وجد فليدفع إليهم بما يستطيع وليدل عليهم الناس لنصرة إخواننا هناك، كما أنه لا ينبغي لنا أن تكف ألسنتنا وقلوبنا عن الدعاء لإخواننا هناك بتفريج كربتهم وفك الحصار الظالم عنهم ولنستفرغ الجهد في ذلك،أحبتي في الله لنقدم للعالم صورة ناصعة وترجمة عملية لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..}(الحجرات:10).لنترجم في حياتنا وحياة أسرنا ومجتمعنا عملياً قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :((إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ))(البخاري،الصلاة،ح(459)).أحبتي في الله أبشركم أن إخوانكم هناك لم تزدهم تلك المحرقة إلا صموداً وشموخاً لأنهم رفعوا شعارا لا يحيدون عنه :إحدى الحسنين إما النصر والعز لدين الله وإما الشهادة فما أعظمه من شموخ في زمن الذل والانكسار،وإنا لنقول لإخواننا هناك أبشروا فهذا ربكم يخاطبكم بقوله:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ()إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }(آل عمران:139-140).

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية