اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aljefri/273.htm?print_it=1

رمضان شهر يقصم الله فيه الجبابرة ويكشف الظلم
joma543) 12/9/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الجبار ذي القوة المتين،قاصم الجبابرة الظالمين،ومهلك الطغاة المفسدين،أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة الهدى والدين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وند ولا معين،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله النبي الأمي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى من تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين .أما بعد:فاتقوا الله عباد الله فبالتقوى تفرج الهموم وتزاح عن الأمة الكروب قال ربنا جل في علاه:{ ..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا()وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }(الطلاق:2-3).أمة الإسلام تمر أمتنا في هذه الأيام بأحوال عجيبة عصيبة؛فهناك في الصومال شعب يموت ويهب لنجدتهم وإطعامهم من؟.حملة الصليب وعباد الوثن.هذه دماء المسلمين تسفك وعلى يدي من؟.على يدي من أوكل إليهم حمايتها!.ومتى تسفك الدماء المسلمة الطاهرة؟.في هذا الشهر العظيم شهر رمضان!.فلا إله إلا الله أي حال وصلت إليه الأمة في سيد شهورها،ولا إله إلا الله كيف يستباح دم عند الله عظيم،اسمعوا لخير الورى صلى الله عليه وسلم فداه أبي وأمي والناس أجمعين وهو يقرر ذلك في حجة الوداع فيقول:((أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالُوا:أَلَا شَهْرُنَا هَذَا.قَالَ:أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟.قَالُوا:أَلَا بَلَدُنَا هَذَا.قَالَ:أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟.قَالُوا:أَلَا يَوْمُنَا هَذَا.قَالَ:فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ أَلَا نَعَمْ قَالَ وَيْحَكُمْ أَوْ وَيْلَكُمْ لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ))(البخاري،ظهر المؤمن حمى إلا في حق أو حد،ح(6287))،ومن هنا نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْبَيْتِ أَوْ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ"(الترمذي،ماجاء في تعظيم المؤمن،ح(1955)).نسي الظالمون أو غفلوا عن إطلاع الجبار عليهم وعلمه بما يفعلون ، وكأنهم ما سمعوا قوله سبحانه:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ()مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }(إبراهيم :42-43).أحبتي في الله لا يحزنكم الأمر فإن فرج الله قريب،فالله جل في علاه يسمع أنين المحزونين،ويجيب دعاء المظلومين المكلومين ولو بعد حين؛أخرج الإمام الترمذي في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَقَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ))(الترمذي،في العفو والعافيه،ح(3522)).الله أكبر دعوة المظلوم تكفل الله القوي الجبار بنصرها فكيف بدعوة مظلوم صائم ترفع لرب قال عن نفسه { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }(البقرة:186).أحبتي في الله شهر رمضان شهر يقصم فيه الجبار العظيم سبحانه الجبابرة أتريدون شواهد عملية على ذلك إذاً أعيروني سمعكم؛فهذا أبو لهب وأمية ابن خلف وغيرهم من طغاة قريش الذين عذبوا ضعفاء المسلمين في مكة كان مصرعهم ومهلكهم في هذا الشهر في شهر رمضان في غزوة بدر الكبرى،وهذا الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي الذي أو غل في الظلم وفي سفك دماء المسلمين وكان أخرها قتل التابعي الجليل سعيد بن جبير فكان أن أهلكه الجبار في رمضان(ابن كثير، البداية والنهاية،ج9،ص115)،وهذا أمير خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي ظلم الناس وأخذ الجزية ممن أسلم فقيض الله له عبده الصالح عمر بن عبد العزيز فعزله في شهر رمضان(ابن كثير، البداية والنهاية،ج9،ص213)،وهذا هولاكوا قائد التتار كم قتل من المسلمين وأولغ في دمائهم فجعل الله هلاكه في رمضان على يدي عبده الملك المظفر قطز في معركة عين جالوت،أحبتي في الله ليس فقط من آذى المسلمين هو من هلك في رمضان بل تنقل لنا كتب التاريخ والسير أنه حتى من حاول أذية المسلمين في أرزاقهم وليس في دمائهم قصمه الله في رمضان،ذكر المقريزي في المواعظ والاعتبار ما نصه:"وبلغت الرواتب في أيام كافور الإخشيدي، خمسمائة ألف دينار في السنة لأرباب النعم والمستورين وأجناس الناس ليس فيهم أحد من الجيش،ولا من الحاشية،ولا من المتصرّفين في الأعمال،فحسَّن له عليّ بن صالح الروذبادي الكاتب،أن يوفر من مال الرواتب شيئاً ينتقصه من أرزاق الناس،فساعة جلس يعمل حكه جبينه، فحكه بقلمه والحكاك يزيد به إلى أن قطع العمل، وقام لما به، فعولج حينئذٍ بالحديد حتى مات في رمضان سنة سبع وأربعين وثلثمائة،وهذه موعظة من الله لمن توسط للناس بالسوء، قال تعالى: { ..وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.. }.(فاطر:43)"(المقريزي، المواعظ والاعتبار،ج1،ص126).أمة الإسلام إننا في يومنا المبارك هذا وفي شهر رمضان الكريم نبشر إخواننا المسلمين المظلومين والمستضعفين في كل مكان بخطاب الله إذ يقول : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ()إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }(آل عمران:139-140).

الخطبة الثانية :
الحمد لله الله ولي المؤمنين وناصر عباده المظلومين ولو بعد حين،أحمده جل شأنه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن أخوة الإسلام ورابطة الدين العظيمة تحتم عليكم نصر إخوانكم فهذا نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يخبرنا بذلك بقوله: ((...الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ))(مسلم،تحريم ظلم المسلم،ح(4650)).ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:((تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى))(البخاري،رحمة الناس والبهائم،ح(5552)).وقد يقول قائل كيف أنصرهم؟.فأقول لا أقل من بضع ريالات للجوعى منهم تسد رمقهم في شهر الصيام،ولا أقل من دعوة صادقة لمن تسفك دماءهم يد البطش والغدر،فرب دعوة انطلقت من قلب خاشع وبدن صائم،ولسان ذاكر وعين دامعة كانت سبباً في نصر عباد الله المستضعفين وفك الكربة عن المكروبين،إلهي ما سألت سواك عوناً **فحسبي العون من رب قديرِ**إلهي ما سألت سواك عفواً**فحسبي العفو من رب غفورِ**إلهي ما سألت سواك هديا**فحسبي الهديُ من رب بصيرِ**إذا لم أستعن بك يا إلهي** فمن عوني سواك ومن مجيري***إليك رفعتُ يا ربي دعائي**أجـود عليه بالدمع الغزيرِ**لأشكو غربتي في ظل عصرٍ**ينكس رأسه بين العصورِ**أرى فيه العداوة بين قومي**وأسمع فيه أبواق الشرورِ**وألمح عزة الأعدادِ حولي**وقومي،ذلهم يُدمي شعوري**أرى في كل ناحية سؤالاً** ملحاً،والحقيقة في نفوري**وأسمع في فم الأقصى نداءً**ولكن العزائم في فتور**إلهي ما يئسنا إذ شكونا**فإن اليأس يفتكُ بالضمير**لنا يا رب إيمان يرينا**جلال السير في الدرب العسير**تضيق بنا الحياة وحين نهفو**إلى نجواك نحظى بالسرور.



 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية