اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aljefri/301.htm?print_it=1

إجازة الجمعة والسبت
(joma601) 23/6/1434هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الملك العلام مقلب الدهور والأيام،أحمده جل شأنه وأشكره رب كريم منعم على الدوام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يرام،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب والتابعين.أما بعد: فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بنور تفرقون به بين الحق والباطل وبمغفرة لذنوبكم وعدكم ذلكم ربكم بقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }(الأنفال:29).
أمة التقوى يدور في هذه الأيام جدل وعلى أعلى المستويات حول إجازة نهاية الأسبوع،وهناك تيار يضغط من خلال بعض كتاب الأعمدة الصحفية ووسائل الإعلام لتغيير الإجازة من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت،ولست هنا اليوم لأحرم أو أحلل أو أفتي فأنا أقل من ذلك لكن هدفي اليوم هو أثارة التساؤلات:التي منها ما الهدف من المطالبة بتغيير الإجازة؟.الهدف المعلن هو متابعة أسواق المال العالمية وأن اجازة الخميس والجمعة تحرمنا من أربعة أيام عمل وحسب قول من يقول بذلك أننا نخسر المليارات إذا لم نغير من الإجازة،وهذا ادعاء لم يقدم أصحابه أي إحصاءات أو بيانات تدل عليه،ثم إن دولتنا حفظها الله منذ سنين طويلة وهي على إجازة الخميس والجمعة هل يعقل أنه لم يتنبه لتلك الخسائر إلا اليوم؟.ثم فكرة متابعة الأسواق المالية لا يتقبلها عاقل فأهم الأسواق المالية أين تقع؟.في طوكيو وفي نيويورك ومن لديه أدنى عقل يدرك فارق التوقيت فأسواق طوكيو تستيقظ ونحن نائمون،وأسواق نيويورك تفتح ونحن نائمون،فأي أسواق يتحدثون عنها؟.ثم إن القطاع الخاص هو المعني بهذه القضية وعلى الأخص قطاع المصارف،والقطاع الخاص يوزع إجازات موظفيه حسب الحاجة فلا يتقيد لا بجمعة ولا بخميس،ثم لماذا نلزم قطاع واسع من الموظفين الحكوميين والطلبة بتغيير الإجازة وليس لهم علاقة بقضايا سوق المال؟.وإذا كان الهدف تقليد اليهود والنصارى فإن كل منهم معتز بهويته وخصوصيته وتميزه،وجميعهم جعلوا يوم إجازة قبل يوم عيدهم الأسبوعي،فالنصارى عيدهم الأحد فإجازتهم السبت والأحد،واليهود في إسرائيل عيدهم السبت فالإجازة في إسرائيل الجمعة والسبت،وأخشى أن يظن البعض أن القضية هي بداية التطبيع مع إسرائيل حتى تكون الإجازات بينها وبين الدول المحيطة بها واحدة!.يا خير أمة أخرجت للناس إن الله ميزنا عن غيرنا من الأمم فلما نرض الدنية في ديننا تحت وهم الخسائر الاقتصادية واسمعوا معي لهذا التميز يخبركم به نبيكم وحبيبكم صلى الله عليه وسلم ؛ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((أَضَلَّ اللَّهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ))(مسلم،هداية هذه الأمة ..،ح(1415)). فالأيام كلها أيام الله فلماذا اختار الله لنا الجمعة ولم يجعلنا مثل اليهود أو مثل النصارى ألا يدل ذلك على تميز هذه الأمة عن غيرها؟. أحبتي في الله مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم لليهود وأمره لنا بمخالفتهم أمر لا يجادل فيه اثنان إلا أن هناك من يحاول التدليس على العامة بأن الأمر مقتصر على العبادات فنقول لا.بل هو يشمل العاديات من مظهر ولباس ونحوها،أخرج الإمام الترمذي في سننه حديث حسن صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ))(الترمذي،ماجاء في الخضاب،ح(1674)).ثم يأتي من يقول أنتم تدخلون التشبه في كل شيء حتى في الإجازة؟. والحقيقة الثابتة في كتب اليهود المقدسة أن إجازة السبت لديهم شعيرة دينية.أمة الإسلام العظيمة لنقارن بين الإجازة يوم الخميس ويوم السبت،يوم الخميس من الأيام الفاضلة وهناك جمع من الطلبة والموظفون الصالحون يحافظون على صيام يوم الخميس ويساعدهم على ذلك كونه إجازة،أخرج الإمام أحمد في مسنده عن عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنه عَنْ الصِّيَامِ فَقَالَتْ:(إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ وَكَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ)(الإمام أحمد،حديث السيدة عائشة،ح(23443)). ومما ورد في فضل يوم الخميس ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا))(مسلم،النهي عن الشحناء والتهاجر،ح(4652)).وعن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ:(لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ)(البخاري،أذا أراد غزوة فورى بغيرها،ح(2730)).ونتسائل ألا يحق لنا أن نتأسى على الأقل بهذا الهدي فنخرج في إجازاتنا يوم الخميس؟. عباد لله اسمعوا لربكم إذ يقول: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (الأنعام:153).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى أله وصحبه أتباعه أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن الخير كل الخير في الحفاظ على هوية هذه الأمة وتميزها،وخير من يمثل هذه الأمة بلاد الحرمين الشريفين،أمة الإسلام العظيمة تحدثنا عن يوم الخميس وقد يرد قائل لما لا تصومون يوم السبت بدلاً عنه فيأتي الرد من خير البشر صلى الله عليه وسلم ؛أخرج الإمام الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ)(الترمذي،ما جاء في صيام يوم السبت،ح(675)[قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ])،وهذا في تخصيص يوم السبت بالصيام لكن إذا ضم إليه غيره فلا بأس. عباد الله إن من أسباب نزول الرحمات التقرب إلى الله بالطاعات،ومن القربات العظيمة عند الله الصيام،أخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ))(البخاري،مايذكر في المسك،ح(5472)). أيها الفطناء ألسنا بحاجة للتقرب إلى الله أكثر والنذر تتابع من زلازل وخسوف وأمطار وسيول وهدم وغرق. فإذا حُرم المجتمع من فئة صالحة من الرجال والنساء يصومون الخميس بسبب تغيير الإجازة فهل سيكون ذلك في صالح المجتمع أم ضده؟.معاشر الفطناء ألا يخشى أن يكون مشروع تعديل الإجازة الأسبوعية هو ضمن منظومة طمس الهوية الإسلامية لهذه البلاد المباركة،والتي أعلاها السعي لإفساد المرأة وأحد بنودها تعديل الإجازة الأسبوعية،والتي تكون الخطوة الأولى منها التعديل للجمعة والسبت، ثم الخطوة التالية بعد فترة التعديل للسبت والأحد.فيتشرب المجتمعات جرعات تلو جرعات حتى يفيق فجأة ليرى نفسه لا يمثل الهوية الإسلامية التي ينتمي إليها،أحبتي في الله يظل الموضوع في دائرة الاجتهاد ولا نستطيع القول بتحريم تغيير الإجازة ولولي الأمر بعد دراسة الأمر دراسة مستفيضة أن يختار ما فيه مصلحة البلاد والعباد.

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية