صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل تحمل هم الرزق؟
(joma728) 13 / 1 / 1438هـ )

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أعطى فأغنى،أحمده جل شأنه على نعمه الكبرى وآلائه العظمى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يرجى ولا ند له بحق يدعى،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صاحب الشفاعة العظمى صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بأعظم حب من أعظم محب تعالوا واسمعوا معي لربنا إذ يقول: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }(آل عمران:76). أحبتي الكرام إن أعظم همًّ يحمله المرء ، وقد يجعل منه انساناً محطماً بائساً هو هم الرزق ومن رحمة الله بعابده المؤمنين أن كفاهم ذلك الهم فقال:{ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (الذاريات:22) ثم اقسم سبحانه على ذلك لتطمئن النفوس القلقة بقوله:{فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ }(الذاريات:23).وأخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بما يزيح قلق القلقين على أرزاقهم بقوله: ((إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ قَدْ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ))(مسند الشافعي،الرسالة،ج1،ص233).أمام كل هذه الوعود العظيمة فإن النفس تطمئن على رزقها،فمهما حدثت متغيرات من حولك فإن رزقك الذي كتب لك وأنت في بطن أمك سيصلك كاملاً،وثق تماماً أن رزقك يطلبك كما يطلبك أجلك،ومع ذلك فقد أرشدنا الله إلى أبواب وطرق لزيادة دخولنا وارزاقنا لا يعرفها كثير ممن تعلق بالأمور المادية فقط فمن تلك الأبواب التقوى فالله الرزاق العظيم يخبر بقوله : {..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا()وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.. } (الطلاق:2-3).هذا على مستوى الأفراد، أما على مستوى الدول والمجتمعات فاسمع لربك يخبرك عن أثر التقوى بقوله:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(الأعراف:96).ومعلوم أن التقوى من معانيها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه فإن فعلت ذلك وعدك الله بالرزق من مكان لا يدخل في حسبانك،فالموظف اليوم يتوقع رزقه من مكان عمله، وصاحب العقارات يتوقع الرزق من إيجارات عقاراته وهكذا..،إلا أن الكريم سبحانه يعد المتقين برزق من مكان لا يدخل في حسبانهم أبداً وهو القادر على كل شيء سبحانه،ومن أبواب الرزق المشرعة التي أخبرنا عنها رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم صلة الرحم تعال أخي واسمع معي له وهو يقول في الصحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ:((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ،أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))(البخاري،من أحب البسط في الرزق..،ح(2060)). ومن الأبواب التي تدر على الإنسان مصادر رزق متعدد الاستغفار أخبرنا عن ذلك ربنا حكاية عن نوح بقوله: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا()يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا() وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارً} (نوح:10-12).هل تأملتم في أنواع الرزق التي يجلبها الاستغفار:الأمطار وهي أساس الحياة على هذه الأرض،ثم الأموال وهي أساس حركة الاقتصاد،والبنين وهم قوام القوى العاملة في الاقتصاد،وهم عون للمرء في مختلف جوانب حياته إذا أصلحهم الله،ثم الجنات والبساتين الخضرة النضرة،فالله أكبر ما أعظمه من باب متسع لأصناف الرزق غفل عنه الغافلون،والاستغفار الذي يحقق ذلك أحبتي هو التوبة بشروطها المعروفة،معاشر المؤمنين هذا ربكم يوجهكم فاستمعوا لتوجيه ربكم إذ يقول: {... فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (العنكبوت:17).

الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله وعلقوا قلوبكم وآمالكم بالله الرزاق العظيم، واعلموا رحمني الله وإياكم أن ما تم ذكره من وسائل لزيادة الرزق في الخطبة الأولى لا يعني أن يتكل الإنسان ويقعد عن طلب الرزق ، فهذا مخالف لشريعة الله ولأمر الله ، فالله سبحانه وتعالى كما أمرنا بالصلاة والزكاة وغيرها من العبادات أمرنا سبحانه بالسعي والجد في طلب الرزق فقال سبحانه : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(الملك:15).وببين لنا حبيبن صلى الله عليه وسلم أن من أصل التوكل على الله بذل الأسباب في طلب الرزق بقوله : ((لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا))(سنن ابن ماجة،التوكل واليقين،ح(4154)).ثم إن من أكبر ما يحرم الإنسان التوفيق في طلب الرزق هي معصية من بيده خزائن السموات والأرض أخبرنا عن ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله : ((لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ))(الحاكم،المستدرك على الصحيحين،ح(1814)[ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية