صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الترفيه بين البناء والهدم
(joma735) 22/ 4/1438هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله خالق الأرض والسماوات،عالم الجهر والخفيات،أحمده سبحانه وأشكره حرم على علينا الخبائث وأحل لنا الطيبات،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تفرد سبحانه بالإحياء بعد الممات، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله المؤيد بالآيات البيانات،صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله فإن تقوى الله أساس الخيرات والإعراض عنها سبب البلايات أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(الأعراف:96).معاشر المتقين من الأبناء من انهى امتحاناته الفصلية ومنهم من أوشك على ذلك وتأتي بعدها إجازة قصيرة يحتاج فيها الأبناء للترفيه بعد عناء الامتحانات،فهل الترفيه مباح؟. نقول نعم بل هو جزء من الشخصية الإسلامية؛ ألم تروا أن الله العظيم شرع لنا الترفيه والفرح في عيد الفطر بعد شهر من الصيام والاجتهاد ، وشرع لنا عيد الأضحى بعد أعمل الحج،والإنسان مطالب أن يرفه عن أهله وولده فهذا قدوتنا صلى الله عليه وسلم يرفه عن زوجه الحبيبة بصور عدة فهاهو يسمح لها أن تنظر للحبشة وهم يلعبون في المسجد،ويدعوها للمسابقة في صحراء خالية لا ينظر إليها أحد،ويجلس معها في البيت جلسة مسامرة فتقص عليه قصة أم زرع مع زوجها فيستمع إليها،وكان يسابق صلى الله عليه وسلم بين أصحابه على الأقدام وعلى الدواب،ويعقد المسابقات بينهم في الرماية إلى غير ذلك من صور الترفيه المباحة والتي تؤدي للنشاط البدني والذهني، فالترفيه حق لا يجادل فيه مسلم،إلا أنه منضبط بضابط الإباحة، والسؤال هل يمكن أن يكون الترفيه غطاء لارتكاب جريمة؟ أقول نعم ، والدليل من كتاب الله ، فهؤلاء إخوة يوسف خططوا لخطف يوسف وقتله واتخذوا الترفيه غطاء لذلك واستطاعوا اختطافه من بين يدي والده الأمين الحنون فقالوا :{ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (يوسف:12).، ويسمع المرء في مجتمعنا أصوات نكرة تريد اختطاف المجتمع والأجيال القادمة لإيرادها موارد الهلاك تحت مسمى الترفيه!!.،فالمصيبة كل المصيبة أن هناك من يحاول اقناع المجتمع بأن الترفيه لا يكون إلا في الأنشطة المحرمة أو ما يغلب عليها الحرام،أو هي من دواعي الحرام وسبله.بينما وصف لنا الذي خلقنا ومن هو أعلم بنا أن كل محرم خبيث له ضرر إما على القيم أو الأخلاق أو المجتمع أو غيرها فأوجز القضية بقوله سبحانه:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}(الأعراف:157).أحبتي الكرام إن القلوب المؤمنة العارفة بربها قلوب مطمئنة لا ينتابها القلق ولا الاكتئاب ولا غيرها من أمراض العصر وإذا أصابها شيء من الضيق فزعت لذكر الله فاطمأنت أخبرنا الله عنه ووصفها بقوله:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد:28).اسألوا أحبتي البعيدين عن الله كيف حالهم سافروا وفجروا وسمعوا الموسيقى والغناء،وتابعوا الأفلام والمسلسلات يبحثون عن لذة تُريح قلوبهم المتعبة المنهكة الضائقة،ومع ذلك لا تزداد تلك القلوب إلا وحشة وضيق،لأن هذا القلب مظلم لا يُضيء إلا بنور الله الذي جعله في طاعته في التقرب من جلاله في اعتياد بيوته المساجد تعالوا واسمعوا معي لربنا يخبرنا عن ذلك بقوله :{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ()فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ()رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}(النور:35-37).

الخطبة الثانية :الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله، واحذروا رحمني الله وإياكم من دعاة السوء الذين يسعون لأن تكون المنكرات ظاهرة في المجتمع حتى تصبح عرفاً يتعارف الناس عليه ويقل بل يُنكر على من ينكره،وإن عذاب الله يكون أقرب من الأفراد و المجتمعات إذا فشت فيهم المنكرات وأصبحت ظاهرة فهذا حبيبنا صلى الله عليه وسلم يحذرنا بقوله:((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ))(البخاري،ستر المؤمن على نفسه،ح(6069)).وممن لم يفقه هذا المعنى أو يسعى عن جهل لتدمير المجتمع فيقول إن الناس تشاهد الأفلام في بيوتها من خلال الجوالات ومن خلال القنوات فلما لا تنشأ لهم دور سينما يجتمعون فيها!!.نعوذ بالله من عمى البصيرة،هناك من الناس من يتعاطى المخدرات في بيته فهل نفتح دوراً لتعاطي المخدرات؟هناك شباب وشابات قبضت عليهم الجهات المختصة يقيمون حفلات غناء ورقص ماجنة هل نفتح لهم مراقص؟. هناك من يزني في بيته أو تزني في بيتها أنفتح دوراً للزنا؟.معاشر العقلاء أما لنا في خطاب ربنا من واعظ؟.أحبتي إن هذا حديث المشفق على بلاده أن يصيبها ما أصاب بلدان مجاورة وأمم سابقة؛تعالوا واسمعوا ما تفعله الذنوب في الأمم اسمعوا معي لخطاب يزلزل القلوب الحية يقول ربنا فيه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ}(الأنعام:6)

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية