اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/aljefri/400.htm?print_it=1

الحياء طريق البقاء
(joma767) 9 / 5/ 1439هـ )

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خالق الأرض والسماء،ذم أهل الشهوات والأهواء،ومجد أهل التقى والنقاء أحمده جل شأنه وأشكره جمَّل المؤمنين والمؤمنات بخلق الحياء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده تنزه عن الأعوان والشركاء،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خيرة الأنبياء وقدوة الأتقياء صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه البررة الأوفياء.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بمعية الله الذي يحكم ما يريد ويفعل مايشاء أخبركم عن ذلك بقوله جل في علاه:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}(البقرة:194). معاشر المؤمنين ما الفرق بين الزهرة الندية المشبعة بالري وبين الزهرة المجففة؛ لاشك أن الوردة الندية أكثر بهجة لأنها تنبض بالحياة والري والنضارة،أما الزهرة المجففة فلا مظهر للحياة فيها.وهكذا الفرق بين من تجمَّل بخلق الحياء ومن فقد ذلكم الخلق الكريم،فالحياء خُلق رفيع يبعث على عمل الجميل وترك القبيح، الحياء هو أساس البقاء، يقول أبو تمام:إذا جــاريــت فــــي خــلــقٍ دنـيــئــاً & فــأنــت ومــــن تـجــاريــه ســـــواءُ& رأيــــت الــحــر يـجـتـنـب الـمـخــازي&ويـحـمـيـه عــــن الــغـــدر الــوفـــاء &يـعـيـش الـمــرء مـــا استـحـيـا بـخـيــر&ويـبـقـى الـعــودُ مــــا بــقــي الـلـحــاءُ&فـــلا والله مـــا فـــي الـعـيــش خــيــرٌ&ولا الــدنــيــا إذا ذهــــــب الــحــيــاءُ &إذا لــــم تــخــش عـاقــبــة الـلـيـالــي&ولـــم تسـتـحـي فـافـعـل مــــا تــشــاءُ.فكل الناس من أصحاب الفطر السوية يرفضون قليل الحياء سواء في كلامه أوفي سلوكه.وقد زكى سيدي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم خُلق الحياء؛ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ))(الترمذي،ما جاء في الفحش والتفحش،ح(1897))،وقال صلى الله عليه وسلم فداه أبي وأمي:((الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ)) (مسلم،باب شعب الإيمان..،ح(53)).وكان صلى الله عليه وسلم من أشد الناس حياء حتى كان يوصف بأنه أشدُّ حياءً من العذراء في خدرها،هل تأملتم أحبتي كيف كان يُضرب المثل في الحياء بالمرأة العذراء،فالمرأة هي أحق صنف البشر بالحياء وقد شرع الله للمرأة ما يعينها على أن تحفظ حياءها فأمرها بالقرار في بيتها وعدم التبرج بقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.. }(الأحزاب:33).وأمرها بأن لا تخضع بالقول،ومع الأسف هناك من يحاول أن يضلل نساء المسلمين فيقول هذه الآيات خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقط، فنقول نعم إن الخطاب لإمهاتنا أمهات المؤمنينوإذا لم تقتدي نساء المسلمين بهن فبن تقتدي،أيقتدين بالممثلات والمغنيات!.وتأملوا معي أحبتي في المرأة التي خرجت وتبرجت هل لا زال رصيدها من الحياء عالٍ أم أنه أخذ يتآكل،أخذت تحادث الرجال الأجانب وتمازحهم كأنهم من محارمها،ولا تمانع في أن تظهر صورتها وهي في كامل زينتها على الشاشات يشاهدها ملايين الرجل،ويتشهى عليها الفاجر والفاسق،ومما شرع الله للمرأة عوناًلها لتحفظ حياءها أن جعل الرجل قواماً عليها ليحفظها فهو أعلم بحال ذئاب الرجال في الخارج؛فشرع لها أن لا تخرج إلا بإذن وليها،وأن لا تسافر إلا مع ذي محرم،وإلى كل من فرط من الرجال في صيانة أعراضهم نقول لهم تعالوا واسمعوا لخطاب ربكم إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6).


الخطبة الثانية :إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن أحق من يستحى منه هو الله الذي خلق ورزق يستحي العبد أن يعصيه بنعمه،معاشر المؤمنين الحياء هو طريق البقاء للأفراد و المجتمعات وجوهر حياء المجتمعات يكمن في حياء النساء، وتأملوا معي إلى المجتمعات التي وضعت النساء فيها الحياء جانباً ماذا حصل فيها؟. خرجت النساء أشباه عراة في الشوارع،و انتشرت الفاحشة؛وماذا يُنْتَظر من الذئاب الجائعة حينما ترى أمامها اللحوم معروضة بلا حماية!.وظهرت جرائم أخلاقية بشكل كبير أضافات عبئاً على الجهات الأمنية هناك،وظهرت نوادي وشواطئ العراة..والمظاهر السلبية كثيرة ولم تبقى إلا أن تنزل العقوبة الربانية؛وأكبر من ساهم في حدوث ذلك الانهيار الكبير في تلك المجتمعات لخلق الحياء هو أن وسائل إعلام لديهم قلبت المفاهيم فروجت لقلة الحياء على أنه حقوق فردية،وأنه حرية شخصية،وجعلوا من القوالب التي تروج لقلة الحياء والانحطاط الأخلاقي بأنها فن،وانساقت مجتمعاتهم في ذلك المجال حتى سنت القوانين التي تجعل من قلة الحياء جزءً من الحياة الطبيعية،إلا أن الله جل في علاه حمى المجتمعات المسلمة من الوقوع في ذلك بقوله محذراً: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(النور:19).

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية