صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من الحديقة

فهد بن عبد الله الجريوي
@FF8008

 

الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد ،

 

( فإني كثيراً ما تمر بي ـ وأنا أطالع صحيفة سيارة ، أو كتاباً لم يعم انتشاره في أيدي جماهير الأمة ـ قطعة جليلة من شعر متخيّر ، أو جملة بديعة من نثر مصطفى ، أو كلمة ذات روعة من حكمة جرت بها حقائق الحياة على لسان الرجل البليغ ، فأتمنى لو يكون ذلك مجموعاً في كتاب قريب التناول ، سهل المأخذ ، صالح لطبقات الجمهور ؛ من رجال الأعمال ، وطلاب المدارس ، وربات الخدور ، فيستلطفه طالب النزهة في نزهته ، والمسافر في رحلته والفتاة في مدرستها وفي منزلها .

ولما صحت عزيمتي على تحقيق هذه الأمنية ، جعلت أراقب الصحف والكتب التي أطالعها ، فأنتقي منها خيارها ، وأصطفي كل ما توفرت فيه المزايا التي أشرت إليها . ورأيت أن تكون هذه المجموعة أشبه شيء الحديقة ، ينتقل فيها المرء والمرأة ، والفتى والفتاة ؛ من الأزهار إلى الأثمار والأشجار ؛ ومن مرجة خضراء ، إلى ينبوع ماء ؛ فيكون جمال هذه الحديقة في تنوع مناظرها واختلاف مظاهرها . لذلك جاءت كالطبيعة على غير اطراد ) .

هذا ما قدم به فضيلة الشيخ محب الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ لكتابه الحديقة المطبوع في ثلاث مجلدات ، وأحببت أن أنتقي لكم شيئاً من فوائده ونتفاً من شوارده .
 


 

1/ قال كارليل ( الأبطال ) :

في الإسلام خلة أراها من أشرف الخلال وأجلّها ، وهي التسوية بين الناس . وهذا يدل على أصدق النظر وأصوب الرأي . فنفس المؤمن راجحة بجميع دول الأرض ، والناس في الإسلام سواء ، والإسلام لا يكتفي بجعل الصداقة سُنّة محبوبة ، بل يجعلها فرضاً حتماً على كل مسلم ، وقاعدة من قواعد الإسلام ، ثم يقدرها بالنسبة إلى ثروة الرجل فتكون جزءاً من أربعين من الثروة ، تُعطى إلى الفقراء والمساكين والمنكوبين .

جميل والله كل هذا ، وما هو إلا صوت الإنسانية ، صوت الرحمة والإخاء والمساواة ، يصيح من فؤاد ذلك الرجل : أين القفار والصحراء ، صلى الله عليه وسلم .

ص46 .

____________________

 

2/ القلم :                                             

قال ابن المقفع : ( القلم بريد القلب ، يُخبر بالخبر ، وينظر بلا نظر ) .

قال أحمد بن عبدالله : ( القلم راقد في الأفئدة ، مستيقظ في الأفواه ) .

قال أحمد بن يوسف : ( عبرات الأقلام في خدود كتبها أحسن من عبرات الغواني في صحون خدودها ) .

ص48 ـ 49 .

____________________

 

 

3/ اعتذر رجل إلى محمد بن عبدالله بن طاهر من شيء بلغه عنه ، فرأى خطه قبيحاً فوقّع في رقعته :

( أردنا قبول عذرك ، فاقتطعنا عنه ما قابلنا من قبح خطك . ولو كنت صادقاً في اعتذارك لساعدتك حركة يدك ، أو ما علمت أن حسن الخط يناضل عن صاحبه بوضوح الحجة ، ويمكّن له درك البغية ) .

ص52 .

____________________

 

4/ قال لسان الدين بن الخطيب :

العربُ لم تفتخر قطُّ بذهب يُجمع ، ولا ذُخر يُرْفع ، ولا قصر يبنى ، ولا غرس يجنى . إنما فخرها عدو يُغلب ، وثناءٌ يُجلب ، وجُزُر تنحر ، وحديث يُذكر ، وجود على الفاقة ، وسماحة بحسب الطاقة .

فلقد ذهب الذهب، وفني النشب، وتمزقت الأثواب، وهلكت الخيل العِراب، وكل الذي فوق التراب تراب، وبقيت المحاسنُ تروى وتنُقل، والأعراض تُجلى وتصقل.

ص64 ـ 65 .

____________________

 

5/ قال أحمد بن محمد الأسدي :

كتب رجلٌ إلى المهدي كتاباً عنوانه ( عبده فلان ) فقال :

لا أعلمن أحداً نسب نفسه إلى عبودة في كتاب أو عنوان ، فإنه ملق كاذب ، وليس يقبله إلا غبي أو متكبر .

ص79 .

____________________

 

6/ قال الأصمعي :

قلت لبشار : يا أبا معاذ ، إن الناس يعجبون من أبياتك في المشورة .

فقال لي : يا أبا سعيد إن المشاور بين صواب يفوز بثمرته ، أو خطأ يشارك في مكروهه .

فقلت له : والله أنت في قولك هذا أشعر منك في شعرك .

ص 109 .

____________________

 

7/ قال العتبي :

أسرَّ معاوية إلى ابن أخيه عمرو بن عنبسة بن أبي سفيان حديثاً .

قال عمرو : فأتيت أبي وقلت له : إن أمير المؤمنين أسرَّ إلي حديثاً ، أفأحدثك به ؟

قال : لا . لأنه من كتم حديثه كان الخيار إليه ، ومن أظهره كان الخيار عليه ، فلا تجعل نفسك مملوكاً بعد أن كنت مالكاً.

فقلت : أو يكون هذا بين الرجل وأبيه ؟ قال : لا . ولكن أكره أن تعوّد لسانك إذاعة السر . قال عمرو : فرجعت إلى عمي فأخبرته بذلك ، فقال : أعتقك أخي من رق الخطأ .

ص125 .

____________________

  

8/ قال الفيلسوف الألماني نيتشه أحد عظماء أوربا في القرن الماضي :

( لقد حرمتنا المسيحية ميراث العبقرية القديمة ، ثم حرمتنا بعد ذلك من الإسلام . فقد ديست بالأقدام تلك المدنية العظيمة ، مدنية الأندلس المغربية . ولماذا ؟ لأنها نشأت من أصول رفيعة ومن غرائز شريفة . نعم ! من غرائز رجال . تلك المدنية لم تُنكِر الحياة بل أجابتها بالإيجاب ، وفتحت لها صدرها . وقد قاتل الصليبيون تلك المدنية بعد ذلك ، قاتلوها وكان أولى بهم أن يسجدوا لها على التراب ويعبدوها . وما مدنيتنا في هذا القرن التاسع عشر إلا فقيرة وانية بجانب مدنية الإسلام في ذلك الوقت ) .

ص 125 . ( مع التحفظ على بعض الألفاظ ) .

____________________

 

9/ من كتاب الآداب لابن المعتز :

( لا تكاد تصح لكذاب رؤيا ؛ لأنه يخبر عن نفسه في اليقظة بما لم يرَ ، فتريه في النوم ما لايكون ) .

ص214 .

____________________

 

10/ قال الأمير شكيب أرسلان :

( إن الإفرنجي هو الإفرنجي . . ما تغير شيء من طبعه فهو اليوم كما كان عندما زحف إلينا من ثمانمائة سنة ، بما فيه من الظمأ إلى الدماء ، والقرَم إلى اللحم . وإن المدنية التي يتدرّع بدعواها إن هي إلا غطاء سطحي لما هو كامن في طبعه ، متهيئ للظهور لأدنى حادث . فالمدنية العصرية لم تزد الإفرنجي إلا تفنناً في آلات القتل ، وفصاحة في التمويه وتسمية الأشياء بغير أسمائها . وبالجملة فالذي ازددناه منه هو الرثاء لا غير ) . ص227 .      

____________________

 

11/ قال الغزالي :

( ينبغي أن يؤذن للصبي ـ بعد الانصراف من المكتب ـ أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه . بحيث لا يتعب في اللعب . فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه في التعلم دائماً يميت قلبه ، ويبطل ذكائه ، وينغص عليه العيش ، حتى يطلب منه الخلاص رأساً ) .

ص278 .

____________________

 

12/ قال أناتول فرانس :

( لينظر جبابرة الأرض إلى مواطئ أقدامهم لينظروا الشعوب التي يقهرونها ، والمبادئ التي يزدرونها ، فإن من ثمة سوف تخرج القوة التي تصرعهم ) .

ص280 .

____________________

 

13/ من كتاب آراء أناتول فرانس :

( أولى لك أن تكون المخدوع أحياناً ، فقد علمتنا الحياة أن المرء لا يكون سعيداً إلا بقليل من الجهل ) .

ص283 .

____________________

 

14/ أول من استحدث حدائق الحيوانات العرب ، وكانوا يسمونها ( حير الوحش ) ، فقد أنشأ أمير المؤمنين واحدة من هذا النوع لزوجته بوران ، وجعل ذلك متصلاً بالميدان وقصر الثريا الذي بناه المعتضد على نهر عيسى ببغداد ، ثم جاء الخليفة المقتدر بالله فزاد في ذلك .

ص293 .

____________________

 

15/ قال ابن العديم في تذكرته :

قرأت بخط ابن جني : قال لي المتنبي يوماً :

( أتظن أن هذا الشعر إنما أعمله لهؤلاء الممدوحين ، هؤلاء يكفيهم منه اليسير ، وإنما أعمله لك لتستحسنه ) .

ص296 .

____________________

 

16/ روى أبو عثمان الجاحظ في رسالة ( أخلاق الكتّاب ) قال :

( وقد قال أهل الفِظن : إن محض العمى : التقليد في الزندقة ، لأنها إذا رسخت في قلب امرئ تقليداً أطالت جرأته ، واستغلق على أهل الجدل إفهامه ) .

ص331 .

____________________

 

17/ أطلقَت العقول تجدُ وتبتدع ، وأطلقت من ورائها الأهواء تلذ وتستمتع وتشتهي ؛ فضربت الخير بالشر ضربة لم تَقتل ، ولكنها تركت الآثار التي هي سبب القتل ؛ إذ لا تزال تمد مدها حتى تنتهي إلى غايتها ،

وذلك السر في أنه كلما تقادمت الأزمنة على هذه الحضارة ؛ ضج أهلها وأحسوا عللاً اجتماعية لم تكن من قبل . ( مصطفى صادق الرافعي ) .

ص392 .

____________________

 

18/ اغتاب رجلٌ رجلاً عند سَلْم بن قتيبة ، فقال له سَلْم : اسكت ، فوالله لقد تلمظت مضغة طالما لفظها الكرام .

ص398 .

____________________

 

19/ أذكرني زهد عالم العراق في هذا العصر السيد محمود شكري الألوسي بزهد صديقه عالم الشام الشيخ طاهر الجزائري ، رحمهما الله رحمة خالدة . انفق شيخنا الشيخ طاهر كل ما ملكت يداه في اقتناء نفائس الكتب ، ولا سيما المخطوطات الفذة أو النادرة ، فلما ضاق به وطنه ( دمشق ) زمن السلطان عبدالحميد ، اختار القاهرة وطناً ثانياً ، وصار يبيع فيها هذه النفائس ، ويعيش بثمنها عيشة الكفاف ، ومن عجيب أمره أنه كان يرضى من دار الكتب المصرية ـ مثلاً ـ بنصف القيمة التي كان يُمكن أن يحصل عليها من مثل المتحف البريطاني ثمناً لكتاب من كتبه ؛ إيثاراً لبقاء ذلك الكتاب في الوطن الإسلامي على انتقاله إلى أوربا .

وكان يحرص كل الحرص على أن يكون الكتاب المخطوط في مكتبة عامة ؛ كدار الكتب المصرية ، أو إحدى الخزانتين التيمورية والزكية ، ولا تسمح نفسه بانتقاله إلى ملك الأفراد ؛ لئلا يصير إلى بلاد أخرى . خرج الشيخ عن كتبه كلها ، وبقي معه من ثمنها ما يعيش به عيشة التقشف ، وفيما كنتُ ذات يوم عند الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد ، وفي مجلسه سعادة الأستاذ أحمد تيمور باشا ، أخذا يتحدثان في حالة الشيخ طاهر ، وما فُطر عليه من الإباء وعزة النفس ، وأنه ـ مع ضيق ذات يده ـ لم يُغير ما اعتاده من التصدق على الفقراء ، والبذل في سبيل الخير . فقال تيمور باشا لصاحب المؤيد :

ألا ترى يا أستاذ ؛ أن من الواجب على مصر أن تعرف لهذا العالم الجليل قدره ، فتستفيد من علمه وفضله في مثل دار الكتب مثلاً ، لا سيما وهو اليوم أعلم الناس كافة بالكتب الإسلامية وقد كان في الشام مفتشاً عاماً على دور كتبها ، وهو العامل على تأسيس دار الكتب الظاهرية بدمشق ، والمكتبة الخالدية في بيت المقدس . فوعده الشيخ علي يوسف بالسعي في ذلك ، وكانت لصاحب المؤيد منزلة معلومة في المعية الخديوية ، وفي أكثر وزارات الحكومة المصرية ، وما من وزير إلا ويود أن تكون له يد عند الشيخ علي يوسف ، ليقابله بمثلها عند الحاجة ، ورأى الأستاذ تيمور باشا أن يكاشف الشيخ طاهر في الأمر بأسلوبه اللطيف ، فاعتذر له الشيخ بأنه اعتاد المطالعة في الليل إلى الفجر ، وليس من السهل عليه أن يغير عادته ، وهو في سن الشيخوخة ، ولذلك لا يستطيع أن يتقيد بالأوقات الرسمية التي يتقيد بها الموظفون .

واجتمع الأستاذ تيمور باشا بصاحب المؤيد مرة أخرى ، فذكر له كلمة الشيخ ، ثم اتفقا على أن يطلب الشيخ علي يوسف من الخديوي إجراء راتب للشيخ طاهر الجزائري من الخزينة الخاصة . وفيما أنا قائم بعملي في قلم تحرير المؤيد ، سنة 1331 هـ ، استدعاني الشيخ علي يوسف وكان يعلم أن سعادة أحمد تيمور باشا يتفضل بزيارتنا دائماً فقال لي : أبلغ الباشا أنني تكلمت في مسألة الراتب للشيخ طاهر ، وأن كل شيء قد تم على ما ينبغي .فشكرت له مسعاه الحميد ، واجتمعت بالشيخ طاهر في ذلك اليوم قبل أن أرى سعادة تيمور باشا ، فأخبرته بما وقع وكنت أظن أن هذا الخبر سيسره فظهر لي أنني لا أزال أجهل تلك النفس الكبيرة ، رغم معرفتي بصاحبها منذ طفولتي ، فقد غضب الشيخ طاهر من هذه الحادثة غضباً لم أعهده فيه من قبل ، وقال لي : وكيف يُقدم صاحب المؤيد على مثل هذا الأمر قبل أن يأخذ رأيي ؟

 

وكان حزب اللامركزية قد دعا الناس إلى اجتماع كبير في فندق الكونتنتال ، في الساعة الرابعة بعد ظهر ذلك اليوم ، فذهبت مع الشيخ طاهر لحضور ذلك الاجتماع ، ولما دنونا من الفندق رأينا صاحب المؤيد مُقبلاً بعربته ليحضر الاجتماع أيضاً ، فاستوقفه الشيخ طاهر ، ومشينا جميعاً نحو الفندق ، وكان مما قاله الشيخ لصاحب المؤيد : كأني معك يوم كلمت الخديوي بشأني فقلت له : إنك سمعتني أثني عليه لتعضيده مشروع زكي باشا في إحياء الآداب العربية بطبع النفائس التي نقلها بالفطغراف من خزانة الآستانة .

نعم ، إني أُثني على كل من يخدم العلم ويعمل على نشر كتب السلف ؛ ولكن من ذا الذي يضمن لك ألا أقف من الخديوي عكس هذا الموقف إذا صدر منه ما يناقض ذلك العمل ؟ الأحسن يا أستاذ ألا تعرض نفسك لما قد يسود به وجهك بسببي ، وإني بحمد الله في سعة ، ولا حاجة بي إلى الرواتب ولا إلى الوظائف ، فأرجوك أن تعمل طريقة لنقض ما تم بشأني .

 

فدهش صاحب المؤيد مما سمع ، ثم قال لي بعد يومين : لقد كان تيمور باشا محقاً في إعجابه بالشيخ طاهر إلى هذا الحد . إن الراتب الذي سعينا بترتيبه له ، وقد رفضه بمثل هذا الإباء والشمم ، لا أعلم من كل الذين أعرفهم إلا من يسعى للحصول عليه بكل وسيلة ، وكنت أظن الذين يزهدون بمثل ذلك قد ذهبوا كلهم ، فإذا لا تزال منهم بقية في الدنيا . ( محب الدين الخطيب ) .

ص454 ـ 457 .

____________________

 

20/ قال اللورد افبري :

لقد أطرى أحد كبار الإنكليز ( ريشاردي بوري ) منذ خمسة قرون الكتب فقال :

( وهاكم المعلمين الذين يعلموننا بغير عصا ولا سوط ، ولا يسيئون المعاملة ، ولا يغضبون ، ولا يطلبون هدايا ودراهم ، ومن إذا دنوت منهم لا ينأون عنك ، وإذا سألتهم لا يخفون عنك شيئاً ، وإذا تغاضيت عنهم لا يشتكون منك ، وإذا كنت جاهلاً لا يسخرون بك ) . فإذا كان هذا قولهم في قديم العهد ، ألا يجدر بنا العمل به الآن ، وقد طُبعت الكتب ، وصارت زهيدة الثمن ، سهلة الاقتناء والمطالعة ، صغيرة الحجم ، خفيفة الحمل ؛ بعد أن كانت ضخمة عسيرة الحمل والقراءة . ويحسب البعض أن ما يُنفق على تأسيس المدارس وخزانات الكتب ودور الآثار نفقات هالكة ، مع أنها في الحقيقة رأس مال محفوظ لسعادة الأمة وفائدتها . وما توسيع نطاق مدارسنا ، وإنشاء خزائن للكتب فيها ، إلا لتحسين تعليم أبنائنا ، وبث روح حب المطالعة في نفوسهم ، وتوجيه أنظارهم بصفة خاصة إلى فوائدها ، كما أن المكتبات مدارس الرجال . يُحكى أن الملك ألفريد لما كان طفلاً أراد أخذ كتاب ..

فقالت له أمه : ( سيكون لك حينما تقدر على مطالعته ) وبهذا الشرط حصل الملك على الكتاب . فمتى تعلم أولادنا القراءة أيضاً ، يجب مكافأتهم بنفيس الكتب ، وهي كثيرة وليس نفيسها بغالى الثمن ، وربما كانت لذة المطالعة هي الشيء الوحيد الذي لا يرتبط بالغنى أو الفقر .

ولا ينبغي للشبان أن يقتصروا على الأشغال اليدوية أو يضيعوا كل أوقاتهم فيها ؛ بل عليهم تخصيص أوقات للمطالعة والأشغال العقلية ؛ لإنماء مداركهم ونفع الإنسانية من معلوماتهم . قال السير ( جون هرشل ) أحد كبار علماء الإنجليز :

( لو خيرت في انتخاب ما أحفظ به حياتي ؛ وأروّح فيه نفسي ، وأصونها من ظلم الناس وشرور الدنيا ؛ لاخترت المطالعة ؛ لأن من تيسرت له أسبابها يصير ولا شك سعيداً ، وحيث تتجلى أمام عينيه أحوال الأمم الغابرة ، ويكون كمن عاش مع جميع أفرادها ، وكأنما خلقت الدنيا له ) . ونرى في تاريخ حياة ماكولي ـ صاحب الثروة الطائلة ، والشهرة الفائقة ، والصحة الجيدة ـ أنه كان يعتبر ساعات مطالعته أسعد أوقات حياته ، وأنه قال : ( لو خيرت أن أكون أكبر ملك في الأرض ، ولي جميل القصور والبساتين ، ولذيذ الطعام والشراب ، وثمين العربات ، وفاخر الثياب ، ومئات الخدم ؛ واشترط عليّ في ذلك التجرد من الكتب ، لرفضت ذلك الملك بغير مطالعة ، وقبلت العيش فقيراً في عشة ، ومعي كثير من الكتب ) .

ص471 ـ 473 .

____________________

 

21/ قال الدكتور ( انسباتو ) الإيطالي في كتاب ( الإسلام وسياسة الحلفاء ) الذي نشره سنة 1919م :

( إن الكرم العلمي ، والصدقة الفكرية ، صفتان من صفات الإسلام ، شأنهما أن تجعلا الأمة العاملة بهذا الدين ، أهلاً ؛ لأن تبلغ من الحضارة ذروتها العليا ) .

ص567 .

____________________

 

22/ قيل لعدي بن حاتم الطائي : مالك لا تشرب الخمر ؟

قال : لا أشرب ما يشرب عقلي .

ص674.

____________________

 

23/ قال ابن المقفع :

إذا نابت أخاك إحدى النوائب ، من زوال نعمة أو نزول بلية ، فاعلم أنك قد ابتليت معه : إما بالمواساة فتشاركه في البلية ، وإما بالخذلان فتحتمل العار ، فالتمس المخرج عند أشباه ذلك ، وآثر مروءتك على ما سواها .

ص710 .

____________________

 

24/ ليس الحقد واحتمال الضغينة غريزة من الغرائز اللازمة للإنسان ، فإن الرجل قد يصفح عن سيئات الأطفال ؛ لأنهم لا يملكون الخيار لأنفسهم ، ويذكر لأصحاب السيئات من الموتى حسناتهم ؛ لأن الزمن الذي ذهب بهم ذهب بخيرهم وشرهم ، فلمَ لا تغفتر ذنوب أولئك الذين ما أذنبوا إلا بعد حرب مستعرة قامت بين عقولهم وقلوبهم ، ثم سقطوا على أثرها صرعى لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً .

(مصطفى لطفي المنفلوطي ) . ص 713 ـ 714 .

____________________

 

25/ لا تكافئ السفيه على سفهه بمثله ، فإنك إن فعلت قضيت له على نفسك ، وأصبحت شريكه في الخلة التي تزعم أنك تنقمها عليه ، فإن كنت لابد منتقماً ..

فليكن مثلك مثل الأحنف بن قيس ، إذ جاء رجل قد جعل له بعض الناس جعلاً على أن يغضبه ، فما زال يسبه ويلح في ذلك إلحاحاً محرجاً ، والأحنف ساكت لا يقول شيئاً ، حتى ضاق بالرجل أمره ، فانقلب إلى قومه باكياً نادباً يأكل أصبعه أكلاً ويقول : والله ما سكت عني إلا لهواني عليه . ( مصطفى لطفي المنفلوطي ) .

ص715 .

____________________

 

26/ من لا خير له في دينه لا خير له في وطنه ؛ لأنه إن كان بنقضه عهد الوطنية غادراً فاجراً ، فهو بنقضه عهد الله وميثاقه أغدر وأفجر ، وإن الفضيلة للإنسان أفضل الأوطان ، فمن لم يحرص عليها فأحرى به ألا يحرص على وطن السقوف والجدران . ( مصطفى لطفي المنفلوطي ) .

ص715 .

____________________

 

27/ مثل المتعلم غير المتأدب كمثل شجرة عارية لا تورق ولا تثمر ، قد انتصبت للناس في ملتقى الطرق تعترض الرائح وتصد سبيل الغادي ، فلا الناس بظلها يستظلون ، ولا هم من شرها ناجون . ( مصطفى لطفي المنفلوطي ) .

ص715 .

____________________

 

 

28/ ربما كان لك من أبويك أو من ذوي رحمك ممن تولوا شأنك في مفتتح عمرك من لم تساعده شؤون دهره أو عصور نشأته على أن ينال حظاً من العلم والمعرفة مثل ما نلت ..

فإياك إن يدعوك ذلك إلى تسفيهه أو السخرية به أو الإدلال بنفسك عليه ، فإنك إن فعلت خسرت من الأدب أضعاف ما كسبت من العلم ، على أنه ربما كان لكبيرك هذا الذي عققته وظلمته وكفرت بفضل نعمته عليك من العلم بتجارب الحياة ومقاتلها وموارد الأمور ومصادرها ما يبهر علمك الذي تعتد به وتدل بمكانه عليه ، وهناك تكون قد خسرت فوق خسران أدبك ما كان خليقاً بك أن تتلقاه بين يديه من علوم التجارب التي ليست علوم الدراسة بالإضافة إليها إلا كالنقطة من البحر ، والمدرة من القفر . ( مصطفى لطفي المنفلوطي ) .

ص717 .

____________________

 

29/ قال أبو بكر الرازي :

ينبغي للطبيب أن يوهم المريض أبداً الصحة ، ويرجيّه فيها ، وإن استطاع الطبيب أن يعالج بالأغذية دون الأدوية ؛ فقد وافق السعادة .

ص734 .

____________________

 

30/ إن الذي يَكِلُ إلى الناس تقدير قيمته ، يجعلونه سلعة يتراوح سعرها بتراوحهم بين الحاجة إليها والاستغناء عنها . والطريقة المُثْلى أن يقوّم لنفسه قيمتها ، فإن المرء كما يقول بعضهم : يساوي القيمة التي يضعها لنفسه ، ذلك خيرٌ من أن يطرحها في المزاد على ألسنة الناس . (عباس العقاد ) .

ص742 .

____________________

 

31/ ندبت الحكومة الفرنسية في القرن الماضي المسيو ليون روثر ليكون جاسوساً على الأمير عبدالقادر الجزائري ، وأوعزت إليه أن يتظاهر عنده بالإسلام ، وأن يتوصل إلى أن يكون موضع ثقته ومحل أمانته .

ففعل ذلك ونجح وأقام في ديار المسلمين ثلاثين عاماً ، تعلم في أثنائها اللغة العربية وفنونها والإسلام وعلومه ، واختبر الأوطان الإسلامية المهمة : الجزائر ، وتونس ، ومصر ، والحجاز ، والقسطنطينية . ثم ألف كتاباً اسمه ( ثلاثون عاماً في الإسلام ) قال فيه :

( اعتنقت دين الإسلام زمناً طويلاً لأدخل عند الأمير عبدالقادر دسيسة من قِبَل فرنسا ، وقد نجحت في الحيلة ، فوثق بي الأمير وثوقاً تاماً ، واتخذني سكرتيراً له . فوجدت هذا الدين الذي يعيبه الكثيرون منا أفضل دين عرفته ، فهو دين إنساني طبيعي اقتصادي أدبي . ولم أذكر شيئاً من قوانينا الوضعية إلا وجدته مشروعاً فيه . بل إنني عدت إلى الشريعة التي يسميها ( جول سيمون ) الشريعة الطبيعية ، فوجدتها كأنها أُخذت عن الشريعة الإسلامية أخذاً . ثم بحثت عن تأثير هذا الدين في نفوس المسلمين فوجدته قد ملأها شجاعة وشهامة ووداعة وجمالاً وكرماً، بل وجدتُ هذه النفوس على مثال ما يحلم به الفلاسفة من نفوس الخير والرحمة والمعروف ، في عالم لا يعرف الشر واللغو والكذب . فالمسلم بسيط لا يظن بأحد سوء ، ثم هو لا يستحل محرماً في طلب الرزق ، ولذلك كان أقل مالاً من الإسرائيليين ، ومن بعض المسيحيين .

ولقد وجدت في الإسلام حل المسألتين الاجتماعيتين اللتين تشغلان العالم طرا : الأولى : في قول القرآن : ( إنما المؤمنون إخوة ) ، فهذا أجمل مبادئ الاشتراكية ، والثانية : في فرض الزكاة على كل ذي مال ، وتخويل الفقراء ( بواسطة ولي الأمر المسلم ) حق أخذها غصباً إن امتنع الأغنياء عن دفعها طوعاً ، وهذا دواء الفوضوية .

إن الإسلام دين المحامد والفضائل ، ولو أنه وجد رجالاً يُعلّمونه الناس حق التعليم ، ويفسرونه تمام التفسير ، لكان المسلمون اليوم أرقى العالمين ، وأسبقهم في كل الميادين ) .  ص 825 ــــ 826 .

____________________

32/ نصف قرن على الإسلام في إنكلترا أقدم مسلم إنكليزي يتكلم ( محاضرة الشيخ عبدالله كوليام ) :

دخلت المسجد مرة أنا وإخواني لألقي عليهم محاضرة في تفسير آية من القرآن الشريف ، فرأيت قد سبقنا إلى المسجد جماعة قرأتُ في وجوههم أنها وجوه غريبة مريبة ، فلم أبال بهم وتلوت آية القرآن الشريف ، وشرعت أفسرها ، واستنتج منها العظات والعبر . فلما انتهيت من المحاضرة قام أحد أولئك المريبين وأخرج من جيبه حجارة وألقاها في الأرض ثم توجه إلى أصحابه وقال لهم : من كان منكم يريد أن يرجم المسلمين بالحجارة التي معه فأنا صرت الآن مسلماً فارجموني بها. فألقوها هم أيضاً في الأرض وأعلنوا إسلامهم .

ص833 .

____________________

 

33/  ربّ إن غاضتْ دُموعِي ألماً = فَمَن الشافي مِنَ الوَجْدِ سواها

نضَبتْ واستودعتني حَسرةً = لو يكونُ الدمعُ جَمّاً لمحاها

مفزعي في الخطب ما حل به = وقرابينُ عزائي ما عراها

أتَرَى أدركها صرفُ الردى = فأُريقت وهيَ في زَهْو صباها

أيها الفجر أعِر قَطْرَ الندى = لعيون قطر الحزن نداها

ذَبلتْ ثم تعداها السنا = قبل أن يسلبها الموت سناها

إيهِ يا صدَّاحُ زدني نغماً = وأزح عن كبدي الحَرَّى جَواها

لك لحن مُسْتَكِنٌّ سِرُّهُ = وجدتَ فيه بنو الشَّجوِ مُناها

عجبي من لغة غامضةٍ = تطْربُ الناسَ على شتى لغاها .

( أنور العطار ) . ص860 .

____________________

 

34/ الرجل الفائق يحب البطء في أقواله والنشاط في أعماله . ( كنفوشيوس ) .

التخمة كالجوع ، ولذلك فالاعتدال سعادة لا يستهان بها . ( شكسبير ) .

ص925.

____________________

 

35/ سأل رجل ابن العلاء حاجة فوعد بها ، ثم تعذرت عليه .

فلقيه الرجل وقال له : وعدتني وعداً فلم تنجزه ! فقال له ابن العلاء : فمن أولى بالغم ، أنا أو أنت ؟ فقال له الرجل : أنا ! فقال ابن العلاء : بل أنا لأني وعدتك فأبت أنت بفرح الوعد ، وأُبتُ أنا بهم الإنجاز . ثم عاق القدر عن بلوغ الإرادة ، فلقيتني مُدِلاً ، ولقيتك محتمشاً فصرتُ أولى منكَ بالغم ! .

ص1311 .

____________________

 

36/ لو تأملت أحوال الناس لوجدت أكثرهم عيوباً أشدهم تعييباً . ( الجاحظ ) .

ص 1320.

____________________

 

37/ لا يحيى الإنسان حياة كاملة إلا إذا عاش لغيره ( غوابوا ).

ص1326 .

____________________

 

38/ وقع بين الحسن بن علي وأخيه محمد بن الحنفية لحاء ، ومشى الأشرار بالنمائم بينهما ، فأراد محمد بن الحنفية أن يقطع على الأشرار سعاياتهم ، فكتب إلى أخيه الحسن ، يقول :  

 

( أما بعد فإن أبي وأباك علي بن أبي طالب ، لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وأمي امرأة من بني حنيفة وأمك فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلو مُلئت الأرض بمثل أمي لكانت أمك خير منها . فإذا قرأت كتابي هذا فاقدم حتى تترضاني ، فإنك أحق بالفضل مني ) .

ص1352 .

____________________

 

39/ قال عبدالله بن طاهر :

كنت عند المأمون يوماً فنادى الخادم قائلاً :

يا غلام ! فدخل غلام تركي وهو يقول : كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام ! إلى كم يا غلام يا غلام ؟ أما ينبغي للغلام أن يأكل ويشرب ! ! فنكس الخليفة رأسه ، قال عبدالله :

فما شككت في أن يأمر يضرب عنقه ، ثم رفع رأسه وقال للغلام : اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى ، ثم قال : يا عبدالله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خادمه ، وإذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خادمه ، ولا ينبغي أن نسيء أخلاقنا لتحسن أخلاق خادمنا .

ص1476.

____________________

 

40/ يا من لهم في القبور أموات !

إن رؤية القبر زيادة في الشعور بقيمة الحياة ، فيجب أن يكون معنى القبر من معاني السلام العقلي في هذه الدنيا .

القبر فم ينادي : أسرعوا .. أسرعوا ، فهي مدة لو صُرفت كلها في الخير ما وفت به ، فكيف يضيع منها ضائع في الشر أو الإثم ! لو وُلد الإنسان ومشى وأيفع وشب واكتهل وهرم في يوم واحد ، فماذا عساه كان يضيع من هذا اليوم الواحد ؟ إن أطول الأعمار لا يراه صاحبه في ساعة موته إلا أٌقصر من يوم .

ينادي القبر : أصلحوا عيوبكم ، فإنها إن جاءت إلى هنا كما هي بقيت كما هي إلى الأبد .هنا قبر ، وهناك قبر ، وهنالك القبر أيضاً ، فليس ينظر في هذا عاقل إلا كان نظره كأنه حكم محكمة على هذه الحياة كيف تنبغي وكيف تكون . .

 

ثلاثة أرواح لا تصلح روح الإنسان في الأرض إلا بها :

روح الطبيعة في جمالها ، وروح المعبد في طهارته ، وروح القبر في موعظته . ( الرافعي ) .   ص1562.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فهد الجريوي
  • مع القرآن
  • مع السنة
  • العلم والعلماء
  • انتقاءات متنوعة
  • الصفحة الرئيسية