صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ورقة بحثية: المرأة السلفية في الحالة الثورية

محمد جلال القصاص


بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

ورقة بحثية: المرأة السلفية في الحالة الثورية .
مشروع بحثي


المشكلة البحثية:

من أبرز معطيات الحالة الثورية التي تعيشها بعض الدول العربية الآن حضور النساء بكثافة في المشهد الثوري. وإن كان حضور العلمانيات مبررًا بمبدأ "المساواة" مع الرجل، وإن كان حضور نساء الإخوان مبررًا بدخول الأسرة الإخوانية (الرجل وزوجته وأولاده) في الفعل، فإن حضور سيدات السلفيين شيء جديد لم يظهر له مبررات كافية، بل يعتبر خروج عن النص السلفي الداعي لعدم الخروج إلا لحاجة!!
على المستوى الحركي (في الفعاليات) ظهرت المنقبات في شارع محمد محمود 20/11/2011، وظهرن في أحداث العباسية، التي نسبت لأنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وظهرن بوضوح شديد في أحداث رابعة العدوية والنهضة، ثم تطور الأمر، وبرزن بفعاليات خاصة بهن، ووصل الأمر ذروته باعتقالهن من قبل الشرطة، وهو مالم يحدث قبل في تاريخ الأمة.
وهذا الأمر يثير سؤالًا رئيسيًا عن سبب تغير وضع المرأة في الساحة الإسلامية عمومًا والسلفية خصوصًا، مع أن أدبيات الإسلاميين، وخاصة السلفيين، لا زالت تتحدث عن أن المرأة ليس لها إلا البيت، وأن الحجاب بالجدران (البيوت) ثم بالثياب إن اضطرت المرأة للخروج، فلا تخرج من البيت إلا مضطرة. وقد خرجت الآن وتجاوزت الخطاب السلفي المنتشر قبل الحالة الثورية، فما الذي تغير؟، أو ما حقيقة الأمر؟!

فرضيات الدراسة:


تنطلق فرضيات الدراسة من فرضٍ رئيسي مفاده: أن خروج المرأة للساحات في الحالة الثورية وما يتبع ذلك من المبيت خارج البيت ومخالطة الرجال سقوطٌ للخطاب السلفي التقليدي بفعل تراجع الثقة في رموزه والممثلين له، وبالتالي سيؤدي ذلك حتمًا إلى تغيرات في الفكر السلفي.

والفروض الفرعية تتجه إلى:

1.تراجع الثقة في ممثلي الخطاب التقليدي:

يأتي في مقدمة الفروض الفرعية أن سبب الخروج يرجع إلى تراجع الثقة في الرموز السلفية، وخاصة التي اشتهرت جماهيرًا عن طريق الفضائيات قبل "الحالة الثورية"، عن قيادة الجماهير ضد تحديات المرحلة وعلى رأسها الاستبداد؛ وما تبع ذلك من اختفائهم من المشهد الثوري حال اشتعاله في يناير 2011، وبعد الانقلاب العسكري. وبالتالي أصبح المريدون لا يثقون فيما يصدر عن هذه القيادات.

2.طبيعة التنشئة:

باعتبار أنهن جزء من المجتمع ويتعلمن في مدارسه، وبالتالي فإن الاستجابة للخطاب السلفي الذي يتعارض كلية مع السياق الذي يعيشون فيه تكون هشة تتحطم مع أول عارض، فالمفترض أن المؤثر المعارض للسلفيين والداعي لخروج المرأة ومشاركتها في الحياة العامة له أثر في نساء السلفيين أنفسهن.

3.عامل المدَنيَّة:

مع وجود المدنية يزداد الطلب على فلسفات الديمقراطية(كالحرية، والمساواة)؛ وأدواتها (كالانتخابات، والمشاركة في الحكم، وفصل السلطات)، واتخاذ ممثلين (نواب).

4.انتشار الطبقة الوسطى بين السلفيين:

ومعروف أن حجم الطبقة الوسطى يؤثر بقوة في إحداث تغيرات في المجتمع، والمقصود بالطبقة الوسطى هنا، من الناحية المادية والثقافية، فلا هم من الأغنياء المستفيدين من الفساد القائم، ولا هم من الفقراء الذين أجلسهم الفقر أو شغلهم، بل حالة من معايشة الفقر بشكلٍ ما، والطموح لمستقبل أفضل. وكذا ثمة تطور نوعي في عملية التعليم عن عامة الناس.
وهذا يعني وعي وفي ذات الوقت قدرة على البذل نسبيًا من أجل تحقيق أهدافهم.
وكان أول تجلي لهذه الطبقة في أحداث التصدي للتنصير في مطلع القرن، إذ كان يتواجد فقط من يمتلك شبكة انترنت، وكانت يومها مكلفة ماديًا ولا تتواجد إلا في المدن.

5. فقدان البديل العملي:

لا يوجد عند السلفيين بديل عملي مقبول يتم من خلاله تفعيل طاقة النساء، فمناهج السلفيين لا تميز بين ذكر وأنثى إلا بالثياب والمكان، وتتجه إليهم فقط بخطاب نظري يصلح لقلة، وتغيب الفعاليات العملية التي تناسب مختلف تخصصات المجتمع النسوي.

6. ظهور خطاب سلفي ثوري:

نزل الميدان، مشاركًا وفاعلًا، من جيل "الشيوخ"، ومن جيل الشباب، وقد شجع هذا التيار النساء، أو لم يمانع مشاركتهن على الأقل.

وهذه الفروض تحدد فصول الدراسة. فمع كل فرض فرعي فصل، ويمكن دمج بعضها لبعض، يتم في هذا الفصل التحقق من صحة الفرض أو عدم.

خطوات البحث كما أتصورها:

أ‌) جمع المعلومات:
من الأطروحات الأدبية، المتثملة في كتابات هؤلاء وأحاديثهم في الصفحات الخاصة على موقع التواصل.
وكذلك عن طريق الملاحظة بالمشاركة من خلال الفعاليات العملية نفسها.

ب‌) تحليل المعلومات:
باستخدام أدوات التحليل المعروفة.
ويصلح هنا اقتراب الجماعة، ويفترض هذا الاقتراب أن البيئة السياسية تتكون من عددٍ من الجماعات، تتفاعل وتتضاغط فيما بينها باستمرار، ونتيجة هذا التفاعل (الضغط المتبادل أو الصراع) تحدد من تكون له الغلبة في الواقع.
ويصلح منهج المقارنة

هدف الدراسة:

للدراسة هدف رئيسي هو: تحقيق مراد الله من المرأة، وعدم ظلمها، وردها عن التعدي على شرع ربها.
وأهدافٌ أخرى فرعية تتمثل في:
1.البحث عن المتغيرات الفاعلة في الظواهر السلفية، واستخدام "ظهور النساء في الحالة الثورية" كحالة دراسة، بمعنى تدرس هي لذاتها، ثم لتكون دلالة على غيرها من المتغيرات التي ربما تؤثر في إعادة تشكيل الفكر السلفي.
2.محاولة الإفادة من النساء اللواتي في الساحة في المدى المنظور.

خطوات العملية البحثية:

الخطوة الأولى:
بعد تحديد المشكلة البحثية وتوصيفها هكذا، فإن الخطوة الأولى بعد ذلك هي استقراء الدراسات السابقة، حتى لا يقع الباحث في تكرار ما قد قيل من قبل، وتقديم نقد سريع لها، نتبين منه المنطقة التي تركتها الدراسات السابقة، أو جدت ولم يتعاطها أحد. وتفيد الدراسات السابقة في تتبع الحراك العلمي للظاهرة محل الدراسة، والوقوف على الحركة العلمية في هذا المجال، ومن ثم تقيمها.

الخطوة الثانية:

استقراء الظاهرة على محورين: محور الأدبيات، ومحور الفاعليات، وجيد أن يتبع مبدأ الملاحظة بالمشاركة.
وهذه الخطوة مهمة في العملية البحثية لا ينبغي على الباحث أن يمر عليها مرور الكرام، وجودة البحث تتحدد بشكل كبير من اتقان هذه الخطوة.
يتم الاستقراء

الخطوة الثالثة:

وتشمل تحليل المعلومات.باستخدام اقترابات التحليل السياسي، وأعتقد أن اقتراب الجماعة هو الأقرب. وباستخدام أدوات تحليل محتوى الخطاب، وهو مشروح في كتابٍ حديث للدكتورة سلوى الشرفي بعنوان "تحليل الخطاب"ط 2010 تونس.

ثمرة التحليل:

تتمثل الثمرة الحقيقة في هذه الدراسة في تحديد متغيرات الحدث، الأشياء الفاعلة في الظاهرة السلفية عامة، والنسوية السلفية خاصة، وبالتالي تجيء الخطوة التالية، وهي التعاطي مع الظاهرة.

على يقين بأن الدراسة الميدانية، (الملاحظة بالمشاركة)، وتحليل المخرجات الأدبية للمشاركات في الفعاليات سيعطينا شيئًا جديدًا، ربما يصلح أن نتكئ عليه في تصويب واقعنا ومستقبلنا. والأمر كله جهد شهور فقط. وكم من الشهور تمضي دون مثمر.

التعاطي مع الظاهرة:

بعد تحديد المتغيرات يتم التعاطي معها، رفضًا لها، أو توجيهًا، أو إفادة منها. وكل يدخل لمتغيرات الظاهرة بخلفيته الفكرية.

تحديات الدراسة:

التحدي الأول: الاستبداد السلفي.

أن يضطرك انتماؤك السلفي للبدء من نقطة النهاية، وهي فرض الرؤية السلفية التقليدية للمرأة، تلك التي ناسبت مجتمع الصحابة والتابعين. وهو أن تتستر المرأة بالجدران (البيوت) ثم بالثياب إن اضطرت للخروج، وهم لا يرون المظاهرات حاجة شرعية،وخاصة أن فيها بيات خارج البيت وتحرك بين الرجال، وهكذا.

يؤخذ على أصحاب هذا التوجه أنهم قبل لم يعترضوا على خروجها من بيتها لحضور الدروس العلمية في المساجد، أو لم يلتفوا للحضور الملفت للنساء في حلق العلم بالمساجد كلها. وأنهم لم يميزوا بين النساء والرجال في الطرح العلمي، فقط في المجلس والثياب، عزلوهن في المجلس واهتموا بثيابهن، ثم ما عدا ذلك كان مساواة بين الرجل والمرأة، فالثقافة التي أخذتها المرأة السلفية هي هي التي أخذها الرجل. وزاد على ذلك تعدي عليها بشكل ما في ادخال قضية التعدد في غير سياقها، ومحاولة شرعنة استعلاء الذكر.

وتستر المرأة وعدم خروجها إلا لضرورة حق، بل هو الحق، ولكن له سياق، ومراعاة الحال من الشرع.
ويستبطن هذا الاستبداد السلفي استبدادًا ذكوريًا لا يخفى، والأمر شرع.

التحدي الثاني: آلية البحث في الوسط السلفي.

السلفية يسود فيها البحث الوصفي التجميعي، فميدان البحث فقط الكتب، ونوعية معينة من الكتب، والتحليل لا يستعمل أدوات مما استقر عليها في العلوم الاجتماعية (سياسية وغير سياسية)، وإنما يكون بالرأي، وأقصى ما تجده متمرسًا يمارس التفكيك وإعادة الترتيب بناء على فهمه هو، وغالبًا ما تكون حالة من فرض الرؤية على الواقع، لا دراسة الواقع وتبين ما فيه.

التحدي الثالث: أن تُدرس من خارج الوسط السلفي.

غير السلفيين يجهلون الحالة السلفية، كواقع، وكثقافة، وقد تجلى هذا بوضوح بعد ثورة يناير، حتى بدا لبعضهم كأن هذه الملايين خرجت من تحت الأرض بين عشية وضحاها.
ويجهلون الثقافة السلفية، وبالتالي لن يستطيع التعاطي مع الظاهرة بشكلٍ جيد.

التحدي الرابع: المستخفون بالحدث.

وهؤلاء كثر، فالحالة السلفية تقاوم ما يفرض عليها مخالفًا لثقافتها، ولكنها لا تحاول أن تبادر بالبحث عمن حولها مما قد ينفعها أو يضرها، ربما لعدم تعلمها العلم الاجتماعي، وضعف الأدوات البحثية أو قلتها لديهم.

وكذا تعاني الحالة السلفية من الإجابة السريعة على مشكلات الواقع، أو محاولة فرض الرؤية الخاصة كحل وحيد لمشكلات الواقع. أو بالأحرى تطويع مشكلات الواقع.

التحدي الخامس: الانهزام أمام الواقع:

وهي صورة مضادة للاستبداد السلفي، وبدأت تظهر أيضًا فيهم، وإن كانت في غيرهم ممن يسمون بالدعاة الجدد أوضح، وتتمثل في أنهم كلما رأوا انتشار ظاهرة ما، هرعوا للشريعة يستدلون بها على ما يحدث... لشرعنة ما يحدث.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


محمد جلال القصاص
2/11/ 2013




-----------------------------------------
[1] الفروض في الغالب تكون بديل للأسئلة، وهي (الفروض) والأسئلة والأهداف والفصول نسق واحد، فكل سؤال موازي لفرض، موازي لهدف، موازي لفصل؛ وفي الأمر مرونة نسبية.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية