اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/alkassas/26.htm?print_it=1

( كاترينا ) يتكلم  !!

محمد جلال القصاص

 
الشريعة الإسلامية لها خصوصية في المفاهيم والتصورات [1] بل والاستعمالات اللغوية للألفاظ [2] ، ومن ضمن الأشياء التي خصصت الشريعة الإسلامية فيها المفاهيم  النصر والهزيمة  وطبيعة المعركة من حيث الأطراف المشاركة فيها ، فالنصر في الشريعة الإسلامية  لا يتوقف على العدد والعتاد فقط ، وإنما  النصر ـــ في الشريعة الإسلامية ــ من عند الله وحده لا شريك له  يعطيه لمن أخذ بأسبابه الشرعية .( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [ محمد : من الآية 7 ] ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : من الآية 40 ].
والمعركة جند الكفر أحد طرفيها ويكون جند الله من البشر وغير البشر الطرف الثاني ,
نعم من البشر وغير البشر ..
 يحضر الرعب ـ وهو من جند الله ـ ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب "  [ الأنفال : 12 ] ، وتحضر الريح ويحضر من جنود الله ما لا يعلمه إلا الله ( فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا  )[ الأحزاب :من الآية 9 ]
وجند الله تقاتل مع المؤمنين الموحدين الذين تعلقت قلوبهم بربهم وأخذوا بما استطاعوا من الأسباب ، ولم يكن لهم من جهادهم إلا رضا ربهم .
 وترحل جند الله ونوكل لأسبابنا حين تتبدل النوايا ويضعف التوكل ويكثر بيننا من يريد الدنيا " قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم "[ آل عمران : من الآية 165 ] " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " [ الشورى : 30 ] " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا " [ التوبة : من الآية 25]
إن ما نحتاجه للمواجه هو :  فئة مؤمنة . . . متبعة للنبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ، صفُّهُمْ واحد مُجْتمِعْ متماسك قوي كالبنيان خَلِيُّ من أهل الأهواء والبدع ـ الفكرية والعملية ـــ  . . . أهل سنة وجماعة ، والعدد ليس من الأهمية بمكان فـ ( كم من فئة قليلة غلبة فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) [ البقرة : من الآية 249 ] وجنود الله لا تتخلف عن جماعة كهؤلاء . وقد رأينا جند الله يوم ( بدر )  ويوم ( الأحزاب ) وفي ( اليرموك ) و ( حطين ) و ( عين جالوت ) و ( ملاذ كرد ) و ( الزَّلَّاقة )[3] ، وها هي جنود الله ترينا قوتها ،  بالأمس ( تسونامي ) واليوم ( كاترينا ) تنطق بكل قوة " وما يعلم جنود ربك إلا هو " [ المدثر من الآية 31 ].
 
إنني بخلفية المسلم الذي يعتقد أن كل شيء يسبح بحمد الله أرى الأرض تمور تريد أن تبتلع كل ظلوم وكفور  ،  وأمواجَ البحار تتعالى يريد كل منها أن يبتلع من ركبوا ظهره من المجرمين  أو يقفز لمن على بَره منهم  .
أرى إعصار ( كاترينا ) كجند في الميدان ثائرٌ . . . غاضبٌ  يضرب يمينا وشمالا ، ينتقم ـــ بإذن ربه ـــ  لكتاب الله الذي أهانه الأمريكان ، ولحرمات الله التي تنتهك في ( أبو غريب ) ولعباد الله المظلومين في كل مكان .
أراه  يخاطب فريقا من إخواننا كَبُرَ العبيد  في حِسِّهم وهالهم ما يرون من كثرة جندهم ووفرة عتادهم فراحوا يلْون أعناق النصوص ويقولون لا جهاد حتى تعد العدة  ، لا جهاد وإن صال العدو في أرضنا ، وحملت من جنوده نساءنا ، وأكل قوتنا ، لا جهاد والمشردين من النساء والولدان في العراء لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لا جهاد وقطعان التنصير كالجراد خلف الدبابات وتحت ظل الطائرات تدعو الناس للكفر بربهم ، لا جهاد وأطفالنا يتربون في المدارس على مناهج مشبوهة ...  أراه يخاطبهم  ، ووالله كأني أسمع كلامه  :
ما هكذا كان حال نبيكم ، فقد حمل السيف وركب الخيل مجاهدا في سبيل ربه وراسل الملوك وجميع طواغيت الأرض يدعوهم للدخول في دين الله ومن معه حين يصطفون للقتال شيبا وشبابا لا يزيدون على ألف ونصف [4] .  .  . فعل هذا  وحوله الألوف المؤلفة من المقاتلين التي تحيط به كالسوار بالمعصم مُزينة وبنو سليم وبنو المصطلق   وعبس وذبيان وجهينة وبنو أسد   وبنو تميم وبني تغلب وبكر بن وائل  وقبائل حمير .. ( أهل اليمن)  وأهل نجد والغساسنة والمناذرة ويهود خيبر ووادي القرى وفدك وبنو قينقاع وبني قريظة وبني النضير والممالك المنظمة في البحرين واليمن  ، وكل هذا قليل لا يُذكر بجوار الأحباش في الجنوب والفرس في الشرق والروم في الغرب .... استجاب لأمر ربه الذي عندكم في صحيح مسلم : " ..... وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا فَقُلْتُ رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً قَالَ اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ ... الحديث " [5]
فكانت معه جند الله في بدر ويوم الأحزاب ومع من سار  على دربه .
فأولى بكم أن تتفقهوا في دينكم وسيرة نبيكم ، وأن تأنسوا بجنود ربكم ، وقد رأيتم فعالنا في أمريكا اليوم وجنوب شرق أسيا ( تسونامي ) بالأمس .
فالله منتقم من الظالمين ،والله معين المؤمنين ، و ( المعونة على قدر النية والأجر على قدر الاحتساب ، فأروا الله من أنفسكم خيرا يمدكم بجنده ) [6] ، " وما يعلم جنود ربك إلا هو " .
فهل من عاقل يسمع ويجيب؟
 
محمد جلال القصاص
مساء الثلاثاء
‏09‏/08‏/1426
‏13‏/09‏/2005
 
---------------------------------
[1] قد تتقاطع مع غيرها في بعض الأمور إلا أنها تظل في الجمل لها خصوصيتها.
[2] هناك محاضرة للكاتب بهذا العنوان ( خصوصية الشريعة الإسلامية في المفاهيم والتصورات ) منشورة في مكتبة صيد الفوائد قسم المتفرقات . والمحاضرة القيت في غرفة اهل السنة والجماعة لدعوة النصارى ( الإسلام أم المسيحية ) بالقسم العربي بالبالتوك .
[3] وهي معركة المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين مع القوط ـ سكان الاندلس ـ سنة 489هـ
[4] ـ كان العدد في صلح الحديبية 1400 من الصحابة وهي الغزوة التي سبقت الرسائل إلى الملوك وهم من فتحوا خيبر  ـ
[5] [ مسلم 5109 باب كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ]
[6] هذه الفقرة من قول خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه يخاطب جنده حين أراد العبور من الأنبار لليرموك عبر المفازة .
 

محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية