بسم الله الرحمن الرحيم

التحذير من كتاب " حقيقة الإيمان " لعدنان عبد القادر


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد :
فمنذ زمن بعيد وأنا أتحاشى الكلام في مسألة " جنس العمل " لأسباب كثيرة قد يأتي بيانها ، لكن أجدني الآن مضطرا للكتابة فيها ....
وقد اطلعت على كتاب الأخ عدنان منذ ما يقرب من عام ، وقلت : هو رأي في الساحة موجود ، وإن كان خطأ ، لكن هناك ما هو أحق بالبيان والرد .
ثم بلغني انخداع بعض طلبة العلم به ، انخداعا دفعهم إلى تدريسه وتدارسه في مسجد عام !
وهنا عقدت العزم على كتابة هذا التحذير ، وسأجعله في ثلاثة محاور - إن شاء الله -
المحور الأول : في بيان وجه الشبه بين هذا الكتاب ، وبين كتاب الأخ أحمد ناصر الزهراني الذي أفتت اللجنة الدائمة بمنعه .
المحور الثاني : في ذكر ما وقفت عليه من أقوال السلف والخلف في هذه المسألة .
المحور الثالث : في بيان خطأ الأخ عدنان في فهم كثير من الكلام المنقول عن أهل العلم والاستشهاد به في غير موضعه .
وأسأل الله العون والتوفيق .
المحور الأول : مقارنة بين كتاب " حقيقة الإيمان " وكتاب : ضبط الضوابط في الإيمان ونواقضه .
أولا : فتوى اللجنة الدائمة في التحذير من كتاب الأخ الزهراني :
(
بيان وتحذير
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الكتاب الموسوم ب : ( ضبط الضوابط في الإيمان ونواقضه ) تأليف المدعو / أحمد بن صالح الزهراني
فوجدته كتابا يدعو الى مذهب الإرجاء المذموم ؛ لانه لا يعتبر الأعمال الظاهرة داخلة في حقيقة الإيمان ، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
وعليه : فإن هذا الكتاب لا يجوز نشره وترويجه ، ويجب على مؤلفه وناشره التوبة الى الله عز وجل .
ونحذر المسلمين مما احتواه هذا الكتاب من المذهب الباطل حماية لعقيدتهم واستبراء لدينهم ، كما نحذر من اتباع زلات العلماء فضلا عن غيرهم من صغار الطلبة الذين لم يأخذوا العلم من أصوله المعتمدة .
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
عبد العزيز بن باز رحمه الله
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
بكر بن عبد الله ابو زيد
صالح بن فوزان الفوزان ) انتهى .

وقد سبق أن نشرت هذا التحذير .
وكنت أتطلع إلى قراءة كتاب الاخ الزهراني ، والوقوف على رأيه المفصل في منزلة عمل الجوارح من الإيمان .
وقد سهل الله لي الوقوف على الكتاب بعد فراغي من الحج هذا العام .
وها أنا أضع بين أيديكم رأي المؤلف في عمل الجوارح ، مع اعتقادي أن ذلك قد يكون مفاجأة لكثير من القراء ، الذين ربما ظن بعضهم أن المؤلف يقول : العمل ليس من الإيمان !!!!!
الكتاب : ضبط الضوابط في الإيمان ونواقضه
المؤلف : أحمد بن صالح الزهراني
أولا : سبب التأليف
قال المؤلف ص 1-4
" وفي الحقيقة فقد حدا بي لكتابة هذه السطور ، ما رأيته في بعض تلك الكتابات ( يشير إلى أن كثيرين كتبوا عن الإيمان والإرجاء والتكفير ) من محاولات لوضع ضوابط لبعض مسائل الإيمان والتكفير خلاف الدليل .
وما رأيته كذلك من جرأة البعض على التكفير والنقض بلا دليل ، ونسبة ذلك إلى منهج أهل السنة ، ومن وراء ذلك الطعن في بعض أهل العلم واتهامهم بالإرجاء ، وعلى رأسهم محدث العصر العلامة الفقيه ناصر السنة ، قذى عيون المبتدعة الشيخ ناصر الدين الألباني
وقد حملهم على هذه التهمة أن الشيخ حفظه الله :
صرح أن منهج أهل السنة أن العمل الظاهر شرط كمال للإيمان وليس شرط صحة .
وأن تارك الصلاة لا يكفر كفرا أكبر يخرج من الملة .
وأن من حكم بغير شرع الله فهو كافر كفرا عمليا وليس بخارج من الملة .
فتلقف الحاسد والحاقد هذا الكلام فنشره على الألسن ، وملأ به المجالس ، ونفخ صدره وقال بأسلوب مبطن : غفر الله للشيخ كيف أنه تبنى منهج المرجئة !!
ولكم ترى في أعين المحبين من أسى ، فهم يرون علما يطعن في عقيدته ولا يعرفون لذلك تبريرا ، فقد اختلط الحق بالباطل ، والسنة بالبدعة ، وظن كثير منهم بسبب موروثاتهم العلمية أنه حق ، ويالها من تهمة قف لها شعر من لا شعر له !!
وبغض النظر عن صواب رأي الشيخ في مسألة تارك الصلاة وكفر الحاكم بغير ما أنزل الله ، فإن تبنيه تلك الآراء ليس صادرا عن تأثر ببدعة الإرجاء كما يظن أعشى البصر وأعمى البصيرة ، بل اعتماده على ما ثبت من النصوص الشرعية .
وأما ما ذكر من أن العمل الظاهر شرط كمال في الإيمان فهو الحق وإن أبى من أبى وهو منهج أهل السنة والجماعة ، وليس في نصوص السلف الصالح ما يخالف هذا عند التأمل ." .
ثانيا : المؤلف يؤكد أن العمل داخل في حقيقة الإيمان الشرعي :
قال ص 4
" وقبل أن نبدأ في استعراض تلك المسائل لابد من بيان عدة أمور :
أولا : تأكيدنا أن العمل مطلوب على وجه الإلزام وهو داخل في حقيقة الإيمان الشرعي ، وتاركه مستحق للذم والوعيد .
ثانيا : بناء عليه لا حجة لمن يتخذ ما سنبينه في هذه الرسالة ذريعة إلى التحلل من الأمر والنهي ."
وقال ص 55
" إن العمل الظاهر ولا شك من دين الله تعالى ، ولقد تضافرت الآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن العمل الظاهر من دين الله ، ولكن لم يرد عنهم تكفير تارك العمل هكذا مطلقا لمجرد الترك ، وما ورد عن بعضهم ففي أمور يعلم بالضرورة كفر صاحبها "
وقال ص60
" وأما أهل السنة فجميع الأقوال والأعمال التي يحبها الله ورسوله هي عندهم من جملة الإيمان " .
وقال ص 61
" وكذلك العمل منه مالا يصح الإيمان إلا به وهو عمل القلب ، وباقي الأعمال شرط كماله ولا يوجب تركها الكفر والخلود وهي أعمال البدن ، ويدل على ما قلناه أدلة من الكتاب والسنة ..."
وقال ص 72
" وهذا يشمل نوعين من الأعمال :
أحدهما عمل القلب وهو أصل الإيمان .
والآخر : عمل الجوارح وهي في الإيمان قطعا " .
وقال ص 94
" وأنت ترى فيما قررنا وإن كان الإيمان يشمل كل الأعمال الواجبة والمستحبة الظاهرة والباطنة لكنه في حق العباد متباين مختلف " .
ثالثا : المؤلف يعتقد أن الإيمان يزيد وينقص :
قال ص 41
" المتقرر عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص وهو صريح ما نطق به القرآن والسنة وعليه مذهب الصحابة الكرام ومن بعدهم من السلف الصالح " .
رابعا : المؤلف يبرأ من المرجئة ويرد عليهم :
قال ص 26-28
" المسألة الرابعة : المخالفون لأهل السنة :
... فالمخالفون لأهل السنة مذهبان :
أحدهما : مذهب المرجئة وهم على مرتبتين :
الأولى : مرجئة الفقهاء ...
الثانية مرتبة الغلاة :
وهم الذين يخرجون العمل من مسمى الإيمان المطلوب ويجعلون الأعمال غير مطلوبة من العباد على وجه الإلزام ..."
وقال ص 30-35
" شبه المخالفين والجواب عليها
... شبه المرجئة : الذين أخرجوا العمل من الإيمان "
ثم ذكر المؤلف ست شبه وأجاب عنها .
وقال ص 95
" وهكذا خالفنا المرجئة في أصول أخطائهم من حيث المبدأ .
كما خالفناهم من حيث النتيجة أيضا ، وبيانه أن المرجئة التزمت بناء على ما أصلوه : أن لا يكفروا أحدا بذنب إلا الجحد والتكذيب ، وأما سائر الذنوب والنواقض فلا يكفرون فاعلها ، ومع أن بعض المرجئة تملص من هذا الإلزام إلا أنه لازم له ولا شك " .
خامسا : رأي المؤلف في مسألة ترك عمل الجوارح :
قال ص 7
" خامسا : المحور الذي تدور حوله هذه الأسطر هو بيان أن تارك العمل الظاهر لا يكفر كفرا أكبر ما دام يتلفظ بالشهادتين ولم يتلبس بناقض " .
وقال ص 92
" وإنما كان غرضنا في هذه الرسالة رد قول من كفر تارك العمل ، من باب الدفاع عن السنة وسد الأبواب على أهل التكفير ، وبيان حقيقة مذهب الإرجاء حتى لا يتهم أهل السنة في عقائدهم ، " .
وقال ص 95
" لكن ذلك لا يعني كما أسلفنا أن اضمحلال العمل الظاهر حاشا الشهادتين دليل على الكفر الباطن أو انعدام الإيمان ، بل الشهادتين مع عدم الناقض كاف لصحة الإيمان في أدنى درجاته " .
وقال ص 105
" ومع أننا قدمنا من الأدلة ما يبين أن ترك العمل الظاهر مع الإتيان بكلمة التوحيد والعمل القلبي ليس بناقض للإيمان ، وأن ترك العمل الظاهر لا يُقطع معه بانتفاء العمل القلبي . "
وقال ص 71
" وهاهي نصوص السلف وكتبهم أين فيها الإجماع المزعوم أن من مات على شهادة أن لا إله إلا الله لم ينفعه ذلك ما لم يكن معه أعمال صالحة ، إن دون ذلك لخرط القتاد " .
وقال ص 71
" والقول بأن تارك العمل الظاهر كافر مخلد في النار هو قول الخوارج والمعتزلة ، ولا فرق عند التحصيل بين التكفير بكبيرة أو اثنتين وبين ترك سائر العمل الظاهر غير الشهادتين ، فكلاهما لا دليل عليه " . !!!!
تعليـــــــــق
ومع هذا كله أفتت اللجنة الدائمة بأنه ( كتاب يدعو إلى الإرجاء المذموم ، لأنه لا يعتبر الأعمال الظاهرة في حقيقة الإيمان ) .
فما أغنى عنه ذمه للمرجئة ، ولا اعترافه بدخول العمل في الإيمان حين حكم بنجاة تارك العمل الظاهر !!!!
فاعتبروا يا أولي الأبصار
وقبل أن أنتقل إلى كتاب الأخ عدنان
أحب أن أعرف رأيكم - الموافق أو المخالف - حول سبب تحذير اللجنة من الكتاب ، وهل هو كما فهمت : حكمه بنجاة تارك العمل الظاهر.
وهل حكم اللجنة على الكتاب بأنه لا يعتبر الأعمال الظاهرة داخلة في حقيقة الإيمان - مع تصريح المؤلف بدخولها ورده على المرجئة - هل يدل ذلك على أن من قال بنجاة تارك عمل الجوارح بالكلية داعية إلى الإرجاء ، ومخرج للعمل من الإيمان عند التحقيق ؟
وجزاكم الله خيرا
تعليق الأخ الفاضل أبو الحسن الإبراهيمي :
الحمد لله و بعد ..،
جزاك الله خيرا و بارك الله في جهودك أخي الكريم ( الموحد )، .. ذب الله عن عرضك و أسكنك في روضه الباســــــم كما ذببت عن سنة نبيه أبي القاســــم -صلى الله عليه و سلم- .
و أنا مع محبتي و تقديري و إكباري للشيخ الفاضل ( عدنان عبدالقادر )، لا أجدني إلا حاثا إياك على المضي قدما في بيان الحق كل الحق في هذه المسألة و غيرها، .. و الأشخاص نستغفر لهم الله و نسأله تعالى أن يتجاوز عنهم، و هم و إن كانوا غالين على قلوبنا إلا أن الحق أغلى علينا منهم .
أما ما يخص كتاب الزهراني، فالذي أفهمه و يتضح لي كالشمس في رابعة النهار، أن الزهراني :
1. يعتقد أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان، فعنده أن الأعمال من الإيمان و أن الإيمان يزيد و ينقص ..الخ
2. و يعتقد بأهمية العمل و أن تارك الأعمال كلها ملوم بلا ريب و إيمانه ناقص و في أدنى درجاته .
و مع هذا التصريح و مع هذا البيان من الكاتب، لم يشفع له ذلك، بل قالت اللجنة أن كتابه يدعو الى الإرجاء المذموم، و العلة واضحة بجلاء، أنه قال : ( أعمال الجوارح شرط كمال في الإيمان، و لا يكفر تاركها بالكلية )، بينما اللجنة تقول ( الأعمال الظاهرة داخلة في حقيقة الإيمان )، و مفهوم هذا أن تارك الأعمال الظاهرة كلها كافر، و الفرق واضح لمن هداه الله و فهمه، .. و أنقل عن أحد أعضاء اللجنة الموقعين مزيد بيان، و هو الشيح صالح الفوزان : " القول الأول ( أن العمل شرط في كمال الإيمان و ليس شرطا في صحة الإيمان ): هـــو قول مرجئــــة أهل السنة و هو خطأ، و الصواب أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان .." اهـ ( المنتقى من فتاوى الشيخ 2/9-10 ) .
فإذن، رمي اللجنة للكتاب بالدعوة الى الإرجاء المذموم سببه قول الكاتب ( الأعمال شرط كمال في الإيمان و لا يكفر تارك الأعمال الظاهرة بالكلية ) .
تعليق الأخ الفاضل الدوسري
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
جزاك الله خير الجزاء على هذا الإيضاح عن هذا الكتاب وهو كتاب الزهراني ونسأل الله لنا ولهم الهداية لمعتقد أهل السنة والجماعة .
أخي الكريم سبق وأرسنا مقالات عدنان عبدالقادر المذكورة قبل جمعها في كتاب واحد إلى فضيلة الشيخ عبدالله الغنيمان "حفظه الله " وعلق عليها تعليقاً مؤقتاً (( أنها مخالفة لقول أهل السنة والجماعة وأنها تدعو إلى الإرجاء ....إلخ)) ووعدنا بالرد عليها رداً مفصلاً ولكن الشيخ حفظه الله قال لنا بعد ذلك بعدة شهورأنه وجد رداً عليهم في هذه المسألة في كتاب " الرد على من جادل عن الطواغيت " لكاتبه الشيخ عبد المنعم حليمة أبو بصير وأن هذا الكتاب قد رد عليهم رداً مفصلاً وقوياً مما جعل الشيخ يكتفي به عن الرد الذي وعدنا به وقد أثنى الشيخ عليه ثناءاً طيباً من حيث الرد العلمي ، ومن باب الفائدة يا حبذا لطلبة العلم أن يرجعو لهذا الكتاب القيم " الرد على من جادل عن الطواغيت " مع التنبيه: ليس الحكم على الكتاب من حيث شدة أسلوب الكاتب على الشيخ الألباني رحمه الله ولكن من حيث المحتوى العلمي والرد التفصيلي من سرد للأدلة من الكتاب والسنة وأقال السلف الصالح وأقال الأئمة كشيخ الإسلام رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهم جميعاً وكذلك غيرهم من أهل السنة والجماعة .
وجزاكم الله خيرا
كن مع الحق ولا تخاف في الله لومة لائم
تعليق الأخ الفاضل شنخوب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
بارك الله فيك أخي الموحد وجزاك الله خيرا...
بالنسبة للمرجئة فإن بعض (المغفلين) يعتقد أنه لا إرجاء حتى يقول بجميع قول المرجئة حذو القذة بالقذة ، وهذا غلط ، فإن المرجئة أنفسهم قد اختلفوا على طوائف كثيرة-ولا تكاد تجد منهم اثنين على مذهب واحد- ولكنهم يتفقون على أن العمل شرط كمال (عدم إدخال العمل في حقيقة الإيمان) وإن اختلفوا في تفاصيل ذلك، وذلك أنهم يثبتون الوعيد لمن ترك العمل يوم القيامة، وأما القول بأنه لايضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة فلا يعرف له قائل أصلا كما ذكره شيخ الإسلام ، وكما تدل عليه كتب الفرق- وبعضهم ينسبه غلطا لمقاتل بن سليمان و لا يصح عنه-.
ومسألة الزيادة والنقصان يثبتها بعضهم كالجويني في (الإرشاد) وهو من غلاة المرجئة .
فقول هؤلاء : إن الإيمان قول وعمل ، ثم يقولون : إن العمل شرط كمال، وإدعاؤهم أنهم يخالفون المرجئة هو تماما كقول الأشاعرة : إن القرآن كلام الله غير مخلوق، ثم يقولون: إنه المعنى دون اللفظ ، ويدعون أنهم يخالفون المعتزلة، وقولهم هو هو.
فهم يوافقون السلف في (اللفظ) دون (الحقيقة) .
فالحاصل :
أنه لا يلزم ليلتحق الرجل بالمرجئة أن يقول بجميع أقوالهم ، ألا ترى أنه لو قال قائل بنفي الاستواء لصار جهميا كما قال يزيد بن هارون (الجهمي من قال إن الله ليس مستويا على العرش كما يقر ذلك في قلوب العامة) ولو كان يقول بقول أهل السنة في باقي أموره.
ولو أن رجلا كفر شارب الخمر لكان حروريا ولو كان لا يوافقهم في باقي أصولهم.
ولو أن رجلا شتم الشيخين لصار رافضيا ولو كان لا يوافقهم في باقي أصولهم.

فكلامك أخي الموحد واضح ..
وكلام اللجنة واضح ..
وكلام الزهرني واضح..
وأن المسألة هي كلها أصلا في إخراج العمل عن حقيقة الإيمان وجعله (شرط كمال ).
ثم قلت :
والآن ..... إلى كلام الأخ عدنان عبد القادر .. وفقه الله
أولا : المؤلف يرى أن عمل الجوارح من الإيمان :
قال ص 13
" واجبات الإيمان التي على الجوارح لا يسمى مؤمنا إلا بها " .
وقال ص 14
" دل الشارع على أن الإيمان يتضمن العمل " .
وقال ص 15
" لو فرضنا أن الإيمان هو التصديق لدخل العمل في التصديق " !!!!!
وقال ص 19
" العمل الواجب من الكمال الواجب للإيمان ، والعمل المستحب من الكمال المستحب للإيمان "
ثانيا : رأيه في ترك عمل الجوارح :
قال ص 17
" عمل الجوارح ركن واجب للإيمان وليس شرطا له "
ثم قال :
" فإذا ترك عمل الجوارح خرج من الإيمان ، ولكن لا يقتضي عدم انتفاعه بأصل الإيمان والشهادتين ، بل ينتفع بهما كمن أراد الحج ولم يشهد عرفة وهو ركن ، فإنه ينتفع من أركانه الأخرى من إحرام وطواف وسعي ويلزمه ذلك عند بعض العلماء ، أي أنه يثاب عليه للزومه " .
وقال ص 61
" الفصل الخامس : نجاة من لم يعمل خيرا قط من المسلمين هو قول جمهور أهل السنة " .
وقال ص 62
" الشيخ الألباني : عمل الجوارح ليس شرطا في صحة الإيمان ، لو كان في قلبه مثقال ذرة فإنه ينجو من الخلود في النار " .
وقال ص 75
" من كلام الإمام الشاطبي يتبين أن الحديث قطعي الدلالة على نجاة من لم يعمل بجوارحه خيرا قط لتصريح النبي صلى الله عليه وسلم وللأحاديث الصحيحة المتضافرة التالية ..."
وقال ص 79
" ترك عمل الجوارح بالكلية لا يقتضي تكفيره " .
وقال ص 80
" جمهور العلماء – وليس المرجئة – يقولون : بنجاة تارك جنس عمل الجوارح من أهل التوحيد ، مع كونه جزءا من الإيمان " .
ثالثا : الخلاف بينه وبين كتاب الزهراني :
اتفق المؤلفان فيما يلي :
1- أن عمل الجوارح من الإيمان .
2- أنه مطلوب على وجه الإلزام .
3- التشنيع على المرجئة والرد عليهم ، وهو في كتاب الزهراني أظهر وأكثر .
4- أن تارك جنس عمل الجوارح مسلم ناج . ( تحت المشيئة ) .
5- أن انتفاء العمل الظاهر لايلزم منه زوال عمل القلب بالكلية .
6- زعمهما أن هذا هو مذهب أهل السنة .

واختلفا في توصيف عمل الجوارح :
فقال الزهراني : إنه شرط كمال .... ص 4 ، 61
وقال عدنان عبد القادر : إنه ركن واجب .... ص 17 ، 92
وقال أيضا : إنه جزء من الإيمان .... ص 18 ، 80
والسؤال : هل يعد تحذير اللجنة من كتاب الزهراني ، تحذيرا من كتاب الاخ عدنان ؟
هل الخلاف بين الكتابين لفظي ؟
مع اتفاقهما على نجاة تارك العمل .
هل هناك نقاط اختلاف أخرى بين الكتابين ؟
تعليق الأخ الفاضل برهوم
( ... أما بالنسبة للبحث السابق فأحب أن أشكر الأخ الموحد سلمه الله على جهوده التي أسأل الله عزوجل أن يبارك فيها
وتتمة للبحث السابق فقد وقفت على كلام للأستاذ : أحمد الزهراني نشره في مجلة الفرقان عدد 108 رد به على بيان اللجنة (وللعلم : فقد منع رده من دخول السعودية )
أنشره بأكمله قبل الدخول في الموضوع . يقول ...
الخامس : أن مسألة الخلاف التي ربما أثارت حفيظة اللجنة هي أني قررت أن الشهادتين وحدها إذا تلفظ بها العبد ولم يأت بناقض فهو إلى الجنة مآلا وإن عذب قبل ذلك في النار ، وهو مذهب معروف وله من يقول به من السلف والخلف ، ومن أشهر القائلين به في عصرنا الحاضر علامة الدنيا الشيخ ناصر الدين الألباني ، وقد قرأه أفاضل من علماء المملكة وأيدوا ما فيه والناس هنا تعرفهم ...)
وقد علق على هذا المقال في نفس الصفحة الشيخ محمد الحمود النجدي فليرجع إلى المجلة من أراد ...) .

[كتبت هذا المقال بتاريخ 1/5/2000 ، بشبكة سحاب ، وذلك قبل صدور فتوى اللجنة الدائمة في الكتاب ].

كتبه ... الموحد