اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/alnaggar/355.htm?print_it=1

ومضات تربوية وسلوكية (15)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم 

تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.   

 

(كن ولا تكن)

كن قويا لا تكن ضعيف، وكن معطيا لا تكن آخذا، وكن غالبا أو عافيا لا تكن مغلوبا أو معفوا عنه، فإن القوة هي جمال الرجل، لا جمال في الرجل إلا بالقوة: قوة الجسد، وقوة الفكر، وقوة المال، وقوة اللسان. [كتاب (نور وهداية)، على الطنطاوي، دار المنارة، ص 47]

(النفس والشيطان والهوى)

النفس والشيطان والهوى أعداؤكم فأعلنوا الحرب عليهم {وليجدوا فيكم غلظة} [التوبة: 123]، ولا تلقوا سلاحكم {حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4], ود أعداؤكم {لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة} [النساء: 102]، ولا تقعد بكم الجراح عن المواصلة فإنها علامة المجاهدة، وحذار من المهادنة فإنها دليل الذل {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون}[محمد 35] [صفقات رابحة … كيف تحجز مقعدا في الجنة ، د. خالد أبو شادي ، دار البشير للثقافة والعلوم، ص 85]

(تجربة تربوية)

في تجربة تربوية أجريت على مجموعة مصطفاة من أفضل الطلبة كانوا يدرسون في معهد أمريكي لتخريج القضاة:

طلبوا من مجموعة الطلبة إجراء بحث، وتعمدوا أن يكون إجراء هذا البحث محتاجا إلى عشرة أيام لإنجازه، لكنهم سمحوا لهم بيومين فقط، وسمحوا لهم بالاطلاع على ما يشاءون من مراجع في المكتبة، وأخفوا عنهم أمر كاميرات التصوير التي تراقبهم، وانطلق الطلبة في المكتبة يحاولون إنجاز المستحيل، لكنهم سرعان ما أدركوا استحالة المحاولة، ونسى الطلبة ما تعلموه، وإزاء ظرف غير طبيعي تراجعت قيمهم وإحساس كل منهم بالآخر، فراح كل واحد منهم يسارع بالكشف في المراجع، ليس لإكمال بحثه، بل لتمزيق الصفحات المطلوبة في البحث وإخفائها حتى لا يستطيع زملاؤه الوصول إليها … لقد أدرك كل واحد منهم استحالة النجاح، فتحولت مهمته إلى منع الآخر من النجاح

وخلصت التجربة إلى أنه إذا وضعت إنسانا طبيعيا بل متفوقا في ظروف غير طبيعية فمن المحتم أن تكون تصرفاته غير طبيعية !! [كتاب ( بل هي حرب على الإسلام ) د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة  ص 96-97]

 (ليس مقبولا)

إن المسلم الذي أصيب بانفصام في شخصيته، وتشعبت نفسه بالأثرة، وتجده ذكيا في التخطيط لمصالحه الشخصية، وكيف يصل إليها بأقرب الطرق، ولا يساعد إخوانه بالذكاء نفسه، والمسلم الذي يكذب ويغش ولا يفي بالوعد، والذي يقبل بالدونية والضعة … هذه الصورة غير مقبولة أبدا، وهي صورة مزرية قبيحة، وهل نتوقع لأمة أن تنهض، والكذب فاش فيها، ويتعامل أهلها بالمكر والخداع، ثم هي لا تتقن عملها ولا تستفيد من وقتها … إن هذه الرذائل إذا تفشت في أمة صار بأسهم بينهم شديدا، أعزة على بعضهم، أذلة للأجنبي، يغلب عليهم الفخر الكاذب، ويتنافسون في سفاسف الأمور، ومع شديد الأسف فإن كثيرا من الشعوب الإسلامية استمرت في مرحلة الانحطاط الأخلاقي، وهي غارقة في ديونها، ذليلة أمام أعدائها، تحب النجاح قصير الأمد ولا فائدة فيه عندما تنهار الأخلاق والعلاقات الاجتماعية

إن الأخلاق الفاسدة لا تؤثر على الفرد وعلاقاته الاجتماعية فقط، بل إن الشر يفسد النفس ويدنسها، ويشوه إدراك الحقائق، فتصدأ مرآة الفكر، وتتراكم الأهواء حتى تصل إلى ما وصفه الله سبحانه وتعالى ( بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )

بل إن أثر ذلك يمتد إلى الجسم، فالكبر والغضب يزعزعان توازننا العقلي والعصبي، ومن شأن الأثرة والبخل والحسد أن تضيق نطاق الشخصية، وتؤدي إلى محو الذكاء والتشاؤم العقيم، وعادة انتقاد كل شيء تؤثر في المجموع السمبساوي الكبير وفي الغدد الصماء. [كتاب (تأملات في الفكر والدعوة) محمد العبدة، دار الجوهري للنشر والتوزيع عمان – الأردن ص 87 ]

(القمم السامقة)

جاء في صحيح مسلم: قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي، فأخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا العهد علينا لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «نفي بعهدهم ونستعين الله عليهم» … إنها قمة سامقة في الأخلاق الإسلامية، صحابي يشهد بدرا ولا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاء للعهد مع الكفار.

رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاتل أخيه «زيد بن الخطاب» الذي استشهد في معركة اليمامة، فقال له عمر: إني أكرهك، قال له الرجل: يا أمير المؤمنين، وهل كرهك لي يمنع عدلك عني ؟ قال عمر: لا، قال: فإن الحب للنساء.

وقد بلغ الحس المرهف عند المسلمين الأوائل أن علماء الحديث لم يقبلوا رواية من كذب على دابته مخافة أن يكذب على الناس، وقد سئل الإمام الزهري عن مسألة في مجلس الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك فأجاب بوضوح وصراحة، ولم يعجب ذلك هشام، فقال له كذبت، فغضب الزهري وقال له: أنا أكذب، والله لو نزل حل الكذب من السماء ما كذبت.

وكان ربعي بن حراش ممن اشتهر بأنه لا يكذب أبدا، وكان ولداه مطلوبين للحجاج بن يوسف – وهذا يعني القتل غالبا – وأخبر الحجاج أن ابني ربعي قد وصلا الكوفة من خراسان، فأحضر الشيخ وسأله الحجاج: ما فعل ابناك ؟ قال: "المستعان الله، خلفتهما في البيت" فقال الحجاج لا جرم، والله لا أسؤوك فيهما، وهما لك.

هذه العناية من الأمة الإسلامية بالأصل الأخلاقي هي التي حفظت على الثقافة الإسلامية تماسكها وترابطها مدة أربعة عشر قرنا مع ما انتابها من الضعف. [كتاب ( تأملات في الفكر والدعوة ) محمد العبدة، دار الجوهري للنشر والتوزيع عمان – الأردن  ص 81-82]



جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية