اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/alrajhi/25.htm?print_it=1

من أحكام الوليمة وآدابها

علي بن عبدالعزيز الراجحي

 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

الوليمة في اللغة ، مأخوذة من الولم ، وهو تمام الشيء واجتماعه ، ثم أصبحت تطلق على العرف على كل طعام لسرور حادث .
وغلب إطلاقها في النصوص الشرعية وكلام العلماء على: طعام العرس خاصة ، فإذا أطلقت الوليمة فالغالب أن المراد بها ذلك ، سميت بذلك تفاؤلاً باجتماع الزوجين وتمام أمرهم ، ولأجل اجتماع الناس من الأقارب والجيران ونحوهم .
والوليمة سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ، ودليل مشروعيتها حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال ( ما هذا ؟) قال يا رسول الله إن تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب قال ( بارك الله لك أولم ولو بشاه ) .( أخرجه البخاري باب كيف يدعى للمتزوج 5/1979 حديث 4860 ومسلم باب الصداق 2/1042 حديث 1426) وأكثر العلماء على وجوب دعوة الوليمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعى أحدكم الوليمة فليأتها ولوجوب الإجابة شروط :
1- أن تكون الدعوة للشخص بعينه بأن يدعوك صاحب الوليمة بنفسه أو يرسل شخصا يدعوك أو من خلال المهاتفة أو إرسال بطاقة دعوة ومثال ذلك الدعوة الدعوة لجماعة معينين فيلزم الإجابة في كل ذلك .
2- أن يكون الداعي مسلماً عاقلاًُ بالغاً فلا تلزم إجابة دعوة الكافر ولا المعتوه ولا الصبي .
3- أن لا تشتمل الوليمة على منكر ولا يستطيع تغييره فإن كان يستطيع تغييره لزمته الإجابة والتغيير . أما إن كانت الدعوة لغير عرس فلا تلزم إجابتها ولك تسحتب لما في ذلك من جبر لخاطر الداعي وإدخال السرور عليه ولأنه من الحقوق العامة بين المسلمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ... وإذا دعاك فأجبه)

الأسباب المبيحة للتخلف عن الوليمة :
1- أن تشتمل الوليمة على منكر لا يستطيع تغييره .
2- أن يوجد عذر شرعي لدى المدعو يمنعه من الاستجابة كمرض أوخوف
3- أن يحصل له بحضوره ضرر شرعي كأيذاء من شخص يعلم حضوره للوليمة أو صحبة سيئة قد قطعهما ويخشى بحضوره معاودتهم له ونحو ذلك .
4- أن يكون الداعي ممن يخص بدعوته الأغنياء دون الفقراء .
5- أن يكون الداعي ممن يجب هجرته شرعاً ولا مصلحة ترجى من إجابته .
6- إذا اعتذر من الداعي فقبل عذره لأن حق ذلك حق له قد اسقطه .

من أحكام الوليمة وآدابها :
1- ينبغي الحذر من الإسراف في الوليمة فالإسلام دين العدل والتوسط .
وقد نهى الله تعالى عن الإسراف فقال { وكلوا واشربو ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين } وما نراه اليوم من ظاهرة الإسراف في الولائم أمر غير محمود وتكلف لا تقتضيه الشريعة وحري بالمسلمين أن يتدبروا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويلتزموا به عن أنس رضي الله عنه قال : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب فإنه ذبح شاه .
2- يشرع لصاحب الوليمة أن يدعو أهله وأقاربه وجيرانه وأصحابه كما ينبغي أن يدعو لها أهل الخير والصلاح .
3- لا يجوز في وليمة العرس أن يخص الداعي الأغنياء دون الفقراء فالمؤمنون أخوة متحابون وليس في الإسلام طبقية والفقراء أحوج بالدعوة من الإغنياء لحاجتهم وإظهار الشفقة عليهم وإشعارهم بروح الأخوة والمودة قال أبو هريرة رضي الله عنه (شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء ... ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله )
4- استحضار نية تطبيق السنة الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أولم ولو بشاه) عند إرادة إقامة الوليمة ليحصل لصاحب الوليمة الأجر والمثوبة في كل ما يقوم به مما هو مشروع .
5- أن لا يكون من مقاصد إقامة الوليمة الرياء والسمعة والمفاخرة بها ويظهر ذلك بالتكلف المبالغ فيه لكي يتكلم الناس ويتحدثوا بوليمة فلان وبعض الناس قد يصرح بذلك فيقول سأعمل وليمة لم ير الناس مثلها أو أكبر من وليمة فلان ونحو ذلك ولا يخفى فيما قصد من المراءاة للناس من الإثم وضياع الثواب على العمل وفي الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الوليمة أول يوم حق والثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياء)
6- الحذر من التشبه بغير المسلمين من إقامة ولائمه لما في ذلك من ذوبان الشخصية الإسلامية والوقوع في التشبه المنهي عنه ومن ذلك اختلاط الجنسين في الولائم وأقامة ألحان الموسيقى والغناء والتصوير ويشبه ذلك ما يفعله بعض الناس من إدخال الزوج وذويه على النساء وهن في كامل زينتهن وقد يحصل ما هو أكبر من ذلك مما لا ترتضيه الشريعة ولا تقر عليه .
7- إذا دعاه إثنان فأكثر فإن أمكن الجمع بينهما فحسن ، فيحضر لهذا وهذا ، وإن لم يمكنه إجابتهما قدم أسبقهما واعتذر عن الآخر وإن كانت الدعوتان في وقت واحد قدم أقربهما رحماً ثم الأقرب جواراً وعند الاستواء فإنه يستعمل القرعة في ذلك .
8- إذا كانت الدعوة نهاراً وكان المدعو صائماً فله حالتان .
أ‌- أن يكون الصوم واجباً ، كقضاء رمضان أوصيام نذر فلا يجوز له أن يفطر وعليه الحضور والدعاء لهم وأن اعتذر فقبل عذره فلا بأس بذلك .
ب‌- أن يكون الصوم نافلة فعليه الإجابة وإن رأى أن يشق على صاحب الدعوة صومه وينكسر قلبه لذلك فالأفضل له الفطر وإلا تم صومه ودعى لهما ومع ذلك فهو إن اعتذر عن الحضور فقبل عذره فلا بأس بذلك قال صلى الله عليه وسلم ( إذا دعي أحدكم فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليصل ) والمراد بالصلاة هنا : المعنى اللغوي وهو الدعاء بدليل رواية أبي داوود لنفس الحديث ، وفيه : (فليدع) .
ومسك الختام الله أسال للجميع العلم النافع والعمل الصالح


نقل بتصرف وتعديل
 

علي الراجحي
  • مقالات دعوية
  • رسائل وبحوث
  • علم الفرائض
  • علم أصول الفقه
  • سلسلة الفوائد
  • الاستشارات التربوية
  • مختارات متنوعة
  • الصفحة الرئيسية