صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لا تظلموا الشباب

 محمد بن عبدالله الشمراني

 
إن واقع كثير من شباب الإسلام في هذا الزمان يدعو إلى الأسى والأسف فمنهم من لا هم له إلا المتعة الرخيصة ومنهم من لا هم له إلا اللهو واللعب بل إن البعض منهم هدانا الله وإياهم تجاوزوا هذا الحد فأصبح لا هم لهم إلا أذية الناس بأنواع من الأذى مع الأسف الشديد ... فمنهم من يقوم بالتفحيط في الشوارع العامة .. ومنهم من يتجمعون على الدراجات النارية بأعداد كبيرة جداً فسببوا أصوانا مزعجة بل يحصل من وراء ذلك أخطار أمنية وأخلاقية لا تخفى على كل ذي عقل .. ومنهم من يقوم بأذية ومعاكسة النساء في الأسواق وعند الكليات والمدارس .. وكذلك لعب الكرة داخل الأحياء .. ووصل الحال إلى الاعتداء على بعض الوافدين إما بالسب والسخرية وإما بالضرب والنهب والسلب .. وينتج عن ذلك وجود عصابات للسطو وسرقة المنازل وغيرها من المظاهر التي أقلقت حتى السلطات فضلاً عن غيرهم .....

فهل الذنب ذنب الشباب في كل هذا ؟ أم ذنب من ؟!
لا شك أن للشباب نصيب وافر من هذه المسؤولية ..خصوصا إذا عرفنا أن الشباب يمتلكون قدرات عظيمة يمكن أن توظف التوظيف الصحيح وسيأتي ما يدل على ذلك عند عرض بعض الصور المشرقة في حياة شباب الصحابة رضي الله عنهم
ولكن قبل ذلك لا بد أن نعلم أن للآباء والأمهات الدور الأكبر في هذا الواقع المؤلم بل للمدرسة والمسجد ودور التربية نصيب من هذا المسؤولية.. فالنضرة السائدة التي نراها في المجتمع اليوم "مع الأسف الشديد"أن الشاب الذي في سن العاشرة لا يزال طفلا لا يستحق أن يدخل المسجد!! فظلاً عن أن يكون في الصف الأول !! ولا دور له في الحياة إلا اللعب والسخرية والعبث .. فهو لا يزال صغير جداً !! ويوم أن رأى هذا الغلام أن الناس ينظرون إليه بهذه النظرة ضن انه فعلاً كذلك..
وأما الشاب الذي في سن الخامسة عشرة إلى العشرين سنة فأنة مراهق ولابد في هذه السن أن يطيش وان يتمرد على المجتمع والعادات والأعراف !! وهذا واقع لابد أن نسلّم به لأنه مراهق !! وبسب هذه القناعات المزعومة خرج في المجتمع مظاهر غريبة عجيبة ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وهذه النظرة نظرة خاطئة وسيأتي ما يدل عليها من واقع شباب الصحابة في مثل هذه السن وكيف أنهم فعلوا العجائب ولكن في العلم والجهاد والعبادة !! .......
وأما شباب اليوم ممن هم في سن الخامسة والعشرين إلى الثلاثين فانه لا يزال في ريعان الشباب ولابد أن يستمتع بهذا الشباب !! فجرى وراء الشهوات والمغريات من سفر إلى بلاد الفسق والفجور ومشاهدة للأفلام الهابطة والقنوات الساقطة وأشغل وقته بمتابعة المباريات الرياضية وبناء العلاقات من خلال المنتديات على الشبكة ألعنكبوتيه "الإنترنت" والبعض أفنى شبابه في أنواع من اللعب كالورق والبلوت والكيرم والضومنه وكذلك العاب الحاسب " البلايستيشن" وغيرها فلم يجني من وراء ذلك إلا الحسرة والضياع ، فترك الزواج لأنه يقيده ويحول بينه وبين هذه الشهوات التي تحتاج إلى أن يسافر متى ما شاء ويسهر كيفما يشاء!! والزوجة لن ترضى بهذا فتخلى عن الزواج وأخذ يسافر هنا وهناك ليطارد العاهرات والمومسات "ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"......
وحتى نعرف الخطأ الفادح الذي ارتكبناه بسبب هذه الأفكار والقناعات الخاطئة والتي كانت السبب الرئيس في هذه المأساة التي تجرعنا بأسبابها كؤوس الألم والحسرة على شابنا في هذا الزمان .....
فتعالوا نعرض لبعض الصور المشرقة لشباب الصحابة وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم ينظرون إلى الشباب وكيف كانوا يتعاملون معهم ؟!! مما اخرج للأمة في ذلك الزمان شباب ضربوا أروع الصور المشرقة التي تأخذ بالعقول وتبهر الألباب..فلعلة يكون في عرض هذه النماذج الرائعة سبيلاً إلى الخروج من الواقع المؤلم الذي نعيشه اليوم.

:: الصورة الأولى ::

هذا غلام من شباب الصحابة"رضي الله عنهم وأرضاهم" لا يتجاوز عمره عشر سنين عندما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم  وجاءه الوحي بادر فكان أول من اسلم ودخل في الإسلام إنه علي ابن أبي طالب y كما قال كثير من العلماء وفي هذا دليل واضح على رجحان عقله وعلو همته وسمو نفسه وهو في هذه السن !! فلم يستصغر نفسه ويقول من أنا حتى أتقدم على كبار قومي في هذا الأمر الجلل !! فبمجرد أنه عرف الحق وتبين له الباطل الذي يعيش عليه مجتمعه شهد شهادة الحق ولم يقل كيف أخالف أهلي وقومي وعشيرتي !! وتأمل كيف أنه في هذا السن لم يكن يشغله اللعب واللهو والضياع بل رأى في نفسه أنه جدير كل الجدارة أن يكون فخراً لكل شباب الإسلام في كل زمان ومكان أن يكون أول من دخل في دين الإسلام هو غلام لا يتجاوز عمره العشر سنين . فلله دره ما أعلا همته وما اسما هدفه ..

:::الصورة الثانية:::

وهذا حبّ النبي  صلى الله عليه وسلم  ((أسامة بن زيد)) y فقد ولاّه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش وعمرة 18 سنة وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم  فجعله أبو بكر الصديق y قائداً للجيش كذلك فاستمر وغزى الروم وانتصر فلله العجب شاب في هذه السن يقود جيش ويقاتل الروم وينتصر إن العجب لا ينتهي وكيف لا ؟! فقد تعجب بعض الصحابة"رضي الله عنهم" حتى طلبوا من الرسول  صلى الله عليه وسلم أن يولي من هو اكبر منة سناً فغضب النبي  صلى الله عليه وسلم  وخطب الناس وقال: " ما بال أقوام يقدحون في أن وليت أسامة على الجيش وأيم الله أن كان للإمرة لخليق وانه لمن أحب الناس إليّ فاستوصوا به خيراً فانه من خياركم" .. ولذلك سمي بعد ذلك حب النبي  صلى الله عليه وسلم  وفي هذه الصورة المشرقة إشارة واضحة تدل على كيف كان النبي  صلى الله عليه وسلم  ينظر للشباب ويبني فيهم الثقة في أنفسهم..فترفعوا عن سفاسف الأمور وتطلعوا إلى معاليها !!

:::الصورة الثالثة:::

وهذا ابن عباس yحبر الأمة كما في صحيح الترمذي بسند صحيح يسمع من النبي  صلى الله عليه وسلم  وصيته المشهورة وهو غلام صغير وكان رديف النبي  صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له "عفير" فقال له النبي  صلى الله عليه وسلم  :((يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله...)) فأخذت هذه الكلمات من ابن عباسy كل مأخذ .. لماذا؟ لسببين
السبب الأول:
أنه شعر أن له قيمة في هذا الوجود وأنه ليس على هامش الحياة ولذلك خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب الرفيع الذي يبني في نفس كل من سمعه ووعاه عقيدة راسخة لا تزحزحها الجبال ومحبة عظيمة لله الواحد الأحد تملأ القلوب هيبة وإجلالاً ،فأثمر ذلك أن كان ابن عباس حبر الأمة وعالمها y.
السبب الثاني:
أنهy صاحب عقل راجح فحينما سمع هذا الكلام العجيب أخذه بمأخذ الجد ووقر في قلبه ولم يأخذه مأخذ الغبي الذي لا يفهم ما يُقال كما هو حال كثير من أطفالنا في هذا الزمان الذين يقابلون الناصح لهم بأنواع من السخرية والضحك والاستهتار .

:::الصورة الرابعة:::

وهذا عمرو أبن سلمةy كما في صحيح البخاري كان عمره ست سنين أو سبع سنين وكان إماماً لقومه يؤمهم في الصلاة لأنه كان أحفظهم للقرآن فلما بلغهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ]إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً [، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا من عمرو بن سلمه الطفل الذي عمره لا يتجاوز السبع سنين فقدموه ليكون إماماً لهم !!
فلا أدري هل العجب من أولئك القوم الذين قدّموا هذا الطفل رغم ما كان عندهم من الأنفة والكبر والغطرسة التي عُرف بها العرب قبل الإسلام ولكنهم فعلوا ذلك إذعاناً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم  ونظرة إكبار لهذا الطفل الذي كان أحفظ للقرآن من غيره وفي ذلك إعطاء نموذج رائع في مجال التربية فكم سيكون لهذا الفعل من الأثر العظيم في نفوس الشباب والأطفال الآخرين الذين يرون عمر بن سلمه وهو إماماً لقومه .
أم العجب من هذا الطفل الذي لم يحتقر نفسه ويقل من أنا حتى أكون إماماً لمن هم أكبر مني من الصحابة ، ولم يشتغل بالعبّ المعهود عند الأطفال عادة بل كانت همته بهذه المكانة التي تعجز عن وصفها الكلمات ، فلله درهم من جيل لن يتكرر . ونسأل الله أن يرزقنا محبتهم والتشبه بهم .
تشبهوا بالقوم إن لم تكونوا مثلهم إن التشـــــــبه بالكــرام كـــــــــــرام

:::الصورة الخامسة:::

هي لغلامين صغيرين كان لهما في معركة بدر موقف لا ينتهي منه العجب وهما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء رضي الله عنهما ونترك الحديث عن هذا الموقف العجيب للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوفy كما في صحيح البخاري قال : بينما أنا في الصف يوم بدر إذ نضرت عن يميني وعن شمالي فإذا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما فتمنيت لو أن غيرهما كان بجواري ليحميني فغمزني احدهما فقال يا عم أتعرف أبا جهل قلت نعم وما حاجتك إليه قال سمعت انه يسب رسول الله والذي نفسي بيده لأن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ثم غمزني الأخر فقال لي مثل مقالة صاحبه ثم لم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت هذا صاحبكما فانقضا عليه كالصقرين فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فاخبراه فقال أيكما قتله قال كل منهما أنا قتلته قال هل مسحتم سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله .
سبحان الله فرعون هذه الأمة وطاغية زمانه يكون مصرعه على يدي غلامين شابين من شباب الصحابة الكرام !! لماذا
حتى تكون الصورة واضحة جلية يتبين من خلالها إلى أي حد وصل مستوى أولئك الشباب الأفذاذ.وكيف أثمرت تلك التربية الرائعة على أيدي الصحابة الكرام مثل أولئك الأبطال فأخرجت هذه النماذج الرائعة بكل ما تعنيه الكلمة ..
فيا أيها الآباء والأمهات ويا أيها المدرسين والمدرسات ويا أيها المربين والمربيات ويا أيها الشباب والشابات هل وصلت الرسالة التي نرمي ونهدف إليها ؟ أرجو ذلك .
،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد الشمراني
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية