صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عملية الرضوان..انتصار لبناني ام نجاح في طريق تصدير الثورة؟!

حامد خلف العُمري

 
من أبرز ما يميزنا نحن العرب (و للأسف) السذاجة و الميل إلى السطحية و الانجراف وراء العاطفة, و لعل هذا الداء و الذي يحمله الكثيرون منا يزداد ضراوة في أزمنة الانهزام و التقهقر, فكم من مرةٍ صفقنا بحرارةٍ لمن ظننا أنهم أبطال التحرير و بقية المغاوير قبل أن نكتشف أنهم متاجرون بقضايانا و راقصون على جراحنا! و كم من مرةٍ رفعنا عقيرتنا بالهتاف لمن كان في نصرهم عطبنا و هلاكنا!
نحن أمة عواطف و شعارات! إنها الحقيقة المرة ..ألم ينساق شاعرنا يوماً وراء عاطفته و يقول مادحاً أحد القادة و مشبهاً إياه بخالد بن الوليد:

الله اكبر كم في الفتح من عجبٍ ** يا خالد الترك جدد خالد العرب (1)

فما هو إلا قليل حتى عرف أن من كان يظنه خالد العصر لم يكن سوى ما عبر عنه لاحقاً بقوله:

بكت الصلاة وتلك فتنة عابثٍ **بالشرع  عربيد القضاء وقّاح
أفـتى  خزعبلة وقال  ضلالةً** وأتـى  بكفر في البلاد بواح
أأقول  من أحيا الجماعة ملحد ** وأقول من رد الحقوق إباحي؟

ألم ننخدع يوما ما بجاسوس الصهيونية البريطاني (توماس إدوارد لورنس) لدرجة أن نصفه و نلقبه بـ(منقذ العرب) و (ملك العرب غير المتوج)؟ أليس هو من كان يقول بعدها: "إني أكثر ما أكون فخراً أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك التيخضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزيواحد، لقد جازفت بخديعة العرب لأنني كنت أرى أن كسبنا للحرب مع الحنثبوعودنا أفضل من عدم الانتصار" (2)
 
و قريباً, ألم يبشر كثيرٌ منا و يراهن على الثورة الخمينية؟ بل ألم تسافر و فودٌ إلى طهران لمقابلة الخميني و تأكيد تضامن الحركات الإسلاميةالممثلة معه؟! و من ثم إصدار بيان جاء فيه: "وقد كان اللقاء مشهداً من مشاهد عظمة الإسلام وقدرته في الوقتاللازم على إذابة الفوارق العنصرية و القومية و المذهبية ... وان الله الذي أكرم الخميني بالنصر علىالشاه سوف ينصر كل خميني على شاهه، وقد أكد الوفد من جانبه للإمام الخمينيإن الحركات الإسلامية ستظل على عهدها في خدمة الثورة الإسلامية في إيران،وفي كل مكان بكل طاقاتها البشرية و العلمية و المادية ... ثم أعلن الوفد في مقابلة تلفزيونية مؤثرة الدعوة إلى يوم تضامن معالثورة الإيرانية في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه حيثما توجدالجاليات و التجمعات الإسلامية وتقام صلاة الغائب على شهداء الثورةالإيرانية بعد صلاة الجمعة يوم 16/3/1979 وإنا لندعو جميع العاملين فيالحقل الإسلامي في كل مكان أن يذكروا هذا اليوم، ويُذكروا به ويجعلوا منصلاة الغائب فيه رمزاً لوحدة الأمة الإسلامية ومصداقاً لقول الإمامالخميني: إن رصيد الثورة الإسلامية في إيران هو كل مسلم موحد يقول: لاإله إلا الله... الله أكبر لله الحمد" (3)
فهل كانت ثمرة هذه الحركة الشعوبية إلا ما حدث في مواسم الحج و بالتحديد في عامي 1406 و 1407هـ, من ضبط عصابات تحمل المتفجرات, و كذلك أحداث الشغب ومحاولة مضايقة الحجاج ,وجلب كميات من السكاكين والفؤوس الحادة إلى بيت الله, و محاولة نبش قبور الصحابة في المدينة المنورة ؟![4] و حينها فقط اكتشفنا أن السبب في ذلك هو أننا لم نصدق و نستمع جيدا لمن حذروا من هذه الحركة ووضحوا بجلاء حقيقة معتقداتها مستشهدين على ذلك بمقولات مؤسسها ومنها قوله: "والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحةما اغتنم منهم، وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كانووجوب إخراج خمسه"[5] و كذلك قوله: "وأما النواصب والخوارج لعنهما الله تعالى فهما نجسان من غير توقف" [6].
 
و يتكرر المشهد, وتمر بنا الدروس تلو الدروس, فكان ماذا؟
 

هل تعلمنا من أخطائنا؟

الواقع أن من يقول بذلك يخالف الحقيقة ! و الدليل على ذلك ما نراه اليوم من تصفيق لما يسمى ب (حزب الله) على اثر عملية تبادل الأسرى مع الصهاينة , أو ما أسموه ب ( عملية الرضوان ) , فبالرغم من انكشاف حقيقة هذا الحزب , و هي أنه ليس إلا أداة إيرانية توسعية لتصدير الثورة , و بالرغم من اعتراف الإيرانيين بذلك (7), و بالرغم من ما فعله مؤخراً في بيروت من تنكيل بالمواطنين العزل و حرق منازلهم ومحلاتهم , و بالرغم من انكشاف الكثير من الأوراق المدينة لهذا الحزب , إلا أنه ما زال هناك فريقٌ منا (ليس من العوام فحسب و إنما أيضاً من الإعلاميين والمثقفين الذين بهروا بأدبيات ما يسمى بفريق الممانعة و المقاومة) يسمون ما حدث ب(انتصار أو إنجاز حزب الله) !!!
أيسمى إطلاق سراح أربعة أشخاص إنجازاً او انتصاراً في مقابل التسبب (و بحسب تقرير مفوضية شؤون اللاجئين 9 أيلول 2006) في استشهاد ما يزيد على 1283, و إصابة أكثر من 4400 مواطن, و تدمير نحو 45000 منزلاً؟!
إن وصف هذا العمل بالإنجاز و النجاح لا يمكن حمله إلا على كونه نجاحا للحزب أو للطائفة أو لإيران فقط , و ذلك في مواصلة الدعاية و التبشير بالمشروع الصفوي أو ما يسمى بتصدير الثورة! أما أن يكون ذلك انتصاراً للبنان أو للأمة فهذا لا يقول به إلا من كان طيب القلب جدا أو قصير النظر!
إننا مع المطالبة بتحرير جميع الأسرى في السجون الإسرائيلية (لا كما حدث من استثناء لبعض السجناء العرب), لكننا ضد أن يتخذ ذلك ذريعةً ووسيلة للمتاجرة بقضايانا أو لخدمة دولاً لا تريد الخير لهذه الأمة.
على أن المتأمل في سياق الأحداث لا يمكنه الفصل بين هذه الصفقة و بين أحداث أخرى تبدوا مرتبطة بها, و ذلك من قبيل تقارب فريق الممانعة مع فريق الشيطان! و أقصد التقارب السوري "الإسرائيلي", و كذلك التقارب الإيراني الأمريكي , و في تقديري و على اعتبار ما حدث انتصارا لحزب الله , فإنه من الواضح أن الحزب لم يستطع ذلك لوحده, بل أن ذلك تم نتيجة لمخططات أكبر تدور بين فريق الممانعة و فريق الشيطان ونحن بين نائم و مصفق! و هذا يقودنا مجددا للسؤال: هل ما يسمى بحزب الله حزب لبناني أم إيراني؟ و هل هو يخدم أهداف لبنانية أم إيرانية؟ وهل يساوي نجاحه في الظهور بمظهر المنتصر و نجاحه في تصدير الثورة التسبب في قتل و تشريد الآلاف؟
و أخيراً أقول لأهلي و إخواني ممن خدع بهذا الحزب و غيره: كفى دعاية لهذا الحزب من حيث لا تشعرون, لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين فكيف بمائة؟ و عسى ألا يصدق فيكم قول الشاعر:

أمرتهمُ أمري بمنعرج اللوا **  فلم يستبينوا الرشدإلا ضحى الغد
 

----------------------------------------
الهوامش:
1 القائل هو أمير الشعراء واصفا مصطفى كمال أتاتورك قبل أن يقوم بإلغاء الخلافة.
2 كما جاء في كتابه أعمدة الحكمة السبعة  (Seven Pillars of Wisdom) و الذي وضع فيهخلاصة تجربته السياسية في إدارة أنظمة دولالشرق الأوسط بعد سقوط الدولة العثمانية.
3 مجلة المجتمع الكويتية العدد 434 بتاريخ 25/2/1979م
4 http://www.youtube.com/watch?v=cU2zYV22KTA&feature=related
5  انظر كتابه «تحرير الوسيلة» (1/318).
6  انظر كتابه «تحرير الوسيلة» (1/107).
7 http://www.alarabiya.net/articles/2006/08/18/26708.html#2
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حامد العُمري
  • المقالات
  • القصائد
  • الصفحة الرئيسية